إللي بعد أي غزو هو امتلاك أرض جديدة .. فالغزو العسكري بيخلي الشعوب تحتل أراضي بعضها .. أما الغزو الفكري فبيخلي الشعوب تحتل مخاخ بعضها .. وده بيخلينا نشوف جنسيات في البطاقة وجواز السفر فقط .. جنسيته مصري لكن نتيجة غزوة فكرية مباركة بقى روسي بقدرة قادر أو صهيوني 
.. على حسب نوع الغزوة .. وشخص الغازي الهمام
الغزو الفكري والثقافي من أقوى الاسلحة الفعالة من بداية الخلق ولحد دلوقتي .. فيكفي جدا على المحتل انه يقنع الناس انه لا يقهر فيحتل أرضهم بدون اي مقاومة .. ومفتاح الغزو الفكري من النوع ده هو الرعب .
للاسف لفظ ( الغزو الفكري الثقافي ) لو حد جرب يبحث عنه في كتب ومراجع عربية ، مش هيلاقي غير حاجتين لا ثالث لهم : أولهم : الغزو الديني الأخلاقي .. وفيه هيظهر لك الكاتب إن الدنيا كلها عملت قعدة مؤامراتية واتفقوا علينا احنا العرب والمسلمين عشان يخرجونا من ديننا وأخلاقنا سواء كان اسلامي لمسيحي أو مسيحي لاسلامي .. ( ملحوظة : اليهود لا يدعوا لدينهم .. بل لمصالحهم فقط ) .. وثانيهم : الغزو الثقافي .. وهو اللي كانوا بيقولوا عليه زمان أيام الحرب الباردة ( الأمركة ) .. وقبلها ( عادات الفرنجة ) .. ودلوقتي ( العولمة ) .
أما لو وسعنا نطاق البحث في الموضوع حبتين تلاتة هنلاقي ان الغزو الفكري موجود من فحت البحر بكذا وسيلة وبأكتر من هدف غير الدين والثقافة .. فخلينا نشوف كده الغزو الفكري في التاريخ .. وتأثيره المباشر والغير مباشر عشان تكون عبرة وفكرة لبكرة 
– صراع الصالحين وناسهم :
من بداية الخلق كان الإله واحد الناس بتعبده بدون وسيط .. فلما الناس ابتدت تبعد عن ربنا فأرسل لهم – سبحانه وتعالى – انبياء يدعوهم .. فلما ظهر بعد الانبياء ناس صالحين وماتوا .. فالمنتفعين عملولهم تماثيل لتخليد ذكراهم ومن اشهرهم ( يغوث ويعوق ونسرا ) .. وشوية شوية المنتفعين دول اقنعوا الناس يعبدوا التماثيل دي .. طب هل فلحوا ؟ آه فلحوا .. طب كام واحد ؟ كل البشرية ما عدا سيدنا نوح وكام نفر على قد السفينة اللي نجت من الطوفان .
طب عملوا ايه المنتفعين عشان يقنعوا البشرية كلها يسيبوا عبادة الله لعبادة الاصنام .. هو ده .. غزوهم فكريا .. اقنعوهم بكل الوسائل ان التماثيل لها قدرة الاله بحكايات وروايات وهمية وقدرات خارقة محصلتش .. بس قالولهم حصلت .. فاتغيرت عقيدة الناس تماما .. واللي بيضحك عليهم منكم أحب أقولوا ان عدد من يعتنقون الديانات السماوية 50 % من العالم والباقي ممكن يعتقد بأي حاجة حتى ولو بقدرة ورقة انها تحيي وتميت .. وكمان ال 50 % المتدينين دول فيهم ناس كده برضه .
– صراع الأديان :
كانت الحروب ولازالت بتاخد شعارات دينية عشان عزيمة جنودها .. فالحروب الصليبية كانت ولازالت باسم الصليب ضد اي حد .. والكلام بدأ عند صاحب كتاب “حاضر العالم الإسلاميّ” البابا سلفستر الثاني سنة 1002م, بس الموضوع ماجاش معاه اوي ، وبعدين البابا خريغوريوس سنة 1075م, لكنها اتأخرت حوالي عشرين سنة حتى سنة 1097, وكان كُتَّاب أوربا وقتها بيدعوا للحروب الصليبية دي , أذكر منهم : هلتون ساتيتو، ومارينو، بيين ديبوا، جيلوم دي نوجاري، ريموند لول بتراك.
أبرز الحروب الصليبية كانت على القدس طبعا .. وآخرهم دعوة بوش للحرب في العراق على انها حرب صليبية .. ودلوقتي بوتين وروسيا في سوريا ومباركة القساوسة والرهبان للطيارين طيار طيار .. وحملات التنصير في القرن اللي فات كانت على قدم وساق وبتشترك فيها ميزانيات دول .. وبالفعل نجحت ولقت صداها وهتلاقي اللي اسمه في شهادة الميلاد مسلم وهو مسيحي .. وباللذات في الدول الفقيرة زي افريقيا بمبدأ الرعاية المتكاملة من الكنيسة … وبرضه الفتوحات الاسلامية كانت باسم الله لدخول أكبر عدد من الناس في الاسلام بكل وسائل الدين الاسلامي واللي قام بيها الرسول ( ص ) بنفسه من بداية دعوته .
– صراع جيوش الاحتلال :
من أفضل اللي استخدموا الغزو الفكري لفتوحاتهم هم المغول ( التتار ) فكانوا اما بيدخلوا الدولة بيفرموا اللي يقابلهم بأفظع ما تأتي به أيديهم .. ويشتروا ضعاف النفوس تروج أقاويل افظع من اللي عملوه .. يعني مثلا كانوا بيوصفوهم على انهم التنانين المجنحة اللي بتبخ نار من بؤائها .. فكانت الدول اللي عليها الدور بتبقى اضعف من اللي قبلها من رسايل الرعب اللي بتوصل لهم من اللي قبلهم .
يعني مثلا التتار دخلوا العراق خلو الانهار هناك دماء .. فوصلوا لحد مصر بدون مقاومة تذكر .. لحد ما قابلوا المصريين وكان قدروا يمسحوا اثر الغزو الفكري من عقولهم عن التتار بالخطة الاولى لقطز والشيخ / العز بن عبد السلام وهي زرع الايمان في نفوس المصريين وتسفيه التتار وقوتهم مقارنة بقوة الخالق الاعظم .. فانتصروا وهزموا التتار شر هزيمة .
وبرضه بدعة الخط الاسرائيلي الذي لايقهر ( خط بارليف ) وانهياره قدام عزيمة المصريين .
– صراع الدول العظمى :
الغزو الفكري في أروع صوره نشأ في فترة الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفييتي .. فخطة مارشال ومبدأ الاحتواء لترومان والاذاعة الحرة خلو أمريكا تنفق المليارات عشان تبقى عقول الناس أمريكية صرف في كل المجالات ومن كل بقاع الارض من أعلاها لأدناها .
قريت كتاب اسمه ( القوة الناعمة ) لجوزيف ناي رئيس مجلس الاستخبارات الوطنية ومساعد وزير الدفاع في حكومة كلينتون .. والراجل هو أول من استخدم اللفظ ده .. فبيقول ان قوة أمريكا أساسها مش عسكري على قد ما قوتها انها قدرت تقنع شعوب العالم بانها الصح المطلق في كل المجالات الا ما ندر .. ( منظمات عظمى ، عملة طاغية ، ميديا يشاهدها كل العالم دون غيرها من افلام ومسلسلات وبرامج ) وكمان بنقلدها .. طب ليه الافلام اللي بتتعرض على قنواتنا مش ياباني مثلا ولا تشيكوسلوفاكي 
، فسهل جدا على أمريكا انها تقنع أي حد بجودة وسائلها برغم كراهية الحد ده لها .
ودلوقتي كمان الدول العظمى زي أمريكا وبريطانيا بتعمل منح دراسية مجانية من أهم مبادئها هو اعداد القادة من مختلف البلاد ، عشان اما يرجعوا بلادهم يكونوا مشبعين بالولاء الفطري لهم .. وابرزها منحة ( تشيفننج ) في بريطانيا .
وسائل الغزو الفكري حاليا :
ملايين الوسائل متاحة لإمكانية تنفيذ الغزو الفكري الناجح .. هتكلم عن أبرزها :
– الإعلام الموجه :
هتلاقي المذيع عمال يهتي ليل نهار في موضوع غلط من بدايته لنهايته .. لكن قاعدة ( الدوي عالودان أمر من السحر ) بتشتغل زي السلاموا عليكوا .. وتلاقي الجهلاء بتقتنع .. واللي بيكسل يبحث من العقلاء برضه بيقع وبيقتنع لو الكلام جه على هواه … والامر ده بيحصل من التليفزيون والصحافة .. وكماااان دور العبادة للاسف .
– الأفلام والدراما :
تلاقي الممثل شاف تقليعة بايخة في فيلم أمريكي ( وخد بالك من أمريكي دي ) يروح عاملها في فيلمه الجديد بتشجيع من شوية منتجيين شغلهم هو الدعر الفكري ، فتلاقي جيل بحاله بيلبس وبيتكلم زي الممثل ده .. مهما قدمت له بدائل أفضل .
– الانترنت ووسائل التواصل :
كان الغزو الفكري الثقافي بين شعوبنا العربية في اضيق حدوده قبل النت .. فكان تغيير ثوابت الناس في ( الدين والأخلاق ) كان صعب قبل النت .. أما دلوقتي فسهل على اي حد متدين يفقد ايمانه بشوية مقالات لا دينية أو إلحادية ، وسهل برضه عليه بتكة ذرار يجيب مواقع اباحية او جدلية تنسف قيمه ومبادئه .. أو حتى تعارف على ثقافات تانية ياخد منها أسوء ما فيها – زي الانحلال الاخلاقي – ويسيب أفضل مافيها زي جودة التعليم والسمو الفكري !
– النخبة الفاسدة :
رموز الفن والسياسة والاعلام الفاسدين .. يوميا بيحققوا غزوات فكرية في منتهى النجاح في عقول الناس .. وبرغم ان محدش يختلف على فسادهم الفكري والاخلاقي والثقافي .. لكن تتبع اخبارهم وتصدرهم للمشهد بيخلي الناس تقتنع ببعض كلامهم ان لم يكن كله .. لأ وبتتكلم وبتتصرف زيهم .. فبتتوزع فضلاتهم الفكرية في العقول .. انت اقتنعت بكذبة وأنا بكذبة تانية وده بكذبة تالتة .. فالمجتمع اتوجه بالكامل لما تريده النخبة الفاسدة دي .. وطبعا ممكن جدا استغلال النخبة دي وتمويلها من الحكومات .. ان لم يكن يحدث هذا لذلك من الأصل .
طب والحل :
الحل الوحيد … من بعد رعاية ربنا وحفظه .. ((( ما نرميش ودانا لحد ))) .. واعتقادنا اننا بنفهم ونقدر نميز الصح من الغلط = // غلط // … لأن العقل اما يبقى محاط ( بالمجاري ) الثقافية والأخلاقية واللادينية فبتبقى خياراته محصوره في القذارة فقط ومفيش له بديل تاني يختار منه .
نحاول نرجع لربنا وندعيه يهدينا ويهدي أولادنا للطريق المستقيم .. وينجينا من كل اللي بيتمنوا هلاكنا بوسائلهم الخفية والعلنية .
وأخيرا .. لا نتكاسل في البحث عن الحقائق .. فالكسل هو أول طرق الضياع .
