– حينما كنت صغيراً تعلمت أن الإتحاد قوة وأن التفرق ضعف و شتات ..
– حينما كنت صغيراً لم أكن قد عرفت بعد المذهبية و الطائفية و الأنظمة الحاكمة و الحدود التي تغلق في وجوه أخوة الدم و الدين ..
– حينما كنت صغيراً لم أكن أعرف التأشيرات و لا نظام الكفيل و لا البترول و لم أكن أعرف أن هذا غنىٌ و أن ذاك فقير ..
– حينما كنت صغيراً كنت أعرف شيئاً واحداً .. ( إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون )
توحيد كل الدول الإسلامية فى دولة واحدة كان حلماً لازم طفولتى و طفولة أجيال أخرى غير جيلى و حقيقة لم أكن أعلم سبب عدم التوحد رغم أن ربنا و رسولنا و قرآننا و ديننا يأمرنا أمراً مباشراً لا لبس فيه بالتوحد و عدم الفرقة ..
حين كبرت علمت كم الصعوبات التى تقابل هذا الحلم فصار حلمى أصغر قليلاً و هو توحيد كل الدول العربية فى كيان واحد تحت مسمى الولايات المتحدة العربية و على الرغم من كم الصعوبات التى تقابل هكذا إتحاد إلا أن التذكير بمزايا هذا الإتحاد واجباً على كل فرد فينا ..
هنا سأعرض كم التغيرات التى ستطرأ على الدولة الجديدة إقتصادياً و عسكرياً و جغرافياً و التحديات التى ستقابل تلك الدولة لكى تستمر نهضتها ..
على المستوى الجغرافى و الديموغرافى سنجد أن تحولاً كبيراً سيطرأ على الدولة العربية الكبيرة فمساحتها الإجمالية ستكون قرابة 13.3 مليون كم مربع تضعها فى المرتبة الثانية عالمياً خلف روسيا و تمثل 9.6 % من مساحة الكرة الأرضية ..
و على صعيد السكان فعدد سكان الدولة الجديدة الآن هو 392 مليون نسمة يضعها مباشرة فى المركز الثالث عالمياً خلف الصين و الهند يمثلوا 5.4 % من تعداد سكان الأرض ..
مساحة الدولة العربية الموحدة يعتبر إيجابية كبرى فمن المعروف أنه كلما كبرت مساحة الدولة كلما استحال إحتلالها لأن الغازى أو المعتدى سيتكبد خسائر مالية و بشرية أكبر بكثير من المدافع عن أرضه بسبب طول خطوط الإمداد و تكاليفه الكبيرة ..
أيضاً عدد السكان الذى يقترب من الـ 400 مليون نسمة يعتبر ميزة فسيكون هناك ما لا يقل عن 150 مليون نسمة تمثل القوى العاملة فى الدولة و تلك طاقة إنتاجية لا يستهان بها أبداً إذا تم استغلالها جيداً ..
على مستوى المواد الخام فسيكون هناك تنوعاً فريداً يكاد لا يتواجد فى أى دولة أخرى بالعالم فالدول العربية حالياً تتميز أنها فى صدارة جدول المصدرين لمواد خام كثيرة و متنوعة فعلى سبيل المثال :
- السعودية : المركز الأول عالمياً لتصدير النفط الخام
- الإمارات : المركز الثالث عالمياً لتصدير النفط الخام
- العراق : المركز الخامس عالمياً لتصدير النفط الخام
- الكويت : المركز السابع عالمياً لتصدير النفط الخام
- قطر : المركز الثانى عالمياً لتصدير الغاز المسال
- الجزائر : المركز السادس عالمياً لتصدير الغاز الطبيعى
- المغرب : المركز الأول عالمياً لتصدير الفوسفات
- الأردن : المركز الثالث عالمياً لتصدير الفوسفات
- السودان : المركز الأول عالمياً لتصدير الأبقار و الماعز
- الصومال : المركز الثانى عالمياً لتصدير الأبقار و الماعز
- تونس : المركز الأول عالمياً لتصدير زيت الزيتون
- جزر القمر : المركز الأول عالمياً لتصدير زيت زهرة الفانيليا
– مع تميز باقى الدول العربية فى تصدير منتجات مثل الجلود و البوتاس و الملابس و المجوهرات و الذهب و الحديد الخام بخلاف النفط و الغاز المنتشر فى باقى أراضى الدولة ..
– تنوع ممتاز إلا أن إقتصار أغلبه على المواد الخام الأولية يجعل مساهمة الدولة العربية فى إجمالى صادرات العالم فى حدود 6.5 % فقط و فى حالة الرغبة فى زيادة تلك النسبة فيجب التوجه إلى الصناعات التحويلية و المنتجات تامة الصنع ما يرفع من قيمتها المضافة و بالتالى حصيلة إيرادات أكبر ..
– و بالرغم من الضعف العام فى الصناعات التحويلية إلا أن الدولة العربية ستمتلك رصيداً من المواد الخام يجعلها فى موقف قوى فى حالة التفاوض على مبادلة موادها الخام بتكنولوجيا التصنيع من الدول المصنعة فحين تصدر 33 % من إنتاج العالم من النفط مع إمتلاكك ل 60 % من إحتياطيه و أيضاً تصدر 12 % من إنتاج العالم من الغاز الطبيعى مع إمتلاكك ل 30 % من إحتياطيه فأنت بكل تأكيد تملك ورقة تفاوضية قوية جداً تستطيع بها تبادل ما تريد مع من تريد بالشروط التى تريد ..
على المستوى الاقتصادي فهناك إيجابيات بالتأكيد ولكنها غير مكتملة و كل الأرقام المذكورة طبقاً لتقرير صندوق النقد العربى عام 2015 عن العام المنتهي فى 2014 ..
– الناتج المحلى الإجمالى سيرتفع إلى 2.7 تريليون دولار ما يرفعها إلى المركز الخامس عالمياً بعد الولايات المتحدة و الصين و اليابان و ألمانيا ..
– فى المقابل سترتفع الديون الداخلية و الخارجية لتلك الدولة إلى حوالى 800 مليار دولار و رقم مقبول مقارنة بناتجنا الإجمالى ..
– نسبة نمو ناتجنا الإجمالى ستكون 3 % و هى نسبة ضئيلة نسبياً لدولة كبيرة بحجم تلك الدولة التخيلية ..
– نصيب الفرد من الدخل سيكون 6454 دولار سنوياً و هى نسبة أفضل بكثير من الصين مثلاً و لكنها أقل بكثير جداً من الولايات المتحدة الأمريكية .. فى الحقيقة هو يعتبر رقم ضئيل مقارنة بإمكانيات الدولة العربية الوليدة ..
– الصادرات ستصل إلى 1.22 تريليون دولار بما يعادل 6.5 % من إجمالى صادرات العالم ..
– الواردات ستصل إلى 890 مليار دولار بما يعادل 4.7 % من إجمالى واردات العالم ..
– ضعف التجارة البينية بين الدول العربية حالياً ( معدل التبادل التجارى بين الدول العربية ) و إن كان عيباً كبيراً إلا أنه و بعد الإتحاد سيكون دافعاً لتوزيع أكثر عدالة و الإلتفات لإحتياجات الولايات الأولى بالتنمية ما سيرفع بالتأكيد من حجم التبادل التجارى داخلياً ..
عسكرياً سيتحول الجيش العربى إلى أكبر جيش فى العالم ..
– عدد جنوده سيكون 2.57 مليون جندى فى الخدمة مع 3.2 مليون جندى فى الإحتياط ما يجعله يحتل المركز الأول متفوقاً على الجيش الصينى ..
– أكثر من 18000 دبابة 11000 طائرة بين قتالية و مروحية و 1100 قطعة بحرية و أكثر من 50000 مدرعة و سيارة حربية بخلاف المضادات الأرضية و الجوية و وسائل الدفاع الأخرى ..
– ستكون صاحبة المركز الثالث فى الإنفاق العسكرى ب 123 مليار دولار خلف الولايات المتحدة و الصين ..
– يعيب على تلك الدولة عسكرياً أنها تستورد كل ما تحتاجه تقريباً من الأسلحة و لا تصنع بنفسها أى شيىء و هو ما يضعها بالتأكيد تحت رحمة دول أخرى ناهيك عن تفوق الدول المصدرة النسبى عليها و سباقها بعدة خطوات فيما يخص حداثة التسليح و القوة التدميرية الهائلة لأسلحة فتاكة مثل القنابل النووية .. إن أرادت تلك الدولة التفوق فيجب عليها الإهتمام بالتصنيع العسكرى بشكل أكبر مع تطوير نفسها بإمتلاك أسلحة ذات ثقل نسبى مثل القنبلة النووية أو ما يشبهها ..
الدول العربية تملك بكل تأكيد إمكانيات تؤهلها لتكون دولة عظمى فلدينا الموارد الطبيعية و لدينا الطاقة البشرية الهائلة و الموقع الجغرافي المتميز و الحدود البحرية التى تطل على المحيط الهندي والأطلنطي والبحر الأبيض والبحر الأحمر و ممر قناة السويس والخليج العربى .. لدينا ناتج إجمالي ممتاز و لدينا ديون تناسب ذلك الدخل و لا ترهق ميزانياتنا .. لدينا مقومات إقتصادية تجعل كفتنا أرجح فى التبادل التجارى و لدينا قوة عسكرية عملاقة تستطيع الحفاظ على حدود تلك الدولة ..
مجرد طرح فكرة الوحدة سيقضي على أي تمرد داخلى لأن حجم الدولة الكبير و إمكانياتها الكبيرة ستجبر أى فئة مناوئة على التراجع ..
التوترات بين البلاد العربية ستختفي فالنزاع بين المغرب والجزائر أو التوتر بين مصر وقطر أو أى خلافات سياسية أخرى ستنتهى تلقائياً مع الإتحاد ..
ينقصنا القدرة على التصنيع و التحول من دول مصدرة للمواد الخام إلى دول مصنعة فنصنع سلاحنا و نزرع غذائنا ما يقلل إعتمادنا على الخارج ..
حين تتم الوحدة و تنتهى خلافاتنا الداخلية يكون الدور وقتها على أراضينا المحتلة كفلسطين و أرض الجولان السورية و مزارع شبعا اللبنانية و جزر سبتة و مليليا المغربيتان و جزر طنب الصغرى و الكبرى و أبو موسى الإماراتية .. أما الآن فكل ما علينا هو أن نتمنى على الله أن يوحد صفوفنا ..
هذا شرح لما هو صعب و يعتبر حلماً و لكنه حلماً مقبولاً على صعوبته فكيف لو كان الحلم أكبر .. كيف لو حلمنا يوماً بإتحاد الدول الإسلامية لا العربية .. كيف تتصوروا أن يكون إتحاد 56 دولة هم عماد منظمة المؤتمر الإسلامى .. كيف لو حلمنا بإتحاد 2 مليار نسمة تحت راية واحدة ..
كما هو واضح فى المقال فأنا ابتعدت عن أى سلبيات قد تعوق حلم الوحدة – و هى كثيرة بالمناسبة – و هدفى من ذلك هو عدم تشويه حلمى بأى منغصات قد تقف عائقاً فى طريقه ..
العالم كله الآن يتجه للتكتلات سواءً الإقتصادية أو الحدودية أو حتى العرقية و كل شعوب الأرض لا تتمنى أن تعيش منفردة و منعزلة وقد حرصت ألا يكون هذا المقال إقتصادياً بحتاً بل أقرب ما يكون إلى مناقشة بما يجول بخاطرى و بخاطر أغلب شعوب الدول العربية و أرجو أن أكون وفقت فى العرض و لا أكون أسهبت أو أوجزت و أخيراً نسأل الله الصلاح و الفلاح لأوطاننا وشعوبنا و لأمتنا العربية الكبيرة ..