من هنا وهناك

زارا (ZARA) … النجاح لا يأتي صدفة

من النظرة الأولى على الصورة هتعتقد أنه مركز من مراكز ناسا للتحكم في المركبات الفضائية، أو مركز قيادة الجيش الأمريكي، أو مقر هيئة ماسونية غير معروفة بتتحكم في العالم من بعيد لبعيد بدون ما حد يعرفها لحد ما شخص بارع قدر يسرب لها صورة أو شيء من هذا القبيل،

بس في الحقيقة هي ولا أي شيء مما سبق، هذه صورة لمركز عمليات شركة Zara (أيوة شركة الملابس!!) الشركة التي تمثل نموذج مثالي وآية في النجاح والإلهام وكل المقاييس.

أرتقت من محل صغير في شمال اسبانيا لأكبر وأنجح شركة في تاريخ اسبانيا وواحدة من الأكبر في تاريخ العالم وصاحبها أصبح أغنى رجل في العالم لفترة وجيزة العام الماضي بثروة تخطت ال90 مليار دولار! (الأفضل رؤية الصورة بعرض الموبايل.)

القصة بتبدأ مع شاب اسباني صغير أسمه “أمانثيو أورتيجا” مولود عام 1936 في مقاطعة اسبانية أسمها “بلد الوليد” Valladolid وقتها اسبانيا كانت دولة أفقر بمراحل مما هي الآن وكان من الشائع جدًا أن ترى شباب وحتى أولاد في سن صغير جدًا بيشتغلوا لمجرد انهم حتى يجدوا قوت يومهم أو يبقوا على قيد الحياة،

أمانثيو كان أحد هؤلاء الأولاد المضروبين بالفقر المدقع، بدأ الشغل في مجال الملابس والغزل والنسيج من سن صغيرة جدًا، وفي عمر الـ14 أشتغل دليفري تي في محل تي شيرتات مشهور في مقاطعة في شمال اسبانيا أسمها “جاليثيا” Galicia

رائج :   الحرب العالمية الثانية .. الجزء الرابع || الإنتقام

وأكتسب ما يكفي من الخبرة في المجال على مدار الوقت ليفتح أولى فروع شركته الخاصة وهو تقريبًا 40 سنة (عام 1975) في نفس المقاطعة وتحديدًا في مدينة “أرتيتشيو” Arteixo

الجدير بالذكر أن الشركة الأم أو الكبيرة أسمها Inditex وZara مجرد كيان متفرع منها، وInditex ايضــًا تضم Pull & Bear وBershka وMassimo Dutti وStradivarius وZara Home وOysho وغيرهم وأيضـًا شركة صغيرة تسمى Lefties تبيع ملابس رخيصة وأسمها يأتي من كلمات left-overs او بواقي ومعناها انها في الأصل بتبيع بواقي Zara! ولكن طبعًا أكبرهم وأقدمهم وأقيمهم هي Zara. وأيضًا كلمة Zara بلهجة مكانها الأصلية بتُنطق “تـسادا” أو “تـثادا” وليس “زارا،” اللهجم تسمى القشتالية الشمالية Northern Castilian

وفي عمر الـ52 سنة (أي عام 1988) أفتتح أول فروعه الدولية خارج حدود اسبانيا في مدينة Porto البرتغالية وبعدها بفترة عبر المحيط الأطلنطي لنيو يورك ومنذ وقتها وأصبح قوة غاشمة لا يمكن إيقافها،

أكبر سر لنجاح “أمانثيو” الساحق وتفوقه على كل المنافسة هو الطرق وأساليب التسويق والبيع الإبداعية والثورية التي أدخلها على صناعة تقليدية جدًا.

رائج :   اكتشف الحياة على كوكب الزهرة

على سبيل المثال، لا الحصر، مركز العمليات الموجود في الصورة هنا له مهمة محددة وهي مراقبة جميع الأنشطة وكل حركة وكل حركة شراء وكل تفصيلة في كل مخزن من مخازن شركات Inditex حول العالم ومن خلالها تحدد ما يحتاجه كل منفذ بيع حول العالم (الكمية، المودلز، الأحجام، الألوان إلخ)

كل منفذ يكون مناسب لإحتياجات عملاؤه والزباين دائمي التردد عليه، وكل منفذ لشركات Inditex بيبيع أشكال ونماذج بضاعة تختلف بحسب المكان.

Zara تستبدل الstock أو البضاعة الموجودة في فترة كل أسبوعين تقريبًا، مركز العمليات يدرس نوعيات الملابس المختلفة، أي نموذج مبيعاته قليلة بيختفي تمامًا، النماذج الناجحة أيضـًا يتم تصنيعها بكميات محدودة لكي لا تصبح ملابس الناس نسخة من بعضها ويشعر العميل بالتميز، ولكن المصممين يعيدوا اختراعها (عن طريق المحافظة على الجوهر وتغيير الكثير من التفاصيل.) أيضــًا،

أيضـًا هذه الطريقة والتوزيع حسب الحاجة والمقدار المطلوب فقط (يعني الoptimization) بيوفر لZara مساحات كبيرة في المنافذ وأيضـًا إزالة البضاعة غي المرغوب فيها وتحويلها لأغراض أخرى.

بذور نجاح Inditex حصلت في السبعينات والثمانينات ولكن الموضوع أستغرق أكثر من 30 سنة للوصول لفترة الغليان والفوران الحقيقي للنجاح والهيمنة التامة لـInditex وصعودها لمكانة “أكبر شركة ملابس ونسيج في العالم” وحدثت في الفترة ما بين 2006 و 2016، في خلال هذه الـ10 سنوات،

رائج :   نشتغل B2B ولا B2C ؟

صافي أرباح Inditex تضاعف 3 مرات، من 1.5 مليار يور إلى 4.2 مليار يورو، ونشروا منافذهم في أكثر من 50 دولة جديدة وأصبحوا متواجدين في كل مدينة كبيرة وكل عاصمة في جميع دول العالم تقريبًا (عندهم أكثر من 7,300 منفذ بيع حول العالم من 3,131 فقط في عام 2006!)

مجموع مبيعاتهم السنوية أكثر من 24 مليار دولار مقارنة ب8 مليار فقط عام 2006، وثروة أمانثيو الشخصية أنطلقت لعنان سماء لدرجة أنه كما سبق الذكر، كان لمدة ساعات أغنى رجل في العالم، وفي العموم هو دائمًا في أول 5 أغنى اشخاص في العالم، وقيمة الشركة تتخطى ال125 مليار دولار، وتوظف أكثر من 163,000 شخص بشكل مباشر وأكثر من مليون شخص عن طريق مجموع الشركات المتعاقدة معهم! 

على الرغم من أن أسم “أمانثيو” غير معروف للكثير من الناس حول العالم إلا أنه في بلده يعتبر أيقونة ورمز للمثابرة والكفاح والإبداع والإرادة الجبارة ومعشوق الشباب وقطاع عريض جدًا يريد إقتفاء أثره يتعامل مع قصته على إنها إلهام وطريق ممهد للنجاح، وهكذا يجب أن يكون هو قصته لجميع شباب العالم!

مقالات ذات صلة