أجمل رسائل بريد الجمعةقصص وعبرقضايا وأراء

الخاتم الماسي .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)

أنا سيدة فى السابعة والثلاثين من عمري .. نشأت فى أسرة طيبة متماسكة وتخرجت فى كلية الهندسة منذ 15 عاما وعملت بوظيفة حكومية .. وفى المكتب الذى عملت به فور تخرجي التقيت به لأول مرة .. زميل لى يعمل مهندسا .. اكتشف كل منا فى الآخر رفيق حياته من اللحظة الأولى فتقاربنا وتحاببنا واتفقنا على الزواج وتقدم لخطبتي وتحمست له وأقنعت أبى به لأنه تردد قليلا فى قبوله ليس لأنه من أسرة فقيرة ..

ولكن لأن أسرته مفككة ولا تربطها علاقات سوية كأسرتنا .. ومضينا نبنى عشنا طوبة طوبة .. فبعت شبكتي فى اليوم التالي لحفل الخطبة وأعطيته ثمنها .. وأعطيته كل ما ادخرته من عملي خلال السنتين اللتين عملت فيهما ليدفع خلو شقة من 3 غرف وصالة وأقنعت أبى بألا يطالب خطيبي بمهر وبأن يترك لنا تأثيث شقتنا بمعرفتنا .. وعقدنا قراننا لكى أستطيع أن أذهب إلى الشقة الجديدة معه بلا شبهة ومضينا نبنى عش أحلامنا بأيدينا .. فكنا نشترى الزيت ومواد الطلاء والخامات وفرش الطلاء .. ثم نذهب إلى شقتنا فى الظهر ونظل نعمل فيها حتى الليل .. وخاصة أنا لأن لى صبرا على الأعمال اليدوية ولى موهبة فيها ..

فقمت بطلاء جدران شقتي بنفسي .. وقمت بدهان قطع الموبيليا البسيطة التى اشتريناها بنفسي وعدلت تركيبات الكهرباء والسباكة. ورسمت اللوحات الزيتية التى زينها بها جداران الشقة .. بل ونقلت ماكينة الخياطة إلى الشقة الجديدة لأصنع الستائر لها .. وانتقلنا إلى عشنا السعيد بعد كفاح مرير وبدأنا حياة سعيدة نتشارك فيها فى كل شىء .. نذهب معا للعمل ونعود معا .. ونقضى نهاية الأسبوع فى بيت أسرتنا او أسرته أو فى رحلة قصيرة بأرخص التكاليف .. وقد أقنعته بعد فترة بأن يقبل ارتداء قمصان اصنعها له بيدي فقبل بعد أن رآها لا تختلف عن قمصان المحلات التجارية الغالية فى شىء ..

وأصبحت لا اسمح لكهربائي أو سباك أو نجار بدخول شقتي لأني أقوم بكل شىء إلى جانب الطهي ونظافة البيت .. ورزقنا الله بثلاثة أبناء خلال السنوات الخمس الأولى من زواجنا أشاعوا البهجة فى حياتنا لكن مطالب الحياة بدأت تصبح كثيرة بعد مجىء الأولاد .. وحاول هو أن يعوض نقص الدخل بالعمل فى مكتب هندسي بعد الظهر .. لكنه كان يعمل شهورا .. ولا يجد العمل شهورا أخرى .. وحاولت أنا أن أساهم فى المشكلة برسم اللوحات الزيتية وبيعها للمحلات التى تبيع الصور، لكن عائدها كان ضئيلا فالمحل يشترى اللوحة التى أقضى يومين او ثلاثة فى رسمها بعشرة او خمسة عشر جنيها ويعرضها للبيع بـ 50 او 60 جنيها

لكن الحياة كانت رغم ذلك سعيدة ولذيذة .. وكنا نفرح بثلاثين جنيها احصل عليها من المحل كأنها مليون جنيه .. إلى أن بدأ زوجي يتململ ويتطلع للسفر الى الخارج كزملائه الذين سافروا وعادوا فى الأجازات ينفقون ببذخ ويركبون السيارات ووافقته على رغبته بشرط ألا نفترق هنا او هناك وفعلا حصل على فرصة عمل وسافرنا معا وعشنا حياة سعيدة عرفنا فيها الراحة والوفرة والاطمئنان للمستقبل وزادت سعادتنا ..

لكن الأيام السعيدة تجرى سريعا كما تعرف .. لذلك فقد واجهنا مشكلة بعد أربع سنوات وهى إصرار جهة العمل التى يعمل بها على عودتنا وإلا فصلتنا لانتهاء الأجازة وناقشنا المشكلة معا فقلت له : لقد أعطانا الله ما لم نكن نحلم به وعندنا الآن رصيد فى البنك يحمى مستقبل الأبناء ونستطيع أن نعيش على عائده مع مرتبينا حياة طيبة .. لذلك فإنى أرى ضرورة عودتنا لكيلا نفقد وظائفنا فى بلادنا .. ففاجأني برغبته فى الاستمرار فى الخارج حتى لو فقد وظيفته وترك لى حرية اتخاذ القرار بالنسبة لى ..

ففكرت طويلا وهداني الله إلى أن اختار العودة لكى أحافظ على وظيفتي والحق أبنائي بالمدارس فى مصر رغم آلام الفراق وطالبتنه بأن يقسم لى على الا يغيب عنى أكثر من 6 شهور فإما أن يجىء فى أجازة طويلة أو أسافر أنا إليه وتعاهدنا على ذلك، وعدت وبدأت مرحلة جديدة من حياتي ارعى فيها أولادي وأتعلق بحبال الأمل فى عودته وانتظر خطاباته .. وأكتب له كل أسبوع خطابا وانتظر بجوار التليفون كل أسبوع وحين تأتى الأجازة أسافر إليه على جناح الشوق ونعيش شهور الصيف فى حلم لا ينتهى

رائج :   نصائح ذهبية لحل المشكلات الزوجية

وبعد عامين آخرين طالبته بالعودة لأن هناك فرصة للعودة إلى نفس وظيفته رغم استقالته فرفض وقال لى انه لم يعد يصلح لمثل هذه الوظائف الصغيرة .. لكن الوحدة بدأت تثقل على وبدأت اسأل نفسى لماذا نشقى من اجل النقود إذا كانت لا تسعدنا؟ فأنا وحيدة مع أبنائي وهو وحيد معظم شهور السنة هناك .. ثم ما هذه النغمة الجديدة التى بدأت أسمعها فى حديثه من نوع : الفلوس هى كل شىء وان ما جمعناه هو “ملاليم” حتى الآن!

وان شقتنا التى رسمنا كل قطعة منها لم تعد تصلح لنا وأننا نحتاج إلى شقة أوسع فى حي أرقى ! يا الهي إن معنى ذلك ان نحيا العمر كله نجرى وراء الفلوس وكلما حققنا شيئا .. تبين لنا أن المشوار مازال طويلا .. لقد صارحته برأيى وقلت له إننا سعداء بما حققنا وان عليه أن يختار بين أن يحيا بين أولاده ومع زوجته التى اختارته من الدنيا كلها وبين أحلام الثراء هذه .. فوعدني بالتفكير ..

وعدت لمصر حزينة مثقلة بالهموم لقد لاحظت هذا التغيير منذ فترة لكن حبى له اخفى عنى الإحساس بحقيقته .. لقد فقد زوجي شيئا جوهريا فهو دائما يفكر فى المستقبل باستمرار ويجرى حسابات لكل شىء ويترجم كل شىء إلى أرقام ومبالغ ويسألني أحيانا ما جدوى الحياة بلا مال .. بل ما جدوى الحب إن لم نوفر له الظروف المادية التى تحفظ له “كرامته”! 

وكنت أقول له إني أبيع كل ما نملك بيوم واحد من أيام حبنا وأنا بعفريتة الشغل وهو بالبنطلون الجينز المقطوع وكل منا فوق سلم فى الشقة الخالية يدهن جدرانها ونحن نتبادل القفشات والابتسامات ثم ننزل وسط التراب وكل منا يحتضن الآخر فى عينيه لنأكل بشهية غداء من الجبن والخيار والطعمية ونشرب الشاي من “الترموس” .. فيهز رأسه صامتا ثم لا يتكلم!

وأخيرا وبعد مراسلات واستعطافات وبكاء فى التليفون ورجاء من أبنائه أن يأتي ولو للزيارة .. جاء مرغما لأنه فقد وظيفته فى موجة الاستغناءات التى شهدتها الدول البترولية مؤخرا جاء .. ولم يجىء فى نفس الوقت .. جاء بجسمه ورسمه وصوته .. لكن أين حبيبي القديم؟ لقد انشغل خلال الشهور الأولى من عودته بالجري وراء تسلم الشقة التمليك التى دفع ثمنها وهو فى الخارج وتسلمها وأصر على الانتقال إليها رغم حزني على شقتى القديمة .. وانتقلنا إليها ..

صحيح إننا انتقلنا إلى شقة اكبر فيها جهاز تكيف وتليفون بغير سلك وموكيت .. لكن لا دفء فيها ولا حنان .. فزوجي يمضى الليل ساهرا شاردا مبتعدا .. وينام معظم النهار ثم يخرج ليركب السيارة الكبيرة التى عاد بها ويعود قرب الفجر .. ولا هم له إلا الحديث عن الملابس الفاخرة بيير كارادان والولاعة الكارتية وزجاجة الكولونيا التى ثمنها 200 دولار والأصدقاء من كبار الماليين الذين يأتون لزيارة مصر.. فيسرع للقائهم فى الفنادق الكبرى التى يقيمون فيها ..

ويتحدث معهم عن المشروعات التى ينوى مشاركتهم فيها الى أخر هذا الحديث وقد تباعد تماما عن أهله وأشقائه وشقيقاته فلم يعد يزورهم او يلقاهم .. ولم يعودا يزوروننا بعد أن ترسخ لديهم الانطباع بأن زوجي قد تكبر عليهم لكنى احرص على مجاملتهم وزيارتهم مع أولادي فى المناسبات لأن الدنيا بلا أهل قاسية ولأني أريد أن يكون لأبنائي أولاد عم وأولاد عمه يحبونهم .. فيلقوننى بترحيب من القلب واحترام شديد ويقولون لى أننى أصيلة ولم أتغير مثل زوجي..!

رائج :   رامز الى الأبد || من كتابات د : أحمد خالد توفيق

المهم يا سيدي أن المشكلة الآن هي أن زوجي قد أصبح شخصية بغيضة بالنسبة لكل من كانوا يعرفوننا من قبل .. وبالنسبة أيضًا لسكان العمارة التي نعيش فيها .. فهو يسير شامخًا بأنفه لا يحي أحدًا ولا يرد تحية أحد ويعلو صوته على كل من يتعامل معه من البواب إلى المكوجي إلى بائع الجرائد إلى سايس الجراج، وكثير التردد على قسم الشرطة لشكوى فلان أو علان لأنه رد عليه الإهانة .. أو سبه ..

وهو فوق كل ذلك بلا عمل لأنه يريد عملاً في “مستواه” .. ويفكر في مشروعات بمئات الألوف  ويرفض البحث عن عمل مناسب أو يبحث ويتقدم لوظيفة أعلن عنها .. فيدخل على صاحب العمل شامخًأ بأنفه وببدلته الثمينة وخاتمه الماسي الكبير وساعته التي يستعرضها أمامه ويحرص على أن يتحدث عنها وعن خاتمه وولاعته .. فينهي صاحب العمل المقابلة بجفاء .. إن لم يطرده ! وقد طرد فعلاً من مكانين ولم أعرف بذلك سوى من زملائي في العمل الذين يتعجبون من حاله .

ثم جاءت الكارثة يا سيدى حين بدأت أشم رائحة غريبة تنبعث منه وعرفت انه يشرب خارج البيت .. فكدت أصعق خوفا من أن يعرف أبنائي عن أبيهم ذلك فتهتز صورة المثل الأعلى أمامهم .. وأنا التى تحرص على نشأتهم نشأة دينية ونؤدى معا الفروض جميعها إلى أن فاجأني زميل قديم لى فى العمل بخبر نزل عليّ كالصاعقة هو أن زوجي الحبيب وشريك كفاحي يسعى عن طريق زياراته “لأصدقائه” الجدد ومجاملاته لهم للعودة مرة أخرى للعمل فى نفس البلدة التى كان فيها ..

وأنه قد تقدم لخطبة ابنة رجل أعمال غير مصري شبه مقيم فى مصر وله أعمال فى هذه البلدة .. عمرها 17 سنة وتدرس بالثانوية العامة ويتقرب إليها بإعطائها دروسا فى الرياضيات لمساعدتها فى النجاح .. وأن الأب لم يرفض ولم يقبل مؤجلا البت فى الأمر إلى ما بعد نجاح ابنته فى الثانوية العامة والتحاقها بالجامعة .. تاركا القرار لها رغم معرفته بأنه زوج وأب!

دارت الدنيا بى عند سماعي هذا الخبر .. وعدت إلى البيت محطمة خائرة القوى فرقدت على السرير بلا حراك إلى أن جاء، وواجهته فأنكر .. وقال لى انه فعلا يعطيها دروسا فى الرياضيات لا ليتزوجها.. وإنما لكى يحفظ له أبوها الجميل .. ويوظفه فى شركته بالدولة العربية.. او يشاركه فى مشروع هنا فى مصر.. واحترت معه .. هل أصدقه وأسد باب العذاب والمعاناة .. أم أكذبه وافتح أمامي أبواب جحيم الشك .. وتزداد معاناتي مع ما أعانيه من قبل من تغير شخصية زوجي ونفور الناس منه .. وافتقادي لأيام السعادة القديمة معه.. إنني أسألك ماذا افعل؟

وأسألك هل كل من اغتنوا بعد فقر تغيروا كما تغير زوجي ـ أو فعلوا كما يفعل زوجي الآن، هل المال شر .. أم خير..؟ لقد كنا سعداء حين كنت افصل له قمصانا على ماكينة الخياطة .. وأنا الآن افتقد السعادة معه وهو يرتدى قمصان البير كاردان والملابس الفاخرة .. وكنت سعيدة وهو يملأ حياتي رغم غيابه بالخارج .. وأنا الآن تعيسة وهو بجانبي بجسمه .. وغائب عنى بروحه القديمة الجميلة التى أحببتها .. ولا اعرف لماذا يعتقد فى نفسه أنه كائن عظيم لمجرد انه يجمع بعض المال .. ودائما يرغب فى ان يحقق أشياء وأشياء .. ونحن فى الحقيقة ناس بسطاء وحياتنا بسيطة ولا ارغب الا فى الستر.. إنني حائرة فأخرجني من حيرتي !


ولكاتبة هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

 إن رسالتك هذه يا سيدتي هى واحدة من عشرات الرسائل التى تلقيتها وتناقش ما أسميه بمشاكل ” ما بعد العودة ” أي مشاكل التغيرات الاجتماعية التى ترتبت على تغير الأوضاع المادية لبعض الأشخاص بعد انتهاء تجربة العمل فى الخارج وعودتهم إلى بلادهم ومجتمعهم بمدخراتهم وما تحكين عنه هو إحدى صور المشكلة حين يصبح المال شرا يغير النفوس ويدمر الأحلام الجميلة ..

رائج :   قصة رائعة .. رسالة تحت رغيف الخبز

لكنها ليست القاعدة يا سيدتي وإنما الاستثناء فيما أظن .. فالثراء الجديد هو احد لاختبارات الهامة لحقيقة شخصية الإنسان التى قد تختفى بعض جوانبها تحت تأثير الظروف المحيطة. فهناك أشخاص يظهر المال الجوانب الخيرة الأصيلة فى شخصياتهم .. فيزدادون  رضا بما حققوا وحبا وعطاء للبشر واقترابا منهم ومقدرة على اجتذاب القلوب إليهم ..

وهناك أشخاص يظهر الثراء الجديد أسوأ ما فيهم ويطلق الوحوش الكاسرة الكامنة داخلهم ومركبات النقص المتفاعلة فيهم فيتحولون إلى شخصيات عدوانية شرسة مشوهة تتصور لفرط بلاهتها أنها شخصيات “عظيمة” لمجرد امتلاكها لبضع عشرات أو مئات الألوف أو الملايين، إن العظمة يا سيدتى شىء آخر يرتبط بالشخصية نفسها ولا علاقة لها بحسابات البنوك والسيارات الكبيرة والخواتم الماسية

ولقد سقط زوجك بكل أسف فى هذه المصيدة الخادعة لضعف فى نفسه وشخصيته وظروف نشأته في أسرة مفككة أفسدت عليه حياته ودمرت شخصيته .. لهذا فهو مكتئب رغم أمواله وخاتمه الماسي وتعيس رغم كل شىء، ويتصور انه لم يحقق بعد كل رغباته وكل ما يريده لنفسه.. لهذا فهو “راغب” أبدا .. و”لاهث” أبدا وراء شىء لن يصل إليه أبدا .. كما لا يصل الضال فى الصحراء إلى نبع السراب الذى يتحرك من مكان إلى مكان كلما اقترب منه. 

لقد سئل حكيم يومًا : ماذا ترغب ؟ فقال أرغب في ألا أرغب ! ولا غرابة في ذلك لأن معظم تعاسة البشر تنشأ من عدم تناسب رغباتهم مع قدراتهم على تحقيقها وإذا كان من المستحيل أن يتوقف الإنسان عن الرغبة إلا إذا توقفت الحياة نفسها فإنه من الحكمة إذًا أن يكون قادرًا على التحكم في رغباته وميالاً إلى البساطة والرضا بما حققه وقادرًا على الاستمتاع به لكي لا يفسد على نفسه أيامه بالتطلع دائمًا إلى المستحيل . 

إنني أميل إلى الاعتقاد بأن الأمل فى إنقاذ زوجك من نفسه وتكبره على العمل العادي والحياة مازال ممكنا بشرط واحد هو أن تتحملي مسؤليتك فى هذه “المعركة” .. فأنت يا سيدتى فيما اعتقد كنت سلبية معه بأكثر مما ينبغي فقد كنت ترثين لحاله لكنك لا تفعلين شيئا ايجابيا لتغييره .. وتتألمين له لكنك تكتفين بالألم واجترار ذكريات الأيام البعيدة وهذا وحده لا يكفى. إن الحذر من الشر هو نصف المعركة ضده وأنت فى معركة ضد الشر لإنقاذ شخصية زوجك من سلبياتها ..

وإنقاذ سعادتك وأسرتك من الخطر الذى قد تجره عليها مجاملاته لهذه الأسرة غير المصرية ورغبته فى العمل مع ربها .. فاحملي سلاحك يا سيدتى للدفاع عن حبك وزوجك وأبنائك .. وأقنعيه بضرورة قبول اى عمل مهما كان شأنه هنا والتخلي عن فكرة العودة إلى عمله السابق عن هذا الطريق الانتهازي. 

 فالفراغ مع “أحلام العظمة” التى تراوده شىء بالغ الخطر على شخصية إنسان كزوجك .. وطالبيه بضرورة التوقف عن إعطاء هذه الدروس لابنة السابعة عشرة فهو ليس مدرسا .. واستمراره فى هذه المحاولة الانتهازية قد يؤدى إلى تطور الأمر تطورا خطيرا يهدد عشك الصغير بالدمار .. ولابد أن تبذلي كل جهدك لإعادته إلى أرضه التى نبت منها تقربي بينه وبين أهله وأنصحك بأن تصطحبيه ولو عنوة لزيارة أشقائه وأصدقائه وزملاء العمل القدامى ..

عسى أن يكتشف أن قيمة الإنسان الحقيقية هى فى حب الآخرين له وفى قدرته على التواصل معهم وليس فى الخاتم الماسي والولاعة الثمينة .. لأننا لا نتعامل مع ملابس البشر ولا سياراتهم وإنما مع روحهم وشخصياتهم ولعله يكون مفيدا أيضا أن تصطحبيه مع أبنائك لزيارة هذه الأسرة غير المصرية مرة واحدة ينقطع بعدها عن زيارتها لكى يرى عائلها السفيه ” أسرة ” هذا الصديق الذى “لم يرفض” و “لم يقبل” خطبته لابنته بنت السابعة عشرة تاركًا الأمر لها ! فلعلهم يخجلون من أنفسهم .. ولعلهم يرتدعون 

من أرشيف جريدة الأهرام

 نشرت سنة 1990

مقالات ذات صلة