فن الادارة ..من هنا وهناك

كيف تستخدم تأثير السياق في زيادة أجرك كـ”فريلانسر”؟!

هل سألت نفسك يومًا، لماذا يعتبر سعر زجاجة من المياه في فندق فاخر أغلى كثيرًا من سعرها الحقيقي الذي قد تشتريها به من السوبرماركت؟!

نعم! فرغم أن هاتين الزجاجتين يأتيان من نفس الماركة وبنفس الحجم ولكن هناك فارق كبير في السعر بينهما، وهذا ببساطة لأنك تشتري الزجاجة الأولى من فندق فاخر فيما تشتري الزجاجة الثانية من السوبرماركت، هذا هو تحديدًا ما يسمى بـ”تأثير السياق” أو ” The context effect”.

ما هو هذا الـ” The context effect”؟!

يمكن أن نختصر “تأثير السياق” ببساطة في كونه “التصور” الإيجابي أو السلبي الذي قد يتركه عامل ما على رؤيتنا أو حكمنا على أحد الموضوعات بشكل عام.

ترغب في فهم الموضوع بشكل أبسط؟! طبق هذا الكلام على المثال في الأعلى، فوفقًا لما يؤكده الباحث ريتشارد ثالر فإنك إذا ما سألت شخصًا ما عن توقعه لسعر شراء زجاجة المياه من أحد الفنادق الفاخرة، فسوف يعطيك تلقائيًا سعر أعلى من ذلك الذي سوف يشتري به نفس الزجاجة من السوبرماركت، رغم عدم وجود أي اختلاف بين الزجاجتين.

يمكن ببساطة أن نبرر ذلك بمجموعة كبيرة من العوامل، مثل طبيعة تصور العميل عن الرفاهية الكبيرة التي سوف يعطيها له شراء وشرب زجاجة المياه من الفندق، طبيعة الخدمة المقدمة هناك “والتي قد تكون مقتصرة فقط على قيام النادل بإعطاؤك الزجاجة لكي تشربها بنفسك!”.

هذا “التصور” الناجم عن تجربة الشراء من الفندق تحديدًا هو ما يعطي الحق للفندق برفع ثمن زجاجة المياه لأضعاف سعرها الحقيقي، رغم أنه يشتريها من المصنع بنفس القيمة التي يشتريها بها السوبرماركت.

يمكن لمثل هذا “التصور” أن يتواجد في بيئة العمل، فأحيانًا قد نجد في بعض الشركات نوعين من الموظفين: النوع الأول هو النوع الكتوم الذي يعمل في صمت دون أي إشارة للمجهودات التي يبذلها في العمل أو للإنجازات التي يحققها، اما النوع الثاني فهو عادة ما يشير إلى كل صغيرة وكبيرة يقوم بإنجازها، لكي يكون صورة ذهنية عن الكفاءة التي يتحلى بها، حتى وإن كان الموظف الكتوم أكثر منه كفاءة، ولكن هذا الأخير لا يشير إلى ذلك، ما يحرمه ببساطة من استخدام “تأثير السياق” في العمل وبالتالي يزيد من تفوق الأول عليه.

هناك مبدأ ثابت في العمل يقول أن “الأهم من الشغل… تلميع الشغل”، فعمل دعاية لطبيعة العمل الذي تقدمه يساعد على التعريف بك بصورة أكبر، ما يمنحك فرصة أكبر للحصول على زيادة في الراتب أو ترقية أو الانتقال إلى فرصة عمل أفضل، كل هذا بفضل “تأثير السياق”.

حسنًا، ماذا لو كنت تعمل من المنزل، أو كان عملك حرًا، كيف يمكنك أن تستخدم “تأثير السياق” لترك تصور إيجابي عنك؟!

هناك خطأ شائع عادة ما يقوم الذين يعملون بشكل حر باستخدامه، وهو أنهم يقدرون أعمالهم بناءًا على تصورهم الشخصي وليس بناءًا على تصور عملاؤهم، الأمر الذي يمكن أن يؤدي بنتيجة عكسية، حيث تظهر هنا أهمية “تأثير السياق” واستخدامه، ويمكن أن يتم ذلك على النحو التالي:

رائج :   ماليزيا .. موهبة الإعتماد على الذات || الجزء الثاني

1- أظهر نفسك كمحترف:

هناك العديد من التفاصيل التي قد تساهم في ترك انطباع إيجابي عنك بصورة كبيرة، منها مثلًا عمل موقع إلكتروني عالي الجودة تعرض فيه لكافة تفاصيل الخدمات التي تقدمها لعملاؤك، أو حتى تكوين صفحة لك عبر موقع التواصل الاجتماعي.

الاهتمام بكل صغيرة وكبيرة في هذا الموقع، مثل جودة المحتوى والتصميمات والألوان المستخدمة يعطي “تصور” مريح عنك بأنك محترف وقادر على تلبية احتياجات عميلك المحتمل بأعلى درجات الجودة.

رائج :   تعمل ايه لو اتصبت بفيروس فدية اللي بيشفر الملفات؟

2- شجع عملاؤك السابقين على مدحك:

قد لا يصدق الناس حديثك عن مدى الجودة التي سوف تضيفها إليهم إذا ما عملت معهم، ولكنهم سيصدقون رأي عملاؤك السابقين فيك، حيث يعزز استخدام استراتيجية الـ”Word of mouth” من إمكانية جذبهم بصورة أكبر للتعامل معك.

يمكنك القيام بذلك عبر استعراض سابقة أعمالك وحث عملاؤك الحاليين أو السابقين على مدحك والتوصية بك، وتوضيح جوانب الاستفادة التي حصلوا عليها منك.

يمكنك أيضًا أن تعرض عبر موقعك الإلكتروني لهوية عملاؤك “خاصة إذا كانوا شركات كبيرة لها حجمها في السوق”، أو أن تعرض نماذج للمشاريع أو المهام التي قمت بها والتي اتسمت بالإبداع وساهمت في تحقيق أهداف العميل بسهولة وبأقل تكلفة.

كما يمكنك استخدام ذلك أيضًا من خلال الـ”Reviews” المتواجدة في صفحتك الخاصة على فيسبوك مثلًا، حيث قد تحث عملاؤك على شكرك فيها، وعمل مراجعة شاملة عن طبيعة استفادتهم منك، وبالتالي فإن ظهورها بشكل جلي أمام عملاؤك المحتملين قد يغير من وجهة نظرهم ويحثهم على اتخاذ قرار التعامل معك.

رائج :   طريقة مجانية للحماية من فيروس الفدية

3- المرجع الأساسي لعملاؤك:

هناك فارق كبير بين أن تكون مقدمًا لخدمة ما كغيرك، وأن تكون مرجعًا أساسيًا لعملاؤك في السوق.
فكونك المرجع الأساسي يعطي “تصور” عنك بأنك تمتلك قدر كبير من المعرفة بالشكل الذي يجعلك متفوق على أقرانك حتى ولو كانوا يمتلكون حقيقة معرفة أو خبرة أكثر منك، ولكن الفارق هنا أنك تروج لنفسك كمالك متميز لتلك المعرفة فيما هم لا يقومون بالمثل، ما يعطيك أفضلية أكبر في السوق، ترغب في رؤية مثال على ذلك؟! القي نظرة على الإنفلونسرز.

عادة ما يتم النظر إلى هؤلاء المؤثرين بأنهم مرجع أساسي يمتلكون من المعرفة ما يجعلهم متفوقون على غيرهم… قد يمتلكونها وقد لا يمتلكونها، ولكن الفارق هنا أنهم كونوا “تصور” عند جمهورهم وعملاؤهم بأنهم كذلك فيما لم يقم الآخرون بنفس الأمر.

في النهاية، فإنه بخلاف الطرق الثلاث الماضية، يتعلق الأمر في "تأثير السياق" بإيجادك للطريقة المناسبة التي تجعلك عند عملاؤك مثل "الفندق الفاخر"، وليس مجرد سوبرماركت يبيع زجاجة المياه بنفس سعر السوق.

مقالات ذات صلة