من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)
منذ تفتحت مداركى اكتشفت اننى لست طفلا ككل الأطفال.. وأنما مشكلة عائلية ! فلقد اختلف بى وامى وانفصل بالطلاق وعمرى اربع سنوات فعادت امى الى بيت جدتى وبدأ ابى يزورنى مرة كل اسبوعين فيجلس فى محل البقالة الذى يقع اسفل البيت ويرسل صبى المحل لاستدعائى فأخرج معه خائفا ان اظهر فرحتى تجنبا لنظرات امى العاتبة.. وبعد عودتى اخضع لاستجواب دقيق منها ومن جدتى ماذا قال لك ماذا فعل .. وهل بدا سعيدا ام تعيسا الخ..
وقد ازداد جو بيت جدتى قتامة وانخرطت امى وجدتى فى بكاء طويل وعرفت بعد قليل ان ابى تزوج وبعد عام من زواجه بدأت روح جديدة تسرى فى البيت فجدتى تجدد الصالون المتهالك .. وامى وخالى يستغرقان فى احاديث هامسة طويلة.. ثم جاء الى البيت رجل طويل انيق حاول ان يتودد لى فشعرت بنفور غريب منه.. وبعد قليل اننتحت بى جدتى جانبا ومهدت لحديثها معى بأننى قد اصبحت رجلا ويجب ان اواجه الواقع اما هذا الواقع الذى كان على ان اواجه وانا رجل فى السادسة من عمره فهو ان امى سوف تتزوج وتنتقل الى بيت هذا الرجل الطويل اما انا فسأبقى مع جدتى لأونس وحدتها ..
و سرعان ما خلا البيت من امى الحبيبة كما سبق ان خلت حياتى من ابى بعد انشغاله عنى بزواجه وبعد شهور اصطحبنى خالى لزيارة امى فى المستشفى فقدمت لى مولودا صغيرا عرفت انه اخى الجديد ثم جاء ابى بعد اسابيع لزيارتى وفى يده طفلة صغيرة عرفت انها اخت لى.. وعشت طفولتى بيت جدتى الحزينة دائمة لسبب لا اعرفه واتشوق لزيارة موعد زيارة ابى وامى واتشوق لرؤية اخوتى الجدد وليس من حقى زيارتهما فى بيتيهما تجنبا للاحراج..
وعندما وصلت الى السنة الأولى الثانوية رحلت جدتى وانفض المعزون فجلست امى وخالى وابى والاقارب يتدبرون امرى بعد ان اصبحت مشكلة للجميع .. وان نسيت كل شىء فى حياتى فلن انسى هذه اللحظات القاسية واقرب الناس لى يلقى كل منهم عبىء الثقيل على الآخر فتقترح امى ان يضمنى ابى فيرفض لأن شقته ضيقة وزوجته موظفة ولن تتحمل ثم يعرض هو عليها ان تضمنى الى اسرتها ويدفع نفقتى فتقول صراحة ان زوجها لن يتسريح لى كذلك انها مثقلة بالاعباء ..
وهكذا ظلوا يتناقلوننى كالكرة وانا جالس صامت احس بهوان الدنيا كله ولا املك ان اقرر مصيرى الى ان استقر رأيهم على ان ابقى وحدى فى شقة جدتى القديمة وان اعتمد على نفسى لانى “رجل” فى الخامسة عشرة من عمره فتقبلت قرارهم صامتا ولم يكن لى طلب سوى ان يسمحوا لأخوتى الذين احبهم بأن يزورونى من حين الى آخر ليخففوا من وحدتى ..
وواجهت حياتى بمصروفى الشهرى الصغير الذى كان يعطيه لى أبى وعرفت جفاف الحياة فى اقسى صورها واصبحت مسئولا عن دراستى وطعامى وملابسى وتنظيف البيت ليس لى مورد سوى خمسة عش جنيها كنت افعل المستحيل لكى اعيش بها .. فكانت تمضى ايام طويلة لا اطعم فيها سوى الخبز والحلاوة الطحينية ومع ذلك فلقد كنت ارفض دعوات خالى للغذاء عنده خجلا من زوجته ومن رثاثة ملابسى..
واعتصمت بالصبر والصلاة وتلاوة القرآن كلما ضاق صدرى قمت الى الصلاة وأطلت التلاوة بصوت متهدج .. حتى اذا سجدت لله انهمرت دموعى بغزارة وبللت السجادة.. وشعرت بعدها بالراحة الى ان جاء خالى ذات يوم وانا اصلى وكان يحمل مفتاحا للشقة ولم اشعر به الا بعد ان انتهيت من صلاتى فاذا بى جالس الى جوارى يرقبنى ودموعه تتساقط على خده ثم ينهض فيحتضنى ويقبلنى ويطلب منى الصبر ويؤكد لى انه ما وافق على بقائى بالشقة الا لكيلا يضيع حقى فيها وان يسعى لتغيير عقدها بأسمى لتكون ضمانا لى للمستقبل. وصدق خالى الطيب فى وعده فجاءنى بعد ايام واصطحبنى الى بيت صاحبة البيت وقدمنى لها فرحبت بى بعطف وشدت من ازرى وطالبتنى بزيارتها كلما استطعت وغيرت عقد لشقة بأسمى.
وكنت ادرك ان ظروفى لا تسمح لى بأى تهاون فركزت جهدى فى دراستى ونجحت بتفوق فى الثانوية العامة والتحقت بكلية الهندسة وبعد التحاقى بها ازدادت قسوة الحياة على بسبب نفقاتها فخرجت للعمل صبيا فى نفس محل البقالة الذى كان ابى يرسل صبيه لاستدعائى..
ووفقنى الله فى احتمال كل ظروف حياتى وحمانى من الانحراف رغم معيشتى منفردا فى شقة واسعة وتخرجت واديت الخدمة العسكرية والتحق بأحدى شركات القطاع العام وقبضت اول مرتب لى فحرصت على شراء هدايا صغيرة لأخوتى من ابى ومن امى وزرتهم وطالبتهم بألا يغيبوا كثيرا عنى وتفرغت لعملى بجديتى التى اعتدت عليها منذ الصغر فاصبحت بعد عدة سنوات رئيسا لأحد اقسامها وجاءتنى فرصة العمل فى الخارج فاعتذرت عنها لأنى قد شبعت من الوحدة ولست فى حاجة الى المزيد منها..
ثم كلفتنى الشركة ذات يوما بانهاء بعض معاملاتها فى احدى المصالح الحكومية فترددت عليها كثيرا و تعرفت على من بيدهم الأمر .. وكان من بينهم فتاة متوسطة الجمال تبدو دائما ساهمة وحزينة وقليلة الابتسام فلفتت نظرى وسعيت للحديث معها فرحبت بى بتحفظ وذهبت يوما للمكتب الذى تعمل به فلم يكن به غيرها فتشجعت وسألتها عن سبب اكتئابها المستمر..
فنظرت الى طويلا ثم قالت انه لا سبب مباشر لديها لكنها ربما تكون طفولتها غير السعيدة هى التى اكسبتها هذا الطابع فاشتعل الاهتمام بها فى قلبى والححت عليها ان تحدثنى عن طفولتها فاذا بها تروى لى قصة مماثلة تماما لقصتى تمزقت خلالها بين ابوين منفصلين ومتزوجين.. وأنها تنقلت بين البيتين طوال حياتها ولم تسترح فى ايهما.. فاستقرت مؤخرا فى بيت جدها الذى خلا من الابناء بعد زاواجهم ! ياآلهى لست اذن وحدى الذى ذاق نفس هذه المرارة
ووجدت نفسى مشدودا اليها بشدة وعدت لزيارة المكتب عدة مرات .. ثم صارحتها بمشاعرى وصارحتنى واتفقنا على الزواج .. وتعجبت من تصاريف القدر التى جمعت بينى وبينها .. واقتنعت بأنه لم يكون فى الدنيا اثنان حريصان على الا يفرطا فى علاقتهما مثلنا .. فوراءنا حرمان طويل من العطف والاهمام وكلانا سوف يبلع الزلط لكى يحافظ على حياته الزوجية مع من يحب حتى لو ضاع الحب يوما حرصا على الا يذيق ابناءه ما ذاقه هو من تمزق وضياع.. وقربت بيننا الأيام التى جرى فيها استعداد للقران اكثر واكثر وكنا نتكلم لغة واحدة .. ونعرف معنى حساسيات وضعنا ..
فقررت مثلا ان تتم الخطبة والقران فى بيت جدها لنرفع الحرج عن جميع الاطراف وفى يوم زفافنا كنا العروسين الوحيدين تقريبا فى العالم اللذين لكل منهما اربعة اباء وامهات اى ثمانية فى مكانة الأب والأم بغير اداء اى واجب من واجبات الأمهات والآباء تجاه ابنائهم.. ورغم ذلك كنت سعيدا بأهلى وان لم يؤدوا الى حققى وسعديا باخوتى .. اما هى فلاحظت تحفظها مع ابويها وزوج الأم وزوجة الأب والأخوة غير الاشقاء وفهمت ان مرارتها القديمة معهم لم تطب بعد.. وتزوجنا فى شقتى بعد ان جددتها ..
وبدأنا حياتنا معا شوق كبير الى ان يحتمى كل منا بالآخر من الوحدة .. ومضت ايامنا سعيدة هانئة . وكنت اتلهف على الانجاب .. لكنى صدمت بعدم حماسها له.. وفهمت منها ان تراثها العائلى من التعاسة يجعلها تشفق من ان تنجب اطفالا قد يتعرضون لما تعرضنا له اذا “لا قدر الله” وقع خلاف بيننا وتفهمت ظروفها .. فحاولت اقناعها بأن تثق فى ربها وفى وان تتفائل خيرا وان تبعد عن الهواجس عنها وانجبنا طفلة وطفلا ملآ علينا حياتنا ..
لكن الهواجس عادت تلح على زوجتى من جديدة خوفا من المستقبل وطلبا بلأمان .. فراحت تلح على ان ابحث عن عمل فى الخارج لكى نؤمن مستقبل الطفلين حتى لا ندعهما فى مهب الريح كما وجدنا انفسنا فتحمست للعمل فى الخارج هذه المرة مادامت زوجتى وطفلاى معى وبحثت عن عمل ووفقنى الله فى الحصول على عمل ممتاز باحدى الدول وحصلت انا وزوجتى على اجازة من عملينا وسافرنا..
وزادت الغربة من تقاربنا ولم يفسد علينا اوقاتنا سوى خوفها المستمر من المجهول ومن المستقبل.. وانعكس هذا الخوف عليها فى رغبتها ان ادخر كل قرش اكسبه للأولاد .. وفى الحاحها على بأن اسمح لها بالعمل هناك لكى يكون لها رصيد تستند عليه فى مواجهة الحياة .. وعارضت فكرة عملها طويلا لحاجة الطفلين الى رعايتها لكنها صرت..
وظهر الخلاف فى حياتنا لأول مرة فاجتنبتنى ونحن غريبان لا سند لكل منا سوى الأخر ووجدت نفسى وحيدا مرة اخرى تحت سقف واحد مع زوجتى الحبيبة وضعفت مقاومتى فوافقت .. فبكت وتأكدت لى انها نحبنى ولا تتصور لنفسها حياة الا معى لكنها تخاف من المستقبل وتريد ان تحتمى من غدره وعملت زوجتى بمرتب معقول كنت اضعه لها فى البنك فى مصر اولا بأول واكثرت من هداياى الذهبية لها لكى تزداد احساسا بالأمان وزدت على ذلك ان وضعت معظم مدخراتى بأسم ابنى وابنتى فى البنك وخصصت جزءا منها لها بأسمها وعاد الهدوء الى حياتنا.. لكنه هدوء مشوب بالحذر دائما من جانبى توقعا للعواصف,
وارسلت الشركة تستدعينى بعد 5 سنوات فهاجت زوجتى وطالبتنى بعدم العودة وبالاستقالة ورفضت ان اضحى بوظيفتى وفرصتى فى التقدم فى عملى فى مصرفحولت حياتى الى جحيم واشركت بعض الأصدقاء فى امرنا فأيد البعض عودتى وأيد البعض الآخر استمرارى.. فقاطعت زوجتى كل من ايد العودة .. وانقذنى الله من هذا التمزق فوافقت الشركة على مد الاجازة سنة اخيرة وانتهت السنة سريعا وتكررت المشكلة وزادت زوجتى من ضغطها على هذه المرة لاستمر فغادرت بيتى فى الغربة الى بيت اقرب اصدقائى هناك واقامت مع زوجته وحرمتنى الهدوء والسكينة حتى اعادتها زوجة صديقى واقنعتها بالرضا بمااختاره لنا الله..
وعدنا الى بلادنا وكنا قد اشترينا شقة تمليك دفعت معظم اقساطها وعند اقتراب موعد تسليمها فاذا بها تطالبنى بأن اكتب هذه الشقة بأسمها وان اسجل السيارة التى اشتريناها ايضا بأسمها بحجة الامان والمستقبل والخوف على الاطفال ووجدت الأمر جارحا لكرامتى فحاولت ان اتفاهم معها بالحسنى فلا تزد الا اصرارا. وعدت من عملى ذات يوم فوجدت الشقة خالية و فى الحوض كيس من اكياس اللحم ينسكب عليه الماء من الحنفشية لعلها كانت تستعد لطهيه حين ركبها شيطان الخوف فهجرت البيت فجأة وهرولت كالمجنون الى بيت جدها فوجدتها هناك فصحت فيها اننى لا اريد لابنائى ان يعيشوا ضيوفا فى بيت احد فأما ان تعودى معى او اعود بأطفالى .. فزجرها جدها ودفعها دفعا للخروج معى.
وتكررت حكاية هجرها لى وعودتها بتدخل جدها او ابيها عدة مرات ثم هجرت البيت نهائيا منذ سنة. لنفس السبب واصبحت معظم علاقتنا تليفونيا هى في بيت جدها وانا فى مسكنى ونتواصل عن طريق التليفون وبعد اسبوع من مغادرتها للبيت لأول مرة ذهبت لرؤية اطفالى فقابلتنى زوجتى بحياء تام وترحيب عادى كما نرحب بالغرباء ثم طلبت منى ان اصطحب الأطفال للنزهة وشراء بعض الاشياء الضرورية لهم.. فطلبت منها ان تأتى معى لنشترى لابنائنا ما نريد فاعتذرت فتذكرت فجأة نزهاتى القديمة مع ابى وانقبض صدرى وقدت السيارة وانا لا ارى الطريق من سحابة الدموع التى ظللت عينى.
ولأن لك شىء آخر ياسيدى كماتقول انت كثيرا . فلقد تعمق احساسى بأنها ظلمتنى ولم تقابل محاولاتى لاسعادها وبعد استقرارها فى بيت جدها وفشل محاولات اهلها لاقناعها عادت هى لعلمها.. وبدأت اتكيف مع وضعى واسلم امرى لله وان كانت ساعات نومى قد قلت كثيرا وهزلت وظهرت هالات سوداء تحت عينى وفى هذه الظروف بدأت احس باهتمام زميلة لى فى العمل وكنت غارقا فى احزانى فلم اشعر بها الا وهى تحاول اخراجى من اكتئابى والتسرية عنى وحاولت ادماجى فى وسط الزملاء والزميلات
ثم نظمت الشركة رحلة ففوجئت بها تدفع لى الاشتراك نيابة عنى لكى اخرج مع الزملاء .. واتشاغل عما يحزننى وفعلا ذهبت الى الرحلة معهم وسريت عن نفسى قليلا وتأملتها طويلا انها فتاة جميلة عاشت حياة طبيعية بين اوبيها وتتعامل مع الجميع بأدب ولا تحمل كراهية لأحد وسألت نفسى لماذا لم يهبنى الله زوجة باسمة تضد جراحى كهذه الفتاة؟
وترددت طويلا فى الاقتراب منها ثم وجدتنى منساقا الى عالمها واشتركت فى دورة اللغة الفرنسية لكى اندمج فى علمها الجديد الذى لا يخاف من المستقبل ولا يحملنى دائما هموما لا ذنب لى فيها.
وفى غمرة محاولاتى لتضميد جراحى .. رن جرس التليفون فى شقتى فى الليل وجاءنى صوت زوجتى يحمل الى كل هموم الدنيا كالعادة الولد مرض بكذا خذه للطبيب غذا البنت جرحت اصبعها وتحتاج الى فك الغرزة التى اجريت لها.. جاء موعد القسط الأخير من الشقة فادفعه غذا.. وبينما هى تواصل تحميلى بكل الواجبات بغير اذى قلت لها لماذا لا تعودين ونفعل كل ذلك معا ونضم اطفالنا تحت جناحينا.. فاذا بها تكرر مطلبها القديم.. وفى نوبة انفعال قلت اذن فليكن الطلاق وسأتى اليك بعد اسبوع لأتمم الاجراءات.
وفى اليوم التالى وجدتنى ابادر بالاقتراب من زميلتى فى العمل وأسألها عن اسرتها فتدعونى ببساطة لزيارة بيتها لأن كل الزملاء يزورونها واقبل الدعوة فأجد بيتا بهيجا يحب افاده الناس ويرحبون بها فخرجت ورأسى يدور وهممت اكثر من مرة بأن اعود اليها واطلب يدها وأبدأ حياتى من جديد .. لكنى فى كل مرة اتراجع كلما تذكرت ابنى وابنتى وذكريات طفولتى الحزينة وعهدى لنفسى الا افعل بأطفالى ما فعله بى ابواى.
اننى اكتب لك لأسألك هل صحيح ان هناك بشرا لم يكتب لهم السعادة فى كل حياتهم من مولدهم الى مماتهم بدليل اننى شقيت فى طفولتى وصباى وشبابى ومازلت اشقى الآن بزوجتى ووحدتى وبم تنصحنى ان افعل هل استجيب واكتب لها الشقة والسيارة امن اواصل الرفض وانفصل عنها ام تنصحنى بأن ابدأ حياة جديدة مع هذه الفتاة، وهل سيغرف لى اطفالى انى بحثت عن سعادتى على حسبهم ام ماذا افعل.
ولكاتب هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :
زوجتك ياصديقى لا تريد الطلاق فى اعماقها وستكون اول من يشقى به اذا وقع لكنها تستغل فيك خوفك النبيل من تعريض ابنائك لما تعرضت انت له فى طفولتك وتبتزك انسانيا بهذا الجرح القديم مع انه جرحها هى الأخرى وكان الظن ان تكون احرص منك على ان تجنب اطفالها هذه التجربة الحزينة:
لكن مااذا نقول عن النفس البشرية وبعض الحمقى من الأزواج والزوجات يتعاملون فيما بينهم احيانا بقانون من قوانين ادارة الصراع هو قانون حافة الحرب بمعنى ان يضغط طرف على آخر ويصعد المشكلة معه حتى تصل الى حافة الحرب فيستسلم الطرف الأقل استعدادا لخوضها ويلبى مطالب الآخر طائعا او كارها .. والمؤلم ان هذا القانون المرزول ان صلح لادارة الصراع بين الدول او حتى بين الأشخاص الغرباء فانه لا يصلح ابدا للتعامل بين الدول او حتى بين الأشخاص الغرباء فانه لا يصلح ابدا للتعامل به بين شركاء الحياة ومن يبغى ان تقوم شركتهم على التعاطف والمودة والرحمة..
وان صلح تجاوزا لأى انسان فانه قطعا ما كان يصلح للتعامل معك وانت الزوج المحب العطوف على ابنائه الحريص على زوجته وعلى التمسك باستمرار الحياة معها. فضلا عن انهخ سلاح ذو حدين قد ينقلب على من يتسخدمه فيجره الى الأزمة التى لا يريدها فىاعماقه كما تنذر الاحداث الآن بينك وبين زوجتك. ان الحرص على نجاح الحياة الزوجية لابد ان يكون متكافئا لدى الطرفين والا تمول عد طرف منهما الى نقطة من نقاط ضعفه تتيح للآخرا ان يبتزه انسانيا وان يرغمه على ما لا يرد استغلال لحرصه على استمرار الحياة،
انت ياصديقى مدفوعا بأنبل الدوافع، كنت حريصا دائما على نجاح حياتك الزوجية ويحركك حنين قديم الى السعادة ورغبة انسانية فى الا يتجرع ابناؤك كاس المرارة التى تجرعتها وكان الظن ان تكون زوجتك اكثر حرصا منك على ذلك لكنها بعقلية حسابية باردة استغلت فيك هذا الدافع وشجعها تنازلك وتراجعك امامها على التمادى حتى تجاوزت معك الحدود وان مثل هذه الزوجة الجحود لا تثوب الى رشدها الا اذا هوت مطارق الحياة فوق رأسها.
لهذا انصحك بألا تستلم لمطلبها غير المشروع فليس من حقها ان تكالبك بملكية الشقة وليس فى لشرع ما يقضى سوى بأن تكون للزوة ذمتها المالية المنفصلة عن ذمة زوجها فيكون لها الحق فى ان تحتفظ بمالها الموروث والمكتسب بغير ان يختلط بمال الزوج وانت قد فعلت كل ذلك واكثر واغدقت عليها من مالك الخاص وكتبت معظم مدخراتك باسم طفليك لتشعرها بالامان فماذا نتريد اكثر من ذلك.
ولو عقل زوجتك لعرفت ان كل ماللزوج هو فى الواقع لزوجته واولادهطال المدى ام قصر وان المستقبل بيد الله وحده مهما احتطنا له من احتياطات وان السعادة الحقيقية لا تقدر بمال ولا توزن بحوائط شقة مهما بلغت وانه ليس فى الدنيا مايعدل ابتسامة طفل سعيد آمن بين احضان ابوية المحبين .. فماذا تريد من الدنيا اكثر مما اعطتها.. ياصديقى اصمد لهذا الضغط غير الانسانى الذى تتعرض له وانذرها الانذار الأخير فى العودة وطى الصفحةالقديمة واعادة الحياة الطبيعية بينكما او فليكن الانفصال بالطلاق الذى ما شرعه الله وهو ابغض الحلال اليه الا لمثيلات زوجتك اذا عميت قلوبهن وابصارهن ورفضن الاستماع لنداء العقل والعدل والانسانية وذلك جزاء الظالمين.
لكنى لا انصحك بالمسارعة بالارتباط بغيرها للأنى اتوقع لو بلغ الأمر حد الطلاق بينكما ان تكون صدمته كفيلة باعادتها الى رشدها بعد حين .. اما اذا لم تتعلم هى درس التجربة فلاشك انه سيكون من حقك بعد انتزار معقول ترضى به ضميرك وربك ان تبدأ حياة جديدة وليفعل الله مايشاء ولست فى حاجة لأن اذكرك بواجبك الانسانى تجاه طفليك اللذين اتمنى الا تقضى المقادير لهما بما لا تحب ولا ترضى . ولندع الله ان تزول هذه الهالات السوداء ن تحت عينيك ومن حياتك الى الابد ان شاء الله.