قصص وعبر

من سلسلة (روايات مصرية للجيب) || الشمس الباردة

” دقيقة واحدة، ويلقون القنبلة …”..
بدا قائد الطيران شديد التوتر، وهو يتابع على الشاشة مسار الطائرات الأمريكية والصينية، التى تتجه، عبر سماء (مصر)، نحو منطقة (المقطم)، ثم أضاف، وهو ينقل بصره إلى الرئيس :
– سيلقى الصينيون قنبلتهم أوًَّلاً، فإن لم تحقًَّق هدفها، سيلقى الأمريكيون قنبلتهم .
غمغم قائد القوات فى حنق:
– على أرضنا .
زفر الرئيس، وهو يقول:
– إنه قدرنا .
هتف أحد القادة فجأة، وهو يشير إلى إحدى الشاشات:
– رباه !!…انظروا إلى هذا .
استدارت العيون إلى حيث يشير، وهتف القائد الأعلى:
– من أين أتت تلك الفجوة الواسعة، فى سطح جبل (المقطم)؟!
أجابه الدكتور (فريد) فى توتر:
– إنها فى مركز ذلك الوكر مباشرة … رباه!… إنهم يستعدون لإطلاق الطاقة السلبية.
وراجع حساباته فى سرعة، قبل أن يضيف فى عصبية:
– ووفقاً لحساباتى، ستكون الشمس فى موضع الإصابة مباشرة، لو أطلقوا الأشعة، خلال الدقيقة التالية.
هتف أركان الحرب:

– ولكن الشمس مازالت بعيدة عن المنطقة.
لوًَّح الدكتور (فريد) بيده، هاتفاً:
– الأشعة ستستغرق عدة دقائق، قبل أن تقطع المسافة بيننا وبين الشمس، ولقد وضعوا حساباتهم كلها، اعتماداً على هذا.
امتقع وجه الرئيس، وهو يقول:
– ولكن لو أطلقوا أشعتهم، قبل وصول الطائرات، التى تحمل القنابل النووية المحدودة، لن يكون لإلقائها أية فائدة.
بدا قائد الطيران شديد العصبية، وهو يقول:
– إذن فقد أصبح الأمر سباق ثوان قليلة.
تراجع الرئيس فى مقعده، وهو يغمغم:
– بعد ملايين السنين، صارت نهاية الأرض ترتبط بثانية أو ثانيتين.
وران على الجميع صمت رهيب…
وتعلًَّقت العيون بكل الشاشات …
وفى كل العقول، انفجر تساؤل واحد …
ترى، هل يشهدون نهاية الحضارة البشرية على الأرض؟!…
هل ؟!…

* * *
ثانية واحدة مضت، عقب ضحكة الجنرال الشيطانية، ثم هتف (نور):
– لن نستسلم الآن.
اندفعت (سلوى) نحو أحد أجهزة الغزاة، وهى تقول فى حزم:
– بالطبع … لقد حان دورنا، (نشوى) وأنا.
وأسرعت (نشوى) تعدو نحو الـ( آتوترون)، وهى تقول:
– كنت أتصوًَّر أننا سنبقى سلبيتين، حتى لحظة النهاية.
بدا الجنرال شديد العصبية، وهو يقول فى حدة:
– لا يمكنكما منع إطلاق الطاقة السلبية … رموزنا تختلف تماماً عن رموزكم، التى تتعاملون بها رقمياً على كوكبكم.
أجابته (نشوى) فى انفعال، وهى تلصق ساعة يدها بجانب (أتوترون):
– الجهاز مازال يحمل برنامجه الأرضى خلف جهاز الترجمة، الذى أضفتموه إليه.
كانت أصابعها الصغيرة تعمل على الأزرار الدقيقة فى ساعتها، فى سرعة مدهشة للغاية، فغمغم (رمزى):
– هل سيمكنك فعل أى شئ، فى هذه الثوانى القليلة؟!
أشار إليه (نور)، قائلاً فى حزم، وهو يراقب عمل زوجته وابنته:
– اتركهما تعملان.
كانت الثوانى تمضى فى سرعة، وجهاز (آتوترون) ينفتح، وتتسع دائرته، ليبدو أشبه بطبق إرسال كبير، يستقر على قاعدة بيضاوية الشكل، وأصابع (نشوى) تعمل بتلك السرعة الكبيرة، فى حين غمغمت (سلوى)، وهى تواصل عملها على الجهاز الآخر:
– إنه يسير وفقاً لنفس المبادئ الفيزيائية فى عالمنا، ولكنها مشكلة الرموز فحسب.
هتف الجنرال، وعصبيته تتزايد:
– لن يمكنكم إنجاز هذا، فى الوقت المناسب.
أجابته (نشوى)، وأصابعها تواصل العمل فى سرعة:
– لقد تجاوزت برنامجكم بالفعل، وسأحاول الآن إيقاف عملية الإطلاق.
كان (أكرم) يشعر بدوار شديد، إثر إصاباته المتعدًَّدة، و(نور) يتابع عمل (سلوى) و(نشوى) فى اهتمام، فى حين تركًَّز بصر (رمزى) على وجه الجنرال، الذى بدا وكأنه سينفجر غضباً ..
ثم فجأة، اتخذت ملامحه انفعالاً مختلفاً …
انفعال أدركه الخبير النفسى …
وبكل قوته، هتف، قبل حتى أن يتحًَّرك الجنرال:
– احترس يا (نور).
وفى منتصف عبارته تقريباً، وثب الجنرال …
وثب كنمر شرس خارق، ليقطع ثلاثة أمتار دفعة واحدة، منقضاً على (نشوى)؛ فى محاولة لمنعها من إتمام عملها…
وفى نفس اللحظة تقريباً، وثب (نور) …
وقبل أن يبلغ الجنرال (نشوى)، بأقل من خطوة واحدة، انقض عليه (نور)، ودفعه بعيداً عنها، وهو يهتف:
– ليس فى هذه المرحلة.
أمسك الجنرال وسط (نور)، ورفعه عالياً، وهو يطلق صرخة هادرة، ثم ألقى به بكل قوته، نحو الجدار، الذى بدأ الجليد الملتصق به يذوب بالفعل …
كان من الواضح أن قوته تفوق قوة (أيسول) نفسه …
وأنه مصرًَّ على منع إيقاف الإطلاق …
وبأى ثمن …

رائج :   ابتسامة الخجل .. رسالة من بريد الجمعة

فقد دفع (نور) بعيداً، ثم عاد ينتقض على (نشوى) …
وفى هذه المرة، اعترض (رمزى) سبيله …
كان يعلم أنه لن ينجح أبداً فى صد قوته، إلا أنه لم يتردًَّد فى مواجهته؛ ليمنح (نشوى) ثوان إضافية…
وبصرخة وحشية، دفعه الجنرال بعيداً، حتى أن دفعته ألقته ثلاثة أمتار إلى الخلف …
وعاد ينقض على (نشوى) …
وفى نفس اللحظة، التى استعاد فيها (نور) توازنه، وهم بمعاودة الانقضاض على الجنرال، كان (أكرم) يثب ليتعلًَّق بعنق هذا الأخير، على الرغم من إصاباته المؤلمة، وهو يهتف:
– الأرض للأرضيين أيها الوغد .
كان الجنرال يبدو كوحش كاسر، وهو ينتزع (أكرم) من عنقه بقوة خرافية، ثم يلقيه؛ ليرتطم بـ(رمزى)، ويسقطان معاً أرضاً …
وفى بطء، بدأ (آتوترون) يدور …
ويدور …
ويدور …
ومع كل ثانية تمضى، كانت سرعة دورانه تتزايد …
وتتزايد …

وتتزايد …
وفى محاولة أخيرة، لمنعه من إيقاف (نشوى)، انزلق (نور) أرضاً، وضرب ساقى الجنرال بقدميه فى قوة …
ولكن الجنرال تجاوزه بوثبة رشيقة، وانقض على (نشوى) …
وفى هذه المرة، كانت انقضاضته ناجحة …
وكانت سرعة دوران الجهاز قد بلغت ذروتها، عندما انتزع الجنرال (نشوى) من مكانها، وألقاها بعيداً عن الجهاز، وهو يصرخ:
– خسرتم أيها البشر .
وخفقت قلوب الجميع فى قوة، عندما بدأ الجهاز يتألق، ليطلق طاقته السلبية الجبًَّارة نحو الشمس…
شمسنا …
* * *
” عشرون ثانية، ونبلغ الهدف”…
نطق طيًَّار المقاتلة الصينية العبارة فى هدوء وآلية، لا توحيان أبداً بأنه يستعد لإلقاء قنبلة نووية محدودة، على منطقة سكنية كاملة، فأجابه قائد الطيران المصرى فى صرامة:
– لا تلق القنبلة، قبل أن تتلقى الأوامر بهذا .
أجابه الطيًَّار بنفس الهدوء والآلية:
– سلبى … لست أتلقى الأوامر سوى من قيادتى .
صاح به قائد الطيران فى غضب:
– إنك تحًَّلق فى سمائنا.
كرًَّر الطيًَّار بنفس الآلية:
– سلبى .

قالها، وانهى الاتصال دفعة واحدة، مما جعل الجميع يشعرون بالغضب، فالتفت الرئيس إلى قائد الدفاع الجوى، وساله:
– أأنت مستعد ؟!
أجابه الرجل فى حزم:
– فى انتظار اوامرك يا سيادة الرئيس .
” عشر ثوان، قبل بلوغ الهدف …”..
قالها الطيًَّار الصينى، وهو يضغط زراً أمامه، فانفتحت كوة فى باطن طائرته، وانخفضت منها القنبلة النووية المحدودة، وهو يقترب من الهدف بسرعة كبيرة …
وفى حجرة الاجتماعات، بلغ توتر الحاضرين مبلغه، وغمغم القائد الأعلى فى أسى:
– (نور) وفريقه كانوا أبطالاً …
أجابه الرئيس فى حزم:
– الوقت لم يحن لفعل (كانوا) هذا .
أشار قائد الطيران إلى الساعة الرقمية الكبيرة أمامه، وهو يقول:
– إنها خمس ثوان فحسب يا سيًَّدى .
لم يكد يتم عبارته، حتى ارتسمت فجأة عبارة قصيرة، رقمية كبيرة، على كل شاشات الرصد فى آن واحد …
وقفزت دهشة الجميع إلى ذروتها ..
أو ربما أكثر …
بكثير .

رائج :   الشمعة المنطفئة ! .. رسالة من بريد الجمعة

* * *
بلغ (آتوترون) سرعته القصوى بالفعل…
وبدأ تألقه …
واستعد لإطلاق طاقته السلبية الجبًَّارة نحو شمسنا …
وأطلق الجنرال ضحكته الشيطانية الظافرة مرة أخرى …
وأخيرة ..
ففجأة، وبعد أن بدا للجميع أن الطاقة ستنطلق، انخفضت سرعة (آتوترون)، وخبا تألقه ..
وبينما خفقت قلوب الجميع فى عنف، اتسعت عينا الجنرال فى دهشة غاضبة، وهو يهتف:
– ولكن كيف؟!
أشارت (نشوى) إلى ساعتها، وهى تقول:
– تأخرت ثانية واحدة يا هذا .
ثم ابتسمت فى ارتياح، مضيفة:

– لقد عكست عمله، قبل أن تنتزعنى من مكانى بثانية واحدة .
أطلقت (سلوى) صرخة فرح، وتنًَّهد (رمزى) فى ارتياح، وهو يغمغم:
– حمداً لله … حمداً لله .
وانعقد حاجبا (أكرم) فى شدة، فى حين اغمض (نور) عينيه، وهو يتمتم بكلمات لم يسمعها سواه…
أما الجنرال، فقد أدار عينيه فى وجوه الجميع، فى غضب مستنكر، وهو يغمغم بلغتة غير الأرضية، فى حين تراجع فريقه العلمى، فى خوف واضح …
وفى حماس، هتفت (سلوى)، وهى تضغط زراً ، فى أحد الأجهزة الخاصة بالغزاة:
– لقد نجحت أيضاً فى التعامل مع هذا الجهاز، وهو يرسل الآن رسالة بلغتنا إلى القيادة، يخبرها أن المهمة قد انجزت ..
ثم رفعت ساعة يدها أمام الجنرال، وهى تضيف:
– كان ينبغى أن تجردنا من ساعاتنا الأليكترونية يا هذا؛ فسيدهشك مقدار ما يمكنها فعله.

نقل الجنرال بصره بينهم مرة أخرى، ثم وثب فجأة، يضرب صدر (نور) فى قوة، قبل أن يختطف السلاح من يده، ويتراجع صائحاً بكل غضبه:
– ربما نجت الأرض هذه المرة أيها البشر، ولكن هذا لن ينطبق عليكم .
فى نفس اللحظة، التى نطق فيها عبارته، كان الطيًَّار الصينى قد بلغ الهدف تماماً، وامتدت سبًَّابته لتضغط زر إلقاء القنبلة النووية المحدودة…
ولم يكن هناك شئ يمكن أن يمنعه عن هذا ..
أى شئ …
على الإطلاق …
* * *
بكل الحزم، ضغط الطيًَّار الصينى زر إلقاء القنبلة …
وعلى الرغم من أنه قد اختبر ذلك الزر خمس مرات، قبل أن يبدأ مهمته، إلا أن شيئاً لم يحدث …
والقنبلة النووية المحدودة، لم تسقط …
وبكل التوتر، ضغط الطيًَّار الزر مرة ثانية …
وثالثة …
ورابعة …
وأيضاً لم يحدث شيئاً …
وفجأة، انتبه إلى أن مسار طائرته يتغيًَّر …
حاول أن يستعيد سيطرته عليها، وهو يعيد الاتصال بالقيادة المصرية، قائلاً فى غضب:
– ماذا فعلتم بمقاتلتى ؟!
أتاه صوت الرئيس، وهو يقول فى صرامة:
– كل الطائرات تحت سيطرتنا الآن …سنقودكم إلى الهبوط فى أحد مطاراتنا الحربية، حتى تتم إجراءات إعادتكم لبلادكم.
صاح فى حدة، وهو يحاول عبثاً استعادة السيطرة على طائرته:
– هذا ليس قانونياً … اعيدوا السيطرة إلى طائرتى .
أتاه هذه المرة صوت قائد الطيران، وهو يقول:

– يبدو أنك نسيت أنك تحًَّلق فى سمائنا يا هذا، ونحن لا نتلقى الأوامر إلا من قيادتنا .
قالها قائد الطيران، ثم التفت إلى قائد الدفاع الجوى، قائلاً :
– أحسنت يا هذا .
سأله الرئيس فى اهتمام :
– أهو سلاح جديد؟!
اجابه قائد الدفاع الجوى فى ارتياح:
– بل هى تجربة لسلاح جديد يا فخامة الرئيس … لقد وجدنا أن كل الطائرات الحديثة، يتم توجيهها عبر الأقمار الصناعية لدولها، وكل ما فعله سلاحنا الجديد، هو انه فصل الاتصال، بين الطائرات وأقمار التوجيه الصناعية، ونقل إلينا شفرة التوجيه، التى جعلتنا نمتلك السيطرة الكاملة على الطائرات، كما لو أنها جزء من لعبة هولوجرامية متطوًَّرة .
اعتدل الرئيس فى مقعده، وهو يقول بابتسامة كبيرة:
– عظيم … لدينا احتفال مزدوج إذن، بنجاة كوكبنا، ونجاح تجربة السلاح الجديد.
تساءل قائد القوًَّات فى اهتمام:
– ولكن ماذا عن فريق (نور)؟!
ولم يحر أحد الحاضرين جواباً، وإن أطلًَّ التساؤل ذاته من عيونهم جميعاً …
نعم … ماذا عن فريق (نور)؟!..
ماذا؟!..
* * *

رائج :   التصطيب و تكنولوجيا المعلومات || د : أحمد خالد توفيق

سلاح الفقاعات المتفجًَّرة، كان مصوًَّباً نحو أفراد الفريق …
والجنرال كان فى ذروة غضبه وشعوره بالفشل …
ولم يكن هناك سبيل واحد لنجاتهم …
أى سبيل …
ولقد تألقت عينا الجنرال بنظرة وحشية مخيفة، وهو يضغط زناد سلاحه، و….
وفجأة، حدث أمر عجيب للغاية …
أمر أشبه بالمعجزة ..
لقد بلغت الشمس تلك الفجوة فى السطح …
وهبط ضؤها وحرارتها إلى قاع الكهف، حيث استقر (آتوترون) …
وعلى نحو طبيعى، عكس سطح (أتوترون) الضوء والحرارة …
نحو جسد الجنرال مباشرة …
ومع ذلك الدفق المفاجئ من الحرارة، اتسعت عينا الجنرال عن آخرهما …
وسقط سلاحه من يده …
وأطلق صرخة …
صرخة تردًَّدت فى الكهف، حاملة آلاماً رهيبة ….
آلام جعلته يسقط على ركبتيه، وسط دائرة الضوء والحرارة، وهو يصرخ بكلمات، جعلت أفراد فريقه العلمى يصابون بالفزع، ويتراجعون حتى التصقوا بجدار الكهف، الذى ذابت كل ثلوجه تقريباً…
وأمام عيون الجميع، تصاعدت من جسده أبخرة عجيبة، لها لون أزرق داكن …
وفى ضعف ملحوظ، حاول أن يزحف خارج دائرة الضوء والحرارة …
ولكن الأبخرة تزايدت …

وتزايدت …
وفى مشهد بشع، راح قناع زيه الواقى يذوب …
ومن تحته، بدا وجهه أكثر بشاعة، وهو يذوب على نحو عجيب …
وفى تلقائية، اندفع (نور) يحاول معاونته، ولكن (أكرم) أمسك ذراعه فى قوة، وهو يقول :
– اتركه .
ثم أضاف فى حزم، لم يخل من عصبيته المعتادة:
– إنها شمسنا، تنتقم لنفسها .
وتوًَّقف (نور) بالفعل …

ليس استجابة لحديث (أكرم)، ولكن لأنه أدرك عدم جدوى هذا …
فقد همدت حركة الجنرال تماماً، وتكاثفت الأبخرة الزرقاء، المتصاعدة من جسده، إلى حد مخيف …
لقد فعلتها شمسنا بالفعل …
وانتقمت …
* * *

” هل تشعر بالراحة ؟!..”..
نطقتها (سلوى) فى حنان، وهى تعدًَّل وضع وسادة هوائية صغيرة، خلف ظهر (أكرم)، الذى استرخى على مقعد وثير، تحت أشعة الشمس الدافئة، فى حديقة منزل (نور)، فأومأ برأسه، مجيباً فى استرخاء واضح:
– لا يمكننى أن أكون أكثر راحة من هذا .
وأشار بيده إلى أعلى، مستطرداً:
– يكفى أن أشعر بهذا الدفء الجميل.
أومأت (نشوى) برأسها موافقة، وهى تصب قدحاً من الشاى لزوجها (رمزى)، قائلة :
– هذا صحيح …إننا نشعر به دوماً، إلا أنه يبدو أن الإنسان لا يدرك ما يتمتع به من نعم الخالق عزًَّ وجلًَّ، إلا عندما يوشك على فقده .
تمتم (رمزى):
– هذا صحيح .
وصل (نور) فى هذه اللحظة، وعبر باب الحديقة، وهو يقول:
– معذرة لتأخرى يا رفاق… كان علىًَّ أن أعد التقرير النهائى، ولم أدرك أنه سيستغرق كل هذا الوقت .
سألته (سلوى) فى اهتمام:
– ماذا فعلوا بفريق الغزاة، الذى بقى على قيد الحياة؟!
اجابها، وهو يجلس على مقعد مجاور لمقعد (أكرم):
– وضعوهم فى بيئة مناسبة، والدكتور (فريد) وفريقه يحاولون الآن الحصول على كل ما لديهم من معلومات .
سأله (رمزى):
– وماذا عن الدكتور (كمال) والدكتور (ريمون)؟!
أشار (نور) بيده، قائلاً:

– إنهما تحت الرعاية الطبية والعلمية الفائقة، والدكتور (فريد) يأمل أن يتعاون الغزاة، فى إخراجهما مما أصابهما .
اعتدل (أكرم) فى حركة حادة، وهو يقول:
– (نور) … هل دعوتنا لتناول طعام الغذاء، أم لمناقشة أمور العمل؟!
ابتسم (نور)، وهو يقول:
– أنت على حق … دعونا لا نتحدًَّث عن العمل اليوم .
عاد (أكرم) يسترخى فى مقعده، وهو يقول فى استمتاع :
– نعم … دعونا فقط نستمتع بدفء شمسنا .
وكان على حق تماماً …
فليستمتعوا جميعاً بدفء شمسنا، التى لن تصبح ابداً، فى حياتنا على الأقل، شمساً باردة…
أبداً .
#ملف_المستقبل

Related Articles