قضايا وأراءوعي

إنجازات السيسي

بقلم د : حازم حسني

لا نحتاج لعدسات مقربة كى نرى الحملات المسعورة التى تتحدث عن إنجازات السيسي، الذى من حقه – وفقاً لأصحاب هذه الحملات – أن يحظى بفترة رئاسية ثانية يستكمل خلالها مسيرة الإنجازات ! … لكن أحداً من القائمين على هذه الحملات لم يحدثنا عن معاييره فى رصد هذه الإنجازات، ذلك أن البقر – على ما يبدو – قد تشابه عليهم !

عندما نقيّم إنجازات الرئيس – أى رئيس لا السيسى وحده – علينا أن نحدد أولاً ما هو مطلوب من هذا الرئيس إنجازه، وألا نسقط هذا المطلوب لحساب أعمال المقاولات التى قال عنها السيسى نفسه : “وفروا لى الأموال وسترون الإنجازات” ! … هذا منطق رئيس مجلس إدارة شركة مقاولات أو شركة توريدات لا منطق رئيس دولة ! … فأى شركة مقاولات يمكنها أن تنجز ما هو أفضل بكثير مما أنجزه السيسى فى دنيا المقاولات إذا ما توفرت لها الأموال ولو بقدر أقل مما توفر للسيسى من أموال أغرق فى سبيل الحصول عليها مصر فى الديون وفى دوامة التضخم “الغاشم” !

كيف نقيم إذن إنجازات السيسى خلال فترة رئاسته التى تنتهى بعد أقل من خمسة أشهر من الآن؟ … وما هى معايير هذا التقييم، علمياً ووطنياً، لا انطباعياً ولا بالتحامل الظالم على الرجل؟

رائج :   ترحيل بيسان عدوان .. كيف تتعامل الجهات الرسمية المصرية مع المقيمين العرب؟

إجابة السؤال السابق بسيطة وواضحة، وهى القسم الدستورى الذى يفتتح به الرئيس – أى رئيس – ولايته الرئاسية … يقول نص القسم الدستورى: «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه»

هل يتضمن هذا القسم أية إشارة لشق تفريعة لقناة السويس؟ … هل يتضمن أى إشارة لعلاقات مميزة بدولة الإمارات أو بالمملكة السعودية أو بأى دولة أخرى؟ … هل يتضمن أى إشارة لبناء عاصمة إدارية جديدة، أو لبناء تجمعات سكنية؟ … هل يتضمن أى إشارة لأى شئ مما يحتفل به السيسى وبطانته لإقناع الشعب المصرى بمذاق الإنجاز؟ … الإجابة على كل هذه الأسئلة – لكل من يجيد القراءة ويجيد الفهم – هى بالنفى، أما من لا يعرفون أصلاً ما هى قيمة الدستور، وما هى قيمة القسم الدستورى، فهنيئاً لهم ما هم فيه طالما هنئوا به وهللوا للإنجازات الشاردة بعيداً عن هذا النقاش !

رائج :   تفاصيل قصة نبي الله لوط مع ضيوفه الملائكة .. والعبرة الغائبة

دعونا نسأل أنفسنا إذن أسئلة عاقلة عما أنجزه السيسى، بعيداً عن إنجازاته كقائد أعلى لشركة مقاولات:ـ

هل حافظ السيسى – مخلصاً أو غير مخلص – على النظام الجمهورى، وعلى القيم والمؤسسات الجمهورية؟ … الإجابة ليست فقط بالنفى، بل هو عمل بكل دأب على هدم كل ما له صلة بالنظام الجمهورى !

هل احترم السيسى الدستور والقانون؟ … الإجابة ليست فقط بالنفى، لكنه أهدر الدستور والقانون بغير حياء، وتنكر لكل المبادئ الدستورية والقانونية، المكتوب منها والمتعارف عليه !

هل قام السيسى برعاية مصالح الشعب رعاية كاملة؟ … الإجابة ليست فقط بالنفى، بل إن الرجل قد أفقر الشعب المصرى، وأدخله فى دوامة العوز والحاجة، مكتفياً بتجديد تعهداته بتحسين أحوال المصريين كلما انقضى أجل هذه الوعود دون أن يحقق منها شيئاً !

هل حافظ السيسى على استقلال الوطن، أم هو أفقده حتى دولته التى صار يردد القاصى والدانى – إنها باعترافه هو شخصياً – قد صارت شبه دولة، تفتقر لكل أسباب وجودها ووجود مواطنيها من تعليم وصحة وتوظيف … إلخ؟ وهل حافظ السيسى على السيادة المصرية، أم تنازل عنها لتصبح تابعاً لمخططات وسياسات الآخرين إقليمياً ودولياً، دونما أدنى اعتبار لما تخسره مصر – على المديين المتوسط والطويل – مقابل ما يفوز به – هو وبطانته – من مصالح عاجلة سيدفع المصريون، شعباً وجيشاً، وستدفع الدولة المصرية كلها، ثمنها التاريخى غالياً فى مستقبل ليس ببعيد؟ … الإجابة يعرفها الجميع، وتسجيلات صاحب هذا الإنجاز متاحة – صوتاً وصورة – لكل من نجحت بروباجندا النظام فى تغييب عقله وتغييب ضميره بغير احتشام !

رائج :   بين إحتجاز عبد الرحمن عز بألمانيا ( ٥ ساعات ) و تركيا ( ٣ أيام ) .. و التوجيه الإعلامى

أخيراً، هل حافظ السيسى على وحدة تراب الوطن وعلى سلامة أراضيه؟ … اسألوا تيران وصنافير، فربما تجيب أرضهما عن كيف كانت إنجازات السيسى التى يحتفل بها المحتفلون!

كانت هذه إنجازات السيسى الحقيقية، هذا إذا كنا نريد تقييم فترة رئاسته – التى تقترب من نهايتها – دستورياً لا إعلامياً، قبل أن يدعونا المتبجحون لإعادة انتخابه رئيساً فاقداً لكل شروط الشرعية الدستورية والتاريخية !!

مقالات ذات صلة