تبدأ القصة مع والتر وايت، مدرس الكيمياء بولاية نيو مكسيكو الأمريكية، والذي يعيش حياة تقليدية نوعًا ما تتمثل في ذهابه إلى المدرسة صباحًا والعمل كمحاسب بدوام جزئي في أحد ورش غسيل السيارات، وحيث يستغله صاحبها للقيام بمجموعة من الأعمال التي لا ينبغي القيام بها بحكم وظيفته، مثل مطالبته بغسيل السيارات بنفسه.
ولكن لماذا يجب على “وايت” ان يتحمل هذا؟! لإنه يحتاج إلى المال، فزوجته “سكايلر” حامل في مولودهما الثاني، وهما لا يمتلكان من المال ما يمكنهما بالفعل من تسديد رهن منزلهما الباهظ أو لإدخار المال من أجل مساعدة إبنهما على دخول الجامعة وغيرها من مشاغل الحياة الأخرى التي قد يمر بها أي منا.
يستمر “وايت” على ذلك الحال قبل أن يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويكتشف معاناته من سرطان الرئة الغير قابل للعلاج “على الرغم من أنه لا يدخن أساسًا”!
يعلم حينها مدرس الكيمياء أنه لا يمتلك الكثير من الوقت في الحياة، وأنه عليه أن يترك من الأموال لعائلته قليلي الحيلة وبما يساعدهم على العيش قبل أن يرحل، ومن هنا يقرر استغلال مهاراته في الكيمياء “بشكل جيد من وجهة نظره هذه المرة” ويتجه لصناعة الميثامفيتامين “أحد أنواع المخدرات”.
في الحقيقة، يحتوي مسلسل “Breaking bad”، الحائز على مجموعة كبيرة من الجوائز، بين طياته على مجموعة من دروس البيزنس التي يحتاج رواد الأعمال لمعرفتها جيدًا قبل البدأ في أي مشروع، ما هي تلك الدروس؟!
– لا تطمع
حين دخل والتر وايت عالم المخدرات كان يسعى لكسب 737 ألف دولار تحديدًا، وهو المبلغ الذي يعتقد أنه سوف يغطي كافة متطلبات عائلته عقب وفاته، وعلى الرغم من تمكنه من الوصول له، إلا أنه طمع وسعى لتحقيق المزيد.
ولإنه كما يقول الكاتب الإنجليزي “جيمس آلين”: “مقدار نجاح الإنسان يتوقف بصورة كبيرة على الدرجة التي يضحي بها”، كان يجب على “وايت” أن يُضحى بالمزيد حتى يحقق المزيد من المال، وهو ما حدث،
فرغم نجاحه في ترك مبلغ يقترب من 10 مليون دولار إلا أنه في المقابل ضحى بعائلته بأكملها “تسبب في مقتل نسيبه وكره عائلته له” كما ضحى بشرفه بعدما علم الجميع أنه تاجر مخدرات، وقد كان هذين الجانبين هما الأهم بالنسبة له والسبب الأساسي في دخوله لعالم تجارة المخدرات من الأساس، وبالتالي فقد أدرك في النهاية أنه لم يحقق شئ.
حين تدخل في عالم البيزنس، اختر ما تضحي به جيدًا ومقدار تلك الضحية، سواء أكانت من وقتك أو مجهودك، فقيادة مشروعك للنجاح يتطلب منك دائمًا أن تضحي بشئ يتكافئ بصورة كبيرة مع مقدار النجاح الذي تتطلع له، ولكن إعلم جيدًا كذلك أن الطمع قد لا يقودك سوى للتضحية بالمزيد وبلا طائل في النهاية!
– الولاء
في البداية، أدرك “وايت” جيدًا حاجته للعثور على مساعد يمكنه من الوصول إلى هدفه بسهولة، ومن هنا وقع ضالته على طالبه السابق جيسي بينكمان… لماذا؟!
رغم كون “جيسي” مُدمنًا وغير قادر على إدارة حياته “ما بالك بإدارة بيزنس” إلا أن “والتر” وجد فيه كل ما يحتاجه، فـ”جيسي” يمتلك خبرة سابقة في صناعة هذا النوع من المخدر وهو على دراية جيدة بالسوق، كما أنه شخص سهل الانقياد ويمكن التحكم فيه وأهوائه بسهولة، والأهم من كل ذلك الولاء الكبير الذي جمع بين الثنائي والذي اتسمت به علاقتهما لفترة طويلة.
فمهما كانت طبيعة العقبات التي مر بها “وايت” و”بينكمان” سويًا، إلا أن ولاءهما لبعضهما كان السبب الرئيسي في استمرارهما بالسوق وصناعة إسم لنفسيهما قدرتهما على جمع أكبر قدر ممكن من المال “قبل وقوع خلاف كبير دمر علاقتهما في الموسم الخامس”.
في البيزنس، تحتاج من فريق عملك أن تتواجد به كافة تلك الإمكانيات، بالإضافة إلى امتلاكك لروح القائد، والتي تمكنك من التأثير على فريق عملك وتساعدك على إقناعهم بالوصول إلى الهدف الذي تصبو إليه بنفسك في النهاية.
– جودة المنتج وشخصيته
“نحن نريد الميثامفيتامين الأزرق”
هكذا كان يطلب العملاء المخدر الذي كان “والتر” يقوم بتصنيعه بالإسم، حيث نجح هذا المنتج في السيطرة على السوق بشكل كامل ووصل إلى العالمية “من خلال تصديره إلى أوروبا عبر دولة التشيك”… ولكن كيف تم ذلك؟!
1- الجودة:
كان العامل الأول في نجاح “والتر”، حيث وصلت درجة صفاء منتجه إلى ما تجاوز الـ99%، وهي نسبة لم يسبق لها وأن تواجدت في السوق من قبل، ما ساهم في شهرة المخدر… ولكن كيف سيعرف الناس أنهم يشترون بالفعل منتج والتر وايت وليس مخدر شبيه قد يكون أقل في الجودة كثيرًا؟!
2- شخصية المنتج
هذه هي الإجابة المناسبة على السؤال أعلاه، حيث دأب والتر وايت على أن يجعل لمخدره شخصية فريدة عن المنتجات المنافسة في السوق وذلك عبر تحويل لونه إلى الأزرق، وهو ما جعل العملاء يُدركون ببساطة أنهم حينما يشترون “الميث الأزرق” فإنهم يحصلون بذلك على المنتج الأكثر جودة على الإطلاق.
في البيزنس، لا شئ ببساطة يفوق الجودة التي ينبغي عليها أن يكون منتجك في السوق، ولا شئ أيضًا ينبغي أن يكون أكثر أهمية من قدرتك على التسويق لهذه الجودة بصورة مناسبة عبر تصميم شخصية مختلفة للمنتج “اللون الأزرق” وبالشكل الذي يساعد على التعرف على هذا المنتج من جانب العملاء بسهولة كبيرة من ناحية، ومن ناحية أخرى يصعب على المنافسين تقليد تلك الشخصية.
في النهاية، يمكن أن نقول أن تلك الدروس الثلاثة كانت نقطة في بحر دروس البيزنس التي قد نتعلمها من “Breaking bad”، والتي لا تقصد “إعمل بيزنس” بدورها لنقلها بغرض الترويج لتجارة المخدرات مثلًا، بقدر نقل أهمية تلك الدورس لرواد الأعمال في مساعدتهم على تطوير مشروعهم.