أجمل رسائل بريد الجمعة

الخنجر المسموم ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)

منذ 4 سنوات كنت طالبا بالسنة النهائية بإحدى كليات الهندسة .. وذات يوم التقيت بطالبة تخطو خطواتها الأولى في الكلية .. فلفت نظري فيها خجلها وحياؤها ، وشاءت الظروف بعد ذلك أن أراها واقفة مع زميلة قديمة أعرفها فتم التعارف بيننا ، وعرفت أنها من أصل ريفي .. وتشعر بالغربة في الكلية بين الشباب المتحرر ولا تعرف كيف تتعامل معهم . وشدتني إليها براءتها فاقتربت منها ..

ورحبت هي في حذر باقترابي ثم لم يلبث تعارفنا أن تحول إلى علاقة عاطفية قوية ، وتعاهدنا على الزواج عقب تخرجي ، وبدأت فتاتي تشد أزري وتدفعني للاستذكار ، وتحنو علي بقدرتها العجيبة على العطاء العاطفي لأول شاب أحبته في حياتها .. فكانت تتطوع بنسخ بعض المحاضرات لي رغم انشغالها بمذاكرتها .. وتحتفظ لي بما تحمله من طعام أو شيكولاته وتقتسمها معي وتنتظرني بالساعات حتى أنهي محاضراتي وتركزت حياتها كلها في دفعي للنجاح والتفوق حتى خشيت عليها من الرسوب لانشغالها الزائد بي ، وطالبتها بأن تهتم بنفسها فلم تبد أي استجابة ، وتقدمت للامتحان ونجحت ، ونجحت هي أيضا ، والتحقت بالخدمة العسكرية ..

وبعد فترة التجنيد الأولى خرجت للقائها وشوق العالم كله في قلبي إليها واتفقنا على أن أتقدم لأسرتها بعد أيام وتقدمت لها بالفعل وحددنا يوم الخطبة ، وجاء اليوم السعيد ، وكان أجمل أيام حياتي وتألقت فتاتي جمالا وفتنة في الخطبة رغم أنها لا تضع أية مساحيق وترتدي الملابس المحتشمة دائما وأنهيت فترة التجنيد ووجدت عملا بعد جهد وبدأت أكرس كل طاقتي لبناء عش الزوجية ..

وأصبحت أعمل ليلا ونهارا لأوفر طلبات الزواج ، وتم عقد القران بعد عام من الخطبة ، وكانت فرحة فتاتي بالقران كبيرة .. وكذلك فرحت أنا وتخرجت فتاتي بعدي ب 3 سنوات واستطاعت أن تجد عملا في شركة خاصة ، وبدأت حياتها العملية وبعد شهرين فقط تم زفافنا في حفل صغير وجمعنا أخيرا عش الزوجية بعد 4 سنوات من الحب والعطاء لم ينغص صفوها أي شئ ..

وكانت الأيام الأولى سعيدة جدا وإن شهدت بعض المتاعب الصغيرة نتيجة لعدم التأقلم في بداية الحياة الزوجية .. وبسبب بعض المحاولات الصغيرة من جانبها للسيطرة على البيت ، لكن كل ذلك توقف بعد شهرين فهدأت فتاتي تماما وتفرغت للعطاء العاطفي بسخاء وأصبحت مثالية في كل شئ وبعد أسابيع بدأت زوجتي تشعر بآلام الحمل ..

رائج :   ألم الحقيقة‏‏ ! .. رسالة من بريد الجمعة

وكانت معاناتها منها عادية فكانت تفقد الوعي أحيانا في البيت وتسقط في الطريق مغمى عليها في أحيان أخري وتراودها فكرة أنها ستموت .

فزاد حناني لها وعطفي عليها وسألت بعض أهلي فقالو إن بعض الفتيات الصغيرات تكون معاناتهن من الحمل الأول غير طبيعية فطالبتها بإصرار بأن تتوقف عن العمل مادامت غير قادرة على تحمله مع متاعب الحمل ورفضت في البداية ثم بعد جدل ومناقشة وافقت على أن تحصل على أجازة طويلة من العمل مع نهاية شهرها الرابع في الحمل وعندما اقترب الشهر الرابع من الانتهاء ولم تبق سوى أيام على انقطاعها عن العمل عدت ذات يوم إلى البيت فوجدت الشقة نظيفة ومرتبة والملابس مغسولة ومنشورة فوق حبال الغسيل بالشرفة وكل شئ في الشقة تمام وفي أحسن حال لكن زوجتي غير موجودة ، فاعتقدت أنها خرجت إلى السوق لشراء بعض الأشياء ولمتها في داخلي لإجهاد نفسها بهذا الشكل وهي تعاني من الحمل ..

وجلست في انتظارها فمضت الساعات ولم تعد ، فارتديت ملابسي وذهبت إلى بيت أسرتها فلم أجدها فيه ، فتولاني الرعب خشية أن تكون قد أغمى عليها في الطريق أو حدث لها مكروه ، فخرجنا جميعا نبحث عنها في المستشفيات وفي كل مكان بلا جدوى .

وتوجهت إلى عملها في اليوم التالي فعرفت أنها لم تذهب إليه في اليوم السابق .. ولا أطيل عليك فبعد يوم واحد اتضحت الحقيقة مرة .. لقد فرت زوجتي الساذجة التي لا تعرف كيف تتعامل مع الآخرين ولا تضع المساحيق وترتدي الملابس المحتشمة مع زميل لها بالشركة عاقد قرانه هو أيضا على أخرى .. إلى بلد أجنبي وبجواز سفر سجلت فيه أنها آنسة لم تتزوج ، وطعنتني بخنجر مسموم في قلبي وعرضي ، وطعنت أسرتها وكل من يعرفها بنفس الخنجر ..

وتبين لي بعد ذهول الصدمة أنها ليست حاملا وأنها ارتبطت بأول رجل قابلها في حياتها العملية وضحت بحب عمرها كما كانت تقول وسافرت معه في مقعدين مجاورين على نفس الطائرة .

ومازلت حتى هذه اللحظة مذهولا .. وقد فقدت ثقتي في كل شئ .. في نفسي وفي الحب .. وفي النساء وفي البشر وفي الحياة . لقد قرأت في بعض رسائل الزوجات إليك أنهن لم يرتبطن بأزواجهن عاطفيا قبل الزواج وسرن نياما إلى الزواج بلا حب ويفكرون في هدم عش الزوجية لأنهن لم يشعرن بالحب بعد الزواج وأريد أن أسألهن ماذا يقلن فيمن أحبت قبل الزواج ” حب العمر ” ثم هدمت العش بعد شهور فقط منه ..

رائج :   السيف البتار ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

وأين هو الإخلاص الذي نسمع عنه .. وماذا يفعل شاب مثلي أحب بصدق وكان أمينا مع نفسه ومع من أحب ثم يجد نفسه بعد 4 شهور فقط من الزواج مطعونا في قلبه ورجولته وكرامته .. ونظرة الرثاء تحيط به من كل جانب .. فأين الخطأ .. وأين الصواب وأين الخير .. وأين الشر وكيف يستطيع الإنسان أن يميز بينهما ، وكيف أتعامل مع الناس بعد ذلك ؟.

ولكاتب هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

إن الغدر هو أحقر الجرائم الإنسانية وأكثرها خسة ، لأن الإنسان يستطيع دائما أن يفعل ما يريد في مواجهة الآخرين وليس من خلفهم .. ولقد كانت فتاتك تستطيع إذا اقتنعت باستحالة الحياة معك أن تتوقف وأن تطلب الانفصال وتصر عليه حتى تناله ثم تفعل بحياتها بعد ذلك ما تشاء غير ملومة من أحد .. فهكذا يفعل الأمناء مع الحياة ومع الآخرين .. أما التعمية والمسايرة وادعاء البراءة والسذاجة والاحتشام في المظهر والسلوك في نفس الوقت الذي تدبر فيه بليل جريمة كاملة الأركان كجرائم الدهاة من المتآمرين ثم تنقض عليك في اللحظة المناسبة بخنجرها المسموم لتطعنك به في لحظة خاطفة ، فهذا هو ما يفعله القتلة المحترفون وليس الأسوياء من البشر..

ومن حقك أن تحزن لنفسك أن تلقيت هذه الطعنة القاسية ممن قدمت لها الحب والوفاء والإخلاص .. لكنك لا تستطيع أبدا أن تحزن على فقد مثل هذه الفتاة المزيفة في كل شئ ولربما كنت جديرا بأن تشكر الأقدار على أنها قد هتكت الأستار عن حقيقتها وأنت لم تنجب منها بعد وإلا لكان لجريمتها أكثر من ضحية سواك . ومثلها لم تكن لتتردد في أي مرحلة من العمر عن الاستجابة لنزوة مماثلة مهما كان ضحاياها من الزوج والأبناء .

أما ” حب العمر ” الذي كانت تتحدث عنه فهو كالحمل المزيف وكالاحتشام الكاذب وكالسذاجة إياها ، كان ادعاء كاذبا .. لأن حب العمر لا يتهاوى أمام أول طارق .. ولا يستجيب لأول نزوة .. وإنما يصمد كالحصن المنيع أمام المغريات والعواصف والمحن والأنواء ، ويعبر الأزمات بسلام والقصة كلها لا علاقة لها بالحب الحقيقي الصادق .. وإنما هي قصة الجنون وضعف المقاومة والنزوية .. والميل للمغامرة ، لأن تجربتها في العمل التي انتهت بهذه المغامرة الفاضحة لم تتجاوز بضعة شهور ، ولا عجب في ذلك لأن بعض الناس يا صديقي كالذباب لا يسقط إلا على كل شئ قذر ، لهذا سقط كل منهما على الآخر .. ووجد معه نفسه ! لكن سعادتها لن تكون حقيقية أبدا ولن تطول مهما طالت لأنها قامت على جماجم الآخرين ، ولأن لكل جريمة عقابا ولو بعد حين في الدنيا وفي الآخرة على السواء ، والحكمة الصينية القديمة تقول لا تقتل خصمك .. وإنما اجلس على حافة النهر وانتظر وسوف ترى بعد حين جثته طافية فوق الماء !.
وهذا طبيعي لأنه لو كان شريرا فلسوف تقتص منه الحياة نيابة عنك .. وبغير أن تلوث يديك بدمائه ، وأنت سوف ترى بكل تأكيد جثة سعادتها طافية فوق نهر الحياة بعد حين لأن كلا الطرفين قد طعن قلبا بخنجره قبل الرحيل وبخسة ونذالة ولن يفرا أبدا من قصاص الحياة خاصة فتاتك بالذات ، ليس فقط لأنها قد أدمت رجولتك ومشاعرك ، وإنما أيضا لأنها أدمت قلوب أبويها وأهلها بلا رحمة .

رائج :   المأزق ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

فاطو هذه الصفحة الكريهة بكل آلامها .. وأسقطها تماما من حياتك .. وانظر إلى الأمام بقلب يتطلع إلى نصيبه العادل من السعادة والوفاء والإخلاص ولسوف تعوضك الحياة بمن تأسو آلامك وتكون بلسما لجراحك ، واسترد ثقتك بنفسك ولا تتحسس من نظرة الرثاء لأنها نظرة تعاطف معك ومشاركة لمشاعرك وليس يعيب الإنسان أن يعقره كلب مسعور في الطريق ، لكنه يعيبه بالتأكيد ألا يسارع بتضميد جراحه ، أو أن يتصور أن الجميع سوف يعقرونه لأن كلبا ضالا قد عقره من قبل ، فليس الأمر كذلك يا صديقي ..

وأنت لست في النهاية سوى إنسان سيئ الحظ ، خدعت في فتاة ظننت فيها البراءة والسذاجة .. لكنها ليست كل الفتيات .. ولا هي كل الحياة فإذا كان جرحك غائرا الآن فان جرح الشباب سريع الالتئام ! فلا تفقد ثقتك بالبشر فالأصل في الحياة هو الخير والاستثناء هو الشر .. والفضليات المخلصات هن الأكثرية الصامتة ، ومثيلات فتاتك هن الأقلية الضئيلة المحتقرة مهما بدا لنا غير ذلك .. ومهما رأينا من تناقضات عجيبة في الحياة .


لطفا .. قم بمشاركة الموضوع لعله يكن سببا في حل أزمة أو درء فتنة …

مقالات ذات صلة