لم تعد تختلف الصراعات السياسة و الحزبية و العقائدية عن صراعات المشجعين المتخاصمين فى فرقهم المحبوبة . فعقيدة المشجع الكروى و سلوكياتهم , قفزت و علت على قدرات المنطق و سلوكيات الحوار و أخلاق التخاصم ..
و لعل أبرزها أن المشجع الكروى و لاحقاً ” السياسى ” و ” الإسلامى ” أو ” القومجى ” , ملزم بالرد نيابة عن الفريق الذى يتبعه أو الجماعة التى ينتمى لها أو يواليها أو يلتصق بها حتى لا يشعر بالوحدة , ليذود عنها .. فهو يرد على أى شئ و كل شئ , لا لشئ إلا إدمان الرد . لا دعوة لفريقة أو تأييداً لجماعته أو حتى دعاية لحزبه و لكن الرد لأجل الرد .
الرد لأجل الرد , المدفوع بالتعصب و الإلتصاق النفسى بالجماعة أو بالحزب و المدعم بالكبر لن تجعل منه أى شئ إلا مجرد تابع بهلول درويش لهذا الحزب أو تلك الجماعة .
فبكل تعليق أو رد نيابة عن الجماعة و التى لن تحتاج لردوده أو تعليقاته ( إن كانت على الحق و إن كانت تريد الإصلاح ) , فهو يزداد إلتصاقاُ بها نفسياً حتى يقطع على نفسه خط الرجعه أو العوده , فإن غرق الحزب أو ماتت الجماعة لحق بهم , و إن أخطأت برر لهم و فى النهاية , لن يكون إلا حانقاً ناقماً على الجماعات الأخرى و الأحزاب المنافسه , فهو لا يرى إلا نفسه و جماعته أو حزبه .
الكثير لديهم جريمة يرتكبونها فى حق أنفسهم و هى أن يقطعوا على نفسهم خط الرجعة و العودة , ففضلاً على أن عقولهم المسطحة البسيطة المشبعة بأن الجماعة و عقدة التبعية العمياء , لا تدرك هذه الجريمة التى يرتكبونها فى حق أنفسهم , فهى لا تدرك أيضاً أنه يتحول إلى عبد ذليل لكلماته التى تجره ذات اليمين و الشمال ليغرق فى وحل التبرير و الإنكار ليعمى نفسه بالنهاية عن الحق .
وقد سُئل المفكر الفرنسي برتراند راسل ذات مرّةً: هل أنت مستعد أن تموت دفاعاً عن أفكارك!؟
فقال:
لا.. أنا لست شهيداً ! وأنا غير مستعد للموت في سبيل أفكاري ! لأني ببساطة غير واثق من صحتها! “.
و لعل المشكلة الرئيسية هو الحاجة للإنتماء و التشجيع لهؤلاء البسطاء و عدم تربيتهم صغاراً على تحمل المسؤولية أفراداً , بل الرغبة فى الإنتماء لجماعة حتى لا يشعروا بالوحدة ثم تسليم عقولهم التى تتعب من التفكير و نفوسهم و السنتهم لتبرر حيناً و تنكر أحياناً .. ففى النهاية إنها مشكلة تربية نفسية سببها سطحية الأبوان لهؤلاء فضلاً عن تضخيم أمراض الشخصية العربية .
فى النهاية , نذكركم أن الأمر ليس كمباريات كرة القدم التى لا عواقب لها خصوصاً بعد نقل هذه الأمراض و تطبيقها على العقيدة فالعواقب هنا ستتحملها وحدك .
” يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ” .
ويقول الله في كتابه الكريم ..