الفيلم واخد 3 قصص بالتوازي بيتكلموا عن معنى الوطن.. قصة من مصر القديمة وقصة من العصر العثماني وقصة من التاريخ الحديث أيام الملك فاروق.
سيبنا من القصة الاولى لأن حتشبسوت طالعة بتحب مهندس من العوام واظنه هبد.. ونطنش القصة الثالثة لأن فيها رئيس القلم السياسي بيحب مغنية كباريهات وده اظنه مش هبد.. خلينا فى على الزيبق.. حيث يشعر الانسان بالألفة فى هذه الحقبة من التاريخ.
لو بتاخد التاريخ من المسلسلات يبقى على الزيبق كان بطل شعبي مصري ظهر أواخر ايام الحكم العثماني.. ابوه يبقى حسن راس الغول زعيم الشطار.. الشطار دول في عرف الدولة لصوص وفى عرف الناس أبطال.. عاشوا في جبل المقطم بعيد عن عيون وظلم الشرطة وبدأوا يهاجموا العسس علشان يعملوا فيهم مقالب يردوا بيها المظالم لأهلها..
ارتبط اسم الشطار بالعُيّاق “جمع عايق”.. العايق لفظ جاي من إعاقة.. اللى هو إعاقة او قطع الطريق يعنى.. الجماعتين اشتهروا بالفروسية وخفة الايد والألعاب البهلوانية.. كانوا بيظهروا في الموالد وليالي الاحتفالات في منطقة الرميلة “ميدان القلعة حاليا” او علشان ينكدوا على الشرطة كده كل فين وفين.. نعتبرهم اخوان يعنى.
فى صفقة غريبة من نوعها عرض الوالي “غير معروف الاسم” انه يعرض على حسن راس الغول مقدمية الدرك في مقابل انه يبطل شطارة.. قبل حسن راس الغول المنصب وفرح بيه الناس لأنه كان محبوب.. بس للأسف دايما الحكايات الحلوة لازم يظهر فيها توفيق الدقن..
توفيق الدقن هنا كان المقدم سنقر الكلبى “ابو بكر عزت فى المسلسل” وعلاقاته المشبوهة بمقدم درك السلطنة الفاسد.. ولأن السكك الشمال هى الطريق الصحيح فى مصر للوصول الى السلطة.. قدر الكلبى انه يقتل حسن راس الغول ويبقى هو مقدم الدرك..
وتهرب فاطمة الزهراء زوجة حسن راس الغول بأبنها على وتستخبى عند ابوها قاضي الفيوم.. وهناك قدرت الأرملة تربى ابنها على الاخلاق الحميدة والفروسية لحد ما كبر ورجعوا تانى القاهرة.. وفى القاهرة ينضم على الى الشطار ويكمل مشوار ابوه في العياقة واللعب مع الشرطة.
من حين لآخر كانت الأمور تتأزم مع على فتتدخل امه فاطمة مرات الأسد “كان لقبها كده” علشان تحمية بالسيف من غدر الشرطة.. مش عارف بقى ان كان لقبها مرات الأسد زى ما هو كده وللا كانوا بيقولوا اللفظ التاني الأبيح.. اتخيل انه اللفظ الأبيح والا متبقاش مصر.
أصل الحكاية ..
سيرة على الزيبق الموجودة حاليا كتبها مؤلف مجهول اسمه الحافظ أحمد ابن عبد الله المصري.. حققها دكتور محمد سيد عبد التواب من مخطوط قديم اصفر مهترئ الصفحات مكتوب عليه سنة 1880 واعيد طبعة في لبنان سنة 1886.. كتاريخ وعلم يظل زمن ظهور على الزيبق في مصر مجهول ومفيش عليه اى دليل اساسا..
المؤلف المصري كتب ان الاحداث كانت في زمن الخليفة هارون الرشيد وده طبعا خطأ لأن عصر المماليك كان لاحق لعصر الدولة العباسية.. يبقى منين على الزيبق كان في مصر بيحارب الشرطة والعثمانيين بينما الخليفة هارون الرشيد مات قبل ظهور الدولة العثمانية بأكثر من 400 سنة؟
سيرة على الزيبق من السير الشعبية.. لم تذكر في اى مجلد تاريخي.. لكن يتناولها الناس من جيل الى جيل وكانوا بيسمعوها على القهوة من الحكواتي على الربابة في ليالي انتظار الفيضان.. تختلف سيرة على الزيبق عن السيرة الهلالية او سيرة عنترة او سيرة سيف بن ذي يزن بأن كل السير دى ذكرت في كتب التاريخ بينما سيرة صاحبنا الزيبق ده مجرد سماعي كده.
نهاية المسلسل كانت سعيدة بنجاة على الزيبق من الشنق وهروب الخونة سنقر الكلبى ودليلة بعد ما انكشف امر تعاونهم مع المجوس ضد الإسلام.. المقدم دليلة حاولت تقتل على الزيبق فقتلت بنتها زينب “اللى كانت بتكراش على على الزيبق” بالغلط مش بقولكوا نهاية سعيدة.. تخيل انت كمية المحن والتلزيق اللى كنا هنغرق فيها من هدى رمزي وفاروق الفيشاوي لما يبقى هو مقدم الدرك وهى أساسا سايحه ونايحة على نفسها والحياة مش ناقصة ملل.
نهاية سيرة على الزيبق اللى كتبها احمد بن عبد الله المصري انه اتجوز زينب بنت دليله وبعد فترة هجرها علشان يتجوز مزه جديده جتله هدية من واحد اسمه جودر.. المزه الجديدة كانت من ضمن مجموعة بنات مسحورة على جزيرة بهرام المجوسي اللى فيها شجرة الأغصان الحديدية اللى بتشد السفن الى مصيرهم المجهول..
البنات المسحورة دى نصهم كان حجر ونصهم ستات زى القمر.. لما اتفك سحرهم اهدوا منهم 10 الى هارون الرشيد و5 الى وزيرة جعفر و5 الى مسرور وواحدة الى عزيز مصر وواحدة الى على الزيبق.. ولما رجع على الزيبق على مصر وفى ايده المزة اللى كانت حجر وقلبت ملبن.. اكلت الغيرة قلب زينب بنت دليلة وحطتله سم في الاكل زى اى ست مصرية مخلصة علشان يموت مسموم.
لكل اسطورة أصل.. بيحكي ابن الاثير في كتابه “الكامل في التاريخ” عن فتنة وقعت سنة 444 هــ بين السنة والشيعة في بغداد أشار فيها الى سيطرة الشيعة على المساجد ورفعهم الآذان بصيغة “حي على خير العمل” وانتشرت على المساجد كتابات محمد وعلى خير البشر.. كمان أشار الى ان العيارين “اللى هما الجماعة الرحالة او الجوالة” استغلوا الهرج وسعوا في الأرض فساد ونهب في المحلات والتجار.. وعلى رأس العيارين كانوا زعماؤهم.. المقدم الطقطقي والمقدم الزيبق..
ايه اللخبطة دى بقى!!!
يعنى الزيبق كان موجود وللا هبد؟؟
الامام محمد عبده قطع فرط الحكاوي دى كلها وقال ان السير والحكاوي دى بما فيها سيرة خضرة الشريفة وعنترة ونوادر جحا والف ليلة وليلة “هي كتب تحض على المفاسد وسوء الخلق” واشتغل مع القاضي الشرعي محمد عمر فى تصنيفها كعمل متدنى اباحي في كتابه “حاضر المصريين او سر تأخرهم” الصادر سنة 1902.. طيب الف ليلة وليلة وعارفين ليه.. على الزيبق يتمنع ليه بقى؟
طيب.. ايه رأى الحكومات المصرية المختلفة في محتويات الكتب دى؟؟
انت فكر وشوف.. كتب وسير بتحكي عن بطولات شعبية في مواجهة الظلم.. الفارس النبيل او اللص الشريف.. إبراهيم الأبيض عدو الحكومة.. حبيشه البطل المجهول المحبوب صاحب القدرات الخارقة اللى دايما بينتقم للناس من السلطة الغاشمة.. فكرك ان الحكومات هتكون سعيدة بانتشار الكتب دى؟
طبعا لا..
وعلشان كده طباعة الكتب دى كان عمل مجرم بنصوص المواد 156 و161.. وده التفسير الوحيد ان ليه النسخة الوحيدة الموجودة من سيرة على الزيبق هي المطبوعة سنة 1880.
يعنى لا على الزيبق كان موجود ولا ادهم الشرقاوي كان بطل ولا الزناتي خليفة كان شرير ولا قراقوش كان وحش وأبو زيد الهلالي كان شيعي والبرنس علاء كان عنده حق لما ضرب ابن الجناينى بالرصاص وعلى كان واخد انجي كوبري علشان ياخد مصاغها ويلبس مصر في الحيطة لحد النهارده.