من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)
أنا سيدة أبلغ من العمر37 عاما مطلقة وأنا في التاسعة والعشرين من عمري وبعد زواج دام 4 سنوات فقط وأثمر طفلة جميلة أكرس حياتي لتربيتها والإنفاق عليها وحدي, وتبلغ الآن من العمر 11 عاما
وكانت بداية تعرفي بزوجي السابق كالمعتاد عن طريق الكلية, وكان أول رجل في حياتي وقد تقدم لخطبتي واستمرت الخطبة عامين قمنا خلالهما بتأثيث مسكن جميل يحسدنا عليه كل من يراه, ثم أتممنا الزواج.
وكأي علاقة زوجية تمر من آن لآخر بأزمات ولكنها تفاقمت في النهاية لتصل إلى الطلاق لثاني مرة وابنتي عمرها عامان فقط, وعانيت الكثير منه ومن أهله حتى أنني قمت بالتوقيع على ورقة بالتنازل عن جميع حقوقي وكذلك عن ابنتي إذا تزوجت من آخر, ولكن شاءت إرادة الله أن يقف معي أحد معارف مطلقي بالرغم من عدم معرفتي به ويعيد إلي هذه الورقة بعد أن نال ما لا يحمد عقباه من زوجي وأهله.
ولقد عانيت الكثير ومنه أخذ ابنتي مني ومروري على المحاكم والأقسام لمدة 19 يوما ولكن الجميع وقفوا إلى جانبي بفضل الله ودعاء الوالدين وعادت ابنتي إلي, وبعدها توفى أبي ثم أمي في خلال 83 يوما فقط, وتزوج مطلقي ثانيا وأنجب ولدا ثم طلق زوجته وتزوج للمرة الثالثة ثم عرض علي أخيرا أن أعود إليه حتى يتسنى له دخول منزلي في وقت متأخر ليري ابنتي,
وعلي أن أظل كما أنا في البيت لا علاقة لي به, وإذا أردت علاقة زوجية فيمكنني أن أتصل به تليفونيا وساعتها أدركت كم أنه ضعيف ومسكين ويستحق الشفقة, وأنني إذا وافقت على ذلك فسيكون مصيري الطلاق الثالث لأنه أيضا لا يريد اشراك أحد من أهلي في هذا الموضوع, المهم أنه في خلال هذه السنوات الثماني التي قضيتها وحدي من الله علي بحب الجميع لي في عملي وفي أهلي ومن جميع معارفي,
وتقدم إلي كثيرون منهم الطبيب والمهندس والمحامي والمحاسب والكيميائي ومنهم من لم يسبق له الزواج, فكنت دائما أعتذر لهم مع احتفاظي بصداقتهم لأن كلا منهم يستحق أن يبدأ حياته مع آنسة وليس مع مطلقة لديها طفلة. وكذلك لخوفي من زوجي إذا علم بزواجي مما سيترتب عليه أخذ الطفلة وقد حرم مطلقته الثانية من طفلها وأبقاه مع الجدة لأمه لأنها تزوجت وهذا هو شرطه, ولكنها فضلت أن تعيش حياتها مع رجل آخر وتركت الطفل لوالدتها, وفي السنة الماضية اعترف لي زميل عزيز بأنني أول امرأة أحبها في حياته وتمنى الارتباط بها, ولكن ظروفي وقتها كانت لا تسمح لي فتزوج هو ليكمل مسيرة حياته وأنجب طفلين من زوجة من الله عليه بها وهي على خلق ودين وكذلك هو.
ظللت أقاومه وأؤكد له أنني لن أحتمل أن أظلم امرأة أخرى لا ذنب لها, وهو يقول أنه لن يظلمها مطلقا ولن يتخلى عنها أو عن الأولاد, ولكنه يريدني كزوجة ثانية من غير علمها, وسنحاول أن نحافظ على هذا السر في حدود ضيقة تقتصر علي معرفة أهلي المقربين, وفي نفس الوقت أحس أنني أريده فهو طيب الخلق وهاديء الطباع ويحنو على ابنتي التي ترتبط به ودائمة السؤال عنه, فأنا لا أريد زوجا كل الوقت حتى لا يضجر من تحمل مسئولية ابنتي التي أحس أنني يجب أن أتحملها كاملة, كما أنه من المستحيل أن آخذه من زوجته, فهذا هو سبب رفضي أولا وأخيرا.
وبالرغم من كثرة المتقدمين إلي ورفضي للجميع إلا أنني ملت إليه هو فقط ولا أستطيع أن أجازف بحياتي مع ابنتي إلا معه هو فقط, توجهت إلى مشيخة الأزهر لسؤالي عن إثمي إذا تزوجته فأخبروني أن هذا ليس حراما بالمرة وأن علي فقط أن أظل حريصة على عدم ظلم زوجته وأنه هو المسئول عن العدل بيننا بما أحله الله.
أريد الزواج ولكنني أخاف من الله إذا كان في هذا الارتباط ظلم لزوجته, وأخاف من ضميري وفي نفس الوقت أريد أن أعيش بقية حياتي معه فما رأيك؟
ولكاتبة هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :
ما قاله لك الشيوخ الأجلاء من أن زواجك منه ليس حراما وأن المهم هو العدل بين الزوجتين وهو مسئولية الزوج صحيح من الناحية الشرعية.. لكن ماذا يضطرك لأن تكوني زوجة ثانية وفي مقدورك أن تكوني الزوجة الوحيدة لرجل يكتفي بك وحدك ويملأ عليك حياتك,
ولماذا تتخفين بزواجك وكأنك ستفعلين شيئا إدا, خاصة أن السرية هنا ليس المقصود منها ألا ينزع منك مطلقك ابنتك وإنما تكتم الأمر عن زوجة من ترغبين في الارتباط به, وإلى متى سوف تنجحين في الحفاظ على سرية هذا الزواج, وكل سر جاوز الاثنين شاع كما يقول الحكماء.. ولماذا تتسترين بزواجك ومن حقك أن تتزوجي في العلن وتنظمي مع زوجك حضانة ابنتك؟ إن ميل قلبك لهذا الشخص ليس أبديا ولا هو بالأصالة التي تتصورينها وإلا لما كنت قد رفضته وهو أعزب ولم يتزوج بعد.. فماذا جد عليه حتي أصبح الآن بعد زواجه الأمل والأمنية ؟
يا سيدتي راجعي نفسك.. واختاري من بين من يتقدمون لك وهم كثيرون كما تقولين من لا يعدك الارتباط به بالمزيد من المشاكل والاضطرابات, وأنت في مرحلة من العمر تستحقين فيها أن تسكني إلى رجل يكتفي بك ويحرص عليك وعلى ابنتك والسلام.
من أرشيف جريدة الأهرام
نشرت سنة 2004