– في الأيام اللي فاتت تم الإعلان رسميا عن بدء إنشاء أكبر سارية علم في العالم في العاصمة الإدارية الجديدة.
– النهاردة هنسأل الأسئلة المنطقية البسيطة ايه تكلفة المشروع ده؟ وليه يتعمل دلوقتي؟ ومين هيتحمل التكلفة؟
المشروع هيكلف كام؟
– مفيش أي معلومات رسمية، لكن ممكن نوصل لتقديرات بناء على نماذج مماثلة من مصر ومن العالم.
– في مصر كان عندنا تجربة سابقا لإنشاء أكبر سارية علم في العالم في مركز شباب الجزيرة، في أكتوبر 2011 أيام المجلس العسكري، ورفع العلم اللواء محسن الفنجري، وساعتها اتقال أنها تخليدا لشهداء ثورة يناير، رغم أنه الفكرة وبداية الإنشاء كانت من قبل الثورة.
– السارية دي اتكلفت في 2011 حوالي 27 مليون جنيه، وخلصت في سنة بارتفاع 176 متر وخدت 560 طن من الحديد، لكن كالعادة في مصر تم اهمال السارية والعلم اتشال بعد كدة، وتحولت لبرج اتصالات، وبعدها جه القرار المنطقي بتفكيكها لأنها في قلب القاهرة وجنب مبني طويل هوا برج القاهرة، وبحسب نائب رئيس جهاز التنسيق الحضاري وقتها السارية شوهت المكان وكمان حرمت مركز شباب الجزيرة من مساحة كبيرة من الملاعب، واتشالت في النهاية في 2014 بعد بدء تطوير مركز شباب الجزيرة.
– بعد ما اتشالت اتباع الحديد كخردة بقيمة 1.5 مليون جنيه، وتم التبرع للمبلغ لصندوق تحيا مصر.
– طبعا بأي حسبة لأسعار التضخم من 2011 لحد دلوقتي فالبتأكيد تكلفة إنشاء سارية زي دي على أقل تقدير هيتضاعف، فإحنا بنتكلم على الأقل في حوالي 54 مليون جنيه.
– نموذج تاني من برة مصر، في طاجكستان اللي فيها حاليا تاني أطول سارية علم في العالم، التكلفة بتاعتها بحسب موقع بيزنس إنسايدر وصلت ل 40 مليون دولار لما اتبنت في 2011.
– نموذج تالت في السعودية، وتحديدا جدة اللي فيها حاليا أطول سارية علم في العالم، ولما المشروع اتفتح في ٢٠١٤ مصدرش إعلان رسمي واضح باجمالي الكلفة، لكن كان اتنشر ان التكلفة المبدئية للمشروع في 2012 متوقع أنها تكون 19 مليون ريال بمساهمة من مؤسسة عبداللطيف جميل.
– نموذج رابع من تايلاند، واللي شهدت إنقلاب شهير في 2014 وبعد سنتين كانوا بيخططوا لإنشاء أكبر سارية علم وساعتها اتقال أنه تكلفة المشروع في 2016 ممكن توصل ل حوالي 7.5 مليون دولار.
– طبعا الفروق الكبيرة في الأرقام بين الدول دي لعوامل كثيرة منها كمية خامات الحديد المستخدمة ومساحة سارية العلم، لكن كلها بلا استثناء بتقول أنه تكلفة مشروع زي ده استحالة تكون أقل من 55 مليون جنيه إن مكانش أكتر.
إيه الفكرة أصلاً من موضوع السواري المرتفعة؟ ومين بيعملها؟
– في خلال العشر سنين اللي فاتوا بدأ يكون في منافسة في موضوع أطول سارية علم بين دول سلطوية في العالم، حتى أنه الموضوع بقى بيزنس كبير، وشركة واحدة متخصصة في موضوع تصميم وتنفيذ ساري العلم العملاق هي شركة أمريكية اسمها ترايدنت، ساهمت في إنشاء وتصميم 6 من أطول عشر سواري علم في العالم.
– منشوفش أبدا دول عندها رقابة شعبية ديمقراطية على المال العام زي أوروبا أو أمريكا بتطرح الأفكار دي، لكن نشوفها في دول زي طاجكستان – السعودية – الإمارات – تركمنستان – تايلاند – كوريا الشمالية وأمثالهم.
– المشترك برضه بين الدول دي أنها دول فيها معدلات فساد عالية في الجهاز الحكومي، وفيها ميل كبير لتمجيد شخص الحاكم والسلطة.
– بعضها دول غنية نفطيا زي طاجكستان وتركمانستان والسعودية وبالتالي تكلفة مشروع زي ده حاجة قليلة بالنسبة لها وبتحب تصرف فلوس لشراء شهرة، لكن منها دول فقيرة زي كوريا الشمالية اللي عندها أحد أعلى سواري الأعلام في العالم بارتفاع ١٥٠ متر حاطينه قرب الحدود عشان يكون متشاف من منافسيهم في كوريا الجنوبية.
طيب مين هيتحمل التكلفة دي؟
– لحد دلوقتي مفيش بيانات واضحة.
– هل هتتحمل الموازنة العامة بشكل مباشر التكلفة؟ ممكن.
هل هتتحملها شركة العاصمة الإدارية اللي هيا شركة مساهمة مملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، وجهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة؟ احتمال.
هل هيعلنوا حملة تبرعات زي ما الحكومة قالت أيام افتتاح أكبر مسجد وأكبر كنيسة مع العلم انه متقالش كام نسبة التبرعات؟ يجوز.
هل المشروع ده من موازنة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة؟ وارد.
هل أي جهة عملت دراسة جدوى للمشروعـ تشمل كلفته واختيار مكانه وغيرها من العوامل؟محدش عارف ومفيش معلومة محددة بتتقال!
السؤال الأهم .. هل فعلا مصر محتاجة أكبر سارية علم؟
– المؤكد أنه إنفاق عشرات ملايين الجنيهات علي الأقل علي سارية علم هو إهدار صريح للموارد، خاصة في ظل أزمة صحية واقتصادية في عز وباء كورونا، أو تأثيراتها بعد الوباء.
– لك أن تتخيل أنه لو افترضنا رقم 55 مليون جنيه فدول ممكن يجيبوا 140 جهاز تنفس صناعي من أفضل الأجهزة جودة (سعر الواحد منها 25 ألف دولار) أو تساهم في تصنيع حوالي 50 مليون كمامة، أو توفر حوالي 250 وحدة رعاية مركزة، سعر كل وحدة منهم ربع مليون جنيه، وبالتأكيد كل دي أمور أهم بكتير دلوقتي من أكبر علم، لأنها هتنقذ أرواح مواطنين مش لاقيين أماكن في مستشفيات أو دكاترة بيعانوا من قلة مستلزمات الوقاية.
– كتبنا قبل كده في الموقف المصري أيام افتتاح أكبر كنيسة وأكبر جامع وأطول مئذنة وأفخم قصر رئاسي، أنه من حقنا نسأل ونحاسب على الطريقة اللي “فلوسنا” بتدار بيها، وبالتأكيد أولوياتنا الحالية مش هتبقى للزخارف وبناء التحف المعمارية إنما هتبقى لأشياء تحسن حياتنا ومعيشتنا، وده المطلوب من أي حكومة وسلطة، وبالذات في وقت أزمة طارئة زي دلوقتي.
– الفكرة كانت موجودة من مايو 2019 بعد اقتراح من النائبة مي البطران لوزير الدفاع محمد زكي، واللي بررتها أنها لرفع الروح المعنوية وجلب الإستثمار والسياحة للعاصمة الإدارية الجديدة “أعظم عاصمة في العالم العربي والافريقي” حسب كلامها.
– الحقيقة وعلى عكس ما قالته النائبة “مي البطران” صاحبة الفكرة، مفيش أي دليل أنه امتلاك أكبر سارية علم بيزود السياحة في الدول دي خاصة لبلد زي مصر فيها عناصر جذب سياحي كتير مختلفة، ومفيش أي دليل برضه منطقي أنه ده بيجذب الاستثمار الأجنبي! وبالطبع مفيش أي دليل أنه بيزود الروح المعنوية للشعب.
– الشعب هترتفع روحه المعنوية لما يكون قادر على توفير احتياجاته الأساسية بسهولة، لما يكون بيشتغل وبياخد أجر جيد، ولما يكون بيلاقي مدارس ممتازة لأطفاله، وبالطبع الشعب هترتفع معنوياته لما حد في أسرته يمرض فيلاقي مكان في مستشفى وعلاج كويس.