من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)
إنني من قرائك الدائمين, لكني لم أكن أتخيل أنني سأكتب إليك يوما ما.. فأنا استاذ مساعد بكلية عريقة بمدينة ساحلية مهمة وأبلغ من العمر 40 عاما وأتمتع بحسن الخلق والخلقة والحمد لله,
وقد دفعني للكتابة اليك رسالة لقاريء بعنوان ذوبان الجليد ورسالة أخري بعنوان انفجار البركان لان قصتي تكاد تكون مشابهة لهما, فلقد قامت أم ابنتي برفع قضية العصر وهي الخلع ضدي منذ 3 أعوام وتدخل أحد أساتذة الجامعة الكبار وأعاد المياه لمجاريها حفاظا علي الأسرة والطفلة التي لم تكن قد أكملت عامها الثاني..
ومضت الحياة بنا لبضعة أشهر ثم قامت برفع قضية خلع جديدة, وحفاظا علي كرامتي فلقد ذهبت بنفسي الي المحكمة هذه المرة وصادقت علي الخلع وسط دهشة محاميها والقاضي الذي وافقني علي ما فعلت بعد ان سمع قصتي, وهي باختصار أن أم ابنتي ضعيفة الشخصية كوالدها, في حين أن والدتها ذات شخصية فولاذية وتريد التحكم في كل شيء كما تفعل مع زوجها حتي إنها منعت ابنتها من زيارة والدتي أو حتي الاتصال بها في المناسبات وحين مرضت!!
ولقد أقاموا بعيدا عني حفل خطبة لأخيها وبعدها بأسبوع حفل خطبة ثانيا لأخيها الآخر دون دعوتي لهما ولما سألت زوجتي عن سبب ذلك أخبرتني أنني لا أستحق أن أكون زوجا لها لأنني معقد بدعوي ان والدي متوفي وأحقد علي أخويها اللذين ينعمان بوجود والدهما ومساعدته الدائمة لهما, كما أنني احقد عليهما لأنهما سافرا الي الدول العربية أما أنا فلم أسافر!!
وتركت زوجتي البيت ورفعت قضية الخلع وحرمتني من رؤية ابنتي وقامت بالتعاون مع والدتها برفع العديد من القضايا ولم أحاول أن أقوم بعمل أي شيء معاكس سوي رؤية ابنتي عن طريق المحكمة, وأنا أراها الآن في مكان غير صحي من الناحية النفسية, حيث يشهد العديد من المشكلات بين الأهالي!! ويحضرها لي جدها ( والد الزوجة) وهو مستمتع ويتفنن في استغلال هذا الظرف للتنفيس عن عقدته بعدم مقدرته علي اتخاذ قرار في بيته أو حتي أن يتفوه مع زوجته بأي كلمة في أي شيء وإلا تعرض للضرب والمهانة..
ويقوم بالإيعاز للطفلة التي لم تبلغ 5 سنوات أنني سأدس لها السم في العصائر التي أحضرها لها وأنني أريد قتلها وأنها يجب ألا تلعب معي, بل تجلس بعيدا عني حتي لا أصيبها بأذي .. والطفلة لا تعي شيئا ومشوشة بين حبها وعاطفتها لوالدها وبين ما يتلي عليها من قرارات وأوامر لم ينزل الله بها من سلطان! وجميع الأهل والأحباب طالبوني بالصبر لأن الطفلة ستكبر وستعرف الحقيقة ذات يوم وستعود الي حضني.. خاصة أن والدتها تشيع أنني طلقتها وطردتها من البيت وتقول الطفلة ذلك لي باستمرار!! ويساعد مطلقتي في القضايا اخواها ووالدها ووالدتها..
واخواها يريدان أن تتفرغ أختهما لرعاية الوالدين دون أي التزام من ناحيتهما, حيث انهما يعملان بالقاهرة وكل منهما مشغول مع زوجته وأولاده, والوالد يجدها فرصة ليثبت لنفسه أنه رجل مسموع الكلمة حيث ان الطفلة هي الوحيدة التي تنفذ ما يقوله وتسمع له والوالدة تشجع القضايا والمحاكم نظرا لما مرت به هي نفسها في حياتها من طلاق وزواج ومحاكم الخ. وكذلك لتثبت أنها قادرة علي التحكم ولا يوجد علي ظهر الأرض من يعارضها.
وللأسف الشديد فإن بعض أقاربها يؤيدونها في اللجوء للمحاكم والأقسام والمحاضر بالرغم من أنهم يرفضون اللجوء لمثل هذا مع أزواج بناتهن ويعتبرون أن المحاكم لم تنشأ لبنات الناس وأن علي البنات أن يصبرن!!
وأود أن أقول لك انه بعد الخلع قد فتح الله لي أبواب الخير التي كانت موصدة عندما كانت تلك الزوجة السابقة معي وصدق من قال إن النكد يولد الفقر فقد تمت ترقيتي وحصلت علي وظيفة استشارية بهيئة عالمية بجانب وظيفتي الجامعية واكرمني الله بزوجة صالحة تعرف ربها وتؤدي الصلاة بانتظام وهذا ما لم أجده مع زوجتي السابقة.
وربما تسألني وما المشكلة بعدما أكرمني الله عز وجل؟ فأقول لك: إن المشكلة هي الطفلة الصغيرة والتي يعتبرونها منجما للذهب,حيث ان ما تحصل عليه الطفلة من نفقة شهرية يفوق ما تتقاضاه أمها من عملها ليلا ونهارا كما أنهم يعتبرونها السلاح السري الذي يستخدمونه لإذلالي بما يلقنونها من أفكار مسمومة وإشاعات رخيصة لا يمكن أن يستوعبها عقل طفلة بريئة.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولكاتب هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :
لا تأس علي ما تحصل عليه الطفلة من نفقة حتي ولو كانت أكبر من دخل امها من عملها.., ذلك ان تقدير النفقة لا يعتمد علي نسبته من دخل الأم أو مستواها الاجتماعي.. وانما علي دخل الأب المكلف شرعا وقانونا بإعالة أبنائه ومستواه المادي والاجتماعي هو. كما أن هذه النفقة حتي ولو كانت مغالي فيها من وجهة نظرك إنما تذهب في النهاية الي طفلتك,
وايا كان مدي استفادة الأم منها فإنها تصبح شفيعا للأب لدي ابنته في مد جسور المحبة بينه وبينها.. حين تتفهم حقائق الحياة ذات يوم وتدرك ان أباها لم يقصر ذات يوم في قيامه بواجب الإنفاق عليها وتوفير الحياة الكريمة لها بعد ان حرمته الأقدار من أن يؤدي إليها حقها العادل في الاستقرار بين ابوين متراحمين, وتسأل الابنة نفسها حينذاك: كيف يصدق علي هذا الأب ما سمعته من الأهل؟
ذلك أن أحقر السموم التي يحاول الأهل المغرضون بثها في نفس الصغير هو اشعاره بأن أباه قد تخلي عنه وماطل في اداء واجبه تجاهه, وأهمل شأنه وانصرف عنه الي حياته الجديدة وابنائه الآخرين.. فإذا استطعت ان تبطل هذا السلاح القذر بمواصلة العطاء لابنتك والاهتمام بأمرها والصبر علي توجسها منك الي أن تتبصر الأمور فلسوف تفسد عليهم هذا المسعي البشع, وتفوز بحب ابنتك ومشاعرها البنوية الصادقة ذات يوم قريب بإذن الله.