أجمل رسائل بريد الجمعة

لســـع النـار ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)

قد تبدو لك مشكلتي بسيطة لكنها في نظري من أهم المشاكل التي يمكن أن تؤدي إلي انهيار الزواج, وتفكك الأسر إذا تركت دون مواجهة..

فأنا شاب في الثالثة والثلاثين من عمري انهيت دراستي والتحقت بوظيفة حكومية وتطلعت للزواج وبعد ثلاث تجارب فاشلة للخطبة انهارت كلها في الطريق بسبب المشاكل المألوفة من أهل الفتاة أو من جانب أهلي, التقيت بانسانة احسست تجاهها بالارتياح للوهلة الأولي, واستقر اختياري عليها, ورحب بها أهلي لأنها من عائلة محترمة, واستمرت الخطبة ستة أشهر, اعددت خلالها بيت الزوجية, وتم حفل الزفاف بسلام.. ثم واجهت مع من اصبحت زوجتي مشكلة حساسة للغاية منذ البداية,

إذ ان العلاقة بيننا ظلت كالاخوة لفترة لسبب غريب, هو انني كنت كلما اردت الاقتراب منها صرخت وانتابتها حالة تشنج عصبية شديدة, فابتعد عنها, واعتصم بالصبر وطول البال, واستمر ذلك اسبوعا إلي أن بدأ اصدقائي وأهلي يسخرون مني.. وحتي اضطررت لأن أنالها عنوة.. ففوجئت بها, وقد هاجمتها نوبة شديدة من التشنجات العصبية, واستمر الحال بيننا علي هذا النحو أكثر من مرة إلي ان حملت وانجبت طفلنا, وبرغم مرور عامين الآن علي زواجنا فمازال الموقف بيننا كما هو, فهي تسيل رقة وعذوبة في كل تعاملاتها معي.. وأنا احبها حبا جما ولا أريد مفارقتها لكني ما أن أبدا في الاقتراب منها حتي تعاودها التشنجات العصبية العنيفة, واضطرب أنا اضطرابا شديدا.. وأشعر بالأسف والندم.

لقد شكوت من ذلك لأهلها وقيل لي ان السبب هو ان والدتها كانت تلسعها بالنار وهي طفلة إذا رأتها تهرش في بعض اجزاء جسمها خوفا عليها لكي تكف عن ذلك, فتولدت لديها فيما يبدو عقدة نفسية من الاقتراب منها, ولقد عرضتها علي أكثر من طبيب لامراض النساء والولادة, فقرروا جميعا أنها تحتاج إلي استشارة الطبيب النفسي, وزوجتي ترفض ذلك بشدة مع انها انسانة مثقفة وتعرف ان كل إنسان في الوجود معرض للمرض.

إنني ارجو ان تكتب لها وتنصحها بضرورة التوجه معي إلي الطبيب النفسي, لإنني ضقت بهذا الأمر حتي أنني قد فكرت جديا في الزواج مرة أخري, وعرضت عليها ذلك فوافقت عليه, ولا أعرف هل من قلبها أم حرجا مني, وهب أني اردت الزواج.. فكيف اتزوج, والزواج الجديد يحتاج إلي اعباء مادية جديدة, ودخلي كموظف يكفي بصعوبة لحياتي الحالية؟. انني حائر ولا اريد معصية الخالق لأنني إنسان متدين.. لكني لن استطيع الاستمرار علي هذا النحو إلي ما لا نهاية, فهل اتزوج مهما يكبدني ذلك من مشقة وديون! أم أصبر من أجل ابننا؟

رائج :   الاعتراف ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

ولكاتب هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

للأديب الفرنسي اندريه بلزاك كلمة تقول:

لاتبدأ زواجك بحادثة اغتصاب ..!

وهي نصيحة حكيمة بالفعل ليتك كنت قد ادركت أهميتها في الوقت المناسب, ذلك أنك قد ضاعفت من مشكلة زوجتك بنيلك لها عنوة في بداية الزواج بدلا من ان تعينها علي مواجهة مشكلتها بالطريق الصحيح اذ أكدت لعقلها الباطن, الارتباط الخاطيء القديم بين الألم الجسدي وبين التلامس الحسي لديها,,

فلقد ترسخ في اللاوعي عندها منذ الطفولة ان اقترابها من ذاتها فعل يترتب عليه دائما ان تنال العقاب الجسدي القاسي من أمها بالكي بالنار, ولأنها خبرة مؤلمة يضيق بها عقلها الواعي كلما تذكرها ويريد ان ينساها فلقد ازاحها الي دائرة اللاوعي تخلصا منها ..

وحين تزوجتها واقتربت منها لأول مرة أطلت هذه الخبرة المؤلمة برأسها من أعماق اللاوعي ونبهتها الي ان هذا الاقتراب يمهد بالضرورة لألم جسدي جديد يماثل الألم القديم الذي كانت تكابده كلما تعرضت للحرق بالنار فدافع ميكانيزم النفس عن الجسم ضد الألم المرتقب في صورة تشنجات عصبية تعكس المقاومة النفسية والجسدية للخطر الزاحف, تماما كما تتحرك اليد تلقائيا لتدفع عن الانسان خطرا اقترب منه أو كما تغمض العين جفنها في لحظة خاطفة عند استشعار الخطر القريب..

وكل ذلك يجري علي مستوي اللاوعي ولا ذنب لزوجتك فيه لأنه عمل لا ارادي.. والخبراء يقولون لنا انه في كل الأحوال مهما يبلغ حب البكر لعريسها فانها عند اقترابه لأول مرة منها لا تخلو من مقاومة نفسية تتمثل في الخوف من هذا الاقتراب وينصحون في الأحوال العادية باتباع قاعدة التدرج البطيء والتدريب الصبور دون اجهاد او افراط وهو ما كانت تحتاج اليه زوجتك أكثر من غيرها لارتباط التلامس لديها بالألم الرهيب.

علي اية حال لابد من استشارة الطبيب المختص وعرض زوجتك عليه, ولقد انصحك بأن تبدأ بعرضها علي طبيب للمخ والأعصاب للتأكد من خلوها باذن الله من اية بؤر صرعية تؤدي إلي هذه التشنجات, ومن واجب زوجتك تجاه زوجها ونفسها, وطفلها الذي ينبغي له أن يهنأ بالأمان والاستقرار بين أبوين سعيدين أن تقبل بلا حساسية باستشارة الطبيب النفسي لأننا قد أمرنا بأن نتخذ الأسباب ونطلب العلاج, فإذا علمنا الدواء ولم نطلبه كان لنا من الأثم نصيب.

ولا داعي لأن تعرض حياتك الشخصية للاضطراب والتمزق, ولا أن تتكبد عناء زواج جديد وفي مقدور زوجتك أن تعفي نفسها وتعفيك من كل ذلك بطلب العلاج, وهو متاح ويسير, وقد لايستغرق أكثر من زيارتين أو ثلاث زيارات للطبيب.

Related Articles