يعتقد الكثير من الناس ان التتار لم يهزموا ابدا قبل موقعة عين جالوت وهذا خطأ كبير كما سيأتى، فعندما انتهى قائد المغول جنكيز خان من أمر الزعيم الرئيسي للبلاد “محمد بن خوارزم شاه ” وأسقط دولته بهذا الشكل المريع بدأ يفكر في غزو وسط أفغانستان وجنوبها ، فهو يريد ان يقتل ابن محمد بن خوارزم ” جلال الدين ” الذى ورث الحكم بعد أبيه محمد بن خوارزم شاه ،
موقعة ” غزنة”
فتوجه جنكيزخان إلى غزنة وهي عاصمة مُلك ” جلال الدين ” بجيشاً كثيفا من التتار ، وبدأ جلال الدين بعد أن أصبح الوريث الشرعى للبلاد وبعد أن وصلته أخبار ما حدث فى شمال ووسط مملكة أبيه وما حدث لأبيه وكيف مات فى جزيرة نائية ،فجمع جيشاً كبيرا من بلاده وأنضم إليه أحد ملوك الأتراك المسلمين كان يدعى “سيف الدين بغراق ” وكان شجاعاً مقداماً صاحب رأى ومكيدة وحرب وكان معه ثلاثون ألف جندي ثم أنضم إليه أيضا ستون ألفا من الجنود الخوارزمية الذين فروا من التتار أثناء غزوهم المدن الخوارزمية ،
ثم أنضم إليه أيضا ملك خان وأمير هراة الذى فر منها بفرقة من جيشه ، فبلغ جيش جلال الدين عددا كبيرا ،فخرج بهذا الجيش إلى منطقة بجوار غزنة تدعى “بلق” وهى منطقة ذات طبيعة جبلية وعرة وتقع وسط الجبال العظيمة، وانتظر جيش التتار هناك فى ذلك المكان الحصين ،
وبعد قليل جاء جيش التتار فدار بين الجيشين معركة من أشرس المعارك واعنفها فى هذه المنطقة وقاتل المسلمون قتال الأبطال المستميت فهذه أطراف المملكة الخوارزمية فلو هزموا في هذه الموقعة فليس بعدها أملاك ، فكان لحمية المسلمين ولصعوبة الأرض والطبيعة الجبلية وكثرة أعداد المسلمين وشجاعة الفرقة التركية الباسله بقيادة سيف الدين بغراق والقيادة الميدانية لجلال الدين أثراً واضحا في ثبات المسلمين أمام جحافل التتار
فاستمرت المعركة ثلاثة أيام ، ثم أنزل الله عز وجل نصره علي المسلمين وانهزم التتار للمرة الأولى فى بلاد المسلمين وكثر فيهم القتل ، وكبر المسلمون تكبيرات النصر حتى زلزلت اصواتهم الجبال والوديان واخد جيش التتار الكبير يتقهقر ويتراجع حتى هزموا تماماً، وفر الباقون منهم إلى ملكهم جنكيز خان وكان فى ذلك الوقت قد ترك سمرقند وتمركز فى منطقة الطالقان فى شمال شرق أفغانستان ،
وارتفعت معنويات المسلمين بعد هذه المعركة فقد كان قد وقر فى قلوب الكثيرين قبل المعركة أن التتار لا يهزمون ، ولكن هاهو إتحاد الجيوش الإسلامية في غزنة يؤتى ثماره فاتحدت فى هذه الموقعة جيوش جلال الدين مع بقايا جيوش أبيه مع الفرقة التركية بقيادة ” سيف الدين بغراق ” مع ملك خان أمير هراة واختاروا مكاناً مناسباً وأخذوا بالأسباب المتاحة فكان النصر .
موقعة ” كابول ”
ارتفعت معنويات المسلمين كما ذكرنا وأرادوا ان يثأروا و يسترجعوا أوطانهم المسلوبه من التتار، فقد اطمئن جلال الدين إلى جيشه فقرر ان يرسل رسالة إلى جنكيز خان في ” الطالقان ” يدعوه فيها إلى قتال جديد وهذه هي أول مره يشعر فيها جنكيز خان بالقلق فجهز جيشاً أكبر وأرسله مع أحد أبناءه لقتال جلال الدين وتجهز الجيش المسلم للموقعة الثانية مع التتار، فصلوا ودعوا الله ان ينصرهم على اعدائهم ؛
والتقى الجيشان في مدينة ” كابُل ” الأفغانية وهي مدينة حصينة تحاط من كل جهاتها تقريباً بالجبال ؛ فشمالها جبال ” هندوكوش” الشاهقة وغربها جبال ” باروبا ميزوس ” وجنوبها وشرقها جبال ” سليمان ” فدارت موقعة كابل الكبيرة وكان القتال عنيفاً أشد ضراوة من موقعة غزنة واخذ القتال يشتد ويشتد وثبت المسلمون وحققوا نصراً غالياً ثانياً على التتار بل وأنقذوا عشرات الآلاف من المسلمين الأسرى من أيدي التتار ؛ وارتفعت معنويات المسلمين أكثر وفرح المسلمون بهذا النصر الكبير.
المصادر
- ( البداية والنهاية ) للعلامه ابن كثير
- ( الكامل فى التاريخ ) لابن الاثير
- (الفاجعه الكبرى) لأبن الاثير