” الأطفال أحباب الله “… مصطلح شعبي ودارج على ألسنتنا، ولكن بعض الأطفال لديهم صفات ربما تخرجك عن شعورك أحيانًا، بل وهناك نوع من الأطفال صعب ترويضهم؛ لأنهم ربما يحتاجون إلى “طولة بال” لا يمتلكها أي شخص، ولكنهم في النهاية أطفال “وهناخدهم” على قدر عقولهم إلى أن يكبروا وينضجوا
لكن ماذا عن الكبار الذين لديهم عقول أطفال؟! ماذا إن كان مديرك في العمل لديه صفات طفلك الذي قد يدفعك إلى ترك البيت والهرب أحيانًا ؟!
هناك أنماط كثيرة من المديرين الذين يمرون علينا على مدار حياتك المهنية، كل منهم له مميزات ولديه عيوب أيضًا، وهذا أمر طبيعي، لكن هناك من تطغى عيوبه على مميزاته أو بمعنى آخر، هناك عيوب لا يمكنك التعايش معها في بيئة العمل؛
وحتى لو حاولت ذلك لبعض الوقت سيتم استنزافك وستكون سلامتك النفسية في خطر، ومن بين أنواع المديرين الذين يندرجون تحت هذا التصنيف هو “المدير الطفل”! والأصعب من كونه طفلًا أنك تضطر لمعاملته مثل الآباء والأمهات.
قال لي أحد زملائي السابقين في العمل، غضب مديره منه ذات مرة؛ لأنه حدثه في الهاتف لأمر عاجل جدًا ونسي أن يسأله عن أخباره ويطمئن عليه؟!
والغريب انه ظل “مقموص” لفترة، وزميلي هذا لا يعرف سبب ذلك إلى أن صرح له مديره ذات مرة! هذا الموقف لفت انتباهي لموقف آخر، كان لدي زميلة تعمل في الصحافة، وكان رئيسي التحرير سيدة تتعامل مع ” staff” أغلبه من البنات لاحظوا أنها كانت تغضب عليهم لأنهم لا يثنون على ملابسها كل يوم.
راجع معي، هل مديرك يرضى عنك ويرفعك حد السماء “لما يكون باله رايق”، يغضب منك ويضايقك لأمور قد تبدو تافهة! لديه عِندٌ وتشبث بالآراء حد البكاء (ليس البكاء بالمعني الحرفي)، لديه ثقة بالنفس مفرطة قد تصل إلى السذاجة أحيانًا، يتباهى حتى بأقل الأشياء، هذا باختصار هو المدير الطفل – كما وصفته لين تيلور الخبيرة في أمكان العمل، ومؤلفة كتاب ” Tame Your Terrible Office Tyrant”
وذلك بعد إجرائها لمجموعة من المقابلات مع عدد كبير من المديرين على مستوى العالم، وبناءً على ذلك وضعت “تيلور” مجموعة من النصائح التي يمكنك تطبيقها حتى تتمكن من التعامل مع مديرك الطفل والحفاظ على وظيفتك:
• التواصل الجيد:
المدير الطفل تصرفاته ستظل مبهمة بالنسبة لك، ولن تعرف ما يدور بداخله على وجه التحديد، والحل أن تأخذ زمام المبادرة وتتحدث معه باستمرار لكي تفهم ” دماغه” جيدًا وأن تعرف ماذا يرى؟ وفيما يفكر؟ وماذا يريد؟
وهذا ما يفعله الآباء مع أطفالهم؛ فهم –بطبيعتهم- لا يأخذوا زمام المبادرة في حوار مثل هذا، ومن خلال فهمك لطبيعة عقلية مديرك ستعرف كيف تحقق أهدافه على نحو يناسبك، وأيضًا ستبتعد عن تفسير تصرفاته الصبيانية على أنها موجه لك عندما يكون منزعجًا من شيء ما.
• توقع المشاكل:
جانب مهم في تعاملك مع المدير الطفل هو أن تتوقع المشكلات التي ربما تواجهك معه، وحاول أن تجد حلولًا وردودًا على تلك المشاكل تناسب طبيعة شخصيته حتى لا تستفز مشاعره الصبيانية،
على سبيل المثال إن كان مديرك يرى دائمًا أنه على صواب، وتسبب في إخفاق ما في العمل وألقى باللوم عليك، فلا جدوى من استفزازه وتوجيه اللوم له مباشرة لأنه لن يعترف بخطئه، لكن يمكنك احتواء الموقف من خلال محاولة إيجاد حلولًا للمشكلة، واستخدم كلمة ” أنا ” بدلًا من “أنت” حتى لا تكن في صورة من يوجه التهم.
• الضحك والفكاهة:
حاول ألا تأخذ تصرفات مديرك دائمًا على محمل الجد، فبعض المواقف تتطلب منك أن تواجهها بضحكة أو دعابة أو ابتسامة حسب رؤيتك للموقف، وترى “تيلور” أن هذه طريقة فعالة لإذابة الحواجز بينك وبين مديرك الطفل؛ فالابتسامة وحدها من الأسلحة المهمة التي يمكنك الاعتماد عليها في مواجهة طوفان المشاعر من قبل مديرك الطفل.
• حدد توقيتك:
في رحلة التعامل مع مديرك الطفل، التوقيت مهم للغاية، يجب أن تعرف أفضل الأوقات للتواصل مع مديرك، ويجب أن تتبع مزاجيته جيدًا (متى يصبح مزاجه متقلبًا، ومتى تحتد الأمور بالنسبة، ومتى عليك التدخل)، مهم أيضًا أن تعرف متى تقول لمديرك نعم ومتى تبدي رفضك حيال أي شيء، وهذا الأمر يتطلب حسًا من الموظف قبل كل شيء.
• ضع الحدود:
الحدود ثم الحدود ثم الحدود، لا تتنازل أبدًا عن التجاوز في حقك من قبل مديرك، لكن حاول أن تكون دبلوماسيًا في التعبير عن رفضك ولا تواجه النار بالنار، فعلى سبيل المثال إذا تعامل مديرك بعصبية أو تعرضت للتنمر حافظ على هدوئك وعبر عن رفضك لهذه الصيغة جملة وتفصيلًا،
وإذا فعلت ذلك وتكرر الخطأ ابحث عن مكان عمل آخر، أيضًا حاول أن تجعل تركيزك في تعاملك مع مديرك الطفل منصبًا على العمل فقط، حتى لا تتشعب معه في حوارات لن تأتي لك إلا بالمشاكل.
• حافظ على تركيزك:
توضح ” تيلور” أن من سمات المدير الطفل هو أن تركيزه ضعيف نتيجة اضطرابه وتعرضه للعديد من الوسائل المشتتة؛ فيجب أن تتعامل معه في إطار رسمي موثق وعندما يطلب منك انجاز أحد المهام فالأفضل أن يتم ذلك عبر البريد الإلكتروني، وأيضًا كثف المتابعة معه بخصوص المهام المطلوبة؛ لأنه تشتته السريع ربما يجعله منشغلًا عنك وهذا سينعكس بالسلب على أدائك المهني.
• كافئ سلوكه الجيد:
إذا تصرف مديرك على عكس ما هو معتاد، وكان سلوكه مستقيمًا في بعض المواقف يجب أن تُعلق على ذلك، وكيف أنه جعلك تبذل قصارى جهدك في العمل وانعكس على أدائك بشكل إيجابي، وبالتالي سيربط مديرك بين سلوكياته وزيادة انتاجية الفريق وهذ طريقة في علم النفس تسمى التعزيز الايجابي وبمرور الوقت ربما تظهر نتائجها على سلوكياته.
في النهاية ليس الكل قادرًا على التعامل مع المدير الطفل؛ الأمر متروكًا لك وحد، إذا كنت ترى أن وظيفتك هي فرصة جيدة لك، ولا تريد أن تفقدها يمكنك أن “تهندل” مديرك من خلال هذه النصائح ولكن إذا كان الأمر تكلفته أكبر من فوائده يمكنك إعادة النظر مرة أخرى في قرار بقاءك في الشركة.