قصص وعبر

حكاية وسيلة || ج1

عاش في قديم الزمان سلطان من السلاطين مع زوجته وابنته التي لم يرزق بأطفال غيرها .. كان اسمها (وسيلة) ما أن بدأت تعرف نفسها حتى تسلط عليها طائر يقف على نافذتها كلما حاولت أن تأكل شيئا ليقول لها:
– ياوسيلة ، يا وسيلة ، ما من المكتوب حيلة.

يقول لها ذلك فينشق ليخرج منه عفريت يستولي على غذائها ويتركها جائعة .. استمر الطائر يقف على نافذتها ويخاطبها واستمر العفريت يخرج لها من الجدار ويأكل غذائها حتى كبرت وغدت الفتاة ناضجة ، وكل يوم تزداد حيرة في أمر الطائر والعفريت وتتشوق لمعرفة ماهو مكتوب لها ومقدر عليها فقالت لأبيها ذات يوم:
– لا بد من خروجي للسياحة في بلاد الله أبحث عن ما كتب لي وقدر علي.
لم يستطع أبوها معارضتها رغم محبته لها وتعلقه بها فزودوها بما تحتاج له من النقود في غربتها ، وودعها وهي تخرج من البيت بعد أن تنكرت وأخفت نفسها وارتدت ملابس الرجال.

أخذت وسيلة تتنقل من بلد إلى آخر.. ولكما حلت في بلد عمرت فيه مسجدا وكتبت على واجهته اسمها (وسيلة) حتى حلت في بلدة وعمرت فيها مسجدا وحضر المواطنون يؤدون الصلاة فيه والسلطان معهم ، فسلم عليها السلطان وألح عليها في المبيت في قصره فقبلت ضيافته وعادت معه إلى القصر.
وهناك طلب منها أن تدخل لتنام في الجناج المخصص للرجال فرفضت ذلك وقالت له:
– سأدخل الجناح المخصص للنساء.

اغتاظ السلطان من جرأتها وطلب منها دخول جناج النساء الذي لا يدخله أحد من الرجال غيره ، يظنها رجلا إلا أنه كظم غيظه وعاود الإلحاح عليها في المبيت في جناج الرجال ، وبقيت هي مصرة على المبيت في جناح النساء قائلة له :
– لم أعتاد على المبيت في جناج الرجال.
لم يجد السلطان بدا من الإذعان لها فاستدعى أمه وأخبرها بقصته مع الضيف وطلب منها ان تقبله ينام في جناحها إذا ﻻﺧﻮﻑ

رائج :   قصة الدكتوره فاطمه احمد عبد التواب اسماعيل احمد .. بنت سواق الميكروباص

عليها منه ، وحذرها من ظهور النساء عليه. ﻟﻨﺮﻯ نواياه يبني مسجد ويمكث مع ﺍﻟﻨﺴﺎء
أذعنت أم السلطان لأمر ابنها فاستصحبت الضيف إلى جناحها حيث راح ينزع ملابسه على مرأى منها لتفاجأ أنه فتاة وليس ولدا فأدركت لماذا أصرت على المبيت في جناح النساء. فأبتسمت لها وتلطفت في الحديث معها ، والفتاة تبادلها الحديث ، الا انها بقيت تحتفظ بسرها ولم تقل لها لماذا خرجت من بلادها ، وفي الصباح بادرت ام السلطان إلى ابنها تخبره بحقيقة الضيف.

قرر السلطان أن يتزوج وسيلة ، ففاتحها في ذلك فلم تمانع ، وعاشت معه أثيرة على نفسه ، خاصة وأنه لم يكن قد تزوج قبلها ، وعندما ظهرت عليها أعراض الحمل فرح كثيرا وبقي ينتظر مخاضها فولدت له طفلا ، وأم السلطان وشقيقاته يحطنها بعنايتهن وارقدت الطفل في جانبها وذهبت الشقيقات لسبيلهن وراحت ام السلطان إلى ابنها لتبشره.

ما أن خلت وسيلة مع مولودها فإذا بالطائر يسقط على النافذة ويقول لها :
– ياوسيلة يا وسيلة ما من المكتوب حيلة.
واختطف الطفل ووضع على فم وسيلة بعض الدماء واختفى في الشق.
اقبل السلطان فرحا لمشاهدة ابنه فلم يجد الا الأطمار إلى جانب زوجته وشفتيها ملطخة بالدم، فساوره الشك بأنها أكلت الطفل فحزن لذلك ، إلا أنه لم يعاتبها أو يعاقبها وعاش معها كسابق عهده فحملت منه وولدت له طفلا آخر فذهبت أم السلطان لتبشر إبنها .. وإذا بالطائر يسقط على النافذة ويقول:

رائج :   من سلسلة (روايات مصرية للجيب) || الذئاب

– يا وسيلة يا وسيلة ما من المكتوب حيلة.
فأنشق الجدار وخرج العفريت واختطف الطفل ، وطلى فم وسيلة بالدم.
وعندما جاء السلطان لمشاهدة ابنه الثاني وجد زوجته بمفردها وشفتاها ملطخة بالدم ، فحزن لذلك وتضاعف شكه منها وحرضته امه وشقيقاته ، فلم يصغ لهن وبقي يعيش معها كعادته ، فحملت منه وولدت له طفلا ثالثا ، وعندما ذهبت أم السلطان لتخبر ابنها سقط الطير على النافذة وقال:
– ياوسيلة يا وسيلة ما من المكتوب حيلة.

فأنشق الجدار وخرج العفريت منه ، بعد ان اختطف الطفل ودهن فم وسيلة بالدم ، واختفى في الشق.
عندما جاء السلطان لمشاهدة ابنه وجد زوجته بمفردها وشفتاها مطلية بالدم فأيقن انها أكلت ابناءه الثلاثة وحرضته امه وشقيقاته عليها فأودعها السجن داخل القصر ، وتزوج بإمرأة أخرى.

مضت على وسيلة في سجنها عدة سنوات عاشتها قانعة بحياتها ، راضية بما كتب لها ، وهي تردد على نفسها باستمرار “ما من المكتوب حيلة” إلى أن قرر السلطان أن يسافر إلى مكة لأداء فريضة الحج ، وراح يطلب ﻣﻦ أفراد أسرته أن يحددوا طلباتهم ليحضرها لهم من مكة عند عودته ، فحدد كل فرد طلبه ولم يبق إلا وسيلة داخل السجن ، فقال لأحدهم:

رائج :   انت لست زبونا || د : أحمد خالد توفيق

– ربما يكون للسجينة رغبة في شئ لماذا لا تسألها.
فكر بالأمر قبل أن يوافق فرأى أن يذهب إليها في سجنها وقال لها:
– أنا مسافر إلى مكة لأداء فريضة الحج هل يلزمك شئ من هناك.
فقالت له:
– احضر لي من هناك حجرة الصبر ومفتاح الفرج.

سافر السلطان إلى مكة وبعد أداء فريضة الحج راح يشتري لأقاربه كل الهدايا التي طلبوها ولم يشتر لوسيلة ما طلبته منه وانصرف عائدا إلى المرسى وركب مع الركاب في السفينة وعندما تكامل الركاب نشر الربان الشراع ليقلع عائدا إلى بلادهم إلا أن السفينة بقيت في مكانها لم تتزحزح فصاح الربان يخاطبهم.

– السفينة واقفة ولن تسير أبدا لأن بينكم من في ﻋﻨﻘﻪ أمانة حملها معه من بلاده إلى مكة ولم يؤدها ، على كل واحد منكم أن يتذكر أن كان نسي أمانة فليذهب لادائها ، والا بقيت السفينة واقفة هنا.
أخذ كل واحد من الحجاج يتذكر ما اذا كان نسي شيئا ، فتذكر السلطان انه اهمل طلب وسيلة فقال لهم:
– امرأة سجينة طلبت مني حجرة الصبر ومفتاح الفرج ولم اشتر لها ذلك.
– لن تتحرك السفينة الا اذا اشتريت لها طلبها.
تااااااااابع

الجزء الثاني والاخير من القصة

مقالات ذات صلة