قصص وعبر

المشاجرة .. قصة قصيرة

بمجرد عودتى من عملى ، وجدت زوجتى تنتظرنى فى غرفة المعيشة ، كعادتها كل يوم ، و عينيها تتوقد شرار .. بدأت فى إلقاء الأسئلة المعتادة ..

_ لماذا تأخرت فى العمل ؟!
_ هل قابلت إمرأة غيرى ؟!
_ هل زميلتك ( نسرين ) حضرت إلى العمل اليوم ؟! .. ماذا كانت ترتدى ؟! .. هل وضعت الكثير من المكياج ؟! .. هل قامت بوضع العدسات اللاصقة الزرقاء ؟! .. أم الخضراء ؟! .. هل وضعت الكثير من العطور كعادتها ؟! ..

إلتقطت أنفاسها قليلآ ، ثم أكملت الأسئلة المعتادة :
_ أخبرنى هل تناولت طعام الغذاء فى مقر الشركة ؟! .. ماذا تناولت ؟! .. و مع من ؟! .. 
_ هل تلقيت إتصالا هاتفيا من إمرأة أخرى ؟! .. هل ذهبت إليها ؟! .. 
بترت عبارتها .. بعد أن لاحظت أنى أحدق بها فى ذهول .. صمتت لحظات ثم هتفت بصوت عالى :
_ لماذا لا تجيب على سؤالى ؟!

إنطلقت ضحكة مجلجلة من فمى .. ثم توقفت عن الضحك و أنا أهتف فى حيرة متسائلآ :
_ سؤال !! .. أى سؤال ؟! .. لقد ألقيتى أسئلة عديدة و مجرد التفكير فى إجابتها يحتاج ما يقرب من ثلاث ساعات .. 

قاطعتنى فى حدة :
_ لو لم تكن عيناك تنظر يمينآ و يسارآ ، لما كان هناك داعى للقلق والتوتر العصبى و النفسى .. الذى أصابنى جراء ملاحقتك الدائمة للنساء .. 
إندفعت الدماء إلى رأسى .. 

رائج :   قصة رائعة .. رسالة تحت رغيف الخبز

هممت أن أغادر الغرفة حتى لا تتفاقم المشكلة .. إلا أننى سمعت صوت باب الشقة يفتح ، و يدلف إلى الغرفة جارى ( مدحت ) .. و قبل أن أفتح فمى ، بادرنى بقوله :
_ أرجوكم توقفوا عن الصراخ .. لقد تعبت من كثرة مشاجراتكم .. 
نظرت إليه زوجتى فى شراسة .. و هى تهتف فى غضب واضح :
_ و ما شأنك أنت بحديثنآ .. لماذا تسترق السمع ؟! .. لماذا إقتحمت الشقة ؟! .. من سمح لك بالدخول ؟! .. من سمح …

قاطعها فى ضجر و ضيق .. و هو يصرخ : 
_ توقفى .. توقفى عن إلقاء الأسئلة .. أنا لست زوجك .. أنتم لا تدركون الحقيقة ..
تنهد قائلآ بلهجة حادة نحوها :
_ الحقيقة المؤلمة أن زوجك قام بقتلك .. بعد أن ضجر كتيرآ من كثرة المشاجرات فيما بينكم .. لقد عاد يومها إلى المنزل و بعد قيامك بالأسئلة المعتادة .. فما كان منه إلا أن كتم أنفاسك .. و لم يترك عنقك إلا عندما أصبحتى جثة هامدة ..

رائج :   من سلسلة (روايات مصرية للجيب) || ذلك الكوكب

فغرت فاهها و هى تحدق فى وجهه .. 
لكنه لم يلتفت إليها ، و أكمل قائلآ :
_ أما أنتى و بعد تكرر الأقاويل عن خيانته لكى .. و إقتراب زواجه من زميلته فى العمل ( نسرين ) .. لم تجدى حلآ سوى دس السم له فى طعام العشاء .. و لسوء حظه ، بعد أن كتم أنفاسك .. كان جائعآ فجلس يتناول الطعام .. و سرى السم فى أحشائه و توفى قبل أن تصل سيارة الإسعاف .. 
إرتسمت علامات الدهشة و الذهول على ملامح وجهى .. 

لم يلتفت إلينا ، و أكمل قائلآ :
_ الحقيقة أنكم أشباح و منذ أن ولجتم إلى عالم الأسرار ، و لم تتوقف المشاجرات فيما بينكم .. و الواقع أننا سئمناها .. و مللنا منها .. و بصفتى مالكآ للعقار ، فإنى أمهلكم حتى الغد ، و بعد ذلك يجب عليكم مغادرة المنزل .. و البحث عن منزل أخر ..

نكست زوجتى رأسها من الحرج .. و أنا أيضا ، قبل أن أغمغم بصوت منخفض :
_ معذرة يا سيد ( مدحت ) ، لن يتكرر هذا الخطاء مرة أخرى .
لانت ملامح وجهه ، ثم قال :
_ جميع سكان العقار يعملون صباحآ ، و ينامون ليلآ و بالتالى صوت شجاركم يزعجهم للغاية .. إذا كان لابد من المشاجرات فيما بينكم ، يمكن أن تكون صباحآ حيث الجميع فى أعمالهم .

رائج :   العقد الهدية .. عندما تدفع ما لا يستطيع أغنى الأغنياء على دفعه

تهللت أسارير وجهها .. و هى تقول فى فرح :
_ نعدك لن تسمع صوت شجارنا مرة أخرى ،
لانت ملامح وجهه أكثر ، ثم ربت على كتفى ، و إنصرف .

أما زوجتى فجلست على مائدة الطعام ، و هى تدعونى للجلوس ، و ما أن جلست حتى هتفت بصوت منخفض :
_ سوف نكمل المشاجرة رقم ( ٦٨٥ ) الجزء الثانى غدا .. و لكن تذكر أنك لم تجيب أسئلتى ..
لم أجد مفرآ سوى مغادرة المنزل مرة أخرى .. بحثآ عن شقة جديدة حتى أقيم فيها وحيدآ ، بينما أهبط من الشقة ، سمعتها تصرخ و هى تقول :
_ أين ستذهب ؟! .. لابد أنك على موعد مع ( نسرين ) .. هل حقا ستذهب إليها و تتركنى ؟! .. هل ستتناول العشاء معها ؟! .. هل ستخرج معها أم ستذهب لبيتها ؟! .. 

لم أستطع الإنتظار لسماع باقى الأسئلة المعتادة .. هبطت مسرعآ إلى الشارع .. و الأن هل أجد لدى أحدكم شقة صغيرة قانون جديد لشبح لا يحب الثرثرة و لا المشاجرات ؟! ..

تمت بحمد الله .

مقالات ذات صلة