شركة الهند الشرقية الهولندية، أكبر شركة في التاريخ. أكبر من Apple بـ10 مرات وأكبر من إقتصاد مصر الحالي بـ24 مرة (يعني قيمتها 8 تريليون دولار تقريبًا.) منذ عام 1602 حتى عام 1800.
في عصرنا الحالي صعب تتخيل إن الهولنديين رواد في الإقتصاد وخاصة إنك hardly محاصر يمينًا ويسارًا بالشركات الهولندية وممكن تكون الشركة الوحيدة الهولندية المعروفة حاليًا لنا هنا هي KLM للطيران، ولكن الحقيقة هي أن الهولنديين من أكبر رواد الإقتصاد في العالم ومنذ حوالي 4 قرون أسسوا أكبر وأنجح شركة في العالم وفي التاريخ لدرجة أن باقي القوى العظمى الأوروبية حذت حذوها وقلدت نموذج شركتها بحذافيره.
في الحقيقة الهولنديين هم مخترعي مفهوم الشركة التجارية (Company) بشكلها الحديث وهم أول من عمل إكتتاب عام IPO أو (Initial Public Offering) يعني إخراج الشركة من الملكية الخاصة لفرد أو بضعة أفراد وبيع أسهم فيها للعامة – مستثمرين كبار أو ناس عادية – لتوسيع أنشطتها وتكبير حجمها وآليات عمل الشركات الحديثة كلها تقريبًا.
في الواقع الهولنديين كانوا بارعين في التجارة والبيزينس لدرجة أنهم كانوا أكثر الدول علمانية في أوروبا، بمعنى أنهم مهتمين بالأسواق والربح والإقتصاد ولا ينظروا لديانة أو فكر الشخص مهما كانت لأن التنوع بالنسبة لهم كان في مصلحة الإقتصاد، ولذلك كانت ملجأ لكبار مفكرين أوروبا الهاربين من الإضطهاد في بلدهم على أفكارهم وأبرزهم ديكارت.
في نهايات القرن الـ15 بدأ ما يسمى عصر الإستكشاف Age of Exploration وهو عبارة عن سباق محموم ما بين الدول الأوروبية على الوصول للهند بدون المرور على مناطق الخلافة العثمانية، بشكل أساسي، لكي يستطيعوا إحتكار تجارة البهارات الهندية المربحة جدًا (أيوة، البهارات الهندية اللي بتتريقوا عليها دلوقتي كانت منبع سباقات وحروب وقتل وإقتصادات دول وغيرت وجه العالم بأكلمه وكانت في الوقت دا سايقاه وبتحرك تصرفات جميع الدول الكبرى )
السباق بدأته المملكة الأوروبية المحندقة المعروفة بأسم البرتغال وتبعتها مباشرة أختها الكبيرة، اسبانيا (إيطاليا عملت أغبى حركة في تاريخها وفوتت الفرصة على نفسها بإنها تكون رائدة الإستكشاف بدلًا من اسبانيا لرفضهم مساعدة كولومبوس في رحلاته الإستكشافية مما جعله يحول إنتباهه لإقناع الملوك الكاثولكيين ملوك قشتالة وأراجون (أغلب اسبانيا الحديثة) إيزابيلا وفرديناند المنتصرين حديثــًا على الجيوش الإسلامية والمتعطشين ومتلهفين على أي طريقة أو مغامرة يجلبوا بها المجد لدولتهم الحديثة.
يعني لولا هذا القرار المصيري كان زمان الإيطالي غالبًا أحل محل الاسباني حاليًا كتاني أكبر لغة وثقافة في العالم) وبعد البرتغال واسبانيا دخلت هولندا السباق (في بدايات القرن الـ17) وبعدها تبعتهم فرنسا والدنمارك وقبلهم جميعًا، حتى قبل هولندا نفسها، بريطانيا عام 1600، ولكن الهولنديين كما سبق الذكر هم من أخترع آليات عمل الشركة الحديثة ولذلك على الرغم من أن شركتهم أصغر من الشركة البريطانية بسنتين إلا أنهم تاريخيًا يعتبروا مؤسسين مفهوم الشركة الحديثة والشركة البريطانية نفسها فيما بعد عدلت نموذجها الإقتصادي لكي يشابه النموذج الهولندي.
الهولنديين أسسوا أول شركة في التاريخ “شركة الهند الشرقية الهولندية” أو بالإنجليزي (Dutch East India Company) أو (بالهولندي VOC أو “فيرينخ دي أووست انديشي كومبانيي” Verenigde Oostindische Compagnie) والشركة هي كيان أنشأوه لإجراء جميع المعاملات التجارية في الهند وآسيا بمباركة أو توكيل من الملك والدولة نفسها (نموذج إقتصادي يسمى Mercantilism)
وفي سنوات قليلة حققت نجاحًا فلكيًا لدرجة أنها أثارت غيرة باقي الدول الأوروبية وأغلبهم أسس شركات شبيهة وظهرت “شركة الهند الشرقية الفرنسية” French East India Company والدنماركية (الدنمارك عملت شركتين) والسويدية والنمسوية وحتى البرتغال الرائدة نفسها تبعت نموذجهم الإقتصادي وأنشأوا الشركة البرتغالية، وطبعًا قبل كل ما سبق الشركة البريطانية British East India Company اللي كانت فعليًا بتحكم الغالبية العظمى من الهند (تخيل شكل شركة بتحكم دولة بحجم الهند!) قبل ما بريطانيا تحتل وتغزو الهند عسكريًا بشكل صريح في منتصف القرن الـ19 والحكم البريطاني للهند هذه الحقبة الثانية الهند يسمى بالهندية الـRaj (قريبة كلمة reign الإنجليزي وreich الألمانية.)
ولكن على الرغم من كل عظمتها ونفوذها وسطوتها وحتى أسبقيتها التاريخية وتبعيتها لأقوى قوة عسكرية على الأرض وقتها، فالشركة البريطانية حتى في أكثر أيامها زهزهة لم تستطع مجاراة الشركة الهولندية.
الشركة الهولندية كان عندها ضعفي السفن البريطانية (أكثر من 5,000 سفينة) وتنقل 5 أضعاف البضائع البريطانية والشركة الهولندية أرسلت أكثر من مليون شخص لآسيا (أكثر من باقي أوروبا مجتمعة) وكانت أكبر من كثير من دول العالم وقتها وحولت أمستردام لمركز التجارة والبورصة والتمويل العالمي، وكانت الشركة الوحيدة من جميع أنحاء العالم التي سمحت لها اليابان بالتجارة فيها في ذلك الوقت، ووحتى كان عندها جيشها الخاص for God sake!
الشركة نفسها تم إنشائها لكسر الإحتكار البرتغالي على تجارة البهارات الهندية في العقد الأخير من القرن الـ16 (لأن البرتغال كانت أول دولة تصل لشرق إفريقيا وبالتالي أمنت الطريق البحري المتجه لأوروبا وباقي العالم وحتى إفريقيا كله لنفسها.) فكرة الشركة نفسها نشأت لحل القصور في النموذج التجاري الموجود قبلها.
قبل إنشاء الشركة، كانت بعض السفن الهولندية تذهب لآسيا وتعود بربح كبير جدًا (أكثر من %400) والمستثمرين الهولنديين كانوا حابين مكاسب أكبر، ولكن الشراكات بين الممولين/المستثمرين وهذه السفن كانت محدودة (يعني عمر هذه الشراكة هو طول مدة رحلة السفينة من هولندا للهند ذهابًا وإيابًا فقط فقط وبعد عودة السفينة تنتهي الشراكة) المستثمرين كانوا يستثمروا في أكثر من سفينة في نفس الوقت، على خلفية أن لو أحد السفن ضاعت، الباقي يعوض عنها. ولحل هذه المشكلة، ظهرت فكرة الإستثمار في وتمويل مئات من السفن من مئات المستثمرين في نفس الوقت لتقليص المجازفة لأقل قدر ممكن ومن هنا ولدت فكرة الشركة.
- طاب ما هو موضوع “الهند الشرقية” ما معنى الكلمة؟
- هو فيه هند شرقية وهند غربية؟
- ما هي الهند كلها واحد يا عم؟
وقتها كلمة “الهند الشرقية” كانت تشير لدولة الهند الحالية (وبالمرة جميع الدول الآسيوية الأصغر منها الواقعين تحت تأثيرها الثقافي مثل اندونسيا وماليزيا وشري لانكا وسنغافورة ولاوس وكمبوديا وتايلاندا، إلخ) وكان أسمهم الجمعي East Indies (يعني الهند وتوابعها) بينما كان فيها منطقة تانية خالص تسمى “الهند الغربية” West Indies وهي العالم الجديد (قارة أمريكا الوسطى والجنوبية)
طاب ليه يسموا أمريكا “الهند؟” دا ببساطة لأن كريستوفر كولومبوس في رحلاته الأصلية لم يكن ينتوي إنه يكتشف عالم جديد أو أي حاجة من هذا القبيل بل كان غرضه الأصلي هو الوصول للهند فقط.
هو فكرته كلها أن بسبب كروية الأرض فهو لو مشي بما يكفي ناحية الغرب هينتهي بيه الحال في الشرق عند الهند وبعد وصوله لسواحل أمريكا الوسطى ظن أنه بالفعل وصل الهند (أو بالتحديد ظن أنه في اندونسيا أحد توابع الهند بالنسبة للأوروبيين) وبعث خطاب تهنئة للملك والملكة على أنه نجح في مهمته وقعد فترة طويلة جدًا حتى أكتشف أنه ليس في الهند ولا إندونسيا ولا أي من توابعها ولا في آسيا من الأساس بل في عالم جديد تمامًا
في الحقيقة كولومبوس نفسه لم يدرك هذه الحقيقة بالمرة ولم يدركها إلا من رحلات بعض المستكشفين بعده الذين أكتشفوا أنهم في منطقة جديدة تمامًا لا علاقة لها بآسيا ولا بأي جزء من العالم المعروف. ولذلك بسبب الخطأ المبدأي لكولومبوس كلمة West Indies أو الهند الغربية هوتسمية خاطئة تم إلصاقه بتلك المنطقة ولكن حتى بعد إكتشاف خطأه، أستمر في العقلية واللغات الأوروبية بغرض التسهيل، وهو أيضًا نفس سبب تسمية “الهنود الحمر” بهذه التسمية الخاطئة لأنه أعتقد أنهم هنود.