تاريخفكر و ثقافةقصص وعبر

أغني سكندري في العالم

لو انت من أهل اسكندرية ومشيت بعد فيكتوريا عند شارع الجلاء هتلاقي شارع جانبي هناك موجود فيه فيلا كبيرة جدًا من أملاك الملياردير محمد الفايد. . يمكن مش كتير اللي يعرفوا ان محمد الفايد يبقى اسكندراني ومولود في أسرة بسيطة جدًا كانت أقصى أحلامها انه يبقى شاطر في المدرسة. .

إزاي محمد الفايد اتغير 180 درجة من بعد طفولة شاف فيها الفقر والحرمان علشان بعد سنين يشتري أفخم وأغلى براندات في أوروبا .. وازاي وصل بنفوذه وثروته انه يتحدى ملكة بريطانيا نفسها بعد حادثة نفق “ألما” في باريس اللي مات فيها ابنه عماد مع الأميرة ديانا؟؟

إمبراطورية الفايد

. . . أسرار وألغاز وأساطير لحد دلوقتي حوالين محمد الفايد بتخلي قصة بداياته في عالم البيزنس مختلفة تمامًا عن أي رجل أعمال مصري. . بس منين بدأت “إمبراطورية الفايد” زي ما بتسميها صحيفة الجارديان البريطانية؟

بتبدأ رحلة محمد عبد المنعم الفايد من أوائل التلاتينات في منطقة الأنفوشي في اسكندرية .. بيته كان في شارع جانبي في المنطقة دي جنب محلات السمك اللي في كل حته هناك .. الأب كان بيشتغل مدرس لغة عربية والأم كانت ربة منزل كل مهمتها تربي عيالهم الخمسة: محمد وعلي وصلاح وسعاد وصفية.

ولأن في الوقت ده دخل الأب مكنش بيكفي البيت اللي ما شاء الله فيه عدد كتير .. بدأ محمد واخواته صلاح وعلي يشتغلوا من بدري .. فكان من وهو طفل بيشتغل في أي حاجة تجيب قرشين زيادة لحد ما في يوم واحد صاحبه قال له ان المينا فيها شغل كتير وتعالى نشجع بعض ونشتغل هناك سوا.

تاني يوم راحوا المينا ولقوا ان الشغل المطلوب هو عمال بيرفعوا بضاعة وينزلوا بضاعة .. شغلانة مكنتش سهلة وفيها مجهود متواصل .. استمر محمد في الشغل ده رغم انه لقى ان فيه كتير مش عاجبهم الشغل ومكملوش فيه .. لكن هو كمل لأنه كان محتاج فلوس ..

بداية بسيطة وحلم كبير

المينا كانت سبب مهم انه يحلم كل يوم بالسفر!

فكان بيتحمل المجهود اللي في شغل المينا على أساس يعني اهو يمكن يوم يسافر ويشتغل في بلاد تانية ويقبض اكتر ..

وبعد كذا سنة حد بعت له ان فيه شغل في السعودية .. شغل في تجارة ماكينات الخياطة .. وهو بما انه فهم شغل المينا اللي قايم أساسًا على التجارة شاف انها فرصة معقولة والعائد اللي هييجي من وراها كويس .. وأثبت كفاءته في بيع الماكينات دي خلال فترة قليلة وزي ما بنقول “شرب الشغلانة” . .

وده اللي خلاه يستمر في السعودية لحد ما يجمع راس مال يقدر بيه يعمل شركة تكون بتاعته هو .. بس كان عايز شركته تشتغل في نفس الشغل بتاع المينا بتاع نقل البضايع لأنه كان شايف ان ده هو المستقبل!

وبالفعل لما رجع من السعودية فتح شركة لشحن ونقل البضايع على خط ((جينوا – اسكندرية – بيروت – اسطنبول)) .. وفي خلال سنين بسيطة شغل الشركة دي المتواصل على الخط ده حقق أرباح لمحمد الفايد مكنش يحلم بيها!

ده شجعه انه يشتري مراكب أكتر ومساحتها أكبر عشان ينقل شغل بكميات كبيرة وينافس حيتان المينا اللي نابهم أزرق!

رائج :   تعرف على ملخص سيرة الملك الصالح نجم الدين أيوب

قد يهمك: بزنس في تالته ابتدائي

بيزنيس ناجح

والتوسع اللي عمله محمد الفايد كان فاتحة خير عليه وبسببه بدأ يكون فيه شعبية للشركة بتاعته وبقى له سمعه في المينا بعد ما بقيت شركته معروفة في أكتر من دولة وبقى اسم محمد الفايد معروف لقائمة طويلة من العملاء المصريين والأجانب.

ولأن البيزنس الناجح عضمه ناشف وجدوره قوية من قلب الأزمات اللي بتحصل له .. بدأت أول مشكلة تهدد نجاح شركة الشحن بتاعة محمد الفايد لما صدرت في الستينات قرارات التأميم!

في الفترة دي مصر كانت بتتغير وبتاخد الطابع الاشتراكي وناس كتيرة دخلوا في معجنة التأميم زي عثمان احمد عثمان وأنسي ساويرس ( والد نجيب ساويرس) وغيرهم كتير .. وكان من ضمن الناس دي محمد الفايد اللي اتصادرت منه أغلب المراكب بتاعته ما عدا اللي خارج مصر اللي لسه مدخلتش المينا!

قلق سياسي وعودة من جديد

القلق في القرارات السياسية والتغيير الواسع في المشهد السياسي/ الاجتماعي كان سبب ان محمد الفايد يرجع للخلف خطوتين ويفكر أنهي الأحسن للبيزنس بتاعه هل يستمر في مصر وللا ينقل في مكان تاني؟

بعد تفكير طويل قرر محمد الفايد ينقل شغله على إيطاليا وبعدين نقل على لندن .. شركته في لندن بقيت تتعامل مع الخطوط النشيطة تجاريًا مع بريطانيا،، وبدأ من تاني يقف على رجليه ويكبر نفسه بنفسه.

ولأن الفرص بتخدمك طول ما انت بتشتغل وتجتهد .. جت لمحمد الفايد فرصة متقشرة على طبق من دهب زي ما بيقولوا لما سفينة شحن تابعة لشركته عطلت جنب مينا في الامارات!

الإمارات في الوقت ده كانت صحرا!

محمد الفايد بيحكي وقتها حد في المينا هناك استدعاه علشان يقابل الشيخ راشد آل مكتوم .. وكان محمد الفايد مندهش ايه اللي ممكن يكون سبب المقابلة !

واتفاجئ لما الشيخ راشد قاله انه بيحلم يعمل ميناء إقليمية في دبي تربط أوروبا بالمنطقة العربية!

وطلب من محمد الفايد انه بعلاقاته الواسعة يجيب مستثمرين أجانب يبنوا المينا مقابل أي عمولة يطلبوها .. فيسافر محمد الفايد لبريطانيا ويكلم مستثمرين إنجليز في شركة بريطانية توافق على الصفقة وتحدد عمولتها الكبيرة وتيجي تبني مينا دبي اللي اتحول لمينا عملاق بيستقبل سفن وحاويات ضخمة يوميًا!

الشيخ راشد كان شايف ان محمد الفايد شاطر وعنده مهارة في التفاوض مع الأجانب .. اسكندراني بقى ويفوت في الحديد .. وكان الشيخ راشد بيشتكي له ان دول الخليج بدأوا التنقيب عن البترول لكن الإمارات مفيش مستثمرين بييجوا هنا لسه .. فاتفق معاه على صفقة من خلالها تكون مهمة محمد الفايد انه يجيب شركات تنقيب عن البترول في أرض الإمارات اللي مكنتش لسه اكتشفت خزائن البترول!

فيسافر محمد الفايد على ألمانيا ويتعاقد مع شركة ألمانية متخصصة في التنقيب عن البترول..

كان فيه بس مشكلة صغيرة مع الشركة دي!

قلق وخوف

الشركة رصدت تكلفة البحث عن البترول في مناطق في دبي وكانت التكلفة بقيمة 2 مليون دولار .. ده رقم كبير في الوقت ده ومحمد الفايد كان شايف ان المستقبل للبترول وراهن على كدا !

رهن مراكب وسفن كانت عنده في الشركة اللي عملها للشحن!

رائج :   بدايات غزو اليابان للصين أثناء الحرب العالمية الثانية ونشأة الصراع مع الولايات المتحدة

لو الشركة الألمانية دي ملقيتش بترول كان محمد الفايد انتهى!

وبعد أسابيع تيجي الشركة الألمانية دبي وتستمر في التنقيب 6 شهور .. 6 شهور محمد الفايد بيحط إيده على قلبه كل يوم فيه بترول ولا خسرت فلوسك يا عواد !

وتحصل المعجزة في أرض الإمارات .. وتبدأ الشركة تستخرج بترول .. 300 ألف برميل بترول يومياً !

الشيخ راشد بيحكي انه اتفاجئ بالكمية دي كل يوم! .. دي كانت زي مغارة علي بابا بالنسبة لمحمد الفايد لأنه كان متفق مع الشيخ راشد على عمولة 20% من أرباح استخراج البترول اللي تم التنقيب عنه من خلال الشركة دي!

مش بس كدا لأ كمان الشيخ راشد من بعد نجاح عمليات التنقيب واستخراج كميات كبيرة من البترول كل يوم كتب عقد بينه وبين محمد الفايد لإدارة ميناء دبي لمدة 25 سنة!

في آخر حوار تليفزيوني مع عمرو أديب بيحكي محمد الفايد ان الشيخ راشد كان مبسوط جدًا منه بعد كل الإنجاز اللي كان سبب فيه سواء في المينا أو استخراج البترول وقال لمحمد الفايد “ده انت ربنا بعتك ليا !”

ده كان سبب ان محمد الفايد يقعد فترة في الإمارات ويشارك في مشروعات طرق وميادين ومولات عملاقة لسه موجودة في دبي لحد دلوقتي. . ومن اللحظة دي ثروة الفايد تضاعفت لأرقام خرافية!

وعلاقاته بقيت تضم أمراء وملوك عرب!

قد يهمك: بالبلدي كدا … عسل النحل .. غذاء ملكات النحل .. عبكر النحل

انجازات عظيمة

وفي منتصف السبعينات رجع محمد الفايد بريطانيا ومن الثروة الضخمة اللي جمعها من الإمارات اشترى فندق دور شستر في لندن .. وبعدها اشترى فندق مشهور في فرنسا اسمه ريتز .. وحقق أر باح كبيرة من الاتنين.

ومن بعد ما اشترى الفندقين دول بدأت الصحافة في بريطانيا وفرنسا تركز على محمد الفايد اللي بدأ يشتري قصور وفنادق ومولات كبيرة ويبعت للملكة إليزابيث شخصيًا هدايا غالية جدًا!

وأكبر ضجة حصلت في الصحافة البريطانية كان لما الفايد اشترى في سنة 1983 المبنى اللي فيه محلات هارودز الشهيرة .. دي مكانتش صفقة عادية لأن هارودز يعتبر مبنى تاريخي أسطوري في بريطانيا بيضم أكتر من 330 قسم للتسوق على مساحة 970.000 قدم مربع.

ده بيخليه من معالم لندن .. الملكة إليزابيث نفسها كانت بتشتري ملابسها من هارودز!

ولما محمد الفايد اشتراه قامت القيامة في صحف بريطانيا وبدأ صحفيين يكتبوا ان ثروة الفايد اتضاعفت 3 مرات لما احنا سمحناله يمتلك المبنى ده !

وتتوالى المصائب

وفي الوقت ده اللي بيمتلك صحيفة الأوبزرفر البريطانية “تيني رولاند” كان بينافس الفايد في الصفقة دي .. صفقة هارودز .. ولما رولاند خسر الصفقة خصص مقالات كاملة في الأوبزرفر للهجوم على محمد الفايد!

الفايد كان اتعود من سنين على الضرب تحت الحزام في البيزنس .. لكن لما ده يحصل وبأسلوب رخيص من صحيفة المفترض انها كبيرة ده كان جديد على محمد الفايد!

وكمان صحيفة الصنداي تايمز البريطانية شالت اسم محمد الفايد من القائمة السنوية لأغنى الناس في بريطانيا!

المستوى ده من الضرب في البيزنس زاد في سنة 1997 لما حصلت الحادثة الشهيرة لعماد الفايد _ابن محمد الفايد_ وهو في عربية مرسيدس مع الأميرة ديانا والاتنين ماتوا (أو اتقتلوا) في نفق “بونت دي ألما” في باريس .. ثروة محمد الفايد ونفوذه شجعوه انه يطلع وسط تحقيقات الحادثة دي يشتم الأمير فيليب وزوجته الملكة إليزابيث في الصحافة!

رائج :   النظرية الأولى .. رسالة من بريد الجمعة

مفاجأت كبيرة

وبعد ما اتقفلت القضية اتحول تحدي محمد الفايد من العائلة المالكة البريطانية للتوسع في البيزنس .. بقى يركز بس في البيزنس .. بدأ يشتري في بريطانيا أندية وفنادق ويأسس شركات جديدة بتشتغل في كل حاجة تقريبًا وكل واحدة منهم بتعمل أرباح كبيرة !

والمفاجأة القوية اللي أجبرت غالبية صحف بريطانيا ترجع تتكلم كتير عن بيزنس محمد الفايد انه اكتشف بالصدفة بعد سنة 2000 ان الفيلا بتاعته في لندن بالمزرعة اللي حواليها عايمين على حقل بترول على عمق 300 متر!

ده كان سبب ان محمد الفايد يدخل في نزاع مع القضاء البريطاني اللي دخل في معضلة قانونية هل محمد الفايد من حقه نسبة في البترول ده لأن البترول على أرضه ضمن أملاكه ولا البترول ده من حق التاج البريطاني؟؟

وكانت فضيحة لما محمد الفايد اكتشف ان التنقيب عن البترول تحت بيته بدأ من سنة 1990 !

القضاء هناك حكم لمحمد الفايد بنسبة كبيرة من أرباح حقل البترول ده.. الحكم كان بأثر رجعي من خلاله ياخد محمد الفايد أرباح عن الحقل ده من سنة 1990 ولحد ما يخلص البترول اللي تحت بيته!

من اللحظة دي بدأ محمد الفايد يكون له بيزنس في البترول!

ده بالإضافة لشركات جديدة في قطاع الطيران .. التنوع ده في بيزنس محمد الفايد كان سبب ان الأضواء تحبه اكتر .. والصحافة الإنجليزية تكتب عنه أكتر رغم مشاكله مع الملكة إليزابيث والأمير فيليب .. ثروته كانت بتتضاعف غصب عن أي حد في بريطانيا .. لدرجة ان في سنة 2004 مجلة الفوربس الأمريكية كتبت ان محمد الفايد من أغنى 40 شخص في العالم !

وفي سنة 2010 محمد الفايد باع هارودز للشركة القابضة القطرية مقابل حوالي مليار ونص المليار استرليني .. دي كانت صفقة ضخمة جدًا في بريطانيا .. وفي نفس السنة باع فندق ريتز الشهير في فرنسا في صفقة ضخمة تانية اتكلمت عنها صحف فرنسا.

أغنى رجل أعمال مصري في العالم

وبقى في سنة 2013 سابع أغنى رجل أعمال مصري في العالم.

وهو حاليًا بيقضي وقته في سويسرا وبيتابع أحوال أسرته وعائلته بعد ما قضى عمره في صناعة واحدة من أكبر الثروات على مستوى العالم.

. . . ولحد دلوقتي اسم محمد الفايد علامة فارقة في تاريخ البيزنس في بريطانيا اللي هو أول واحد يفتحلها سكة المليارات في الإمارات .. ولحد دلوقتي اسمه موجود في أكبر الصحف الإنجليزية والأوروبية والأمريكية .. واتعمل عنه مسلسلات أجنبية!

. . . يمكن انت تشوف في محمد الفايد قصة البيزنس والسياسة .. أو قصة تحدي بين مصر وبريطانيا .. أو قصة الصحافة اللي بتضرب البيزنس تحت الحزام لما تتأثر مصالحها الشخصية!

لكن انا بشوف فيها قصة الطفل اللي كان بيحلم في مينا اسكندرية كل يوم انه يسافر!

بشوف فيها قصة الشاب اللي اتاخدت شركته فسافر ونجح خارج بلده زي ما نجح جوا بلده!

بشوف فيها قصة رجل الأعمال اللي رهن المراكب بتاعته قبل اكتشاف البترول في دبي عشان فكر في المستقبل مش الماضي !

قد يهمك: تاريخ حي || هيضة دمياط .. بداية وباء الكوليرا في مصر

مقالات ذات صلة