أجمل رسائل بريد الجمعةقصص وعبر

الرد الصاعق ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)

أنا شاب فى الثلاثين من عمري وخريج جامعي وأعمل عملاً مرموقاً .. وأنا الابن الأوسط بين ثلاثة أبناء ذكور فيكبرني شقيقي الأكبر بخمس سنوات ويصغرني الأخ الأصغر بـ 9 سنوات ..

ونحن أسرة مرتفعة المستوى الاجتماعي والمادي ومتدينة. وقد نشأت على الصلاة والصيام لكن تعرضت لمحنة شخصية منذ ثلاث سنوات حين رحلت عن الحياة والدتي وكنت أحبها حباً شديداً وقد أعطت لنا كل ما تملك من جهد وصحة لتربيتنا وتعليمنا فى حين كان الأب بعيداً بعض الشئ لانشغاله بعمله من أجلنا، فهزتني وفاة أمي بشدة ووجدت نفسي وحيداً وغريباً فى الحياة وكل أفراد الأسرة مشغولون بعملهم وحياتهم .. فانجرفت أقدامى إلى طريق البعد عن الله، وعرفت الانحراف من نساء السوء إلى شرب كل المحرمات ما عدا المخدرات ..

وفى هذه الفترة خطب لى أبى فتاة من مستوى اجتماعي يفوق مستوانا ويرضى به الجميع .. وتم التعارف بيننا فى الصالون ثم الخطبة .. ووجدت فكرة خطيبتي عن الخطبة لا تعدو الفسح والنزهات كتقديم الخطيب الهدايا إلى جانب ارتدائها الملابس المكشوفة، وعندما اعترضت على ملابسها أجابتني بأنها الموضة فبدأت أشعر بالقلق خاصة أن خطيبتي كانت لا تسألني عن حياتي ولا كيف أقضى أوقاتي وضعيفة الشخصية إلى حد العدم وترى الدنيا بعيون أمها قوية الشخصية وشعرت بأن هذا الارتباط لن يستكمل خطواته، وبالفعل تم فسخ الخطبة بعد ثلاثة شهور فقط منها، وواصلت طريقي وسهراتي مع رفاق السوء وكانت حالتي المادية فى ذلك الوقت ميسورة فقد جمعت بعض المدخرات من سفري إلى الخارج واشتريت بعض الأجهزة الكهربائية وسيارة ..

وكان شقيقي الأكبر خاطباً لفتاة من مستوى عائلي واجتماعي مناسب لعائلتنا فساعدت أخي الأكبر فى استعداده للزواج مادياً ومعنوياً ولم أبخل عليه بشئ فى يدى لأنه كان فى حاجه للمال وكان أبى يعطيه بحساب وخلال هذه الفترة التقيت بفتاة فى الثالثة والعشرين من عمرها وطالبة بالسنة النهائية بالجامعة ترتدي الحجاب بحيث لا يبدر منها سوى وجهها وكف يدها وقد تعرفت بها عن طريق شقيقتها التى تعمل معي،

فشعرت بارتياح شديد لها وتكرر اللقاء فوجدت نفسي أحكى لها عن كل شئ فى حياتي وكل ما حدث لى منذ وفاة أمي، وكيف انجرفت إلى طريق الانحراف بعدها .فوجدتها تحدثني برفق عن الحلال والحرام وتؤكد لى أن هذا الطريق لا نهاية له إلا الدمار والخسران .. فشعرت بأن الله قد أرسل إلىّ هذه الفتاه لتخرجني مما أنا فيه وانجذبا إليها بشدة والتقى قلبانا على الحب الطاهر الشريف،

وبدأت أفكر فى المستقبل وقدرت أن أبى لن يقبل بهذه الفتاة زوجه لأنها من أسرة بسيطة ومتواضعة ومع ذلك فقد تمسكت بها وشعرت أنني سأخسر كل شئ لو فرطت فيمن أرسلها الله إلىّ لتخرجني من الظلام. وفاتحت أختها فى ذلك وطلبت منها تحديد موعد مع الأسرة لزيارتها للتعارف وزرت الأسرة فقابلني أفرادها بترحاب شديد لمست فيهم جميعاً الطيبة والتدين، وبعد انتهاء الزيارة رجعت إلى البيت وفاتحت أبى بالموضوع فسألني: ماذا يعمل والدها؟ فأجبت بأنه موظف ثم هممت بمواصلة الحديث لكنه قاطعني قائلاً إن الموضوع مرفوض من أساسه ولا داعي لذكر باقي التفاصيل. وهكذا رفض أبى بإشارة قاطعة منه هذه الفتاة قبل أن يراها أو يلتقي بأحد من أسرتها وقبل أن يسمع منى باقي معلوماتي عنها.

وتحدثت إلى أبى بعد ذلك فى نفس الموضوع مرة ثانية وثالثة ورابعة دون جدوى.وخلال ذلك كان أخي الأكبر قد أتم زواجه وأقيم حفل زفاف فاخر له تكلف مبلغاًكبيراً.

وتوثقت علاقاتي بفتاتي، وابتعدت عن كل ما هو حرام منذ عرفتها وتقربت إلى الله ونسيت الماضي كله وفتحت بفتاتي هذه صفحه جديدة بيضاء فى حياتي فى حين ظل أبى رافضاً لموضوع زواجي منها شكلاً وموضوعاً حتى بعد أن رأى منى إنساناً جديداً غير ذلك الإنسان الذى كان يرجع إليه بعد منتصف الليل فى حالة سكر تام, وقد حدتثه فيما حدث لى من تغيير بفضل هذه الفتاة ففوجئت به يقول لى أن حالي قبل هذا الموضوع كان أفضل وأنني لم ابتعد عن هذا المشروع فلن أنال منه مليماً واحداًّ!

رائج :   طــــــريق العـــودة ! .. رسالة من بريد الجمعة

ووجدتني وحيداً لا يساعدني أحد لأن أبى يرفض هذا الزواج، وزاد من معاناتي أن أهل فتاتي رفضوني فى البداية بدون أهلي بعد أن تأكدوا من أن أبى لن يحضر لمقابلتهم ولن يراهم، ولم أجد أحداً إلى جواري سوى هذه الفتاة التى ضغطت على أهلها لكى يقبلوني بغير أهلي حتى وافقوا على مضض.

وبدأت أستعد للزواج دون مساعدة من أبى، ولا مساندة من أحد من أفراد أسرتي، فبعت السيارة لأشترى بثمنها شقة بسيطة أضع بها الأجهزة الكهربائية التي اشتريتها من قبل، واشتريت شبكة متواضعة .. وتم عقد القران فى جلسة عائلية بسيطة فى بيت أسرة فتاتي وأنا وحدي بلا أب ولا أخوة ولا أهل ووحيد تماماً كأنني لقيط سوى من صديقين من أصدقاء زمان قبل فترة الانحراف ودمعت عيناي وأنا أضع يدي فى يد والد فتاتي وأردد وراء المأذون صيغة العقد وليس معي من دمى ولحمى أحد ..

وتذكرت أمي التى كانت الحنان كله مع الحزم الحكيم .. وقدرت أنها لم تكن لتدعني فى هذا الموقف وحدي أبداً حتى ولو لم تكن راضية عن اختياري.

ومضى القران بسلام ولم أدفع مهراً وبدأ أهل زوجتي يعدون شقة الزوجية للزواج وأبى مازال مصراً على عناده ويتمسك بالرفض والابتعاد، وتحدد موعد الزفاف بعد خمسة شهور من الخطبة وأبلغت شقيقي الأكبر به قبله بشهر كامل ليكرمني بحضوره ولا يتخلى عنى فى هذه المناسبة. وفى اليوم السابق للزفاف اتصلت به لأؤكد عليه حضور فرحى المتواضع وتألمت بشدة حين قال لى أنه سيكون لديه ضيوف في هذا الموعد ولن يستطيع الحضور!

ودمعت عيناي مرة أخرى وأنا أتذكر فرحتي له فى حفل زفافه .. ووقوفي إلى جانبه. وفى خدمته طوال حفل الزفاف وقبله .وأجبته رغم ذلك إلى طلبه حين طلب منى عنوان شقة الزوجية التى لم يساعدني أحد تجهيزها لكى يأتي لزيارتي فيما بعد.وأعطيته العنوان وترقبت زيارته هذه بشوق ولهفه، فتم الزفاف ومضت أيام التهنئة بالزواج .. ومضت الأيام والأسابيع ولم يحضر شقيقي ولم يدخل بيتي حتى الآن.

أما أخي الأصغر الذى كنت أحبه بشدة لأن أمي أوصتني به وكان أيضاً يحبني ويحكى لى عن مشاكله وأسراره فقد ابتعد هو الآخر عنى وأصبح لا يتصل بى حتى ولو بالتليفون ليطمئن علىّ.وإذا اتصلت به أنا أحسست أنه قد أوغل فى البعدعنى وأنه يكلمني كأنني شخص غريب عنه!

أما أبى فقد بدأت بالاتصال به بعد الزواج فشعرت أنه يتصور أننى أتصل به لكى
أطلب منه شيئاً مع أننى يعلم الله كنت أتصل به لأطمئن عليه فقط ولا أريد منه شيئاً..
إلى أن جاء اليوم الذى اتصلت فيه بشقيقي الأكبر .. فجاءني الرد الصاعق منه ومعناه باختصار هو أننى بالنسبة له فى حكم الميت ولست أدرى لماذا يحكم علىّ أخى بهذا، ولو كان هو نفس وضعي الآن لوقفت إلى جواره بصرف النظر عن رفض أبى لزواجه لأننا فى النهاية شقيقان وليس لكل منا سوى الآخر مهما حدث .. بل ولحاولت بكل جهدي إقناع أبى بالصفح عنه، لكن أخى الأكبر لم يفعل ذلك للأسف وإنما يقف مع أبى ضدي لأن أبى كما فهمت لن يعطى أحداً من إخوتي مليماً إذا وقف إلى جانبي .. فهل إلى هذا الحد يبتعد الأخ عن أخيه؟ ولمثل هذا السبب؟

إن أبى يؤمن بأن أهم شئ فى الزواج هو التكافؤ الاجتماعي والعائلي، وغير ذلك فلا شئ آخر له قيمه فهل أنا على خطأ فيما فعلت يا سيدى أم على صواب .. وإذا كنت على خطأ فانصحني بما أفعل .. وإذا كنت على صواب فانصح أهلي بالحق والعدل والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

ولكاتب هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

يتعذب الإنسان دائماً برغبته الأبدية فى أن يجمع بين كل أسباب السعادة ولو تعارضت فيما بينها وهو أن يوفق بين كل المتناقضات لصالحه، ولو بدا ذلك صعباً أو مستحيلاً. وقصتك هذه دليل آخر على عذاب الإنسان بهذه الرغبة الأبدية المستحيلة.

رائج :   القصاصة القديمة .. رسالة من بريد الجمعة

فأنت قد حسمت الاختيار بين طاعة الأهل والالتزام بأعرافهم وبين الارتباط بمن تحب لصالح سعادتك الشخصية .فى أن تنجو من دفع ثمن هذا الاختيار وأن تجمع بين كل المتناقضات .. فيصفح الأهل عما تحديت به إرادتهم فى لمح البصر وقبل أن يمضى على زواجك سوى أسابيع، وتفوز بالسعادة إلى جوار من تحب وبراحة القلب وتأييد الأهل معاً.إنها أمنية صعبة التحقيق يا صديقى بمثل هذه السرعة لأن لكل اختيار من اختيارات الإنسان ثمنه وضريبته وتبعاته التى ينبغي أن يقبل بها ويؤديها راضياً إلى أن يؤدى الزمن دوره الخالد فى مداواة الجراح التى تخلفت عن هذا الاختيار.وتهدئة النفوس الغاضبة وتذويب مرارتها.وهو ثمن عادل أيضاً ينبغي أن يقبل به من يتحدى إرادة الأهل ويخرج على أعرافهم وتقاليدهم العائلية لأن “الحرية” تعنى أيضاً مسئولية الإنسان عن أفعاله وتصرفاته بلا شكوى أو أنين.

ولست أعنى بذلك أنني أقر أباك وشقيقيك على مقاطعتهم لك جميعاً لأنك قد ارتبطت بمن لا يرونها مكافئة لك من الناحية الاجتماعية والعائلية ,وإنما أعنى فقط أنك قد عجلت بالشكوى من هذا الموقف العائلي منك ولما يمض على زواجك ضد رغبة هؤلاء الأهل سوى أسابيع، وأنك تسرف على نفسك فى التألم لموقف أبيك وشقيقك منك وقد كان حريا بك أن توطن نفسك منذ البداية على تحمل مرارة هذا الاختيار وتبعاته بغير أن تهزم نفسياً أمامها سريعاً على هذا النحو فالإنسان مسئول عن اختياراته يا صديقى صحيحة كانت أم خاطئة ومن واجبه تجاه نفسه أن يتحمل ثمنها صابراً ومتصبراً إلى أن تصفو النفوس ,وترجع المياه إلى مجاريها مع أعزائه فى الوقت المناسب.

فإذا سألتني بعد ذلك عن رأيي فى موقف أبيك منك فإني أقول لك، أننا لا نملك فى النهاية لأبنائنا الراشدين سوى حق النصيحة لهم ومحاولة إرشادهم إلى ما فيه خيرهم وصلاح أمرهم فإذا فشلت معهم كل جهودنا لكى يعدولوا عما نراه نحن غير ملائم لهم وإذا استوفينا كل محاولات النصح والإقناع معهم ومنحناهم الوقت العادل الكافي لأن يتبينوا وجه الحكمة فينا ننصحهم به بلا جدوى لم يكن لنا فى النهاية أن نرغمهم على ما لا يريدون لأنفسهم ولا أن نشن عليهم حرباً عائلية نستقطب فيها الأخوة والأنصار ضدهم ونلزمهم بمقاطعتهم،

وإنما غاية ما نملكه فى هذا الشأن هو ألا نتهلل أو نسعد باختياراتهم التى لا توافق آراءنا وأفكارنا، وأن نؤدي واجبنا الأبوي والإنساني والأخلاقي معهم بغير حماس العاطفين على هذه الاختيارات وفى حدود عطاء الواجب والرحمة لهم.وليس عطاء الحب والاعتزاز والتشجيع وخير ما يقوله الأب فى مثل هذا الموقف لابنه هو ما قاله الشيخ الحكيم فى أحد كتب الحكمة القديمة .. الله حكم بيني وبينك يوم القيامة .. فلتجر مشيئتة بما يريد وليكتب لك السعادة في أى أرض تكون!

فإذا كان الأب ممن أوتوا الحكمة وعظمة الارتفاع فوق الآلام الشخصية ..فإنه لا يتخلى عن ابنه فى مثل هذا الموقف المصيري ولا يدعه وحيداً كاللقيط بلا أهل ولا أنصار فى إحدى مناسبتي الحياة الوحيدتين اللتين يحتاج الإنسان فيهما إلى الأهل والأعزاء بشدة وهما الزواج والموت.

وإنما يطوى مثل هذا الأب صدره على أحزانه ويصاحب ابنه إلى أسرة فتاته ليؤدى واجبه الأخير تجاهه ولو كره ذلك الواجب فى أعماقه,فإن عجز عن مغالبة مشاعره والمشاركة فى هذا الموقف, فإنه ينيب عنه ابنه الأكبر فى ذلك ويحث أبناءه جميعاَ على ألا يتخلوا عن شقيقهم فى هذه المناسبة,ويكتم عنهم آلامه الشخصية لكيلا تؤثر على مشاعرهم تجاه شقيقهم مدركاً أنه سيكون أول الخاسرين إذا أفسد هو بأنانيته وتصلب موقفه علاقتهم الأخوية بعضهم ببعض لأن الأخ الذى يباعد أخاه إرضاء للأب أو تملقاً له لا يصعب عليه أن يباعد هذا الأب نفسه إذا رأى فى ذلك مصلحه شخصيه له بعد حين .

هذا ما يفعله الأب الحكيم فى مثل هذا الموقف.أما أن يعتزل ابنه نهائياً ويقبض يده عنه تماماً وهو القادر على إعانة ولده على أمره بل ويحرض باقي أبنائه على مقاطعته ومباعدته وقطع صلة الرحم بينهم وبينه، فليس كل ذلك من العدل ولا الرحمة ولا الدين فى شئ خاصة إذا تذكرنا أن كل اعتراضات أبيك على فتاتك تتعلق بالمستوى الاجتماعي والعائلي كما تقول ولا تشمل أية اعتراضات خلقية أو دينية عليها وهى الأحق بالاعتبارات فى مثل هذه الظروف.

رائج :   المرأة الداخلية !! .. رسالة من بريد الجمعة

إنه موقف متطرف يخلو من الرفق من جانب أب تجاه ابنه حتى ولو كان اختيار هذا الابن خاطئاً تماماً وأن الله يحب الرفق فى الأمر كله,كما يقول لنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، ولأن الأمر كذلك فإنى أنصحك بألا تتألم كثيراً لموقف أخويك منك ولا للرد الصاعق المؤلم الذى أجابك به شقيقك الأكبر سامحه الله، رغم قسوته ولا إنسانيته لأنه وشقيقك الآخر واقعان تحت تأثير طاغ من جانب الأب الذى يضعهما فى موقف الاختيار بينه وبينك بدلا من أن يعنفهما لمقاطعتهما لك أو يسعد بإمتثالهما لقرار الحرمان العائلى الذى أصدره ضدك كما ينبغى لكل أب يحرص على ترسيخ القيم الأخوية بين أبنائه.

فلا تجهد نفسك يا صديقي فى استجداء مشاعر شقيقيك لأنها لن ترق لك قبل أن تسوى الأمر مع أبيك الذى أصدر قرار الحرمان هذا ضدك، ولأن محاولتك لاستمالة الشقيقين إليك يفسرها والدك بأنها منك للالتفاف على هذا القرار ولاجتذاب شقيقيك إلى جانبك ضده، كأنها ساحة حرب عائلية وليست علاقات رحم أمر الله بها أن توصل مهما كانت الظروف والأحوال ,فركز جهدك يا صديقى على والدك نفسه واعف شقيقيك من هذا الاختيار الذى لا مبرر بينك وبين أبيهما،

وواصل محاولاتك مع أبيك لنيل رضاه وعفوه وصفحه عما حدث بعد أن تحول إلى أمر واقع ولم يعد يجدي البكاء على الأطلال أو الإصرار على الموقف القاسى مهما كانت وجهة نظره فى عدم التكافؤ بين أسرة زوجتك وأسرته. وحاول إقناع أبيك بكل جهد ممكن أنك لا تسعى إلى نيل عفوه طمعاً فى عطاء مادي منه .. أو طلباً لأيه مصلحة شخصية لديه وإنما صدوع بأمر ربك الذى يأمرك بأن تصل رحمه وأن تصبر على جفائه لك حتى يأذن الله بصفاء النفوس، فهو فى ظني يتصور إنك وبعد أن حققت إرادتك المخالفة لإرادته وتزوجت ممن تحب.

تريد الآن أن تجمع بين الحسنيين وتنعم كإخوتك بعطائه وقبوله .. فلا تيأس من محاولة إقناعه بعكس ذلك.وتعفف عن ماله الذى يتوهم أنه سر سعيك إليه، عسى أن يراجع نفسه فى موقفه منك وتتفتح لك أبواب قلبه بعد حين، وعندما يحدث ذلك سوف يذوب الجليد بينك وبين أخويك تلقائياً ويرتفع عنهما هذا الخطر الأبوي غير الرحيم.

فلا تغضب من أبيك يا صديقى ولو ظلمك ولا من أخويك ولو باعداك ولا تنى عن وصل رحمهم جميعاً وأداء واجبك العائلي تجاههم كلما دعت الظروف لذلك وبغير استجداء للمشاعر أو الزيارة إرضاء لضميرك وطلباً لأجر “الواصل” المضاعف الذى قال لنا عنه الرسول الكريم “ليس الواصل بالمكافئ” أى ليس من يصل من يقطعون رحمه فى الفضل والأجر كمن لا يصل إلا من يصلون رحمه فقط. ذلك أن فضل الواصل عظيم وحساب القاطع مع ربه عظيم أيضاً والله سبحانه وتعالى حكم بين الجميع يوم يكون الحساب..والسلام.

** الرسالة الأصلية نشرت بتاريخ 20 سبتمبر 1996

  • وقد نشرت اليوم بالصفحة بناء على رغبة زوجة كاتب الرسالة والتى اخبرتنا بأنه قد مضى من العمر على هذه الرسالة أكثر من ثمانية عشر عاما وقد أنجبا ولدا عمره الآن 17 عاما وبنتين 15 و 13 عاما وأنه بالرغم من توتر الأمور في البداية إلا إنه سرعان ما تلاشت المشاكل من خلال زيارتهما المستمرة للأب والسؤال عنه وبالتعامل معها ومع الوقت فكرته تغيرت تماما عنها وكذلك الحال مع شقيق الأخ الذي تربطهما به الآن علاقة جيدة والحمد لله .. وقد توفى الأب منذ عامين وهو راض عنهما وعن أبنائهما وهذا توفيق من الله سبحانه وتعالى والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات

مقالات ذات صلة