قال تعالى عن الغراب :
“وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين(27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكـَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثمِي وَإِثمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ(29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَه فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِين(30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(31)“.
فدور الغراب في هذه القصة هو تعليم الإنسان كيف يدفن موتاه … فلماذا اختاره الله سبحانه وتعالى من دون المخلوقات ليكون المعلم الأول للإنسان ؟
أثبتت الدراسات العلمية أن الغراب هو أذكى الطيور وأمكرها على الإطلاق، ويعلّل ذلك بأن الغراب يملك أكبر حجم لنصفي دماغ بالنسبة إلى حجم الجسم في كل الطيور المعروفة.
ومن بين المعلومات التي أثبتتها دراسات سلوكـ عالم الحيوان محاكم الغربان، التي فيها تحاكم الجماعة أيَّ فرد يخرج على نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى لها، ولكل جريمة عند جماعة الغربان عقوبتها الخاصة بها.
ففي جريمة اغتصاب طعام الأفراخ الصغار : العقوبة تقتضي بأن تقوم جماعة من الغربان بنتفف ريش الغراب المعتدي حتى يصبح عاجزا عن الطيران كالأفراخ الصغيرة قبل اكتمال نموّها.
جريمة اغتصاب العش أو هدمه : تكتفي محكمة الغربان بإلزام المعتدي ببناء عش جديد لصاحب العش المعتدى عليه.
جريمة الاعتداء على أنثى غراب آخر : فهي تقضي جماعة الغربان بقتل المعتدي ضربا بمناقيرها حتى الموت.
وتنعقد المحكمة عادة في حقل من الحقول الزراعية أو في أرض واسعة، تتجمع فيه هيئة المحكمة في الوقت المحدّد، ويُجلَب الغراب المتهم تحت حراسة مشدّدة، وتبدأ محاكمته فينكِّس رأسه، ويخفض جناحيه، ويمسك عن النعيق اعترافا بذنبه.
فإذا صدر الحكم بالإعدام، قفزت جماعة من الغربان على المذنب توسعه تمزيقا بمناقيرها الحادة حتى يموت، وحينئذ يحمله أحد الغربان بمنقاره ليحفر له قبرا يتواءم مع حجم جسده، يضع فيه جسد الغراب القتيل ثم يهيل عليه التراب احتراما لحرمة الموت.. وهكذا تقيم الغربان العدل الإلهي في الأرض أفضل ممّا يقيمه كثير من بني آدم.. فيا سبحان الله العظيم
المصدر: “من آيات الإعجاز العلمي- الحيوانات في القرآن الكريم“ للدكتور زغلول النجار