من هنا وهناك

بعض المعلومات عن مدينة “شنچن” Shenzhen الصينية … “مصنع العالم”

مدينة “شنچن” Shenzhen الصينية تـُـلقــّـب بـ”مصنع العالم” إقتصادها أكبر من اقتصاد دولة مثل مصر كلها بـ4 مرات على الرغم من أن عدد سكانها عُشــْر تعداد سكان مصر ومساحتها أقل من مصر بـ493 مرة! و

الإقليم الذي تقع فيه (Guangdong) إقتصاده أكبر من الهند كلها بـ3 مرات على الرغم من أن مساحته سُدس مساحة مصر (أو حوالي 1 على 19 من مساحة الهند!) تصنع أكثر من %90 من إلكترونيات العالم، وتحتوي على رابع أكبر بورصة في آسيا والثامنة على العالم (حوالي سُدس قيمة بورصة نيو يورك الأساسية NYSE، أكبر بورصة في العالم)

ولتكتسب فكرة عن مدى فحاشة حجم هذه البورصة، فما عليك أن تعرف حجم وقيمة التدوال في سنة واحدة في بورصة نيو يورك يعادل حجم التدوال والمعاملات ل3650 سنة في البورصة المصرية برمتها! (هذا بدون ذكر البورصة الأصغر في نيو يورك وثاني أكبر بورصة في العالم NASDAQ ناهيك عن باقي البورصات الأمريكية) فلك أن تتخيل أن تكون في سُدس حجم هذه البورصة المهولة.

وكذلك شنچن موطن لكوكبة مذهلة من ناطحات السحاب، تحوي أكثر من 49 مبنى طولهم متجاوز للـ200 متر وأكثر من 48 غيرهم تحت الإنشاء غير مئات ناطحات السحاب الأقصر.

عندما تلقي نظرة سريعة على مدينة شنچن اليوم ومظهرها المتغربن تمامًا والكم الغامر المثير للترنح من ناطحات السحاب وكونها مقر بعض أكبر شركات التقنية ومن أكثر الأماكن تقدمًا في العالم ومساحة المتر مربع فيها ينافس مساحة المتر في لندن ونيو يورك بالإضافة لجميع الحقائق السابقة وغيرها،

فأخر شيء من الممكن أن تتخيله أو يتبادر لذهنك عن شنچن هي حقيقة طريفة جدًا وهي أن هذا المدينة كانت حتى عام 1980 مجرد قرية صيد صغيرة عند حافة ذيل الحضارة تعدادها حوالي 30,000 عامل من أشد الناس بساطة وبدائية وفقرًا على الكوكب، وتحولت من هذا لما نتكلم عنه حاليًا في أقل من 30 سنة!!

رائج :   قصة الذئب و القوس: الطمع يقل ما جمع

وفي نفس هذه الـ30 سنة إقتصاد الصين أرتفع من 200 مليار دولار لـ12 تريليون دولار (يعني زيادة 60 ضعف، أو الإنتقال لنصيب الصين من أقل من %4 من الإقتصاد العالمي لأكثر من %15 منه!) وقتها كانت المواطن الأمريكي العادي أغنى بـ90 مرة من المواطن الصيني العادي، ولكن الآن أغنى ب5 مرات فقط!

هذا ما حدث: في القرن الحادي عشر الميلادي كانت الصين هي القوى العظمى بلا منازع، يسكن فيها ثلث سكان العالم، تقنيتها هي الأكثر تقدمًا في العالم، شوارعها ومدنها هي الأنظف، إقتصادها كان – خد دي – أكثر من %50 من إقتصاد العالم كله،

وكان نهر اليانجتسي (أكبر نهر في الصين وآسيا وثالث أكبرهم في العالم – بعد النيل والأمازون -) كانت تمر منه أكثر من 16,000 سفينة محملين بعشرات الملايين من الأطنان (يعني أعلى من قناة السويس في عز مجدها) وفي الحقيقة الرحالة ماركو بولو من فرط ذهوله وإنبهاره من النهر والسفن المارة فيه، لم يجد تعبيرًا لوصف الشساعة والإتساع الفلكي في النهر والنشاط التجاري فيه بأنه يصفه بالبحر وليس نهر! 

ولكن بسبب سلسلة متعاقبة من الأقدار القاسية والأخطاء الفادحة والأفكار الفاسدة تم إشعال فتيلة قنبلة التدهور وأنقضت فكاك التفسخ والدجى تنهش في جسد الحضارة الصينية حتى أنهكتها لأبعد مدى لمدة قرون وقرون حتى وصلت لأحط درجات بؤسها وظلامها تحت الحكم الشيوعي في القرن العشرين حتى بدى الأمر أن الصين أصبحت جثة هامدة راقدة في سلام للأبد تنتظر أن يُغلق عليها غطاء الكفن،

رائج :   معلومات صادمة عن ديدان الحاسوب والفرق بينها وبين الفيروسات

مجرد أشلاء أو ذكرى خافتة لجبروت وأمجاد أنصرمت بلا بصيص أمل في العودة، ولكن الصين بعدها شبه عكست عقارب الساعة وحفرت طريقها خارج خارج وادي النسيان عديم القاع والغالبية العظمى من الفضل في ذلك يعود لشخص واحد فقط، القائد “دونج شياوبنج” وقرار واحد، تحويل إقتصاد البلد من النظام الشيوعي الذي دمرها وأنهكها للنظام الرأسمالي التنافسي الذي، على الرغم من نواقصه ومساوئه، يُمكّن الناس من جني ثمرة جهودهم.

القرار جاء بعد زيارة “شياوبنج” لسنغافورة وبعض النمور الآسيوية الصاعدة وأدرك أن أكبر خطأ أرتكبته الصن جر عليها الوبال هو الإنغلاق عن العالم الخارجي وقرر أن الصين لابد أن تنفتح على العالم مرة أخرى كما كانت في العصور الوسطى.

ولكن لم يُطبق النموذج فوريًا في جميع أنحاء كل البلد ولكن أقيمت التجربة في مناطق معينة أشارت لها الحكومة بأسم “مناطق إقتصادية خاصة” special economic zones وShenzhen كانت أول هذه التجارب بالإضافة لـ3 مدن أخرى (بسبب قربهم الجغرافي من هونج كونج التي كانت مستعمرة بريطانية آنذاك ولذلك لم يكن هناك مكان أنسب للإنفتاح لا رمزيًا ولا عمليًا من هذه المدن،)

وفور إعلان حكومة الصين عن الموضوع، المدينة تدفق فيها فيضان إستثماري من رأس المال وتوافد عليها الناس من جميع أنحاء البلد وأصبح في فترة قصيرة نسبيًا تعدادها 11,000,000.

ولكن الصين لم تهجر النموج الشيوعي الشمولي في الحكم ومازالت حتى الآن محكومة سياسيًا بقبضة من حديد والحكمة السائدة بين الطبقة الحاكمة هناك أن النموذج الغربي الديموقراطي غير متوافق مع طبيعة الصين والشعب الصيني وأغلب مواقع السوشيال ميديا والمواقع الإنترنتية الخارجية الكبيرة ممنوعة هناك وأي موقع لا يوافق على وضعه تحت الرقابة المباشرة جدًا للحكومة (هذا على الرغم من أن الرئيس الصيني نفسه درس في أمريكا ومن كبار المعجبين بالثقافة والسينما الغربية وأخته والعديد من أفراد أسرته يعيشون في الولايات المتحدة ولكن بالنسبة له دي نقرة ودي نقرة أخرى كما يقولوا!) 

رائج :   المشروبات الغازية … الزجاجة فيها سم قاتل!

وأيضـًا الحكومة الصينية تضيّق على الشركات الأجنبية ليس فقط لأسباب أمنية ورقابية ولكن في العديد من الأحيان لأسباب حمائية protectionist أيضـًا وهي بإختصار أنه بعد دخول الشركة الغربية للصين، يتم نحلها ونسخ نشاطها وأفكارها من العديد من الشركات الصينية، ثم تحاول تقوم الحكومة بالتضييق على الشركة الأجنبية لمنح مساحة أكبر لشركاتها المحلية للإبداع والتفوق على الشركة الأجنبية في النشاط والبيزنس لكي تتمكن بعدها من التوسع عالميًا ومنافسة الشركات الغربية!

الشيء أيضـًا الجيد في نمو وإزدهار الصين وحاجتهم الشرهة للإستثمار والتطوير المستمر أنه يرفع معه إقتصاد الكثير من الدول النامية الفقيرة وينشر الخير عليهم أو يمنحهم نصيبهم من كعكة التطور بسبب تدفق الشركات والإستثمارات الصينية في تلك الدول (على سبيل المثال، حوالي نصف التمويل الإستثماري في الدول الإفريقية قادم من الصين، والتمويل الإستثماري بدوره هو العامل الأول والأهم عن غيره بمراحل في تطوير إفريقيا،

أكثر من المعونات العالمية الخيرية والإستثمارات المحلية وأي شيء آخر!) أيضـًا من الطرق التي تحافظ بها الصين على جذب الإستثمارات والسياحة الخارجية هو الإبقاء على قيمة منخفضة لعملتها بشكل صناعي ولا يعكس نموها وتقدمها الإقتصادي وهي قرار أنتقدته عليها الولايات المتحدة وجميع القوى العظمى تقريبًا (لأنه يمنح العمال الصينيين الأفضلية في التنافس بين الشركات بسبب إنخفاض الرواتب وقلة الضرائب) ولكن الصين لا تبالي.

مقالات ذات صلة