قضايا وأراء

ليه انا مؤمن بفشل العاصمة الإدارية الجديدة بمصر … بالبلدي

ليه انا مؤمن العاصمة الإدارية الجديدة دي هتبقى حاجة كارثية وعمرها ما هتحقق أي حاجة من اللي هم بيقولوا عليها دي ولا هتبقى حل لأي مشكلة وهينتهي بيها الحل كـghost town اللي هي المدن اللي مبنية على طراز فخم بس مفيش أي حد بيشتري فيها وأغلبيتها الساحقة فارغة؟

القاهرة مشكلتها الأساسية هي الكثافة السكانية الخارقة. ربع سكان مصر ساكنين في القاهرة (حرفيًا 1 من بين كل 4 مصريين عايشين في القاهرة الكبرى.) الكارثة دي حصلت في مرحلتين رئيسيتين وما بينهم،

أول مرحلة فيهم هي أيام الإحتلال زمان لما كانت القاهرة بتتحدث وبتتعمل على الطراز الأوروبي دا خلاها مصدر جذب شديد للناس من الأقاليم والمحافظات التانية، وللأسف الحكومة مقدرتش تتعامل مع نزعة الهجرة دي،

وبدل ما الحكومة تنظم أو تحجم طوفان الهجرة من الأرياف والأقاليم للقاهرة عشان عدد المساكن والأماكن المتوافرة يبقى متناسب ومواكب لعدد الناس النازحة من محافظاتهم الأصلية (لأن دايمًا حركة العمران والبناء بتبقى بطيئة وعلى مدى طويل ومبتقدرش تتحمل أي إنفجار سكاني مفاجئ) سمحت لهم بإنهم يعملوا تجمعات إرتجالية مهكعة غير مخططة وبنيتها التحتية رديئة ومنحطة أيما إنحطاط وفي بعض الأحيان غير موجودة أصلًا.

المترو

المرحلة التانية كانت بعد مترو الأنفاق، مترو الأنفاق كان معمول على نموذج مترو باريس وكان مقرر إنه يخفف الإزدحام عن القاهرة ولكن ساهم في موجة تانية عاتية من الوافدين على القاهرة ومرة تانية نفس الفشل الحكومي في التعامل مع الأزمة، ومرة تانية أستخدم أسلوب الترقيع والتلصيم والعشوائيات وكدس تحت السجادة وبكرة ان شاء الله كله هيبقى تمام، منعرفش ازاي، بس كله هيبقى ألسطة. 

رائج :   نظرية الميلك شيك لفهم العميل

كـحل بقى للأزمة دي ولتخفيف الزحام والتكدس السكاني في القاهرة، ظهرت الفكرة الألمعية بتاعت المدن الجديدة، مدن بعيدة عن قلب والنواة الأساسية للقاهرة ومترامية على الضواحي ومتعمقة أكتر في المنطقة الصحراوية البعيدة عن النيل،

بس الفكرة دي تحمل طياتها تناقض قاتل يخليها مستحيل تؤدي الغرض منها ومحكوم عليها بالفشل في المهد وأخرها خالص على أفضل تقدير تبقى أشبه بمنتجعات وملاذ لثلة قليلة من الطبقة فوق المتوسطة والغنية يهربوا إليها من مطحنة ومعجنة ما يسمى القاهرة القديمة،

التناقض دا ليه شقين أولهم هو أسعارها الغالية جدًا (على الغالبية الساحقة من الناس اللي هم مفترض مستهدفين منها،) والشق التاني هو الlimitations أو القيود الجوهرية الناتجة عن الشق الأول (يعني مش هيبقى فيها نفس قطاع الخدمات ولا نفس عدد وجودة الكافيهات ولا نفس حجم وإمكانات المولات ولا عدد المحلات ولا عدد الأنشطة المتوافرة ولا التنوع الثقافي والمناخي ولا القرب من جميع الأماكن الحيوية، إلخ إلخ الموجود في القاهرة القديمة،

رائج :   من سلسلة (روايات مصرية للجيب) || الرجل الذي راى الغد

والموضوع دا هيتفاقم بسبب الشق الأول لأن بسبب إن مفيش ناس كتيرة بتشتري ولا حتى جزء معتبر من العدد المقدر مبدأيًا بيشتري دا هيخلي حافز إنهم يقيموا فيها منشآت وأنشطة وكدا أقل بمراحل.)

القاهرة أتعمل فيها 22 من هذه “المدن الجديدة” كان مُفترض بيهم إنهم يحملوا بضعة ملايين (يعني من 5 – 10 مليون شخص مثلًا) ولكن أنتهى بيهم الحال إنهم حتى الآن وبعد 17 سنة أو أكتر كلهم على بعض مفيش فيهم غير مليون أو أكثر بنيف ضئيل ومن ناحية تخطيطية وإستثمارية يعتبروا فشل ذريع،

والموضوع دا كان واضح من البداية لو فكرت فيه بمنطق بسيط، المدن الجديدة دي بتستهدف سكان القاهرة “القديمة،” صح؟ طاب كام واحد في السكان دول معاه 3 – 4 مليون سيولة يرميهم في شقة (ناهيك عن الفلل؟؟) كام واحد من نسبة سكان القاهرة؟

لو فكرت فيها حتى بمنطق واحد غني فهي برضو مفيهاش حافز كبير، لأن مين عايز يرمي ملايين عشان يبعد أكتر وأكتر عن النواة وقطاع الخدمات والأنشطة ويقعد في حتة معزولة وoverpriced؟ وطبعًا مش محتاج أقول إن بعض موضوع تعويم الجنيه والإنهيارات الإقتصادية الأخيرة دي، الحاجات دي كلها بقت أسوأ بأضعاف من ذي قبل.

رائج :   10 نصائح .. عشان تبقى دكتور كويس فـي البلد\دي

العاصمة الجديدة ماشية بقى على نفس نهج ومنطق ونموذج المدن دي (بس على أكبر بكتير بقى كمان والفشل فيها هيبقى ذريع ومدوي أكثر بمراحل من المناطق دي) لحد دلوقتي الحكومة مقدمتش أسبابها أو خطتها إن إشمعنى العاصمة دي اللي هتنجح فيما فشلت فيه جميع المدن التانية (وعلى فكرة هي بنفس الأسعار تقريبًا، العاصمة الإدارية أقل تمن شقة فيها هو هو نفسه في المدن الجديدة الغالية) دا غير بقى إزاي هم هينقلوا جميع الوزارات دي هناك

ولسة قصة البنية التحتية المهولة المطلوبة وبلاوي زرقا تانية ملهاش حصر. أغلب الخبراء بيتوقعوا إن العاصمة دي هتبقى فشل زيها زي المدن الجديدة من قبلها وعلى مستوى أكبر وأعمق بكتير كمان،

الأرقام والإحصائيات والرأي دا هتلاقوه في الكتاب دا (Egypt’s Desert Dreams) لباحث ومخطط عمراني أسمه David Sims من أكتر الناس اللي عندهم خبرة ضليعة في القاهرة والمدن الجديدة وكل الكلام دا وقضى سنوات بينشر أبحاث وتحليلات عن فشل المدن الجديدة في تحقيق هدفها وأسبابه وعن القاهرة عمومًا.

يا رب بس مش بعد ما يعملوها وتفشل يقول لك داحنا كنا عاملينها عشان نعلي الروح المعنوية للشعب، أو عشان الركنات في التجمع بقت قليلة وصعبة فقلنا نزود عدد الجراجات ولا أي مبرر عجيب من بتوعهم.

Related Articles