– حاليا بتبدأ عودة الطلبة للمدارس والجامعات، لكن بعض الأهالي المصريين قرروا لأطفالهم طريق مختلف عن السائد لإنهم بيتعلمو بواسطة “التعليم المنزلي”، أو “التعليم المرن” زي ما بيطلق عليه البعض .. ورغم إن بالتأكيد ده مش حل لمشاكل التعليم في مصر، ولا مناسب لكل الناس، لكن هيا ظاهرة بتزيد في الفترة الأخيرة لأسباب كتير.
– في البوست هنناقش معاكم: إيه هو التعليم المرن؟ وإيه هيا ايجابياته وسلبياته؟ هل هوا نظام موازي؟ واللي هيعتمد عليه هيعرف يدخل كليات؟
إيه هو التعليم المرن؟ ليه بعض الأسر بتفضله على التعليم المعتاد؟
– ببساطة هو أن الأم والأب يقرروا يعلموا طفلهم في البيت بعيد عن المدرسة، وده بتختاره بعض الأسر لأسباب كتير:
١- عدم الثقة في المدرسة كبيئة آمنة للأطفال.
٢-ارتفاع مصاريف المدارس في مصر في مقابل اللي بتقدمه فعلا، سواء مصاريف المدارس نفسها أو الدروس الخصوصية اللي بتعوض غياب المدرسة.
٣- عدم ثقة الأهل في المناهج والمنظومة، اللي بتعتمد على الحفظ والتلقين، واللي مش بتراعي الفروقات الفردية بين الأطفال.
يعني أرقامنا مثلا في مؤشرات جودة التعليم الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي في 2017-2018، ومن أصل 137 دولة، كانت مصر في المركز 129 في جودة التعليم الأساسي. والمركز 130 في جودة تعليم العلوم والرياضيات. و124 في جودة إدارة المدارس. و119 في توصيل الإنترنت بالمدارس.
٤- مخاطر التنمر أو العقاب غير الأمن من مدرسين لا يراعوا مفاهيم التربية، أو الوقت والمجهود الكبير اللي وارد يضيع بدون استفاده حقيقية.
٥- الاستفادة من ايجابيات تنمية المهارات الابداعية للأطفال، وتوثيق علاقتهم بأسرهم بشكل أكبر.
– كلامنا ده بعد فترة قصيرة من اعلان وزير التعليم طارق شوقي قرار باعتبار الصف الثالث الثانوي فقط التابع للثانوية التراكمية، وتراجع عن قراره السابق بان تانية وتالتة ثانوي هيكونو ضمن النظام السنادي، وده يمكن يعبر عن قدر كبير من القرارات غير المدروسة أو المخطط لها بشكل جيد.
– إيه المناهج اللي الأهالي بيدرسوها لأطفالهم في النظام ده؟
– هي مش مناهج واحدة، ومش مناهج أو مقررات معروفة بتتباع مثلا في مكان معين. لكن كل أسرة بتبذل جهدها في الحصول على مناهج ذكية ومناسبة لأطفالهم وبتساعدهم يتطوروا بوسائل مختلفة:
1- الاشتراك في أنشطة وفعاليات وبرامج مختلفة، زي الرسم وتعلم البرمجة للأطفال، وغيره.
2- الرحلات وزيارة المتاحف والآثار والتخييم، وإطلاعهم على معلومات خلال الرحلات دي.
3- الحصول على دروس من مدرسين محترفين سواء بمناهج علمية معينة متخصصة ميقدرش الأهل يدرسوها، أو بتدريبات رياضية.
4- الاستماع لدروس على اليوتيوب ومواقع الكورسات.
– كل دي حاجات بتخلي الطفل يسأل أكتر ويبحث بنفسه عن المعلومة ويمارس نشاطاته بشكل مباشر، وكمان بتزود من عدد الساعات اللي بيتواصل فيها الطفل مع والده أو والدته.
إيه بيكون مصير اللي بيتعلم تعليم منزلي؟
– فيه 3 طرق محتملين في العادة بيسلكهم اللي بيقرروا يعلموا أطفالهم تعليم منزلي:
الأول: هي المغامرة الكاملة، بتعليم الطفل من صغره وحتى انتهائه من منهج ممكن يعتمد عليه في العمل وأكل العيش: زي البرمجة – الجرافيكس – المهن المعتمدة على الكتابة، لكن بالطبع مينفعش يشتغل بمجالات تتطلب كليات عملية زي الطب والهندسة وغيرها.
والتاني: إن الطفل يدرس في البيت لحد ما يوزاي المرحلة الثانوية فقط، ويمتحن وقت ما يكون مستعد لأي من الامتحانات الدولية زي السات الأمريكي أو GED. ولوعدى الامتحان بياخد شهادة تعادل الثانوية الأمريكية أو الكندية ويقدر وقتها يكمل دراسته الجامعية في أي مكان في العالم.
التالت: هو التسجل صوريا للطفل في أي مدرسة مش بتلزم الأطفال بالحضور، والأطفال تتعلم في المنزل وتدرس المناهج الدراسية الحكومية، وتروح فقط علي الامتحانات، وبكده الأهالي يحافظوا على السنوات الدراسية الرسمية للطفل، وينتقل من سنة لتانية عادي زي الكل، وبنفس الوقت بياخد أنشطة التعليم المنزلي الاضافية فوق المناهج الرسمية.
الرابع: وهو الذهاب للمدرسة والانتظام بشكل كامل، وتكون مناهج التعليم المنزلي الطفل بياخدها في الصيف وفي الوقت بعد المدرسة. وده قد يمثل أحيانا ضغط على الأطفال كبير.
إيه السلبيات أو النقد الموجه للتعليم المنزلي؟
1- تكلفته المادية مرتفعة، أولاً لأنه بيتطلب وجود أحد الأبوين على الأقل متفرغ في البيت سواء بدون عمل او بعمل من المنزل، وثانياً لأنه بيتطلب شراء أدوات وعمل أنشطة، وان البيت تكون مساحته مناسبة لذلك، ده غير مصاريف الدروس بالمواد العلمية المتخصصة اللي ممكن تحتاج مدرسين.
وبالتالي هوا مش مناسب للطبقات الفقيرة أو المتوسطة الدنيا اللي هيا أغلب المصريين.
2- الأسرة بتحتاج بذل جهد كبير جدا، وكمان يحتاج ان الاسرة عندها قدر من الثقافة والتعليم والقدرة الجيدة على التعامل مع الأطفال وتنظيم يومهم وتعليمهم .. التعليم المنزلي هو حاجة زي برامج الأوبن سورس كده، ملهوش محدد، وممكن أي حد يكيفه مع أطفاله ومهاراتهم، لكن محتاج يبذل مجهود كبير في دراسة القرار وتفاصيله والمتابعة واختيار كل حاجة، في مقابل نظام المدارس اللي هوا معروف هيعلم الأطفال إيه والتدرج والانتقال فيه عامل إزاي، لكن مش بيراعي الفروقات الفردية.
3- شكوى متكررة إن الأبوين لقوا إن الطريقة دي بتأثر سلباً على الوقت المتاح ليهم للراحة أو لممارسة أنشطة تخصهم هما، بخلاف الأسر التانية اللي بتقدر ستغل وقت غياب الأطفال في المدارس.
3- كمان تحدي مهم جداً، هو ان نخلي الطفل اجتماعي وقادر على التعامل مع البشر المحيطين بيه، وده نقد بيترد عليه من مؤيدي النظام ده بإن الأهالي في التعليم المنزلي بيودوا أطفالهم نوادي أو مراكز أنشطة وتنمية مهارات في مجالات مختلفة، وبيكون فيها تعاون واشتراك لأطفال مختلفين، لكن في المقابل نقد تاني ان ده بيظل يعتمد على قدرة وتركيز الأسرة اللي ممكن تتعب أو تكسل، ده غير انه فيه بعض الأسر ممكن تختار لأولادها عدد محدود من المعارف اللي شبههم بالظبط فيتحرموا من تجارب الحياة المتنوعة وبعدين يخرجوا للمجتمع يتصدموا.
4 – مهم في حالة مصر الانتباه لكفاءة الأماكن اللي بتعرض مساعدة في التعليم المنزلي، والحفاظ على مفهومه أصلاً كطريقة حرة وبتتخصص لكل طفل، لذلك انتشرت من فترة مراكز تعليمية مش مجرد بتدي مناهج أو تدريبات تساعد في التعليم المنزلي، أو أماكن لتجمع الأطفال والأهالي وممارسة بعض الأنشطة أسبوعيا، لكن هيا مراكز تعليم موازي، بمناهج وأنشطة كاملة وثابتة تشبه المدرسة بالظبط، وبمصاريف يمكن أكتر من المدارس، وادعت إنها بتنتمي لما يعرف بالتعليم المنزلي أو المرن. وده طبعا مش صحيح.
إيه مهم الدولة تعمله؟
– أول حاجة مهم نعرفها، إن عدد اللي خاضوا وبيخوضوا تجارب التعليم المنزلي مش كتير خالص بالنسبة للتعليم النظامي الطبيعي. لكن بالتأكيد هما مؤشر على استفحال الوضع في منظومة التعليم المصرية، اللي محتاجه تطوير وبذل جهد كبير عشان تكون لائقة بالغالبية العظمى من أبناء الأسر المصرية، وبالتأكيد التعليم المنزلي مش حل لأزمة التعليم المصري.
– وده معناه إنه الحكومة تلتزم بدورها في توفير مزيد من المدارس والبيئة الجيدة فيها وإعداد المدرسين وتطوير كفائتهم ووضعهم المادي، وغيرها من مشاكل التعليم العامة.
– مهم إن سلك التعليم الرسمي ياخد من تجارب ومناهج التعليم المرن، ويحاول يطبق طرق حديثة، ومناهج تلائم العصر، ويراعي الفروقات الفردية بين الأطفال. ويساعد على تنميتها بأكبر قدر ممكن. وإنه يتعامل مع الأهالي اللي قرروا خوض هذه التجربة بأطفالهم مش بس بتقبل، لكن بعين التقدير للأهالي اللي قرروا يبذلوا كل هذا الجهد، ومساعدتهم بطريقة عمل شهادة ثانوية أو بغيرها.
– بعض الأسر مؤخرا أصبحت تنادي بان الدولة تعترف بهذه الطريقة في التعليم كطريقة موازية، سواء يكون فيه شهادة ثانوية مصرية معروف متطلباتها، ويبقى مسموح للطلبة يدرسوا اللي عايزينه، وينتظموا في الدراسة قبلها أو لا ينتظموا، وبعد ما ينجحوا فيها يبقى من حقهم بعدها دخول الجامعات وفق المجموع والتنسيق اللي يحصلوا عليه. أو بمتابعة الوزارة لمستوى أطفالهم بامتحانات في مراحل مختلفة.
– وبالفعل عندنا تجربة ايجابية في “المدارس المجتمعية” اللي تم تخصيص المناهج وأسلوب التدريس فيها للمتسربين في التعليم، يعني وارد يتم صياغة نظام يلبي احتياجات مختلفة، وبرضه يظل بيحمي الأطفال من أن التعليم المنزلي ببعض الحالات لو الأسر غير قادرة يتحول لتسرب من التعليم أو تعرض الأطفال للأذى.
– الأهم في إصلاح التعليم هو بناء حوار مجتمعي حقيقي مع كل الأطراف، حوار ديمقراطي ممثل فيه الحكومة والخبراء والمواطنين، لإن صياغة أي خطة ناجحة لإصلاح التعليم مش هتكون غير نتاج للحوار المجتمعي ده.