قصص وعبر

ما هي المدة القصوى التي ستصفق فيها لشخص ما مهما بلغ شأنه؟

ما هي المدة القصوى التي ستصفق فيها لشخص ما مهما بلغ شأنه؟ دقيقة، دقيقتين، خمسة؟

عام 1938 عُقِــد مؤتمر محلي للحزب الشيوعي على بعد بضعة أميال من مدينة موسكو، وفي نهاية المؤتمر أُطلقت دعوة لتحية الرفيق ستالن فقفز الناس من أماكنهم وأنفجروا في التصفيق الحار؛ دقيقة…دقيقتين…3 دقائق…5 دقائق..7..9، تصفيق عاصف وهتاف حار،

لم يملك أي فرد الجرأة على التوقف عن التصفيق لأنهم كانوا يعرفوا أن البوليس السري يراقبهم وأستمر التصفيق حتى أنهار تورمت الكفوف وتشنجت الأذرع المرفوعة وحتى أنهار بعض كبار السن وأغمى عليهم في مكانهم من الإنهاك والإعياء الذي تسببت فيه نوبة التصفيق،

رائج :   بيان اعجاز القرآن بعيدا عن تدليس المستشرقين

وأستمرت نوبة التصفيق المسعورة التي بدت بلا نهاية، الجميع يدعي أن يكف أحدهم عن التصفيق ويتحمل التوابع، وبعد أكثر من 11 دقيقة من التصفيق قرر أحد الحضور (مدير مصنع الورق المحلي) أن enough is enough وتوقف وجلس وفي غضمة عين تبعه الجميع،

وكالمتوقع بعد المؤتمر تم القبض على ذلك الرجل في نفس الليلة والحكم عليه ب10 سنوات في أحد أشرس سجون الإتحاد السوفييتي وقال فيما بعد أن التحقيق الرسمي أنتهى معه بهذه العبارة “Don’t ever be the first to stop applauding in Soviet Russia!”  أي : “لا تكن أول من يتوقف عن التصفيق في الاتحاد السوفيتي !”

رائج :   الخيال الجميل .. رسالة من بريد الجمعة

وأفضل ما في الموضوع؟ أن ستالن لم يكن حتى متواجدًا أثناء التصفيق، بل لم يحضر المؤتمر نفسه! المرة القادمة التي تحضر فيها مؤتمر وتقول لنفسك “سيقتلني الملل” تذكر أن هذه العبارة كانت حقيقة يومية وصحيحة حرفيًا في روسيا السوفييتية.

أيضـًا الجدير بالملاحظة أن عام 1938 كانت أكثر سنة محمومة لما يسمى الـGreat Purge أو “التطهير الأعظم” أو “الرعب الأعظم” حيث تم إعدام أكثر من مليون شخص سوفييتي بمحاكم هزلية وتهم جزافية أبرزها “التآمر على أو معاداة قادة الحزب والثورة” وأول من طالتهم النار كانوا هم رفاق ستالن وبعض أكبر قادة الحزب أنفسهم، وهؤلاء غير الـ20 مليون الذين قتلهم ستالن على مدار فترة حكمه سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر (كالمجاعة التي هندسها أو نتجت عن سياساته في أوكرانيا وتسببت في هلاك 10 مليون إنسان.)

رائج :   هديــة الصــــلح ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

هناك مقتطف مروع للكاتب السوفييتي الحائز على جائزة نوبل Aleksandr Solzhenitsyn في كتابه The Gulag Archipelago يصف الأجواء المرعبة بداخل المؤتمر وإلى أي مدى ممكن أن يصل تحويل النــاس إلى قطيع من البهــائم المذعورة فارغة الروح والشخصية والوعي الخائفة من مجرد حتى التفكير أو فكرة التفكير ناهيك عن إقدام ناهيك عن أفعال…

مقالات ذات صلة