من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)
أنا يا سيدي مهندسة فى الثلاثين من عمري أعمل بإحدى الهيئات الحكومية ..منذ عدة سنوات التقيت بزميل لى يعمل فى نفس الهيئة .. وسرعان ما اقتربناوتفاهمنا ونمت بيننا مشاعر الحب العميق ..
وبعد فترة قصيرة طلب منى زميلي أن يتقدم لأسرتي لخطبتي فسعدت بذلك .. وفاتحت أهلي ففوجئت بعاصفة هوجاء منهم وبرفضهم الموافقة عليه .. ولومهم العنيف لى .. لا لشيء إلا لأن هذا الإنسان معوق يستخدم أجهزة المعوقين فى المشى والحركة .. ودهشت لهذا الموقف – و تألمت له فأنا لم أفكر قط فى هذه الناحية وكنت أراه يتحرك أمامي بحرية – كما كان أمينا معي من البداية فروى لى كل تفاصيل ظروفه الخاصة ولم أجد سببا واحدا يدعوني لرفضه وهو بعد ذلك إنسان رقيق وودود وكريم الأخلاق وخدوم للجميع .. ومسئول ويحظى باحترام الآخرين فلماذا ارفضه ..
لقد قررت أن أتمسك به وأحاول إقناع أبوي به و مضت عدة شهور وأنا على موقفي وقاومت ضغوطا رهيبة من أبى وأمي للتخلي عنه حتى اقتنعا فى النهاية بأنه من الخير لى أن أتزوج ممن أحببته وأريده شريكا لى فى الحياة ووافقت الأسرة مضطرة على زواجنا و تزوجنا وأقمنا فى شقته التمليك التى أعدها للزواج وكشفت لى الحياة المشتركة معه عن باقي جوانب شخصيته الجميلة والنبيلة .. وعرف أهلي أنى لم أتزوجه لأصبح ممرضة له .. وأنه يساعدني بأكثر ما يستطيع أى شخص آخر أن يفعل .
وأنجبنا طفلنا الأول وبعد عام آخر أنجبنا طفلنا الثاني .. وسعدت وأنا أرقب زوجي الحبيب و هو يأسر أهلي بأخلاقه الطيبة ويكتسب حبهم واحترامهم شيئا فشيئا حتى أصبح الأثير عند أبى الذى أصبح يعتمد عليه فى أمور كثيرة ويثق به ويحبه . ومضت 6 سنوات على زواجنا .. وكل يوم يثبت لى زوجي بالدليل أنى كنت على حق حين تمسكت به ..
ووهبت له حياتى وأنا اكتب لك هذه الرسالة الآن وبجواري زوجي وطفلاي لأطالب كل الآباء والأمهات بألا يكتفوا بالحكم السطحي على الأشخاص وعلى كل من هم فى مثل ظروف زوجي الحبيب فالأهم دائما هو الأخلاق وليس الشكل
فأبى يعترف الآن لى بأنه أساء الحكم على زوجي .. وبأنه أعجب به بعد قليل من تعرفه عليه و يزداد إعجابه به كل يوم لكنه كان يخشى مواجهة الناس ويفكر فى المبررات التى ينبغي عليه أن يقدمها لهم للموافقة على زواجي منه و قد أثبتت التجربة بعد نظري وصدق مشاعري .. و لأقول أيضا لكل فتاة ألا تستسلم سريعا مادامت على ثقة من حسن اختيارها ومن أنها سوف تسعد مع من اختارته لمشوار حياتها … و السلام .
ولكاتبة هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :
ليس من حق أحد أن ” يجلد ” الآخرين بظروفهم الخاصة إذا توافرت فيهم المقومات الخلقية والدينية التى تؤهلهم لإسعاد شركاء حياتهم . وكمال الخلق والدين أبقى وأدوم أثرا فى تحقيق السعادة من كمال الأجسام لأننا نتعامل مع أخلاق الآخرين .. وليس مع مؤهلاتهم الجسمانية التى لا تفيد أحدا غيرهم .
على أن الأهل إنما ينطلقون غالبا فى مثل هذا الموقف من دوافع سعيهم إلى ضمان سعادة أبنائهم .. ورغبتهم فى تجنيبهم أسباب الشقاء .. وهم ككل البشر يصيبون ويخطئون .. لهذا فمن واجبنا أن نقدر لهم حرصهم على سعادتنا وأن نحاول إقناعهم بالحسنى بصواب اختيارنا .. ونطلب منهم مباركته وتأييده ..
حتى ولو لم يتهللوا له فى البداية . ومن واجبهم أيضا إلا يتمسكوا بالرفض حتى النهاية إذا لمسوا صدق رغبتنا فيمن اخترناه لأنفسنا وليس على الآباء و الأمهات فى النهاية سوى أن يبذلوا النصيحة لأبنائهم وليس على الأبناء سوى أن يجتهدوا لإقناع ذويهم باختياراتهم وألا ييأسوا من نيل رضاهم ومساندتهم .
وأنت قد أحسنت صنعا بتمسكك بإقناع أبويك ونيل موافقتهما على زواجك بمن اختاره قلبك … وكان أبواك رحيمين أيضا حين لم يتمسكا بالرفض المتحجر بلا مرونة .. وهذا هو المثال الذى ينبغي أن يتبعه الآباء والأبناء فى مثل هذه المواقف .. أن يحاول كل منهما إقناع الطرف الآخر بوجهة نظره إلى أن يسلم احدهما برغبة الآخر بلا قهر ولا طغيان .
و لقد أثبتت الأيام صواب نظرتك للأمور .. و صدق مشاعرك .. فحقت لك السعادة .. وحق لأبويك أن يفخرا بزوجك وأن يعترفا بخطأ حكمهما عليه .. والكمال لله وحده يا سيدتي .
لطفا .. قم بمشاركة الموضوع لعله يكن سببا في حل أزمة أو درء فتنة …