قضايا وأراءوعي

كأس العالم 1978 بالأرجنتين … الوجه القبيح لكرة القدم

فى الأرجنتين عام 1976 حدث إنقلاب عسكرى على الرئيسة إيزابيل بيرون بقيادة الجنرال خورخى فيديلا بدعم مباشر و واضح من الإدارة الأمريكية ..

فيديلا تسبب بسياساته فى إفقار شعبه و تقييد حريته مع إعتقال و تعذيب و قتل كل من يعترض على إنقلابه الدموى ..

  • خطف أطفال المعارضين و أهداهم لمؤيديه من الجنرالات ليقوموا بتبنيهم ..
  • منع التظاهر و قام بقتل كل قادة التظاهرات المطالبة بالحقوق المدنية ..
  • عشرات الآلاف قتلوا إما فى السجون و إما بشحنهم فى طائرات ثم إلقائهم فى المحيط ..

– تسبب تعويم البيسو الأرجنتينى فى إنهيار الإقتصاد و إضطر فيديلا للإقتراض من كل الجهات المتاحة و كانت الولايات المتحدة حاضرة لمساعدته ليتجنب حليفها السقوط فتعاون الرجل مع صندوق النقد الدولى و باقى المؤسسات المعنية حتى تضاعف الدين الخارجى للأرجنتين 4 أضعاف فى 5 سنوات فقط ..

كل ما سبق و أكثر تسبب فيه ذلك الديكتاتور و صار واضحاً أن الأمور لا تسير وفق المخطط المرسوم فأرادت أمريكا الحفاظ عليه أطول فترة ممكنة عن طريق مساعدته فى تنظيم لائق لبطولة كأس العالم عام 1978 و التى تم إختيار الأرجنتين لتنظيمها عام 1966 ..

فى البداية أعلن يوهان كرويف النجم الهولندى إعتراضه على ذلك التنظيم و رفض أن يشارك فى بطولة تقام على أرض يحكمها نظام قمعى و دموى مثل نظام خورخى فيديلا .. إنتقاد علنى جعل بعض المتعصبين للنظام الأرجنتينى يهددونه بالخطف حال قدومه إلى الأرجنتين و هو ما جعله يقرر عدم المشاركة فى تلك النسخة ..

رائج :   تعرف على حقيقة هَارون الرشيد قاهر الروم

بعدها واجه فيديلا مشكلة ضعف البنية التحتية الرياضية فاضطر للإقتراض مجدداً لتجديد الملاعب و المزارات و الفنادق فكانت أمريكا حاضرة هنا أيضاً و قامت بإقراضه و بالرغم من هذا فقد خسرت الأرجنتين مادياً من تنظيمها للمونديال بسبب ضعف العوائد المادية وقتها ..

بدأت المجاملات فى البطولة بمنح الأرجنتين حق اللعب ليلاً بإستمرار بعد أن تنتهى كل مباريات المنافسين ..

بعدها بدأت المهزلة الفعلية .. الأرجنتين لا تؤدى جيداً فى المونديال على الرغم من تفوق نجمها ماريو كيمبس و كان لزاماً عليها أن تفوز على البيرو بفارق 4 أهداف حتى تستطيع الوصول للمباراة النهائية ..

بدأت الإتصالات بين فيديلا و بين هنرى كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق و حدثت إتصالات سريعة للغاية مع بعض جنرالات جيش البيرو و تم الإتفاق على أن تخسر البيرو أمام الأرجنتين بأكثر من أربعة أهداف مقابل أن تدفع لها الأخيرة 50 مليون دولار و 35 الف طن حبوب مع الإتفاق على إستقبال بعض المعارضين السياسيين البيروفيين فى سجون الأرجنتين ..

قبل بدء اللقاء دخل الديكتاتور فيديلا برفقة هنرى كيسنجر إلى غرفة المنتخب البيروفى لإخبارهم بسريان الإتفاق مع حكومة البيرو و أن أول شحنة قمح فى طريقها الآن إلى ليما عاصمة دولتهم كما أكد الصحفى الأرجنتينى ريكاردو كوتا فى كتابه نحن الأبطال الذى نشره عام 2008 و هو ما أكده أيضاً خوان كارلوس أوبليتاس مهاجم البيرو ذلك الوقت .. خسرت البيرو – بمعجزة ما – أمام الأرجنتين 6 / 0 رغم أن الأرجنتين لم تسجل سوى هدفين فقط فى مباريات المرحلة الثانية ..

رائج :   الصمت الاسلامي – العربي تجاه مأساة مسلمي الروهينجا بميانمار (بورما) … عذر أقبح من ذنب

أخيراً و قبل المباراة النهائية أمام هولندا بساعتين فقط تم تغيير حكم الساحة بحكم أخر بعد طلب الإتحاد الأرجنتينى و بدعم مباشر من الديكتاتور فيديلا فى أسوأ فضيحة يمكن أن تلتصق بجسد الفيفا إلى يومنا الحالى ..

خرجت الوثائق السرية الصادرة من مجلس الأمن القومى الأمريكى و التى يكشف عنها بعد مرور 25 عاماً على الواقعة لتؤكد أن هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هو من ساعد الأرجنتين فى الفوز بكأس العالم و بذل كل جهده لإتمام ذلك الأمر حتى تستقر الأوضاع الأمنية للنظام الأرجنتينى بقيادة الحليف خورخى فيديلا ..

أوردت إحدى الوثائق التى تم الإفراج عنها نص حديث بين كيسنجر وقت أن كان وزيراً للخارجية عام 1976 و بين الادميرال سيزار اوجوستو جوزيتى وزير الخارجية الأرجنتينى حيث قال :

– نريدكم ان تفوزوا .. و اياً كان الأمر سأكون فى الأرجنتين فى 1978 فى عام كأس العالم ..

– ثم أردف قائلاً : الأرجنتين ستفوز ..

دعمت الولايات المتحدة الأمريكية النظام الأرجنتينى مادياً و دبلوماسياً حتى يتمكنوا من الفوز بتلك البطولة و التى من شأنها إلهاء الشعب عن الأوضاع الداخلية المتردية

و على الرغم من بذل النظام الديكتاتورى كل ما فى وسعه لتبييض وجهه و تجميل صورته فى أعين شعبه إلا أنه و بعد ثلاث سنوات أجبرت الإضطرابات فيديلا على الخروج من السلطة و تمت محاكمته على جرائمه فحكم عليه بالسجن مدى الحياة مرتين و حكم عليه مرة أخرى بالسجن لمدة 50 عاماً فى قضية خطف أطفال المعارضين السياسيين ..

رائج :   الحرب العالمية الأولى .. الجزء الخامس || الحصار

الجنرال الذى كانت صورته تتسم بالصرامة و الذى كان يحاول الظهور بمظهر القوى فى كل لحظة من لحظات حكمه قضى سنين عمره الباقية فى زنزانه باردة فى سجن ماركوس باز فى العاصمة بوينوس أيريس حتى وجدوه ميتاً فى مرحاض زنزانته فى مايو 2013 ..

لم تقام له جنازة عسكرية لتجريده من رتبته بعد إدانته و تحولت الألسنة التى كانت تهتف له إما خوفاً و جزعاً و إما رياءاً و نفاقاً إلى ألسنة تسبه بأفظع الألفاظ ..

  • تحول الجنرال القوى الذى مات بإشاره واحدة من يده آلافاً من الأرجنتينيين إلى مجرد حثالة يواريها الثرى ..
  • لم يعد هناك و لو شخصاً واحداً يستطيع أن يدعى حبه أو مناصرته بعد ما فعله ..
  • لم تنفعه الملايين التى أهدرها من خزانة الدولة لينال منتخبه كأس العالم ..
  • لم تشفع له فرحة الشعب الأرجنتينى بالفوز بالكأس و استمر فى أعينهم مجرد قاتل .. ديكتاتور .. سفاك للدماء ..
  • لم يعد على ألسنة الناس بعد وفاته إلا جملة واحدة :

( المجرم القاتل توفى )

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *