ما هي الحرب الباردة (تعريف) ؟
الحرب الباردة هي صراع غير مُباشر حدث بين القوتين العظمتين في العالم، الولايات المتحدة و الإتحاد السوفيتي، منذ منتصف و حتى نهاية القرن العشرين و حدثت فيها مواجهات غير مباشرة في المانيا و الشرق الاوسط و فيتنام و افغانستان و كوبا و كوريا و غيرها من الاماكن.
اسباب بداية الحرب الباردة :
من الناحية الفعلية، بدأت الحرب الباردة حتى قبل أن تصمت أصوات مدافع الحرب العالمية الثانية في ألمانيا والمحيط الهادئ.
فـبعد الحرب العالمية الثانية في عام 1945. كان الشك و عدم الثقة يُسيطِران على العلاقات بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي على مدى عقود. و عاد الشك إلى الظهور بِمُجَرَّد ما أصبح التحالف بين الولايات المتحدة و الإتحاد السوفيتي ضد أدولف هتلر غير ضرورياً.
المُنافسة بين الأيديولوجيات و الأفكار في العالم بعد الحرب منعت الرئيس الأمريكي هاري ترومان و رئيس الوزراء السوفيتي جوزيف ستالين من العمل معاً.
جوزيف ستالين كان يهدف إلى تدمير القدرات الصناعية الألمانية من أجل منع ألمانيا من إعادة تسليح نفسها مرة آخرى و أراد من ألمانيا دفع مبالغ باهظة كـ تعويضات حرب.
بالإضافة إلى ذلك، أراد أن يُقيم حُكُومات مؤيدة للسوفييت في جميع أنحاء أوروبا الشرقية لحماية الاتحاد السوفياتي من أي غزوات في المستقبل.
أما الرئيس الأمريكي ترومان ، أراد العكس تماماً. و قال إنه يعتقد أن التصنيع و الديمقراطية في ألمانيا وجميع أنحاء القارة يمكنها أن تضمن الاستقرار بعد الحرب.
و بسبب عدم القدرة على الوصول إلى حل وسط أو إيجاد أرضية مشتركة بين الطرفين، اصطدمت القوتين العظمتين المتبقيتين في العالم بشكل قوي.
و مع حدوث أزمة برلين، بالإضافة إلى تأسيس المعسكر الشرقي في الدول الخاضعة لسيطرة الاتحاد السوفييتي في أوروبا الشرقية، كل هذا تسبب في أن مسؤولون السياسة الخارجية في واشنطن أعتقدوا بأن الولايات المتحدة بحاجة لتقييد و السيطرة على النفوذ السوفيتي في العالم، و ذلك لمنع زيادة انتشار الشيوعية.
أحداث الحرب الباردة :
في عام 1947، تعهد ترومان بدعم الدول المُحاربة ضِد الشيوعية. هو و الكونجرس بعد ذلك تعهدوا بدفع 400 مليون دولار لمحاربة الثوار الشيوعيين في اليونان و تركيا.
و في عام 1949، أقنع ترومان القوى الأوروبية الغربية بالإنضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حتى يُمكِنُهُم أن يُدافِعوا عن انفسهم ضد خطر الغزو السوفياتي.
و بعد ان شعر الإتحاد السوفيتي بالتهديد، قام الاتحاد السوفياتي بعمل مُعاهدة مماثلة خاصة به في أوروبا الشرقية، و أطلق عليها إسم ” حلف وارسو “، في عام 1955.
الحرب الكورية :
توترات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي انفجرت في النهاية في كوريا عندما قامت كوريا الشمالية المدعومة من السوفييت بـ غزو كوريا الجنوبية في عام 1950.
و لأن الرئيس الأمريكي ترومان مُصمم على عدم السماح بإنتشار الشيوعية في شرق آسيا، قام ترومان بُمضاعفة الإنفاق العسكري أربع مرات و أمر الجنرال ماك آرثر بإستعادة السيطرة على النصف الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية.
نجح ماك آرثر ثم أخرج كوريا الشمالية تقريباً وصولاً إلى الحدود الصينية. و عندما شعرت الصين بالتهديد، تدفق أكثر من مليون جندي من الصين الشيوعية إلى كوريا، مما إضطر ماك آرثر إلى التراجع مرة أخرى إلى خط 38 الموازي، والذي قام بتقسيم كوريا الشمالية عن كوريا الجنوبية في الأصل.
و عندما بدأ ماك آرثر في انتقاد ترومان بشكل علني بسبب عدم رغبته في استخدام الأسلحة النووية في كوريا، إضطر ترومان لإقالة أعلى جنرال عنده و هو ماك آرثر بسبب العصيان.
ظلت قوات الولايات المتحدة راسخة في الخط الموازي 38 لمدة عامين آخرين، و مات منهم أكثر من 50،000.
و أعلن كلا الجانبين وقف إطلاق النار فقط بعد أن قام الرئيس الأمريكي الجديد، دوايت أيزنهاور، بالتهديد باستخدام الأسلحة النووية في عام 1953.
غزو خليج الخنازير و أزمة الصواريخ الكوبية :
مع بعض التوترات الكلامية هنا و هناك، و عندما تولى جون كنيدي الرئاسة بعد أن هزم ريتشارد نيكسون في الإنتخابات، واجه جون كنيدي أكبر تحدي له في الحرب الباردة، و كان هذا التحدي في دولة كوبا.
فعلى أمل إسقاط زعيم كوبا الجديد الموالي للشيوعية الثورية، فيدل كاسترو، قام كينيدي بإعطاء الإذن لـ وكالة الاستخبارات المركزية بتدريب وتسليح قوة من أكثر من 1،000 من المنفيين الكوبيين وأرسلهم لغزو كوبا في ربيع عام 1961 في عملية تُسمى بـ (غزو خليج الخنازير).
و عندما أصبحت عملية ” غزو خليج الخنازير ” فاشلة بشكل محرج، قام كينيدي بعدة محاولات اغتيال فاشلة ضد فيدل كاسترو. و حينها شعر كاسترو بالغضب، و لجأ كاسترو إلى الاتحاد السوفياتي للحصول على المساعدات الاقتصادية و الحماية.
الزعيم السوفيتي خروتشوف استفاد من هذه الفرصة و وضع قواعد يمكنها إطلاق صواريخ نووية من كوبا ضد الولايات المتحدة. و عندما علمت الولايات المتحدة بهذا، قام كينيدي بالرد على ذلك بـ مُحاصرة الشعب الكوبي على جزيرته، مما دفع الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي الى حافة حرب نووية.
أنهى الزعيم السوفيتي خروتشوف أزمة الصواريخ الكوبية المُرعِبَة عندما وافق على إزالة الصواريخ كـمقابل لإنهاء الحصار. كما إزال كينيدي الصواريخ الأمريكية من تركيا واتفقا على العمل للحد من توترات الحرب الباردة.
و بشكل مأساوي، تم اغتيال كينيدي في أواخر عام 1963، في نفس الوقت التي كانت التوترات فيه تتزايد في فيتنام و التي كانت مسرح الحرب الباردة القادم، والأكثر كلفة.
أزمات السويس أو العدوان الثلاثي على مصر 1956 :
في عام 1956 من 29 أكتوبر حتى 6 نوفمبر، بدأت أزمة قناة السويس أو العدوان الثلاثي على مصر. فبعد محاولات مصر لتأميم قناة السويس بدأت اسرائيل و فرنسا و بريطانيا العظمى التخطيط و احتلال منطقة القناة و تفجير المطارات الجوية المصرية. و لكن الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف هدد لندن و باريس بـ الحرب النووية. و إنزعجت الولايات المتحدة ايضاً من بريطانيا و فرنسا و اسرائيل، بسبب عدم إستشارتها قبل القيام بهذا الهجوم، و لأن ايضاً هذا الهجوم تسبب في تقوية نفوذ الاتحاد السوفيتي و إنهاء نفوذ فرنسا و بريطانيا كقوى عظمى.
حرب فيتنام :
في عام 1965 نزلت أول القوات المقاتلة الأمريكية في فيتنام الجنوبية للمحاربة ضد النصف الشمالي الشيوعي في فيتنام و المدعوم من الاتحاد السوفيتي. و أكثر من 2 مليون شخص هلكوا خلال حرب فيتنام – معظمهم من المدنيين.
سحبت الولايات المتحدة قواتها في عام 1973، وبعد عامين، إنتصر الجزء الشمالي الشيوعي على الجزء الجنوبي من البلاد.
إتفاقات و معاهدات جانبية :
في عام 1969 المفاوضات بين الأمم المتحدة و الاتحاد السوفياتي بدأت حول الحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية.و إنتهت المحادثات بـ العديد من المعاهدات في عام 1979، ولكن إستمر سباق التسلح بلا توقف.
حرب أكتوبر أو حرب يوم الغفران 1973 :
في عام 1973 حرب يوم الغفران أو حرب أكتوبر بين إسرائيل و الدول العربية (مصر و سوريا).
حدثت منذ 6 أكتوبر و حتى 25 أكتوبر في عام 1973 و بدأ الهجوم الأول في اليوم اليهودي المقدس (يوم الغفران – يوم كيبور – Yom Kippur).
و تسببت تلك الحرب في إشتداد التوترات في الحرب الباردة بين القوتين العظمتين النوويتين في العالم، الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي.
و كانت الولايات المتحدة تقف إلى جانب اسرائيل. و ساعدت على تزويد إسرائيل بالسلاح، بالإضافة إلى الضغط على الدول العربية لوقف القتال.
أما الإتحاد السوفياتي كان يقف بجانب مصر و سوريا و كان يزودهم بالسلاح و الخبراء العسكريين.
المنظومة الصاروخية الامريكية في اوروبا و غزو افغانستان :
في عام 1979 وافق حلف شمال الاطلسي على قرار، تمكين الولايات المتحدة من نشر رؤوس حربية نووية في أوروبا الغربية إذا فشلت المفاوضات مع السوفييت على تفكيك صواريخ SS-20 متوسطة المدى. و بدأت الولايات المتحدة نشرها في عام 1983.
و في عام 1980 بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان في عام 1979، قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الروس و قاطعت دورة الألعاب الأولمبية في موسكو.
نظام الدفاع الصاروخي حرب النجوم و التقارب الامريكي السوفيتي :
في عام 1983 الرئيس الأمريكي رونالد ريجان يُعلِن عن وضع نظام الدفاع الصاروخي “حرب النجوم” في جميع أنحاء العالم نتيجة لـ، مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي أنشأها .
في عام 1985 رئيس الكرملين ميخائيل جورباتشوف يبدأ في إعادة توجيه السياسة الخارجية السوفيتية.
في عام 1987 جورباتشوف و ريجان وافقوا على القضاء على جميع الصواريخ المتوسطة المدى البرية.
سقوط و انهيار الإتحاد السوفيتي و إنتهاء الحرب الباردة :
في عام 1989 سقط جدار برلين في 9 نوفمبر (جدار برلين أو حائط برلين أو سور برلين هو سور يفصل ألمانيا الشرقية التي يسيطر عليها السوفييت عن ألمانيا الغربية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة و حلفائها).
النهاية :
في عام 1991 تم حل حلف وارسو. و جورباتشوف استقال و إنتهى الاتحاد السوفيتي من الوجود. و بذلك تكون قد إنتهت الحرب الباردة رسمياً.