أجمل رسائل بريد الجمعةقصص وعبرقضايا وأراء

انكشاف الحقيقة !! .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله) 

أنا فتاة في التاسعة والعشرين من عمري‏,‏ ارتبطت منذ ثلاث سنوات بشخص متزوج وعنده أطفال وأحببته وأحببت أطفاله بجنون‏..‏ وكانت بداية القصة معه أن حكي لي أنه كان متزوجا من سيدة قبل زوجته الحالية وأنجب منها أطفالا‏..‏ ثم دب الخلاف بينهما وانفصلا بالطلاق‏..‏

وتزوجت السيدة من شخص آخر وتركت أطفالها معه‏..‏ وتزوج هو من زوجته الحالية وأنجب منها‏,‏ لكنها لا تعامل أطفاله من زوجته الأولي معاملة طيبة وتحرمهم من الإقامة مع أبيهم في حياة واحدة‏..‏ فرق قلبي لحال أطفاله من زوجته الأولي هؤلاء واقتربت منه وتزوجته بدون علم أهلي زواجا عرفيا لكي أرعي هؤلاء الأطفال وأحنو عليهم‏.‏ ومع أن زواجنا كان مبنيا علي أن أقوم برعاية أطفاله وتعويضهم عما حرموا منه من حنان الأم فقط لا أكثر‏,‏ فلقد حدث ما كنت أخشاه وبدأ يداعبني مداعبة الزوج لزوجته‏..‏

وحين فكرت في الانفصال عنه خوفا من العواقب اكتشفت المصيبة الكبري وهي أنني حامل منه‏,‏ وأسقط في يدي‏..‏ ماذا أفعل‏..‏ وكيف أواجه أهلي وهم أناس طيبون جدا ومن أسرة محترمة ومتدينة‏..‏ وتناولت بعض الأعشاب علي أمل التخلص من الجنين واجريت التحليلات فجاءت نتائجها ايجابية‏.‏ ثم اصبت فجأة بنزيف واصطحبني زوجي إلي طبيبة لأمراض النساء عالجتني‏..‏

وكل ذلك وأهلي لا يعلمون شيئا وبعد هذه المحنة طلبت من زوجي أن يتقدم لأهلي لطلب يدي رسميا لكيلا يعرضني لأزمة مماثلة‏..‏ فتقدم لهم بالفعل وكأنه خاطب لا تربطه بي صلة وسأله أهلي عن ظروفه‏..‏ واحواله وإمكاناته‏,‏ فكانت الاجابات في غير صالحه فهو زوج لأخري وله منها أطفال‏..‏ وتزوج من قبلها أخري وله منها أطفال أيضا‏..‏ وانتهي الأمر برفضه إلا إذا استطاع تنفيذ مطالب معينة لضمان مستقبلي معه‏.‏ وخرج هو من بيتنا محبطا وسافر للعمل في محافظة أخري لكي يستطيع تلبية مطالب الأهل‏.‏

رائج :   أحمد خالد توفيق : عن الفيروس الذي يهاجم مصر في فترات الانتخابات !!

وهو لا يأمل في أن ينجح في ذلك قريبا‏,‏ وقد امتنعت عنه منذ عدة أشهر إلي أن أجد لنفسي مخرجا وكلي ثقة في أن الله لن يتخلي عني وقد فكرت في أن أجري لنفسي جراحة لأعود كما كنت لكي أشعر انني آنسة وليس لكي أتزوج غيره‏..‏ لانني لا أستطيع أن أتزوج سواه حتي لو تم طلاقي منه لكيلا ارتبط بآخر علي أساس من الغش والخداع‏,‏ كما فكرت أيضا أن أعرض مشكلتي علي لجنة الفتوي بالأزهر‏,‏ لكني أردت أن أكتب لك أولا‏..‏ لتشير علي بما أفعل‏,‏ فأنا أطلب من الله دائما في صلاتي أن يغفر لي خطيئتي وأن يجمعني أنا وهو علي ملأ من الناس ويعرف أهلي أنه زوجي‏.‏

ولقد عرض علي أن أتركهم وأذهب معه إلي أي مكان ونعقد قراننا رسميا فرفضت ذلك حفاظا علي أبي الذي يحبني جدا وحرصا علي صحته وكرامته ولست أعرف الآن ماذا أفعل‏..‏ وقد كتبت لك كل التفاصيل وأريد أن أعرف نصيحتك‏..‏ لكنني أرجوك ألا تنصحني بأن أصارح أحدا بما حدث لي مهما تكن قرابته لي‏,‏ لأن ذلك سيكون هلاكي ومن الصعب أن أبوح لأحد به‏..‏ وشكرا‏.‏

ولكاتبة هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

سأحاول أن أناقش معك مشكلتك بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس‏..‏ وعفة الكلمة‏!‏ 
إنك تطلبين مني أن أشير عليك بما تفعلين في أمرك بشرط ألا أنصحك بالبوح لأحد مهما تكن قرابته لك بحقيقة مشكلتك لأن في ذلك هلاكك‏,‏ ولانك كما تفيد كلماتك لا تقدرين علي مواجهة تبعات انكشاف الحقيقة حتي ولو لدائرة محدودة من الأهل يمكن أن تقتصر في البداية علي والدتك أو من تقوم في حياتك العائلية مكانها‏..‏

رائج :   مخلوقات كانت رجالا .. || من كتابات د : أحمد خالد توفيق

وهذا الهلع من مواجهة الأهل والأقربين بما فعلت بحياتك بهدف طلب عونهم لك علي الخروج من النفق المظلم‏,‏ أو علي تحقيق أملك في الارتباط العلني بهذا الرجل‏,‏ يثير لدي دائما مفارقة مؤلمة‏,‏ بين الجرأة علي ارتكاب الخطأ والتي تصل أحيانا إلي حد التهور‏..‏ وبين الخوف من تحمل تبعات نفس هذا الخطأ أو من مواجهة الآخرين والذي يصل بصاحبه إلي حد الجبن‏.‏ وما يحيرني واعجز عن فهمه حقا‏,‏ هو لماذا لا يمنعنا هذا الخوف نفسه من ارتكاب الأخطاء تحسبا لتبعاتها وخوفا من عواقبها‏..‏ ولماذا ينحصر خوفنا علي الأعزاء الذين نحرص عليهم في تكتم أخطائنا ورعونتنا عنهم‏..‏ ولا يمتد إلي ما هو أسبق من ذلك فيمنعنا من ارتكاب الخطأ إن لم يكن تقديرا لعواقبه فعلي الأقل إشفاقا علي من سوف يتأذون كثيرا به حين ينكشف لهم أمره‏.‏

إن الخوف نوعان خوف إيجابي يردنا عن جني الثمار المحرمة تخوفا من التبعات‏..‏ أو العقاب أو من هتك الاستار وخوف سلبي لا يردنا عن ورود بئر الخطايا‏..‏ لكنه يمنعنا فقط من طلب العون لإخراجنا منها وإعادتنا للطريق القويم‏,‏ وهلعك من مصارحة الأهل بحقيقة أمرك الآن من هذا النوع الشائن من الخوف‏..‏ وحرصك علي كرامة أبيك وصحته ليس مبررا مقنعا لما تفعلين وإلا فأين كان هذا الحرص وأنت تتورطين في علاقة سرية مع رجل متزوج وله أبناء من زوجة حالية وزوجة سابقة دون أن تضعي في اعتبارك ما سوف تتعرض له كرامة أبيك وصحته من أذي؟ ولماذا لم تتحلي ببعض هذا الخوف الذي تتعللين به الآن وأنت تندفعين إلي هذه العلاقة الشائنة‏.‏

ثم ما هو هذا الدافع الانساني المزعوم الذي تخدعين به نفسك وتبررين به ضعف التزامك الأخلاقي والديني مع هذا الرجل المتزوج؟ وكيف تصدقين أنك قد ارتبطت به في علاقة سرية وهو الرجل المتزوج والأب لكي ترعي اطفاله المحرومين من حنان أمهم لأن زوجة أبيهم تقسو عليهم وتحرمهم من الإقامة معه؟ وكيف أديت هذه المهمة الإنسانية‏..‏ وحنوت عليهم وقمت بتعويضهم عن حرمانهم وأنت فتاة تعيش في كنف أهلها وليس لك بيت زوجية ترعين فيه أحدا؟

رائج :   عش ولا تقل للموت لا مرتين غدا .. || من كتابات د : أحمد خالد توفيق

وفيم كانت المفاجأة في خروج زوجك المزعوم علي أساس هذا الزواج الوهمي المزعوم وهو رعاية الاطفال فقط‏!‏ 
وكأنك قد تعاقدت معه علي رعاية أطفاله كمربية مستأجرة وليس كفتاة ارتضت لنفسها أن يستحلها رجل متزوج بمقتضي ورقة سرية لا تغني ولا تسمن من جوع‏,‏ ولا تضمن لها حقا ولا تحفظ لها حرمة ولا تعفيها إلي حد كبير من الإثم؟
إنني لا أري لك للأسف مخرجا مشروعا مما فعلت بنفسك سوي نفس النصيحة التي تتحسبين لها من البداية‏..‏ وهي ضرورة أن تصارحي والدتك أو أقرب الأهل إليك وأرشدهم إذا لم تكن والدتك علي قيد الحياة بحقيقة ما حدث وتتحملي لومه وعتابه بل واحتقاره أيضا إذا لزم الأمر لأن من العدل أن ندفع ثمن أخطائنا وألا ننكص عن تحمل تبعاتها‏,‏ فيكون من تصارحينه بذلك عونا لك ليس علي أي تصحيح شكلي لوضعك‏,‏ وإنما علي إقناع ذويك بأن يتساهلوا مع هذا الرجل لإتمام زواجك به في أقرب وقت لكي تواجهي الحياة بعد ذلك كزوجة ثانية علنية أو كمطلقة من زواج مشروع ومعلن‏,‏ وليس كفتاة ضائعة أضاعت أمانها وكرامتها في هذه العلاقة السرية ولا أمل لك للعودة للطريق القويم والتوقف عن الزيف وخداع الاهل وخداع النفس سوي ذلك‏..‏

و عسي أن تتعلمي حينئذ درس التجربة فلا تنساقين مرة أخري وراء رعونتك واندفاعك الأهوج بلا تبصر‏.‏

من أرشيف جريدة الأهرام

 نشرت سنة 2004

مقالات ذات صلة