أجمل رسائل بريد الجمعة

الطاعة المقدسة ! .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)

أنا سيدة في منتصف العشرينيات من عمري ونحن ثلاثة ابناء أنا الكبري بينهم وقد نشأنا بين أبوين متعلمين تعليما جامعيا‏.‏ وعلي أن الكلمة الأولي والأخيرة بالنسبة لجميع شئون حياتنا هي لوالدتي‏,‏ وقضينا زهرة سنوات حياتنا في الدول العربية‏,‏ ولذلك حصلت علي الثانوية العامة من إحدي دول الخليج‏,‏ وعدت بعدها الي مصر‏,‏ حيث التحقت باحدي كليات القمة بجامعة الإسكندرية‏,‏

والحمد لله رب العالمين فقد أنهيت دراستي بالجامعة دون أي مشاكل‏,‏ وفي العام الأخير من الكلية تقدم لي العديد من الشباب للزواج مني‏,‏ الا أن أمي كانت ترفضهم لأسباب تراها هي‏,‏ الي ان تقدم لي منذ نحو عام ونصف العام شاب من الوجه البحري لاصلة لنا به ولا نعرفه ولا يعرفنا‏ …‏ ولكن والدتي رأت فيه أنه الشاب المناسب لي من جميع الوجوه المادية والاجتماعية والأدبية ‏..‏ لكن هذا الشاب الممتاز من وجهة نظر والدتي ليس من ابناء الإسكندرية‏,‏ ولذلك فقد اشترطت عليه الإقامة بالإسكندرية‏,‏ فوافق أهله برغم أنه وحيدهم‏,‏ وذلك رغبة منهم في سعادته‏,‏

ودون دخول في تفاصيل كثيرة فقد تسارعت خطوات الزواج‏ ..‏ حتي تم زفافنا في الأسبوع الأخير من سبتمبر سنة‏2002‏ في شقة بالإيجار علي أطراف مدينة الإسكندرية‏,‏و برغم حدوث بعض المشاكل البسيطة في الطريق إلا أنها مرت جميعها بسلام ‏…‏ لكن والدتي صنعت منها سجلا اسودا لأهل زوجي‏.‏

وبعد انتقالي لمنزل الزوجية ومعايشتي لزوجي وجدته إنسانا فاضلا يحبني ويقدرني ويغير علي من كل شيء‏…‏ ووجدت معه كل معاني الحب والسعادة والهناء‏.‏

ومع بداية زواجنا بدأ زوجي يطلب مني ان اراعي بعض الأمور كأن أغطي رأسي حيث كنت لا أضع اي غطاء علي رأسي‏,‏ كما أنني كنت أرتدي البنطلون ‏..‏ فطلب مني عدم ارتدائه‏,‏ وأضع المساحيق علي وجهي فطلب مني عدم وضع المساحيق علي وجهي خارج المنزل لأنني كما يقول أجمل بدونها‏,‏ ورحبت انا بكل ذلك واقتنعت به وبأحقية زوجي في طلبه مني‏,‏ الا أنني فوجئت بوالدتي الحبيبة تثور علي أنا وزوجي وتطلب مني عدم طاعته بدعوي أنه بذلك سوف يلغي شخصيتي‏!‏ واحترت ماذا أفعل؟ وحلا لهذا الإشكال كنت أرتدي أمام زوجي ما يرضيه عني‏..‏ وبعد انتهاء إجازته وسفره الي عمله وعودتي لمنزل والدي أرتدي ما يرضي والدتي‏.‏

رائج :   تبــــادل الأدوار‏!‏! .. رسالة من بريد الجمعة

وبعد نحو عشرة شهور من الزواج لاحظت أن زوجي يتعب كثيرا عند نزول الاجازة‏ …‏ حيث يحضر الي الإسكندرية وبعد يوم أو يومين نسافر معا الي أهله في مدينتهم لنمضي معهم جزءا من الاجازة‏,‏ ولذلك اقترح علي زوجي ان ننقل إقامتنا من الإسكندرية الي مدينتهم حتي يشعر ببعض الاستقرار والراحة خلال اجازته ‏..‏ فقلت له إنني مقتنعة تماما بحقه في ذلك‏,‏ ولكن عليه أن يعرض الموضوع علي والدتي لكي توافق علي هذا الاقتراح‏,‏ وذهبنا الي والدتي لعرض الأمر عليها ‏…‏ وبمجرد سماعها للفكرة تكهرب الجو وثارت علينا ثورة عارمة ‏…‏ وتوعدتنا بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تم ذلك النقل‏,‏

وقالت بصيغة الأمر النهائي ‏…‏ إما أن نظل في الإسكندرية وإما أن يتم الطلاق بيني وبين زوجي‏,‏ وحجتها في ذلك أمران‏:‏
الأول‏:‏ إن اثاث منزلي أفخم من ان ينقل الي الأقاليم‏,‏ علما بأنني عندما زرت بعض زملاء زوجي وأصدقائه وجدت عند بعضهم أثاثا أفخر من أثاث منزلي‏.‏

الثاني‏:‏ إنه لا يوجد في الإقاليم مدارس أجنبية‏..‏ وهي تريد أن يتعلم أبنائي في مدارس أجنبية‏,‏ علما بأنه لايوجد عندنا من تعلم في مدارس أجنبية كما أن مدينة زوجي بها مدارس خاصة‏.‏

رائج :   الجملة الناقصة .. رسالة من بريد الجمعة

وأنا الآن حائرة بين الطرفين والدتي وزوجي‏,‏ فكيف أوفق بين الرغبتين المتعارضتين؟ وكيف احافظ علي حياتي الزوجية من أجل زوجي وطفلي الوليد ونفسي‏,‏ ان والدتي تتوعدني بغضب الله علي إن خالفتها‏…‏ وهي تقول لي بمنتهي البساطة إن الحل الأمثل لمشكلتي هو طلاقي‏,‏ كأن الطلاق أمر غاية في السهولة واليسر علي المرأة وأيضا بكل بساطة تقول لي الآن‏…‏ إنها سوف تطلقني‏..‏ وبعد انتهاء العدة‏…‏ سوف تزوجني ممن هو أفضل من زوجي مادمت أطيعها‏..‏ لأن طاعة الأم أمر مقدس عند الله‏!‏ فهل خراب البيوت والطلاق أمر هين لهذه الدرجة؟‏…‏ إنني لاأتخيل الحياة مع رجل آخر غير زوجي‏,‏ كما لا أتخيل الحياة لحظة واحدة دون ابني فلذة كبدي‏..‏ فماذا أفعل؟

ولكاتبة هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

تمسكي يا سيدتي بزوجك وحياتك الزوجية ودافعي عنها حتي الرمق الأخير‏,‏ لكي يسعد طفلك بحياة آمنه مستقرة بين أبوين متفاهمين متحابين ‏..‏ أما اغراءات والدتك لك بالطلاق ووعودها المسمومة بأن تزوجك ممن هو أفضل من زوجك الحالي ووالد طفلك‏,‏ وبشراها لك بتأكيد ذلك كمكافأة من السماء لك لأنك قد أطعت أمك ودمرت حياتك الزوجية ومزقت طفلك الوليد بين أبويه‏,‏ حيث إن طاعة الأم أمر مقدس ‏..‏

فكل ذلك ليس سوي ابتزاز عاطفي لك لكي تخضعي نهائيا لإرادتها وترفضي الانتقال مع زوجك الي مدينته‏,‏ ولو تطلب الأمر هدم حياتك الزوجية رغم سعادتك بها‏,‏ والحق أني أعجب لأم لا تشجع ابنتها علي طاعة زوجها الذي تحبه ويحسن معاملتها‏,‏ وتطالبها بالطلاق منه لأنه قد فكر مجرد تفكير في نقل مقر اقامته بعيدا عن مدينة الأم‏..‏

إن كل انسان مسئول عن حياته واختياراته‏,‏ وانت زوجة وأم وتملكين ارادتك وحياتك‏,‏ ومن واجبك ان تلحقي بزوجك حيث يقيم‏,‏ والطاعة المقدسة التي تشير اليها والدتك لكي تظل ممسكة بقياد حياتك وتوجهه كيف تشاء‏,‏ لاتنسحب علي ما يتعارض مع الشرع والدين والحكمة والمصالح المشروعة للبشر‏,‏ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق‏,‏ وزوجك أحق بطاعتك له في هذا المطلب العادل المشروع‏,‏ وهو الانتقال إلي مدينته‏,‏

رائج :   في المنفى ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

وقصة المرأة الأعرابية التي ارسلت تستفتي الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه في الخروج من بيتها لزيارة أمها المريضة معروفة‏,‏ فقد أمرها زوجها قبل سفره بألا تغادر البيت قط خلال غيابه ثم مرضت أمها وارادت زيارتها للاطمئنان عليها‏,‏ فأرسلت تستفتي الرسول الكريم هل يجوز لها ان تزورها خلافا لأمر زوجها‏,‏ فأجابها الرسول صلوات الله وسلامه عليه بما معناه أن ‏(‏ أطيعي زوجك‏),‏ وحين لاقت الأم منيتها قبل عودة الزوج بعث الرسول الي المرأة الأعرابية من يبشرها بحسن المآل جزاء وفاقا لطاعتها لزوجها في احلك الظروف‏.‏

يا سيدتي ان البر بالأبوين لايعني ابدا ان يمحو احدهما شخصية الابن أو الابنة‏,‏ أو ان يتسلط تسلطا تاما علي حياته‏,‏ فلايخطو خطوة في اي اتجاه الا بإذنه وقبوله‏,‏ ولا يعني أن يتخذ احد الأبوين القرارات المصيرية دونه خاصة اذا كان الابن راشدا وقادرا علي إدارة حياته‏..‏ والانسان يحتاج دائما الي مشورة المخلصين من حوله في أمره‏,‏ وليس هناك من هما أحرص علي مصالح الابن من أبويه‏,‏ لهذا فإن مشورتهما في أمور حياة المرء لها الأولوية القصوي‏,‏ ولكن بشرط ان يكون الناصح متجردا من الهوي‏,‏ وتكون النصيحة خالصة لوجه الله وليست من نوع نصائح الطاعة المقدسة‏!‏


لطفا .. قم بمشاركة الموضوع لعله يكن سببا في حل أزمة أو درء فتنة …

مقالات ذات صلة