متفرقاتمن هنا وهناك

ملخص مسلسل Breaking Bad

لا يؤذي الإنسان أكثر من الكبت.

يقول فرويد: المشاعر المكتومة لا تموت أبداً، إنها مدفونة وهي على قيد الحياة، وستظهر لاحقاً بطرق بشعة ..

والتر وايت كان شخص يمتلك ذكاءً كبير، لكنه لم يستفد منه شيئاً، عاش حياة فقيرة وعادية جداً، فقط لأنه قرر عدم المجازفة. أحياناً يجب على الإنسان أن يخوض المغامرات في حياته.

عندما يكون متأكد من أنه يمتلك قدرات قادر من خلالها على إثبات نفسه. والتر اختار سكايلر، اختار العائلة، اختار الحب، لم يكن عملياً، غلبت عليه العاطفة.

قرر أن يبيع حصته في مشروع يُعتبر هو صاحب الفكرة الأصلية فيه، مقابل القليل من الدولارات، رغم أنه كان يعلم أن هذا المشروع سيحقق نجاح هائل.

لقد كان يريد أن يشتري بيت لسكايلر بمناسبة اقتراب ولادة الابن جونيور. بالنسبة له إرضاء سكايلر يأتي في المقام الأول، قبل طموحه.

خوف ورتابه

استمر الحال على ما هو عليه، قرر أن يتحول لمدرس لمادة الكيمياء في إحدى الثانويات ليعول أسرته ..

حياة هادئة، لكنها قائمة على كبت المشاعر السلبية، اختار الاستقرار، لكن الاستقرار في العلوم الطبيعية يعني الموت، الحياة يجب أن يكون فيها نوع من التدافع و الصراع، القائم بالأساس على المجازفة، بعيداً عن الخوف، الذي كان عامل من عوامل التحول الخطير الذي سيحدث عندما لن يعود هناك خوف في قاموس والتر وايت.

زوجته (سكايلر) عندما تعرضت للمضايقات من طرف رئيس العمل (تيد) طلب منها الخروج من الشركة، وهو من سيتكلف بكل شيء، لقد حاول أن يوفر لها كل ما تريده. لكنها ورغم كل هذا لم تكن ترى فيه إلاّ والتر المسكين، والتر الضعيف، لم تقدر يوماً التضحيات الذي كان يقدمها من أجلها، لذلك لم يشعر بالتقدير داخل منزله، حتى شؤون البيت كانت تسلمها (لهانك) زوج أختها، كان يتحكم في كل تفاصيل حياة والتر بطلب من سكايلر ..

رائج :   5 أسباب لحذف Avast واستعمال أي برنامج حماية آخر عوضاً عنه

كانت ترى فيه رجل قوي، قادرة على اللجوء إليه. والتر لم يمانع، رغم ذكاءة  ..

لقد كان يحبها، وكان يحب عائلته، كان يخاف من الاصطدام معها للحفاظ على الحياة البسيطة الذي يمتلكها، لذلك كان يقرر كبت هذه المشاعر السلبية، وهي جزئية يقوم عليها التحول السيكولوجي لهذه الشخصية في نظري، لذلك أرى الشخصية دائما من هذا المنظور الفرويدي.

ويمكن النظر إليها من زوايا أخرى أيضا، لأن المسلسل يحمل عمق فلسفي وإنساني كبير، حيث يخوص فينس في أعماق الذات الإنسانية ..

قد يهمك: سول غودمان، والطبيعة المُدمِرة من مسلسل Better Call Saul

مصادمات وتحول مفاجئ

عاش والتر لمدة طويلة على هذا الحال، أكثر من 20 سنة من الروتين الممل وقلة التقدير، والكبت ..

عندما أصابه سرطان الرئة أول شيء فكر فيه “العائلة” لم يفكر في نفسه. فعل كل شيء من أجلهم، قرر التورط في صناعة الميث البلوري (المخدر) من أجل إنقاد حياتهم، من أجل أن يوفر لهم مبلغ قادرين على العيش به، عندما يُنهي المرض حياته.

رائج :   فيلم 122 .. تجربة جديدة على السينما المصرية

لكن الإشكال الحقيقي عندما دخل لهذا المجال وجد “التقدير” الشيء الذي لم يحظى به طيلة حياته، سواء داخل عائلته، أو داخل عمله، وجد نفسه محط اهتمام الجميع.

أعاد اكتشاف نفسه، هناك من يُقدر ذكاءه وعبقريته، أحس للحظة أنه على قيد الحياة، استمتع بذلك، تحول من والتر أستاذ الكيمياء الذي يريد إنقاد عائلته إلى (هايزنبورغ) صاحب إمبراطورية الميث البلوري.

قد يهمك: مسلسل “الاختيار” ونقاط هامة.. بعيدا عن “التسييس”

شخص أخر وتنفس الصعداء

سنتين كانت كل دقيقة فيهم تساوي حياته الذي عاشها قبل ذلك. مما جعله يندم على كل يوم من أيام حياته، ورفض أن ينتزع أي أحد منه هذا الشعور، قالها لسكايلر في مشهد أسطوري عندما قامت بالتقليل منه كما كانت تفعل دائما:

” أنا لست في خطر سكايلر، أنا الخطر “

لقد كان مشهد أيقوني يفرغ فيه سنوات وسنوات من الكبت، الأشياء عندما نقوم بكبتها فإنها لا تتبخر، هي فقط تنمو داخلنا، وقد تتحول في يوم من الأيام لشيء مرعب، قد تجعلنا عبارة عن وحوش بشرية.

لذلك يجب أن لا يسمح الإنسان لأحد أن يقلل منه، أو أن يسيطر عليه، أو أن يتخلى عن طموحاته، أو أن يقرر التضحية بأي مشاعر أو ميولات أو أهداف من أجل إرضاء الأسرة، المحيط، المجتمع، من يحب.

رائج :   الختام المر || عن صانع السعادة الكبير “عبد الفتاح القصري”

لأن ذلك يعتبر الخطر الحقيقي الذي يهدد حياة الإنسان، دائما يجب أن تضع نفسك أولاً، ثم يأتي الجميع، ومن يحبك يجب أن لا يسمح لك بأن تعيش مزيف، لأن لذلك ضريبة ستدفعها ..

رفض والتر انتزاع هذا الشعور منه عندما أحس به، لذلك أصبح وحش، لم يعد يرحم أحد، لم يعد هناك ضمير ..

دائما ما أتذكر اللحظة الذي مات فيها ذلك الطفل الصغير عندما أطلق (تود) الرصاص عليه، حالة جيسي كانت في منتهى السوء، بينما والتر كان يغني في المختبر مع بعض التصفير، وكأن شيئاً لم يحدث.

مشهد صادم لكنه حقيقي، حتى أخطر الشخصيات مثل (غاس) استطاع إنهاء حياتهم لأنهم كانو يحاولون إيقافه، تخلص من الجميع، دمر الجميع، وكل هذا من أجل الحفاظ على مكانته الذي يرى أنه يستحقها.

حب نفسك

من أجل استمرار ذلك الشعور، ذلك الغرور، الذي وصفه (مايك) قبل إنهاء حياته بدقائق، كان أكثر مشهد صادق يلخص حقيقة والتر. وما كان لذلك أن يكون لو أن والتر منذ البداية اختار نفسه ومشروعه، اختار أن يكون أكثر شجاعة، أن لا يخاف من شيء، أن لا يحب أحد أكثر من نفسه، أن ينطلق من أجل بناء حياة حقيقية.

الإنسان قادر أن يتحول من حمل وديع إلى عبوة ديناميت في سرعة قياسية بسبب التراكمات السابقة.

هذه النوعية من الأشرار هم الأقرب لقلب الجمهور، لأننا نرى أنفسنا من خلالهم، نعتبر ما يقومون به انتصارا لنا ..

قد يهمك: شاهدت لك || فيلم الملاك

 

مقالات ذات صلة