التعليم وسنينه

اكتشاف منصوراصورس .. ولسه الأمل موجود

نشرت مجلة “نيتشر أيكولوجي آند إيفولوشن” العلمية ورقة بحثية للدكتور هشام سلام، الأستاذ المساعد في جامعة المنصورة، تسببت ان العالم كله يتكلم عن مصر، لأنه قدم فيها اكتشافه حفريات ديناصور جديد عمره 65 مليون سنة.
الورقة كتبها وساهم فيها مع الدكتور هشام. كلا من الباحثات: إيمان الداودى وسارة صابر و سناء السيد وأساتذة آخرين..

ليه الاكتشاف ده مهم؟

الأهمية العلمية هي ده إنه أول ديناصور في مصر وافريقيا يتم توثيق وجوده في الفترة دي، خاصة إنه فيه فجوة زمنية كبيرة تقدر بـ30 مليون سنة محدش عارف إيه اللي حصل فيها بيولوجياً، رغم توثيقها جيولوجياً، وطول عشرين سنة فاتت كان فيه محاولات علمية كتير في الموضوع ده.

جانب تاني من أهمية الاكتشاف هي انه أول دليل يثبت ان النوع ده انتقل بين أفريقيا وأوروبا، لأن تم كشف وجود نفس النوع في أوروبا، وده دليل إضافي إن القارتين كانوا متصلين جيولوجيا وقتها، و”الفقاريات الأرضية” انتشرت بين شمال أفريقيا وأوراسيا، اللي هي قارة أسيا وأوروبا لما كانو متصلين ببعض زمان. 
الدكتور هشام بيقول ان وزن الديناصور ده منخفض شوية لأنه بهذا الوقت كان وزن الديناصورات النباتية 70 طن، ويفترض بشكل غير مؤكد إنه من الوارد وقتها كانت بدأت الديناصورات تتقزم.

إزاي قدروا يوصلوا للاكتشاف ده؟

سنة 2008 بدأ الفريق البحث عن حفريات الديناصور، وانتقلوا خلال السنوات دي بين أكتر من منطقة، لحد ما لقوا فعلا في الطريق للواحات بعض الحفريات في ديسمبر 2013.

في فبراير 2014 رجعو لمنطقة الحفريات ونصبوا خيامهم، وقعدوا 21 يوم متواصلة، لحد ما طلعوا كل عظام الديناصور من الأرض ورجعوا بيه على جامعة المنصورة.

رائج :   بين إحتجاز عبد الرحمن عز بألمانيا ( ٥ ساعات ) و تركيا ( ٣ أيام ) .. و التوجيه الإعلامى

طبعا الدنيا مامشيتش سهل، كان فيه مشكلة في التمويل والصرف على البحث اللي استمر حوالي 10 سنين، لكن جامعة المنصورة وفرت الإمكانات المتاحة، والفريق اشتغل بيها.
برضه غياب ثقافة الحفريات عن بلدنا خلى البعض يظن أن البعثة بتدور على آثار، وده خلا بعض الناس تحاول تحفر بعد ما الفريق بيمشي، وده دمر في أحد المرات بعض العينات المهمة. 
ده اللي خلى الفريق ينصب خيام في موقع الحفريات اللي بدأت تظهر، ويفضل متابع الشغل من نفس المكان لحد ما رجعوا بكل الموجود.

الفريق المصري معملش كل الشغل لوحده، لكن شاركهم في جزء البحث العلمي فريق آخر من جامعة أوهايو الأمريكية، والبحث استمر بعد الوصول للحفريات طيلة سنتين كاملتين بعدها.
المجلة تسلمت النسخة النهائية من البحث في 16 يونيو 2016، وفضل تحت “التحكيم” والمراجعة لحد ما تمت الموافقة عليه في 15 ديسمبر، واتنشر أخيراً في 29 يناير.

جانب مهم جداً إن فريق البحث جنب د.هشام كان 3 بنات هما: الدكتورة إيمان الداودى، أول باحثة مصرية وعربية فى مجال الديناصورات، والدكتورة سناء السيد، والدكتورة سارة صابر، وباحثة أخرى.
وهنا تيجي مشكلة تانية، بما ان مجتمعنا بيرفض سفر البنت لوحدها، فمابالنا بإقامة بنات في الصحراء 3 أسابيع، والأهل كانو قلقانين على سلامتهم ومعيشتهم، لكن في الاخر قدرو يقنعوهم.

كل التفاصيل دي بتورينا الفارق بين العلم اللي بجد، وبين مهازل “الكفتة” اللي محدش اتحاسب عليها لحد دلوقتي .. العلم النهاردة بقى مش صدفة ولا عبقرية فردية ولا بروباجاندا مفاجئة، لكن بقى تخطيط وعمل جماعي وتراكم بطيء، والتزام بالمعايير العالمية في التوثيق، مهما أخد وقت طويل وجهد كبير.

رائج :   ابتعدوا عن أطباء مصر وفتشوا عن أسباب فشلكم اولا

إيه أهمية الاكتشاف ده لمصر؟

ده مش أول ديناصور يكتشف في مصر، بل السادس، لكنه أكمل ديناصور تم اكتشافه في أفريقيا، ووصل وزنه 5 طن وطوله 10 متر.

الخمس ديناصورات اللي فاتوا، اربعة منهم تم العثور عليهم من قبل عالم ألماني قبل الحرب العالمية التانية ونقلهم ألمانيا، لكنهم اتدمروا خلال الحرب وماتبقاش منهم غير واحد. أما الخامس فوجد في 2001 وبرضو تم اجراء البحوث عليه من فريق أجنبي بعد نقله برا مصر.
منصوراصورس هيفضل موجود في مصر، وتم اجراء الابحاث عليه هنا فعلا، خلال الأربع سنين اللي فاتو، لانه فعليا تم استخراجه من فبراير 2014. 

الديناصور ده اتسمي “منصوراصورس” نسبة لاسم جامعة المنصورة، والنهاردة اسم مصر واسم جامعة المنصورة كان موجود في كل الصحافة العالمية.
الدكتور هشام بيقول انه يتمنى يكون فريقه نواة لفريق أكبر معنى بدراسة الحفريات في صحراء مصر الغربية، وانه بيسعي لاكتشاف الديناصور “سبينوصور” اللي عاش قبل 90 مليون سنة، وانه نفسه يحصل على دعم مادي وأدبي كويس يخليه يقدر يكمل أبحاثه دي.

د.هشام كمان أكد على ان فيه نوع من السياحة قائم الحفريات دي ممكن يتفتح له مجال كبير في مصر .. وده مهم فعلاً لأن مصر فيها مثلاً أحد أهم مناطق الحفريات في العالم في منطقة وادي الحيتان بالفيوم، واللي اشتغل فيها برضه د.هشام، وفيها مثلاًتم اكتشاف حفريات نادرة جداً لأقدام الحيتان بتوثق مرحلة تطورها من كائنات برية لكائنات بحرية.
كل سنة ملايين البشر بيزورو متاحف التاريخ الطبيعي اللي فيها الحفريات في أوروبا وفي أمريكا، أو بيزورو مواقعها كمتاحف مفتوحة .. ده ممكن يكون مصدر للدخل القومي ويساهم في حل الأزمة الاقتصادية الصعبة.

رائج :   هزيمة يونيو المستمرة || (2) : أسئلة الهزيمة

القصة دي والصور دي بتخلينا نحس انه لسه الأمل موجود في بلدنا رغم كل حاجة بتحصل. لسه عندنا ناس عندها قيمة الاخلاص للي بتحبه، والعمل المتقن الجاد بكل صبر.
كان ممكن د.هشام يشوف تخصص تاني من اللي الناس تعرفه أو اللي بيجيب فلوس، إيه اللي يخليه يشتغل في حاجة غريبة ومصدر دخله الوحيد هوا مرتب الكلية؟ 
وايه اللي يخلي البنات تجتهد كده ما كان ممكن يشتغلوا موظفين وخلاص؟ وكمان أهالي البنات اللي في النهاية وافقوا يسمحولهم بالسفر وساعدوهم هما شركاء في الموقف المشرف ده.

القصة كمان بتخلينا نفكرايه اللي ممكن يحصل لو صرفنا أكتر على البحث العلمي؟ و ازاي مصر ممكن تتقدم بسبب علماءها وباحثيها المجتهدين اللي محتاجين حد يدعمهم؟ 
الدستور حدد نسبة 2% من الناتج المحلي للانفاق على البحث العلمي، وحدد 4 % للانفاق على التعليم ما قبل الجامعي، و 2 % للتعليم الجامعي، في نفس الوقت الحكومة بتتحايل على الدستور وتخلى الانفاق الفعلي عبارة عن أقل من نص النسبة دي.
التعليم والبحث العلمي مش رفاهيات، ولا حاجة للدول المتقدمة بس، بل بالعكس اللي اتقدموا تقدموا عشان عملوا كده، والشركات الأغلى بالعالم كله بمئات مليارات الدولارات أصبحت شركات تقنية مش بترول ولا مقاولات.

عمالين نستلف فلوس عشان نصرف على الحفر والردم، وبناء الأسمنت والطوب، في حين اننا مش بنصرف على التعليم والبحث العلمي بنفس الشجاعة والقلب الجامد! 
نتمنى نموذج د.هشام وزميلاته الباحثات يتكرر أكتر بكتير ونشوف منه في كل مكان ببلدنا.

مقالات ذات صلة