قضايا وأراء

العفو عن محسن السكري .. ليه الرئيس يعفو عن قاتل؟

– يوم العيد اتفاجئ المصريين بصدور قرار من الرئيس السيسي بالعفو عن محسن السكري، ضابط أمن الدولة السابق، والمحكوم عليه بالمؤبد لأنه قتل المطربة سوزان تميم.

– دي مش أول مرة يتم الإفراج عن مجرمين جنائيين عليهم أحكام مشددة بقرارات العفو الرئاسي، وكان من أشهرها طبعا العفو الصحي عن هشام طلعت مصطفى المتهم الثاني في قضية قتل سوزان تميم بصفته المحرض والممول.

– النهاردة حنشوف هل محسن السكري يستحق العفو الرئاسي؟ والأهم هل العفو الرئاسي بيستخدم بمعايير عادلة للكل ولا خاضع لمعايير أخرى غير واضحة؟

واللي المفترض أنه آليه من الدولة للرئيس للتخفيف من العقوبة القضائية بتستخدم في ده فعلا؟ ولا خاضع للواسطة والمحسوبية وبيروح لغير المستحقين ليه؟

هل محسن السكري يستحق العفو قانونا؟

– اللي تابعوا تفاصيل قضية قتل سوزان تميم بالتأكيد فاكرين التفاصيل المروعة للجريمة، بداية من ذبح سوزان حرفيا في دبي على ايد محسن السكري، وحتى تفاصيل اعترافات محسن السكري نفسه لما اتقبض عليه في مصر.

– الاعترافات اللي قال فيها أنه في الأول ان هشام طلعت دفع له 2 مليون دولار عشان يقوم بقتل سوزان تميم، لكن هو نصب عليها ومقتلهاش، لكن بعدها لما اتواجه بتسجيلات الفيديو اللي بتظهر وجوده في فندق سوزان تميم وقت الجريمة وغيرها من الأدلة اعترض.

– بعد ضغوط دولية خاصة من الامارات اللي الجريمة تمت على أرضها، ولأن القضية كانت رأي عام، القضية اتحولت للقضاء وصدر حكم أول درجة بالاعدام على هشام طلعت ومحسن السكري في ٢٠٠٩ بتهمة القتل مع سبق الاصرار والترصد، لإنه بكل وضوح الجريمة اتخططت قبلها بوقت طويل، ده القاتل سافرلها مخصوص.

– وبعد النقض وتفاصيل قضائية وصلنا لإن الحكم النهائي لمحسن السكري هوا ٢٨ سنة سجن مشدد (المؤبد على القتل + ٣ سنوات لحيازة سلاح بدون ترخيص)، و١٥ سنة لهشام طلعت، وهي أحكام مخففة في قضية زي دي.

– من الناحية القانونية مفيش أي جهة رسمية قدمت تفسير للافراج دلوقتي عنه، البعض خمن انه يكون استفاد من تعديلات قانون تنظيم السجون في يناير ٢٠١٩ اللي نصت انه ممكن سنة السجن تتحسب بـ ٦ أشهر بدل ٩ أشهر، لكن ده بشروط منها حسن السير والسلوك وباستثناء بعض الجرائم اللي قد تنطبق على السكري، والبعض قال العفو الرئاسي أصلا لا يتقيد بالمدة دي سلطة قانونية للرئيس لأي حد عليه حكم نهائي أو بات، لكن دي كلها تفضل أمور مش مفهومة مادام مشفناش بيان من أي جهة رسمية تقدم التفسير القانوني اللي تم اعتماده في قضية رأي عام زي دي.

– لكن بعيد عن القوانين مفهوم ان الجانب الأهم هنا سياسي وهوا بسبب علاقات الاتنين، سواء هشام طلعت اللي كان وقتها عضو لجنة سياسات الحزب الوطني ومازال عنده علاقات مالية وسياسة قوية لحد النهاردة ومنها مساهمته باستثمارات قيمتها مليارات الجنيهات في العاصمة الادارية الجديدة، ومحسن ضابط أمن الدولة السابق، واللي والده لواء الشرطة السابق منير السكري، وبالمناسبة محسن كان استقال من شغله بالداخلية عشان يشتغل بالقطاع الخاص، اشتغل مدير أمن في شركة هشام طلعت مصطفى ومن هنا العلاقة بينهم، وكمان اشتغل مدير أمن في شركة عراقنا أحد شركات أوراسكوم المملوكة لنجيب ساويرس.

رائج :   نبيذ وفحم .. || من كتابات د : أحمد خالد توفيق

هل العفو الرئاسي يتم تطبيقه بآليات عادلة؟

– دي مش أول مرة يتم استخدام العفو الرئاسي في إطلاق سراح مجرمين أصحاب نفوذ، شفنا استخدام العفو قبل كدة في إطلاق سراح زعيم شبكة بلطجية زي صبري نخنوخ كان محكوم بالبلطجة وحيازة أسلحة ومخدرات وده بقى خرج بعد ٦ سنوات فقط من حكم بالمؤبد.

وزيه كما ذكرنا هشام طلعت، ده غير مجدي طبيخة رجل الأعمال اللي قتل شاب عربيته اتعطلت قدام فيلته، والعفو عن ضباط شرطة تم الحكم عليهم في العديد من قضايا جرائم قتل وتعذيب مواطنين زي السبعة اللي تم الافراج عنهم في العفو الأخير في فبراير 2020.

– في العفو الأخير تم الافراج عن أكتر من ٣٠٠٠ محكوم عليهم، مفيش بينهم ولا واحد في قضية سياسية، رغم وجود سوابق ايجابية لذلك، ورغم وجود أعداد كبيرة من سجناء الرأي السلميين وبعضهم سنه كبير، من أشهرهم مثلا المستشار هشام جنينة!

– المفترض أنه العفو الرئاسي ده له ضوابط منها وجود جرائم خطيرة لا يتم تطبيقه عليها لخطورتهم على المجتمع، بالاضافة لقنوات رسمية يتم المطالبة بالعفو فيها، في حالة سجناء الرأي المفروض أنه يتم ارسال الأسماء من الأهالي للجنة العفو الرئاسي أو للمجلس القومي لحقوق الإنسان قسم الشكاوى، ومفروض ان اللجنة بتقيمها. وبحسب تصريحات أعضاء اللجنة دي زي النائب طارق الخولي بأنه من شروط العفو أنه المسجونين ميكونش ليهم سابقة في أعمال العنف.

– ودا يخلينا نسأل فعلا هل اللجنة دي حقيقية؟ يعني فعلا هل ليها دور؟ ولا هي مجرد واجهة والأسماء اللي بيفرج عنها بتتم بمعرفة الأجهزة السيادية في البلد؟!

– والسؤال الأهم هل المجرمين والبلطجية اللي خرجوا أقل خطورة على المجتمع من المسجونين بسبب مواقف سياسية سلمية أو بسبب عمل صحفي وغيرها؟

– أسرة محسن السكري قالت في تصريح عن العفو: “في جهات كتير في الدولة بتقدر!”، فهل الجهات دي بتقدر المجرمين والقتلة طالما هما من أصحاب النفوذ وبس؟ مينفعش الجهات دي تقدر مثلاً أستاذ علوم سياسية سنة كبير زي د.حازم حسني السجين من سبتمبر ٢٠١٩؟

– أخيراً إحنا طبعاً مش ضد آلية العفو الرئاسي، لأنه شيء مهم وطوق نجاة لكتير من المظلومين أو اللي أمضوا فترة كافية في السجن على جرائم بسيطة أو جنح زي الغارمين وغيرهم، خاصة في زمن كورونا اللي أكيد من الايجابي تخفيف التكدس لصالح الكل، لكن ده لازم يخضع لشروط وآليات واضحة ومحددة وفيها قدر كبير من الشفافية، عشان نضمن كمجتمع إنه الآلية دي مبيتمش إساءة استخدامها..

– كمان لازم يبقى فيه آلية للإفراج عن المسجونين ظلم بالحبس الاحتياطي اللي اتحول لعقوبة لسجن السياسيين والصحفيين، مثلا الأستاذ عادل صبري رئيس تحرير مصر العربية اللي دخل عامه الثالث في السجن بدون محاكمة.

– وأحياناً بيتم إعادة حبسهم مرة تانية (تدوير القضايا) بمجرد ما يكملوا سنتين بنفس التهم في قضايا مختلفة، حبس خارج نطاق القانون واستغلال للنفوذ وتحايل على العدالة ، وده اللي بيخالف أبسط قواعد نشأة الدولة ووجود المحاكم والقضاء.

– العدالة بين المواطنين هيا اللي بتخلق الاستقرار في المجتمعات، لكن إهدار القانون هو اللي بيخلق العداوات وبيهدد استقرار المجتمعات، وبيساهم في نشر فكرة “حقي بدراعي” ويزيد جرايم العنف والاعتداء، ويساهم أكتر في إنه اللي ليه نفوذ وعلاقات يقدر يفلت من أي جريمة يرتكبها حتى لو كانت القتل، ومفيش أخطر على أي مجتمع من انتشار الفكرة دي.

مقالات ذات صلة