فن الادارة ..

اللعب وقت العمل .. هل يفيد المؤسسة أم يضيع وقت العمل ؟

حينما وصل أحمد اليوم إلى شركة ادخال البيانات التي يعمل بها، وجد زملائه لا يعملون، وقد أخبروه أن السيستم واقع والأنترنت لا يعمل، فاقترح عليهم أن يلعبوا معاً ألعاب مثل ” بينجو ” أو ” XO ” أو ” لعبة الأفلام ” ، وبالفعل بدأوا، وبعد 10 دقائق دخل المدير فجأة، وعندما وجدهم يلعبون، نظر إليهم بعصبية وقال ” احنا بندفعلكم فلوس عشان تشتغلوا، مش عشان تيجوا تلعبوا “.

رد فعل مدير “أحمد” قد يبدو طبيعي للكثيرين، فهو واحد من آلاف المديرين الذين يروا أن اللعب في مكان العمل هو استهتار بالعمل ومضيعة للوقت الذي يحصل الموظف على أجر مقابله، لكن في الحقيقة هو مخطئ تماماً!

في دراسة أجراها مجموعة من الباحثين في جامعة ولاية كانساس عام 2014، قاموا خلالها بمراقبة أداء 72 موظف يعملون في شركات ومجالات عمل مختلفة، وجدوا أن الأشخاص الذين قضوا دقيقة أو دقيقتين خلال يومهم في لعب ألعاب مثل Candy Crush على هواتفهم، كانوا أكثر سعادة من زملائهم، وكانوا أكثر قدرة على تحمل ضغط العمل.

وإذا كانوا أكثر سعادة فذلك يضمن لك أنهم سيعملون بشكل أفضل وسيكونون أكثر إنتاجية، لأن هناك علاقة طردية بين سعادة الموظفين وإنتاجيتهم في العمل، وفقاً لدراسة أجرتها كلية إدارة الأعمال بجامعة أكسفورد، بالتعاون مع شركة BT البريطانية.

فعلى مدار 6 أشهر طلب الباحثون من الموظفين في شركة BT، تقييم مستوى سعادتهم بشكل يومي باستخدام استطلاع بسيط عبر البريد الإلكتروني، ثم تم تحليل تلك الإجابات وربطها ببيانات الموظفين المتعلقة بالحضور والغياب ومستوى رضا العملاء والإنتاجية.

ووجدت الدراسة أن الموظفين السعداء كانوا أكثر إنتاجية بنسبة 13 ٪ من باقي الموظفين، وأنهم يعملون بشكل أسرع ويقومون بإجراء المزيد من المكالمات خلال كل ساعة عمل، والأهم من ذلك، تحويل المزيد من المكالمات إلى المبيعات.

وبما أن اللعب هو وسيلة جيدة لرفع مستوى سعادة الموظفين، فذلك يعني أن قليل من اللعب في العمل لن يضر بل سوف يفيد عملك ويجعله أفضل، واللعب لن يساعدك على زيادة الإنتاجية والمبيعات فقط بل سوف يفيد الشركة بطرق عديدة:

رائج :   أساسيات “الشراكة” الناجحة || اجابات مهمة حتى لا نختلف لاحقا

– زيادة إبداع الموظفين في العمل:

وجدت دراسة أجرتها جامعة ولاية ميشيغان، أن هناك علاقة قوية بين الألعاب والتفكير الإبداعي وحل المشكلات، حيث أجرت تجربة على 500 شخص، ووجدت أنه كلما لعب هؤلاء الأشخاص ألعاب الفيديو أكثر، كانوا أكثر إبداعًا في مهام مثل الرسم أو كتابة القصص القصيرة.

لأن الألعاب تعمل على تحفيز الخيال وبالتالي تشجع استخدام النصف الأيمن من الدماغ المسؤول عن الإبداع. وذلك يعني أن الألعاب قد تكون وسيلة فعالة لزيادة إبداع الموظفين والوصول لأفكار إبداعية أكثر من التقنيات التقليدية مثل العصف الذهني أو الاجتماعات.

رائج :   كيف تواجه تداعيات كورونا فايرس على مشروعك

– تشجيع التعاون والعمل الجماعي:

تعتبر الألعاب واحدة من أفضل الطرق لتعزيز الروابط الاجتماعية والعمل الجماعي، خصوصاً الألعاب التي تتضمن أنشطة لبناء الفريق أو ألعاب تبادل الأدوار “Role Playing”، لأنها توفر فرصة لزملاء العمل لأنشاء علاقات ودية وصداقات بعيدة عن مناخ العمل التنافسي وضغط العمل، ويدفعهم ذلك للتعاون والعمل معاً بشكل أفضل، مما يؤدي في النهاية إلى مكان عمل أكثر إيجابية بشكل عام.

– مساعدة الموظفين على التخلص من التوتر والضغط:

من المؤكد أن العمل بشكل يومي من 9 صباحاً لـ 5 مساءً مع الكثير من العملاء أو الكثير من المهام هو أمر مرهق ويؤدي مع الوقت لشعور الموظفين بالإجهاد والضغط وبالتالي يؤدي لتراجع أداء العمل ككل.

وتعتبر الألعاب وسيلة جيدة للتخلص من أي إجهاد أو ضغط في العمل، فوفقاً لعالم النفس كريس فيرجسون، الذي يعمل على دراسة تأثير ألعاب الفيديو على نجاح الموظفين في العمل في جامعة ستيتسون في الولايات المتحدة، تعمل الألعاب على تخفيف التوتر الذي يصاحب تأدية مهمة مملة أو مجهدة، حيث أن الألعاب تجعل الموظف يحصل على هدنة من التفكير في العمل والشعور بالضغط وتضعه في إطار ذهني مختلف، مما يجعله يرى المهمة التي كان يؤديها بمنظور جديد ويمتلك الحافز لاستكمالها.

وبالتالي فإن دمج الألعاب في مكان العمل يمكن أن يساعد الموظفين على التخلص من الإجهاد اليومي ويحفزهم على إنهاء المهام بشكل أفضل.

رائج :   احذر .. مواقع التواصل قد تُسبب رفضك في الوظيفة الجديدة!

– جذب المواهب والاحتفاظ بهم:

وجود ثقافة عمل تدعم المرح وتحرص على سعادة الموظفين، سيجعل شركتك مكان عمل أفضل، وسوف يجذب الموظفين الموهوبين ويجعلهم أكثر ولاء للشركة. وذلك يفسر لك وجود أفضل المواهب والكفاءات في شركة مثل جوجل، حيث تحرص الشركة على جعل المرح جزء أساسي من بيئة العمل، وتمتلك أماكن للاسترخاء وقاعات للألعاب مليئة بطاولات البينج بونج وتنس الطاولة والبلياردو وغيرها من الألعاب.

وأخيراً إذا كانت شركتك لا تتبنى أي نوع من الألعاب، فحاول دمجها بشكل ما، فيمكنك أن تسمح للموظفين بلعب الألعاب البسيطة مثل ” الكوتشينة ” أو ألعاب الموبايل أو تقوم بإحضار ” بلاستيشن ” أو ” طاولة بينج ” إلى المكتب، ذلك بجانب محاولة تنفيذ بعض أنشطة بناء الفريق والـ Ice Breaking بشكل شهري أو أسبوعي، وسترى بنفسك كيف سيحسن ذلك من مكان العمل وإنتاجية الموظفين.

وهذا ما حدث مع شركة ” Mart ” للتسويق الإليكتروني في فلسطين، التي سمحت للموظفين بلعب ” PUPG ” لمدة نصف ساعة يومياً خلال وقت العمل، والنتيجة كانت أقبال الموظفين على العمل وتأدية المهام بشكل أفضل، مما شجع الشركة على التفكير في إنشاء مكان مخصص للترفيه.

مقالات ذات صلة