فكر و ثقافةفن الادارة ..وعي

تعلم كيف تتفوق على منافسيك!!!!!! حلواني “العبد”…..رحلة كفاح

حلواني “العبد” من أشهر صناع الحلوى في مصر، وخلال العشرة أعوام الماضية نجح في إعادة تقديم نفسه للجمهور بشكل عصري مع تمسكه بطزاجة وجودة منتجاته وأصالة وصفاته وأسعاره التنافسية وهو ما جعله يحتفظ بجمهوره بل ويوسع قاعدته الجماهيرية في ظل احتدام المنافسة في سوق الحلوى في السنوات الأخيرة.

قد يهمك: نظرية الميلك شيك لفهم العميل

بداية العبد

دخل “العبد” سوق صناعة الحلويات عام 1974 حينما أفتتح أولى فروعه في شارع طلعت حرب بوسط مدينة القاهرة، وهي بداية يمكن أن نصفها بالجريئة والصعبة والذكية إذ تكمن جرأتها في أنها جاءت داخل ملعب رواد و”عتاولة” صناعة الحلوى في مصر فعلى بعد أمتار منه يقبع “جروبي” رائد الحلوى الغربية و”قويدر” رائد الحلوى الشرقية والشامية.

ومن هنا تأتي صعوبتها إذ يتعين على هذا الحلواني الوليد أن ينافس كبار رجال “الصنعة” وأن يضع بصمته الخاصة على منتجاته لكي يجتذب الجماهير ويجد لنفسه موطئ قدم في هذا السوق، وعليه كان ينبغي أن تكون البداية ذكية حتى يتحقق المراد وهو ما حدث بالفعل حينما وضع “العبد” لنفسه هدف أن يكون جزء أصيل من المناسبات السعيدة الخاصة بالمصريين لهذا سيقدم جميع أنواع الحلوى الشرقية والغربية، بالإضافة إلى الشوكولاتة، والآيس كريم، والبسكويت، وبعض الوجبات الخفيفة أيضًا.

دراسة احتياجات المستهلكين و رغباتهم

وهكذا مكث “العبد” سنوات يدرس أذواق المستهلكين ويوطد علاقته بهم من خلال تقديم تشكيلة متنوعة من المنتجات الطازجة المتميزة وبأحجام مختلفة حتى تكون الأسعار في متناول الجميع، وهو أمر كان يحدث بالتزامن مع تغيرات مهمة تطرأ على المجتمع كان أبرزها خروج كثير من السيدات إلى سوق العمل مما أدى إلى تزايد المسؤوليات عليهن وتوقف كثير منهن عن صناعة الحلوى المنزلية كما دأبت أمهاتهن على ذلك، فكان لابد أن يكون هناك بديل موثوق فيه يقدمها للأسرة المصرية بجودة تضاهي المصنوعة في المنزل وبسعر جيد.

رائج :   في نعيم الجهل || من كتابات د : أحمد خالد توفيق

ومن هنا بدأ يتحقق الهدف وبدأ الناس يستعينون بالحلوى الغربية وعلى رأسها “التورت”، و”الجاتوه”، و”البيتي فور”، و”الدنش”، و”الساليزون” ليكونوا أبطال لكثير من أعياد الميلاد والمناسبات الاجتماعية والحفلات المتنوعة، كما أقبل البعض على شراء الشوكولاتة أو حلوى “العبد” الشرقية في زياراتهم العائلية، وعلى شراء الياميش والكحك وحلوى المولد النبوي منه في المناسبات، كما نجح آيس كريم “العبد” في اجتذاب كثير من المصريين في ساعات تنزهم في وسط المدينة.

توسعات ونجاحات

وفي عام 1996، افتتح “العبد” فرعه الثاني ليتمكن من تغطية الطلب الذي تزايد على منتجاته وكان في شارع 26 يوليو بوسط المدينة أيضًا لأنها كانت هي المركز التجاري الأكبر والأهم في مصر حينها ويتوافد إليها آلاف الأشخاص يوميًا وبالتالي هم في حاجة إلى وجبة خفيفة أو حلوى وسيجدون ضالتهم في أيًا من الفرعين، وبالتدريج نجح “العبد” في ترسيخ أقدامه في سوق الحلوى وأصبح اسم يقصده الجمهور لا من باب التجريب إنما من باب الثقة في منتجاته الطازجة اللذيذة والتي أصبحت جزء مهم من حياتهم.

وفي الألفينات ظهرت علامات تجارية جديدة في عالم صناعة الحلوى ولكي تضمن لنفسها حصة في السوق ابتدعت تكنيك جديد قائم على المزج بين الحلوى الشرقية والغربية فتذوق الجمهور للمرة الأولى الكنافة بالفواكه فنجدها تارة بالمانجا وتارة أخرى بالفراولة بعد أن كانت في الأصل بالمكسرات، ثم توالت الاختراعات فأصبحت الكنافة والقطائف بالشوكولاتة والنوتيلا والقهوة والخشاف والكولا والكركديه واللوتس، والريد فيلفت، كما اهتمت هذه العلامات بتسويق منتجاتها على وسائل التواصل الاجتماعي لكي تستهدف شرائح جديدة من المستهلكين الذين لديهم استعداد لتجربة كل ما هو جديد.

رائج :   ماليزيا .. موهبة الإعتماد على الذات || الجزء الثاني

منافسون وتحديات

كما ظهر أيضًا منافسون من نوع آخر وهم هواة الطبخ الذين قرروا الانتقال إلى مرحلة الاحتراف عبر تصنيع التورت والكاب كيك المجسمة وغيرها من الحلوى التي تعتمد على الشكل الجذاب في المنزل، ثم الترويج لها في محيط الأقارب والأصدقاء وعلى مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى أعداد أكبر من الناس.

ووسط هذه التغيرات التي طرأت على السوق أخذ “العبد” خطوات جادة لكي لا ينازعه أحد في مكانته، فأجرى تحديث على اللوجو الخاص به عبر تغيير شكل الخط ولونه من الكحلي إلى البني والخلفية من الأبيض إلى الروز ليكون أكثر جاذبية وملائمة للانطلاقة الجديدة له.

وفي المناسبات الأبرز كالأعياد والمولد النبوي اهتم بتنظيم فاعليات جماهيرية وحملات إعلانية تليفزيونية ووضع إعلانات طرق مميزة حيث يلعب جميعهم على وتر الحنين إلى الماضي واستدعاء الأيقونات التراثية (مثل: عروسة المولد، وغيرها) لكن بصورة عصرية جذابة ليذكر الجميع بمكانته المهمة في السوق، ولم يفوته أن يدشن صفحات له على الفيسبوك وإنستجرام واليوتيوب لكي يتواصل بشكل نشط وفعال مع جمهوره ويجتذب شرائح جديدة من المستهلكين.

قد يهمك: حكاية كيلوجز نودلز الجزء الاول

استراتيجيات جديدة

أيضًا وضع “العبد” استراتيجية للتوسع في الإنتاج لكي يتم توزيع منتجاته في سلاسل السوبر والهايبر ماركت الكبرى، كما اختار بعض المنتجات (مثل: الكوكيز) ليتم توزيعها في القاهرة الكبرى وغالبية المحافظات، وبالإضافة إلى ذلك افتتح 4 فروع جديدة في السادس من أكتوبر، ومدينة نصر، والجيزة ، كذلك أصبح من الممكن إتمام طلبات من خلال الموقع الإلكتروني للـ”العبد” أو تطبيقات طلب الأطعمة المتنوعة وكل هذا لكي يسهل على المستهلكين الوصول إلى منتجاته القريبة من قلوبهم.

رائج :   الحرب الباردة … الولايات المتحدة (vs) الاتحاد السوفيتي

ولكي يعيد تقديم نفسه للجمهور بشكل عصري احتوت بعض الفروع الجديد على “كافيه” حتى يستمتع الجماهير باحتساء القهوة بجميع أشكالها وأنواعها وتناول المخبوزات الطازجة مع أصدقائهم وأقاربهم أثناء التسوق.

ولأن هذه الخطوات الواثقة لاقت ترحيب وتفاعل من الجمهور أدرك حلواني “العبد” أنه على الطريق الصحيح وأن عليه إتمام المسيرة التي بدأها وذلك بافتتاح مزيد من الفروع ليس فقط داخل مصر إنما خارجها أيضًا، إذ من المنتظر أن نجد قريبًا فروع له في الكويت والسعودية والإمارات والسودان.

الخلاصة

وفي النهاية، يمكن أن نقول إن مكانة حلواني “العبد” في السوق تتجاوز سنوات عمره السابعة والأربعين لأنه وضع من البداية خطة ذكية لدخول السوق سمحت له بمنافسة رواد الصنعة واجتذاب عدد كبير من المستهلكين الذين تمسكوا بعلامته التجارية لأن منتجاته لم تخذلهم أبدًا ولم تمس طزاجتها ولا جودتها يومًا.

وحينما ظهرت مدارس حديثة في سوق الحلوى تمكن من هضمها ولم ينساق وراءها فقدم منتجات جديدة تناسب الأذواق الشابة لكن مع التمسك بالوصفات الأصيلة والأصلية للحلوى الشرقية والغربية، وأعاد تقديم نفسه لجمهوره بشكل عصري جذاب لهذا كان من الطبيعي أن يسطع نجمه بشكل أكبر ويتوسع داخل مصر وخارجها ولا يخفت بريقه.

قد يهمك: قصة نجاح: براند كشري أبو طارق

 

مقالات ذات صلة