جلس الطبيب ايهاب على المقعد بتوتر وهو ينظر الى الفراغ بعد ان رحلت دينا اكلة الصراصير وعائلتها من العيادة لا يصدق ما حدث فهل ما يقولونه حقيقة أم يتلاعبون بأعصابه وإن كانوا يتلاعبون معه فلماذا تركوا هذا الهاتف الثمين معه ورحلوا بهدوء هناك شيء مريب حقا بالموضوع وهنا قطع حبل افكاره صوت حارس البناية الذي كان يحل محل سعاد السكرتيرة التي رحلت ولا يعرف السبب وهو يقول بصوت عالي :
– دكتور ايهاب لقد ترك لك الرجل الذي رحل منذ قليل تلك النقود ويقول بأنها ثمن الكشوفات التي قام بطردها وتلك الورقة نظر له الطبيب بعيون زائغة واخذ منه النقود والورقة واخذ يقرأها فوجدها الورقة الناقصة من دفتر مذكرات دينا وكتب فيها كيف تخرج من الفلاش فيكشن بعد ان تعيشه وتنفذه فلكي تخرج من حالة الفلاش فيكشن لابد أن تقوم بإدخال شخص أخر بإرادته إلى المسابقة ووقتها تربح أنت الربع مليون جنية ويعيش الشخص الاخر الفيكشن الخاص بيه ويواجه أسوأ مخاوفه وهنا …
زفر بغضب قائلا:
– الاوغاد لقد خدعوني كيف سأتصرف ان كان ما يقولون صحيحا ؟؟؟
فكر وماذا سيحدث ان القيت هذا الهاتف اللعين في الشارع وتخلصت منه بتلك الطريقة لن يستطيعوا ارسال شيء لي هتف بفرح لذلك الحل الذي توصل اليه وهنا سمع حارس العقار يقول له ليقطع حبل افكاره:
– هل تريد مني شيء اخر يا دكتور ايهاب سأرحل لان زوجتي بالأسفل بمفردها .؟؟
شكره الطبيب واعطاه ورقة من النقود وهو يقول :
– لا ارحل انت يا امام اشكرك …
وبعدها جلس من جديد على مقعده بهدوء يفكر في الامر قرر ان يخرج الشريحة الخاصة بيه من الهاتف اولا وبعدها يتخلص منه في أي مكان قبل أن يرسلوا هذا الفلاش ووقتها لن يحدث له شيء لأنه لن يرى الصورة حاول فتح الهاتف من الخلف وازالة غطائه الخلفي ولكن دون جدوى لقد أصبح الهاتف وكأنه بلا غطاء ظهر وكأنه قطعة واحدة مصمتة لا تفتح هز رأسه بتعجب حاول الطبيب مرار ولكنه لم يعرف ان يرفع الغطاء..
شعر بالغضب الشديد فألقى الهاتف بعنف على الأرض حتى يهشمه ولكنه لم يحدث له شيء رفع مقعد ثقيل واخذ يضرب الهاتف برجل المقعد بعنف ولكنه لم يتأثر أيضا وهنا سمع الاشعار المميز لوصول رسالة جديدة رفع الهاتف من على الأرض كان سليما تماما أسود لامعا كما هو لم يصب بأي خدش ولو بسيط لقد وصلته الرسالة الجديدة من المسابقة الفلاش فيكشن وكانت تقول :
” لن تتمكن من اخراج شريحتك قبل أن تنهي الفيكشن الخاص بيك وقتها تستطيع إخراجها بسهولة لنسمح لغيرك بإكمال المسابقة فإن وافق الآخر تربح انت معنا وان رفض تظل انت تحيا بالفيكشن الخاص بك إلى الأبد فانتظر الفلاش الخاص بك رجاء في هدوء فنحن نعرف ما يخيفك ”
نظر الطبيب بفزع وبعيون مذعورة إلى ذلك الهاتف اللعين فهل الهاتف يراقبه ويعرف ماذا يفعل ان هذا كثير فكيف سيتصرف الآن في تلك المصيبة ؟؟
فكر بأن يتخلص من الهاتف في اي مقلب قمامة او يلقيه بالنيل ويطلب من الشركة شريحة جديدة بنفس الخط او فلتذهب الشريحة ورقمها للجحيم لا يهم الخط في شيء هتف بغضب:
– سأستخدم الخط الآخر واريح نفسي ولن ارجع هذا الخط اللعين ابدا
ارتاح لهذا القرار كثيرا واسرع يلم اشيائه ويرحل لينفذ فكرته ويتخلص من الهاتف في اي مكان فكر ان القاه في القمامة ربما اتصل بيه أحد أو بأحد معارفه واعاده اليه من جديد ومازالت الشريحة بداخله فقرر أن يلقيه في النيل وبهذا لن يصل اليه احد ولن يعيد الخط وسيفسده الماء فليذهب للجحيم لا يهم استقل سيارته وعلى أحد الكباري القى الهاتف من نافذة السيارة في النيل
شعر بالارتياح الشديد والنشوة وقتها و بأنه تخلص من ذلك الكابوس واتخذ قراره بأنه لن يجرب شيء جديد ابدا وسيصدق الجميع حتى أن قالوا بأنهم كائنات من الفضاء سيصدقهم ولن يعارضهم ابدا أخذ يدندن لحن احدى الاغنيات وهو يسوق السيارة حتى وصل إلى منزله وكان مازال يعيش مع عائلته فلقد رفض الزواج رغم سنه الذي تجاوز الأربعين عاما ومستواه المادي الميسور ولكنه كان يرفض الزواج حتى لا ينجب لأنه كان يخشى الأطفال كالموت وعنده فوبيا غير عادية من الأطفال الصغار دخل المنزل وكانت والدته بانتظاره سيدة مسنة تجاوزت السبعين عاما تملا التجاعيد وجهها وجسدها متورم من كثرة الامراض تتحرك بالكاد بصعوبة واخته الصغرى رحاب مازالت بالجامعة تدرس بالسنة النهائية بكلية التجارة تساءلت الأم بقلق :
– هل حدث شيء يا ايهاب اليوم فأول مرة تعود مبكرا من العيادة ؟؟
– ابتسم بتوتر وهو يقول :
– لا يا امي ولكن سعاد تركت العيادة والعمل واضطررت ان اغادر العيادة مبكرا
صاحت الام غير مصدقة :
– سعاد غادرت العيادة …سعاد لا اصدق ان تترك سعاد العيادة يا ولدي فهي معك منذ سنوات لابد انك اهنتها وعاملتها بطريقة سيئة فلم تحتمل
– لا يا امي اقسم لك هي غادرت بإرادتها سأتصل بيها غدا لأعرف لماذا فعلت ذلك ولكن ليس الان فانا اريد النوم
– هل اعد لك الطعام ؟؟
– لا يا أمي لست جائع اريد الراحة والنوم فقط اشكرك ..
دخل الى غرفته فما زال متوترا يريد ان يرتاح ويتناسى ما حدث فكر في حمام دافئ وكوب عصير والذهاب الى الفراش ونسيان ما حدث ابدل ملابسه واخذ حمامه وذهب الى الفراش حاول قرأت شيء قبل النوم ولكنه لم يستطع فأغلق النور بجواره واغمض عينيه وحاول النوم وهنا سمع النقر ازال الغطاء من على رأسه وأنصت السمع فهناك من يدق الباب عليه زفر بغضب وهو يقول :
– من ؟ اتركوني أريد النوم ولكن النقر ازداد وكأنهم لا يسمعون صوته اضاء نور الاباجورة بجوار فراشه بتوتر واخذ ينظر الى الباب قائلا بغضب :
– تفضل ..لأعرف ماذا …ولكنه قطع جملته واستمع بفزع الى مصدر الصوت فلقد كان النقر يأتي من خزانة ملابسه وهنا فتح باب الخزانة وخرجت هي من داخلها بثوبها الأبيض وابتسامتها الساخرة ونظراتها الثابتة وشعرها المنكوش خلف ظهرها نظر هو بفزع الى الفتاة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الست سنوات وهي تقترب منه ببطء وبخطوات ثابتة فمن تكون وكيف تدخل خزانته والاهم هو لماذا تنظر له بتلك الطريقة الغريبة وما هذا الشيء الأسود الذي يلمع و تمد له يدها بيه يا الهي صرخ الطبيب برعب لقد كان هو …انه نفس الهاتف اللعين ومن تلك الفتاة أخذ يصرخ بفزع وهي تقترب منه قائلة :
– ” لم تكمل الفلاش فيكشن الخاص بك ولن نسمح لك بذلك “
ووضعت الهاتف على الفراش بجواره وفي تلك اللحظة دخلت امه واخته يتساءلون بقلق ماذا هناك ؟؟
تساءلت الام بقلق :
– لماذا تصرخ يا ايهاب ماذا حدث يا ولدي ؟؟
وهنا اشار بأصبعه على الطفلة فأخذت الام تضحك وهي تقول :
– لا تخاف يا ايهاب انها براء ابنة جارتنا التي تسكن بالشقة المقابلة لنا لقد تركها والدها اليوم عندنا فأمها مريضة شفاها الله ولقد حجزوها بالمستشفى وترك لنا الطفلة براء نرعها فليس له أقارب بالقاهرة حتى تخرج امها غدا لقد نسيت اخبارك وهنا سمع صوت اخته وهي تقول :
– هيا يا براء تعالي معي فردت الام عليها باهتمام :
– امسكيها من يديها يا ابنتي واخرجيها فهي صماء بكماء ولن تسمعك كما تعرفين وهنا ردد الطبيب بفزع :
– ماذا تقولين يا امي فالفتاة ليست صماء ولا بكماء ابدا فلقد تكلمت معي منذ قليل وكانت تخرج من خزانة ملابسي
– لا يا ايهاب فالفتاة صماء بكماء منذ ولدت وانا اعرفها واعرف امها ربما خيل لك وكانت هي تلعب بغرفتك ..
صرخ بفزع :
– لا يا امي صدقيني ان الفتاة تتكلم ولقد احضرت لي هذا الهاتف واشار الى فراشه
– وهنا ضربت الأم رأسها قائلة :
– اهدأ يا ولدي فلقد نسيت ان اخبرك لقد احضر امام حارس عقار العيادة احضر الهاتف منذ قليل ويقول بانه سقط منك وانت تستقل السيارة فاحضره لك ربما احتجته في شيء هام ولقد نسيت اخبارك اعذرني يا ايهاب ..انه الزهيمر يا بني فربما اخذته براء لتلعب بيه نظر لها الطبيب بفزع وهو يردد لنفسه :
– سقط مني كيف وانا القيته بيدي في الماء ولم يرد بل قطع افكاره صوت الاشعار المميز لوصول رسالة جديدة فهل ارسلوا له الفلاش الخاص بيه يا للمصيبة ..
فكيف سيتصرف الآن ؟؟؟