تاريخمن هنا وهناكوعي

التاريخ المؤلم للامبراطورية الاستعمـــــارية الألمانـــية فـــي إفريقـــيا

التكالب الاستعماري على أفريقيا

بدأت علاقات ألمانيا في أفريقيا في الفتره التي أطلق عليها فتره التكالب الاستعماري على أفريقيا والتي اسفرت عن عقد المؤتمر الكبير في برلين الى 1884 – 1885م والتي دعت إليها ألمانيا وقتها ولعل الملاحظه التي تستحق التسجيل هنا هي أن الدوله الداعيه لهذا المؤتمر (المانيا) ظلت خلال تلك الفترة لا تمتلك في افريقيا موضع قدم .

لكن رغم أن الحكومه الالمانيه لم يكن لها حتى عام 1884م وهو العام الذي عقد في برلين أي استعمارات محدوده في افريقيا فإن الالمان كأفراد أوكا مستكشفين او تجار او كمشريف كان لهم نشاط ملحوظ في افريقيا قبل ذلك التاريخ. بعد ذلك اندفعت الحكومه الالمانيه والشعب الالماني في تيار الاستعمار.

وكانت البعثات التبشيريه الالمانيه بالاضافه الى الرحلات يقصد المغامره او الكشف الجغرافي ثم بغرض التجاره قد نشطت مع غرب افريقيا منذ القرن السابع عشر وفي عام 1861م أسس بعض الراسماليين في ميناء همبرج الالماني شركه كان لها نشاط كبير مع ساحل افريقيا الغربي ولم يقتصر نشاط الالمان على الساحل الغربي على القاره فقد كان لبعض الاسر في هنوفر ايضا نشاط كثير في الساحل الافريقي الشرقي .واخذ القاب الالمان الذين اشتهرو بالصراحه يعشرون الي ضروره ايجاد مستعمرات المانيه لترويج تجارتها اسوة بالدول الاوروبيه الاخرى.

وفي عام 1878م انشئت (الجمعيه الالمانيه للدراسات الافريقيه) في برلين وكان لهذه الجمعيه نشاط كشفي كبير في القاره الافريقيه.

والملاحظه ان نشاط الالمان كله في هذه الفتره قام على اكتاف كبار التجار والراسماليين ورجال البعثات الدينيه البروتستانتيه والكنشفين وليس على اكتاف الحكومه الالمانيه اذا ان الزعيم الالماني بسمارك ظل زمنا طويلا يعارض السياسه الاستعماريه ويعمل على تجنيب ميلاده مشاكلها, ولاكن لم يلبث ان تغير الوضع بسرعه تدعو للدهشه, فلقد انرقنت الحكومه الالمانيه في تيار الاستعمار حتى إمنه في غضون عام واحد تقريبا ان يتسائل الكتاب عن الاسباب التي دفعت الحكومه الالمانيه والشعب الالماني والاندماج في تيار الاستعمار يعد هذا الضروف عنه لعده سنوات, ولعل عده عوامل هي التي ادت الى ان يغير بسمارك من سياسه التجاره الاستعمار منها:

قد يهمك:

معركة مجدو : اسطورة الصحراء التي لا تنسى

العوامل التي ادت إلى تغيير سياسه التجاره

اولا: قوة الرأي العام الالماني:

ممثلا في التجاره ورجال المال والارساليات الدينيه فقد اشترك هؤلاء كما ذكرنا في النشاط الذي كان سائدا في ذلك الوقت,فكانت الاتفاقات والمعاهدات التي بنت على اساس الدول الاستعماريه حقوقا لها ولرعاياها ولشركاتها في البلاد الافريقيه.

والدليل على قوة هذا العامل ان الاماكن التي ركزت المانيا اقدامها فيها في (توجو, والكايرون, وافريقيا الجنوبيه الغربيه, وافريقيا الشرقيه) كانت هي نفس المناطق عام1884م ان قوه تجاره ورجال المال الالمان علاقاتهم بها.

فقد كانت تجاره همبرج مثلا تجاره واسعه وتالقت شركه حتى كبار الراسماليين في همبرج للتجاره مع هذه الجهات, واوصت الشركه صعويات ماليه وحاول المشرفون عليها ان يعملو الحكومه الالمانيه على التدخل, وهددو بيع الشركه في موسسه بريطانيه اذا لم تتدخل الحكومه, وتطورات هذه المشكله لانها ادت لمنع النفور الالماني على افريقيا الشرقيه الالمانيه (تزجانيتا).

وفيما يتعلق بجنوب غرب افريقيا النشاط الالماني فيها تاجر كبير ايضا في تجار ميناء برلين الالماني, وقد نجح هذا الرجل في انشاء محطه تجاريه في جنوب غرب افريقيا, وواجهت صعوبات عده فطلب من الحكومه الالمانيه حماية معالجه وحصل سنه 1883م على وعد من بسمارك بذالك. وفيما يتعلق نفوذ الالمان في الكاميرون يرجع الفضل فيه ايضا الى تجار من كبار تجار همبرج يدعى ويرمن كان صديقا بسمارك, وقد قدم مذكره عن أهميه هذه المنطقة وعن السائل التي يرى ان من خاص الحكومه الالمانيه ان تتخذها لمآبه مصالح المانيا التجارية في الكاميرون, وكان ايضا هوا المحرك نشاط الحكومه الالمانيه في خطته توجو.

ثانيا: الحاجة كالمواد الخام والأسواق وحل ارمه البطالة:

ان تقدم السريع في ألصناعه الالمانيه ترتب عليه تراكم الموضوعات ورخص أتملكها, بل أدى الى تعطل العدل وانخفاض الجو, هذا بالاضافه الى الرغبة بالحصول على منتجات البلاد التجاره ألازمه للصناعة. ومن ثم اتجه التفكير الى ضروره الحصول على المستعمرات لحل ارمه التعطيل ونقص الأجور والمواد الخام, وإيجاد أسواق للمصنوعات الالمانيه.

ثالثا: الوضع السياسي في المانيا ذاتها:

كانت الحركة الاشتراكية قد أخذت أنتشر في المانيا وظهرت جماعه من الغل اسقه الالمان في أمثال/ كارل ماركس الذين تبن هذه المبادئ وكتبوا عنها وقد خشيت الحكومه الالمانيه.

نتائج انتشار هذه الحركات وأراد ان تجاره المانيا يميدان الاستعمار قد يفتح الباب إمام العمال ويحل بعض المشكلات ألاقتصاديه ويواجه الأنظار ال الخارج بدلا في التفكير عن المشاكل الداخلية التي قد تؤدي بالاصطدام بين الطبقات.

رابعا: كانت قد سرت بين الشباب الالماني نزعه ألهجره الى الخارج:

وقد هاجر فعلا إعدادا في الشباب الى الولايات المتحدة, وكندا, واستراليا وقدر عدد هؤلاء المهاجرين بين عامي 1820م – 1870م للمليونين وثلاثة أرباع المليون لكن شعرت الحكومه الالمانيه ان هذه ألهجره ترتب عليها ان نخسر الوطن الأحلى لاستمرار زهره شبابه صيما كلب من وراء ذلك القوه الاستعماريه الاخرى التي ستتقن المانيا في استغلال هذه الجهات التي تجذب الشباب للهجرة إليها, ولذا فكان الحل لهذه المشكله في وجه نظرا الحكومه الالمانيه ان توجد مستعمرات تابعه ولازم الكبرى ويشجع الشباب الالماني للهجرة إليها والعمل بها دون ان يعقد صلته وولائه لوطنه الأصلي.

خامسا: سياسه الدول الاوروبيه الاخرى:

الاستعمار في افريقيا:

ادت هذه السياسه الاستعماريه الى التكاليف الاستعماري على القاره,ونذكر على الخصوص في هذا المجال سياسه ليوبولد الثاني ملك بلجيكا في يختص بالكنكو,فقد فتحتا عيون الدول الاوروبيه الاخرى فأسرعت تأخذ كل دوله حضها منها.

رائج :   ألمانيا .. معجزة إقتصادية لا تتكرر || الجزء الأول

سادسا: يعتبر بعض الكتاب خروج المانيا الى ميدان الاستعمار إلى أنها قد استكملت وحدتها الداخلية.

فكان لابد بعد قيام الاتجار الالماني وحل مشاكل المانيا الداخلية ان تواجه نظرها الى الخارج أي الى التوسع ويقول شار لوكسا لقد ثبت تاريخيا صحة النظرية القائلة بان الوحدة في الداخل كان يتبعها دائما التوسع الي الخارج.

المناطق التي امتدا إليها نفوذ المانيا الاستعماريه في افريقيا:

اولا: في جنوب غرب القاهرة:

ذكرنا ان البعث التبشيريه الالمانيه كانت قد بدأت نشاطها في جنوب افريقيا في ألنطقه المتحدة شمال نهر الاورنج وذلك منذ السبعينات في القرن 18 .

ومع موجات المستبشرين جاءت المداد من التجار الرأسماليين وكان هذه التجاره بنفوذهم يبدأ ثوره ألصناعه في أوروبا لمصالحهم لاقتصاديه التي لهم حمايتها القوه التي دفعت الحكومه الالمانيه بعد ذلك الى ميدان الاستعمار في غرب افريقيا وجنوبها الغربي.

وكانت التبشيريه والتجارة الالمانيه تشكل في تعرض إفرادها للملاك دون وجود يمكن ان يقدم لهم العون, وحين شكلت لبسي من ذلك أرسل بالاتفاق مع البرتغال ولانجلترا خطط حدود المنطقة الخاضعة للنفوذ الالمان في افريقيا الغربيه تمتد شمالا حتى عدد الجولات البرتغالية وفي الجنوب حتى نهر اورانج وتحدها شرقا تشوانا البريطانية.

ثانيا / في توجو والكاميرون :

كان للتجار الالمان نشاط تجاري مع ساحل افريقيا الغربي وساحل غانا بصفة خاصة وكانوا يضغطون باستمرار على الحكومة الألمانية لدفعها لتثبيت اقدامها لهذه الجهات ووضع ممثلين لها فيها تساندهم قوات عسكرية حتى يضمن التجار مصالحهم المالية والتجارية

هناك وأرسلت الحكومة الألمانية الدكتور ناخيتيجال لبحث الامكانيات المتاحة لهذه الجهات لنشاط التجار اصحاب رؤوس الاموال الالماني .

ووصل الدكتور ناخيتيجال في يوليو 1884م الى المنطقة الواقعة الى الشرق من المستعمرة الانجليزية في ساحل الذهب (بين ساحل الذهب وداهومي) حيث استطاع ان يعقد اتفاقات مع الزعماء المحليين واعلن قيام محمية توجو الالمانية. وبعد ذلك ابحر الدكتور ناخيتيجال صوب الكاميرون حيث كانت تجني من مدة مساومات مع احد الزعماء المحليين ليوقع على وثيقة تمنح الالمان حقوقاً في هذه الجهات مقابل هدية سخية وعده بها التجار الالمان, ونجح ناخيتيجال في مهمته ورفع العلم الالماني معلناً بسط النفوذ الالماني على هذه الجهات.

وقد اثار هذا العمل الخلاف بين المانيا وفرنسا وظل بين الدولتين قائماً حتى ظلت فرنسا تتجه لمد نفوذها الى مراكش (المغرب) في شمال افريقيا فوقفت المانيا في وجه الاطماع الفرنسية في هذه الجهات , لاكن وصلت الدولتان غي عام 1911م الى اتفاق يطلق يد فرنسا في مراكش في مقابل ان تتنازل فرنسا لألمانيا عن ادعاءاتها في منطقتين الميرون و توجو, هكذا سوت الدولتان خلافاتهما على حساب الشعوب الافريقية .

ثالثا / في مشرق افريقيا :

تحدثنا عن العلاقات التجارية والكشفية التي قام بها الالمان في ساحل افريقيا الشرقي وخاصة في منطقة زنجبار منذ منتصف القرن 18م .

وكانت حركة التجارة في هذه المناطق في شرق افريقيا في ايدي العرب والهنود منذ زمن طويل لاكن سلطان زنجبار فتح بلادة للتجار مع الشركات التجارية الاوربية وشجع البيوت التجارية الاوربية على ان تمد نشاطها الى بلادة وكانت التجارة الاوربية مع هذه المناطق هي المفتاح الذي فتح الباب للنفوذ الاوربي .

وفي 3 مارس 1884م اسس الدكتور كارل بيترز وبعض الاستعماريين الالمان جمعية اطلقوا عليها اسم (الجمعية الالمانية للاستعمار), واعلن بيترز بصرامة ان غرض الجمعية هو القيام بمشروعات استعمارية في افريقيا .

واستمرت هذه الجمعية مدة 3 اشهر تناقش اختيار الجزء من افريقيا التي تستطيع ان تنفذ فيه مشاريعها الاستعمارية, واخيرا استقر قرارها على استعمار الجزء من الساحل الشرقي للقارة الواقعة خلف (دار السلام) على ان تقوم بتنفيذ ذلك حملة على راسها الدكتور كارل بيترز وان تبدأ اعمالها في اكتوبر نفس العام .

وقد وضعت الحملة امام نظرها احتمال معارضة بريطانيا ولذلك اتخذت احتياطات قوية لكي لا تعرف اغراضها الحقيقية ومنها ان بيترز نفسة كان يتخفى وراء اسماء مختلفة وقد خدمته في ذلك إجادته للغة الانجليزية .

وفي 10 نوفمبر 1884م هبط بيترز ومن معه في الساحل الافريقي الشرقي واختفوا في الداخل وبعد 3 اشهر عادت الحملة

ومعها اكثر من عشرة معاهدات عقدت مع شيوخ وسلاطين بعض الاقاليم المجاورة لهذا الساحل الشرقي وبموجب هذه المعاهدات تنازل

هؤلاء الشيوخ للشركة الالمانية التي يمثلها بيترز ورفاقه عن مساحات واسعة من الاراضي تصل الى 60 الف ميل مربع.

وفي 12 فبراير 1885م رحل بيترز الى برلين ومنحت الحكومة الالمانية ( شركة شرق افريقيا الألمانية) مرسوما لتأسيسها .

وفي 3 مارس 1885م اخترطت الحكومة الالمانية الدول الموقعة على معاهدة برلين 1884-1885م فيما حصلت علية الحكومة الالمانية من اراضي وحقوق سيادة في قارة افريقيا وذلك بناءً على نص المادة 34 من قرارات المؤتمر .

واحدث الاخطار الالماني جزء في دوائر لندن وفي زنجبار نفسها فارسل السلطان برغش سلطان زنجبار احتجاجا الى الامبراطور الالماني على دفع جزء من إراضيه تحت السيادة الالمانية. اما من ناحية الالمان فقد كانوا يدركون ان العقبة الحقيقية امام سلطانهم على هذه الجهات ليست في زنجبار بل في لندن.

وفي 6 مارس 1885م اخطر سفير المانيا لندن اللورد جرافيل للحماية الامنية والامتيازات التي حصلت عليه الشركة وارسل جرافيل

الرد البريطاني واشار فيه الى عدم معارضة الحكومة البريطانية استثمار المانيا الى بعض هذه الاجزاء التي ذكرتها, لاكن هناك مشروعا يقوم به بعض الراس مالية البريطانيين لاستعمار الجزء الواقع بين ساحل ممبسة وبحيرة فكتوريا التي تعتبر منابع التيل والتي ترغب بريطانيا في ربطها بالساحل بخط جديد. كان هذا الرد البريطاني بالطبع مشجعاً لأصحاب المشروعات الاستعمارية الالمانية .

اتفاقية اللجنة الثلاثية

وقد رأت انجلترا والمانيا تجنبا لتضارب مصالحها في هذه المنطقة في شرق افريقيا تالين لجنة لتحديد جدود سلطان زنجبار بالإضافة الى تحديد حدود منطقتي النفوذ الإنجليزي والالماني, فدعيت الحكومة الفرنسية للاشتراك للجنة الدولية المقترحة لبحث مسالة حدود املاك السلطان زنجبار.

رائج :   تعلم كيف تتفوق على منافسيك!!!!!! حلواني “العبد”…..رحلة كفاح

وبدأت هذه اللجنة الثلاثية عملها في 10 ديسمبر 1885م وكان هناك اتفاق كامل بين اعضاء اللجنة على ان جزر زنجبار وبمبا والجزر الصغيرة المحيطة بها والاراضي التي لا تبعد عنها مسافة تزيد عن 12 ميل كلها اجزاء لا شك انها من ممتلكات سلطان زنجبار. وقامت اللجنة بزيارة الساحل الافريقي وزارت الموانئ المختلفة جنوبي دار السلام وايقنت وجود اعلام سلطان زنجبار وحاميتها العسكرية في هذ الموانئ مما يجزم بخضوعها له, لاكن مدى امتداد نفوذ سلطان زنجبار وادارته الى الداخل كان موضوع نقاش وخلاف بين اعضاء اللجنة .

وقد استطاع بسمارك ان يحسم هذا الخلاف وصرح لحكومة باريس استعداد المانيا لترك حرية العمل لفرنسا في جزر كمورو اذا وصلت الدولتان الى اتفاق بشأن الامور المختلف عليها. كما لوحت المانيا لإنجلترا لاستعدادها للعمل بمفرها اذا لم تصل الحكمتان لاتفاق, وبناء على ذلك ارسل كلا من الحكومتين الانجليزية والفرنسية لممثليها للجنة للتوصل الى اتفاق مع المندوب الالماني حتى تخرج اللحنة بقرار جماعي.

وجاء في التقرير الذي وضحته اللجنة انها وجدت لسلطان زنجبار حقوق سيادة لا تنكر على جزر زنجبار وبمبا, ولاموا وكذلك على اجزاء ساحلية تمتد لمسافة 10 اميال من الساحل فيما بين افريقيا الشرقية البرتغالية جنوبا ومقديشو شمالا.

وكان لابد من ذلك الاتفاق للدولتين على اقتسام المنطقة الداخلية الواقعة خلف الشريط الساحل الذي اعترفت اللجنة بتبعيته للسلطان زنجبار .ووصل الطرفان في 29 اكتوبر 1886م الى اتفاق يقضي ما يلي :

  1. تعترف كلاً من انجلترا والمانيا بسلطة السلطان على جزر زنجبار وبمبا ولاموا, وكذلك الساحل لمسافة 10 اميال في الداخل .
  2. تقسم الاراضي الداخلية الواقعة خلف الشريط الساحلي الى منطقتي نفوذ الشمالية بريطانية والجنوبية المانية .
  3. تؤيد انجلترا المانيا في مفاوضتها مع السلطان للحصول على امتيازات في جمارك دار السلام لشركة افريقيا الالمانية .

وابلغت انجلترا الاتفاق للسلطان في 3 ديسمبر 1886م في خطاب يحوي النصيحة بقبول ما اتفقت علية الدولتان, كما يحوي التهديد بسوء العاقبة اذا عارضت, كما ارسلت المانيا سفينة حربية المانية امام زنجبار.

وامام هذه التهديدات وافق السلطان صاغراً على ما فرضته علية الدولتان فوقع على الاتفاقية البريطانية الالمانية في 4 ديسمبر 1886م وبذلك استطاعت المانيا ان تحصل على الجزء الجنوبي من شرق افريقيا, وكان نصيب بريطانيا منطقة صغيرة نسبياً من ساحل شرق افريقيا لا كنها كانت تشمل على ميناءين هامين (ومالندي , مبسمه) وقد فتح هذا الاقليم الذي كان من نصيب بريطانيا المجال الى اوغندا الواقعة على طول الساحل الشمالي لبحيرة فكتوريا ولمنطقة اعالي النيل .

ونلاحظ ان الدول الاوربية وعلى راسها بريطانيا والمانيا اتبعت في بقية اجزاء القارة النظرية السياسية التي اتفق عليها في مؤتمر برلين 1884-1885م وتقضي بأن الدولة صاحبة السيادة على منطقة ساحلية تصبح ذات سيادة ايضا على ظهير هذه المنطقة من الداخل, وبناء على هذه القاعدة كان يجب الاعتراف بسيادة السلطان على المناطق الداخلية لأنه ثبت ان له سيادة فعلية لا خلاف عليها، على السواحل التي تعتبر منفذاً لهذه الاجزاء, لاكن بدلا من ذلك نجد ان انجلترا والمانيا تقتسمان المنطقة الداخلية ثم تعودان للاستحواذ على المناطق الساحلية كمنافذ للمناطق الداخلية.

وهذه في الواقع ليست الا عملية اغتصاب لا تساندها الا القوة المسلحة لكن ليست لها أي سند من القانون الدولي .على ان الاتفاقية الالمانية الانجليزية لم تتعرض لمنطقة الحدود الواقعة غرب منطقة نفوذ كلا من الدولتين مما ادى لمشاكل جديدة بينهما.

موقف المواطنين من المستعمرين الألمان :

قُبل المستعمرون الألمان بالثورات في كل مكان حاولت تثبيت أقدامهم فيه في شرق أفريقيا أم غربها . وفي الشرق تكتل كتل المستعمرين الأفريقين ( الوطنيون والعرب الوافدون ) الذين عرفوا هذه المنطقة بقديم الزمان , وكذلك الهنود وغيرهم من الأسيوين الذين كانت لهم صِلات بشرق القارة ووقف الجميع في وجه المستعمرين .

لنعرض لكم بعض الثورات:

1/ ثورة بوشيري بن صالح:

ولم تجد شركة شرق أفريقيا الألمانية التي سيطرت على ( شرق أفريقيا الألمانية ) الطريق مفروشاً بالورد , ولم تنعم بالسكينة والأمان , وقد واجهتها منذ الوهلة الأولى مقاومةً عنيفة من قِبل العرب على الساحل , وظهر في نهاية الميدان زعيم يدعى بوشيري بن صالح , اتخذ من مدينة شمبي مركزا لنشاطه وتصدى للألمان وهاجمهم بعنفٍ في كل مكان , ولما عجزت الشركة الألمانية عن مواجهة الموقف استنجدت بالحكومة الألمانية التي عينت هيرمان فون ويرمان وأمدته بقوة ضخمة استطاعت مهاجمة الثوار وأجبرتهم على الانسحاب للداخل واشتدت الثورة في الداخل , لكن بسبب سيطرت الألمان على السواحل قُطع الدعم الخارجي عن الثوار, وانتهى الأمر بالقبض على بوشيري لكن حتى بعد القبض علية و إعدامه في 15 ديسمبر 1889م لم تتوقف المقاومة ضد الاستعمار الألماني .

ولم يتحسن الموقف بين الحكومة الألمانية والثوار فقد ظل الساحل بل والمناطق الداخلية خلف مدينة كلوه في حالةً من التأهب و الاستعداد لمقاومة الوجود الألماني , واستمر الحال على هذا المنوال حتى انفجر ثورة أكثر عنفاً و أوسع انتشاراً وأعظم خطراً تلك

هي ثورة الماجي ماجي في عام 1905م والتي هددت بشكل خطير الاستعمار الألماني و زادت الحركة أعمال العنف والإرهاب الذي مارسته السلطات الألمانية ضد الثوار .

2/ ثورة الماجي ماجي :

تعتبر هذه الثورة أكثر الحركات أهمية في شرق أفريقيا وكان نجاحها المحلي قد ساعد على امتدادها من بحيرة نياسا و ساحل كلوه وشاركت فيها كل القبائل الإسلامية والوثنية في محاولةً منها لطرد الألمان و قامت عمليات الاغتيال للموظفين الرسمين وإعطاء

البعثات التبشيرية و المزارعين الاوربين و التجار وقد شجع هذا النجاح على إندلاع الثورة وزيادة المقاومة ضد المستعمرين الألمان في أماكن مختلفة .

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن :

رائج :   اكتشف نظام التشغيل الذي يعمل على حمايتك حتى بعد اختراقك

ما الأسباب التي أدت إلي قيام هذه الثورة ضد الألمان في شرق أفريقيا ؟

للإجابة على هذا السؤال نشير إلى أن ثورة الماجي ماجي كغيرها من الثورات التي قامت بها القوى الوطنية الأفريقية ضد الحكم الأجنبي قد تعددت أسبابها مع أنها تتفق مع المضمون فهي ثورة ضد المستعمر وأساليبه ووسائله في إستغلال الشعوب , فقد ثار الشعب الإفريقي في شرق إفريقيا ضد وسائل الألمان الاستعمارية في فرض الضرائب وأهمها ضريبة الكوخ التي أُدخلت عام 1895م , بالإضافة إلى فرض نظام العمل الجماعي سواءً في رصف الطرق أو في المزارع الأوربية , كما ثار الأفارقة ضد نظم الحكم المحلية التي لم يتقبلها السكان .

ويرى جوهنستن أن سبب الثورة يرجع إلى سوء الحكم وإلى فرض الضرائب وخاصةً ضرائب العمل على السكان والتي لم يألفها الوطنيون خصوصاً عندما كان العمل الإجباري يتم لصالح المزارعين الأوربيين . ولخص جوليوس أسباب الثورة حينما أشار إلى أن السعي نحو الحرية كان من أبرز الأسباب وراء القيام بهذه الثورة .

بدأت الحركة بعنف عندما ثار أكثر من ثمانية آلاف إفريقي من مدينة ماهينج وذلك في الثالث عشر من يوليو عام 1905م , ويثير هذا العدد الضخم العديد من التساؤلات حول كيفية تنظيم هذه القوى في هذا الشكل في منطقة لم تكن قد عرفت بعد التنظيم السياسي , ولعل هناك أكثر من تفسير لهذه الظاهرة ومنها أن الثوار انتظموا حسب تجمعات سياسية أو ثقافية أدت إلى تكتلهم , ومنها أيضا أن الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الحكم الألماني أدت لهذا التجمع , وأخيرا ربما يكون تعبئة الناس بهذا العدد الضخم قد تمت على أساس أعمق من التركيب القبلي وأعني بذلك العامل الديني ,ولربما تفاعلت كل هذه العوامل معاً مع عنصري الزمان والمكان وأدت في النهاية إلى ثورة ضد الحكم الألماني .

وخلاصة القول أن الثورة قد بدأت كحركة شعبية بين الفلاحين اللذين عانوا من مساوئ الحكم الألماني ثم قوى من خطورتها لإنتشار المعتقدات الدينية التي وصلت بها الذروة .

وكانت البداية الحقيقة للثورة عندما حاول أحد حكام شرق أفريقيا الألمانية لزراعة القطن على نطاق واسع ونظرا لأن هذا المحصول قد فشلت زراعته بالساحل الشمالي فقد إنتصرت التجربة على الجنوب , واعتقد الألمان الزراعة الفردية لا تجدي لإنتاج القطن على نطاق واسع ولذا فقد أصدر الحاكم الألماني أوامره بوضع خطة لزراعة القطن وطالب بتنفيذها بمنطقة التجارب بالقرب من نهر ( روفيشي ) وأحتاج الأمر إلى أن يعمل السكان بمجهدين في هذه المزارع الجماعية الأوربية على أن تقوم الإدارات الاستعمارية بتقديم البذور والإشراف على الزراعة ثم القيام بعمليات التسويق وتقسيم العائد في النهاية بواقع الثلث بكل من الرؤساء الحكام المشرفين على المشاريع الجماعية والثلث الأخير للعمال .

نهاية الإستعمار الألماني في أفريقيا :

لما قامت الحرب العالمية الأولى ( 1914- 1918م) شنت قوات الحلفاء هجوماً على المستعمرات الألمانية من مستعمراتها المجاورة واحتلتها . ولما هُزمت ألمانيا في الحرب تقرر حرمانها من جميع مستعمراتها كعقوبة لها , واستولت عصبة الأمم على هذه المستعمرات وعهدت بإدارتها للدول المنتصرة في ظل ما سمي ( بنظام الإنتداب ) وهو يعني أن تقوم الدول المنتدبة بإدارة الإقليم وأن تعمل على رفع مستوى سكانه وأن تقدم تقارير سنوية إلى ( لجنة الإنتداب )توضح فيها مدى ما حققته الإدارة في الإقليم من تقدم خلال العام المنصرم .

وبمقتضى هذا النظام :

1/ وضعت أفريقيا الشرقية الألمانية ( تنجانيقا ) تحت الإنتداب البريطاني .

2/ وقسمت ( توجو) إلى قسمين أعطي القسم الأكبر لفرنسا فضمتها لمستعمرة داموبي , بينما أعطي القسم الأخر لانجلترا وضمتها مستعمرة ساحلاً لها .

3/ كما قسمت (الكاميرون ) الألمانية إلى قسمين قسم لفرنسا ضم الى أفريقيا الإستوائية الفرنسية والأخر لإنجلترا ضُم إلى نيجريا البريطانية .

4/ وضعت جنوب غرب أفريقيا تحت إنتداب إتحاد جنوب أفريقيا .

ولما قامت ( هيئه الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية 1939- 1945 م ) عهدت بإدارة المستعمرات الألمانية بنفس الدول السابقة في ظل نظام ( الوصاية ) . وهكذا كانت نهاية الحرب العالمية الأولى بمثابة تصفية للإستعمار الألماني في أفريقيا وإن لم يؤدي ذلك لإستقلال هذه المستعمرات فقد إقتسمتها – كما رأينا – الدول الكبرى الأخرى المتصلة في الحرب . وظلت هذه المستعمرات

تكافح بعد ذلك في سبيل حريتها .

وفيما يتعلق بتنجانيقا :

قد حصلت على إستقلالها الكامل في ديسمبر 1961م وحصلت زنجبار على إستقلالها في ديسمبر 1963م وإنضمت الدولتان في دولة موحدة وأعلن قيام جمهورية تنزانيا الموحدة في عام 1964م وعاصمتها ( دار السلام ).

أما توجو:

فقد إنضمت توجو البريطانية إلى غانا بعد إستقلالها في عام 1957م , أما توجو الفرنسية فقد أصبحت جمهورية في 27 إبريل عام 1960م وعاصمتها ( لومي) وقد استقلت الكاميرون الفرنسية في يناير 1960م وإنضم إليها الجزء الجنوبي الكاميرون في1961م فتشكلت جمهورية الكاميرون الإتحادية وعاصمتها ( ياوندي ) .

جنوب غرب أفريقيا ( ناميبيا ) :

بعد الحرب العالمية الأولى أوكلت عصبة الأمم بإدارة جنوب غرب أفريقيا الى المملكة المتحدة التي أوكلت بدورها إدارة الإقليم لإتحاد جنوب أفريقيا , وعند قيام الأمم المتحدة في عام 1945م ( نظام الوصاية )محل نظام الإنتداب , وحاولت جنوب إفريقيا ضم الإقليم إليها وطبقت فيه نظام التفرقة العنصرية إسوةً بما هو مطبق في جنوب أفريقيا ذاتها , وفي عام 1966م قررت الأمم المتحدة إنهاء إدارة جنوب أفريقيا للإقليم وأعلنت في عام 1968 م تسمية الإقليم بإسم ( ناميبيا) .

ورفضت جنوب أفريقيا الخضوع لقرارات الأمم المتحدة ومنها القرار 435 لسنة 1978م الملزم لها بإنهاء إدارتها للإقليم . وشكل الوطنيون الأفارقة المنظمة الشعبية لأفريقيا الجنوبية الغربية (سوابو) بقيادة الكفاح الوطني , وبعد عدة جولات من المفاوضات ربطت جنوب أفريقيا إنسحابها بإنسحاب القوات الكوبية من انجولا.

وانتهى الأمر في ديسمبر 1988م بالإتفاق على إنسحاب جنوب أفريقيا من ناميبيا وأجريت في ناميبيا في نهاية عام 1989م إنتخابات فاز فيها حزب سوابو بالأغلبية وأصبحت ناميبيا جمهورية مستقلة وأنتخب السيد ( إنجوموا) زعيم حركة سوابو كأول رئيس للجمهورية بعد 73 عاماً من الإحتلال وعاصمتها ( وندهوك).

مقالات ذات صلة