قصص وعبر

دعني أعيشك (قصة قصيرة) .. عندما يكون كل شئ قسمة ونصيب

الكاتبة دﻻل أحمد الدﻻل

وضعت آخر ملعقة بطبق الحساء بفمها شعرت بامتلاء ولكنها أصرت على تناول تفاحة وكأنها تأكل آخر ذادها فلم تتناول الطعام منذ صباح الأمس بعدما أخبرها الطبيب بوجود ورم صغير بالرحم وننتظر نتيجة التحاليل لعله يكون ورم حميد ،

انتابها الإحساس باليأس تثاقلت الخطا ،هرمت وهي في الأربعين واستعدت لتقبل خبر سئ وانتظار الموت خاصة بعد أن علم أهلها بالخبر وبدأ الجميع يواسونها وهي تسمع بين عباراتهم أصوات مصمصة الشفاه وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة على فراش الموت والعجائز يلتففن حولها بأثواب الحداد السوداء وبداخل كل منهن صرخة وعويل تنتظر أن تفارق روحها الحياة ،ملت دقات الهاتف التي تدعوا لها بأن تأتي نتيجة التحاليل بما يرضيها ويعيد لها حياتها، ولكن أين هو منهم؟

تأخر بالعودة للمنزل وكأنه غير مهتم بما قاله الطبيب بالرغم من سماعه لمخاوف الطبيب من ذلك المرض الخبيث اللعين المعروفة نهايته الحتمية (الموت) انتظرت عودته وهي على شفا حفرة من الموت فالخوف من الموت قد يسبق الموت الحقيقي ويقتل ،انتبهت لصوت (المفاتيح)بالباب وعودته المتأخرة فتملكتها قوة لم تألفها بداخلها من قبل لتقف أمامه وتعاتبه كيف تتركني وأنا في أشد الحاجة لمساندتك لي ؟

فيرد عليها بصوت خافت اساندك ،أنا دوما أساندك ولكني لا أرى ما يستدعي المساندة 

كنت أنتظر منك مواساتي ؟ لماذا أواسيك هل ظهرت نتيجة التحاليل ؟ لا لم تظهر بعد

إذا لماذا تخافين لست فتاة في السابعة لم تعش حياتها بعد وترى شبح الموت على الجدران أنت عشت حياتك بحلوها ومرها ،طفولتك ،مراهقتك وشبابك ومازلت تعيشين، مررت بأحداث كثيرة أثرت فيها وأثرت فيك ،فلماذا الخوف من الموت وهو الحقيقة الوحيدة المؤكدة ولا نعرف متى سيأتي أو كيف سيأتي ؟؟؟

ولكنه أمر حتمي له موعد وساعة ولا سبيل لأحد لتغيرها فعيشي يومك وغدك وبعد غد ولا تنتظريه اتركيه يأتي وقتما يشاء يقرع باب القلب ليوقف نبضاته ويخرج الروح من الجسد لتبقى الذكرى محله ، تركها ومضى نحو حجرته وهي مازلت تفكر بكلماته وقررت أن لا تنتظر الموت وتعيش لحظاتها وكل مقدر يكون

وفي اليوم التالي مارست حياتها بمرح وتعمدت الخروج في نزهه مع نفسها أكملتها بالذهاب للتسوق وأنهت رحلة يومها بالذهاب للطبيب وإحضار نتيجة التحاليل فبشرها الطبيب بأن الورم حميد طارت من الفرحه أسرعت بالعودة للمنزل لتخبره بالنتيجة ولكنها وجدت المنزل مظلم يبدو أنه لم يعد بعد سمعت صوت بداخل حجرة النوم مشت بخفه نحو الباب والخوف ينتابها فتحت الباب فوجدته جالس على مكتبه و أمامه أوراق مبعثرة ودخان سجائره يملأ المكان فتعجبت كيف لم تنتبه أنه لم يخرج اليوم من البيت !!!!

اقتربت منه بهدوء فلم يشعر بها وضعت يديها على كتفه فانتفض رفع رأسه ونظر إليها والدموع تملأ عينيه جذبت كرسي وجلست بجواره متسائلة هل حدث لك شئ جعلك تبكي؟

إنهار باكيا (أرجوك لا تموتي) وجذب يدها بين يديه وأمطرها قبلا ودموعه تتساقط أنهارا على يديها أرجوك لا تموتي وتتركيني وحدي فكل منا يعيش الآخر ولا حياة لي من بعدك ، أفلتت يديها من بين يديه لتضمه بهما لتستقر رأسه على كتفها وهو في حالة ضعف لم تتعود أن تراه عليها فمن كل الصفات التي عشقته من اجلها قوته في مواجهة المصاعب حاولت أن تطمأنه ولكنه شعور بالإحتواء يتبادلانه له لذة خاصة بطعم الحب والإهتمام ،

ابتعدت عنه قليلا لتنظر في عينيه وتقول الورم حميد لن أموت الآن ولا أعرف متى سأموت لكن ما أعرفه وأنا على يقين منه أنني سأعيش معك أجمل سنوات عمري حتى لوكانت سنة أو شهر أو حتى يوم

النهاية

رائج :   البشرى القديمة ‏!‏! .. رسالة من بريد الجمعة

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *