تاريخوعي

محطات في حياة عثمان احمد عثمان : الحلقة الاخيرة

بسبب النجاح الكبير لعثمان احمد عثمان، بيحكي ان كان فيه محاولات من سامي شرف مدير مكتب النظام الناصري لتجنيده في عمليات ظاهرها تنفيذ شغل المقاولات بداخل دول عربية، لكن من الباطن تكون للتخابر عليها !

واتفاجئ عثمان وهو بيسمع ده من سامي شرف .. وكتب انه رفض يتورط في كل المسائل دي!

محاولات تجنيد عثمان اتكررت واستمرت محاولات سامي شرف لاستقطاب مهندسين من شركته .. وعثمان بيحكي في مذكراته انه استقتل عشان يمنع أي حاجة تخليه في عداء مع الدول العربية الشقيقة اللي هو كل مهمته انه ينفذ لها اللي تطلبه من عمليات مقاولات وبس !

وللأسف بيزنس عثمان احمد عثمان في الخارج اتأثر بالسياسة الداخلية، وبقى فيه أمراء عرب خايفين يتعاملوا معاه ليكون أداة للتجسس عليهم وده اللي اتسبب في حزن عثمان لما لقى انه ما بين نارين ومش عارف يلاقيها منين ولا منين !

قد يهمك: عثمان احمد عثمان: المعلم اكبر مقاول في مصر || ح4

محطات في حياة عثمان احمد عثمان

تناقضات

حاول عثمان يخلي فيه واسطة خير من معارفه بالخارج عشان يبين بالدليل القاطع للناس اللي كانوا قبل كدا بيتعاملوا معاه انه بتاع بيزنس وبس .. وانه راجل شريف ولا يمكن يتلوث بأجندات سياسية مقيتة تفرق ما بينه وبين إخوانه العرب اللي ميعرفش منهم غير كل محبة وكرم !

واستمر بيزنس عثمان داخل مصر مع شوية تضييق عليه من النظام .. وجت له سفرية عشان ينفذ عملية كبيرة في الكويت وعرف وهو هناك أسوأ تالت صدمة في حياته كلها .. التأميم!

هو بيحكي انه في الوقت ده كانت مصر بتحتفل بذكرى ثورة يوليو بينما هو في الكويت كان بيضرب كف على كف مش قادر يستوعب ازاي شركتي تروح مني .. شقا عمري!

إزاي حد غيري ياخد الشركة!

وفلوس الشركة تتاخد هي كمان!

واللي يمسكوها من بعدي يخربوا إدارة الشركة !

إزاي وانا لسه داخل في أضخم مشروع قومي في مصر كلها!!

ومن ساعتها دخل عثمان في عداء ومعركة ساخنة مع جمال عبد الناصر!

ودي من المواقف اللي بتخليك تراجع من تاني تصريحات د. ثروت عكاشة لما كان بيدافع بشكل مطلق عن قرارات التأميم وانها كانت بتسيب جزء كبير يكفل حياة كريمة لأصحابها .. وده عكس اللي قاله عثمان احمد عثمان !

مساندات من الدول الشقيقة

ملوك وأمراء عرب حاولوا يقفوا جنب عثمان في محنته لما شركته اتاخدت منه لكنه كان عزيز النفس ومش قابل ترضية خواطر في أي حاجة تتعلق بشغله.

رغم ان ملك السعودية عرض على عثمان احمد عثمان كل حاجة .. بيحكي بشمهندس عثمان ان ملك السعودية بعت له مندوب على طيارة خاصة يبلغه ان الملك عرف باللي حصل لشركتك وقرر يصرفلك ما تشاء من أموال وهيديك الجنسية السعودية! وهيتحمل نفقات إقامتك حتى لو خارج السعودية في أي مكان في العالم جزاء لمعاملتك الطيبة مع السعودية طول السنين اللي فاتت!

رائج :   ليبيريا مع جورج وياه .. من العبودية إلى الحرية

بمجرد ما انتهى كلام مندوب الملك لقى بشمهندس عثمان بيقوله انا عاجز عن الرد ومش لاقي كلمات توفي ملك السعودية حقه!

دعم معنوي ومادي

وبعد ما شكر مندوب الملك رجع على اسماعيلية من تاني .. على أول خطوة بدأ منها رحلة المقاولين العرب!

بيحكي انه لقى أهل اسماعيلية كرماء فوق الوصف .. ناس راحوله بيته عايزين يدوله 5 آلاف جنيه .. ناس راحوا عايزين يدوله 3 آلاف جنيه .. لقى ناس بسيطة جاية تديله 5 جنيه!

عشان يقوم من تاني ويبني نفسه من أول وجديد! وبعد ما رحب بيهم اعتذرلهم وشكرهم على مشاعرهم النبيلة وقال لهم انه حتى لو هيبدأ من تاني من الصفر هيرمي تكاله على ربنا زي ما أمه علمته!

وبعد نقاشات طويلة مع المشير عبد الحكيم عامر رضى المشير ان عثمان يرجع يدير الشركة .. إدارة وبس مش اكتر من كدا .. لدرجة انه قعد 3 سنين لا يقتضي أي فلوس!

وعاد وميض الأمل من جديد

سنين وعثمان احمد عثمان من بعد تأميم جمال عبد الناصر لشركته بيكتم في نفسه وبيكلم نفسه ويشكي حاله لحاله بعد ما اتغيرت أحوال المقاولين العرب وضعف حجم أعمالها ..

لحد ما جاله في مكالمة تليفون خبر غريب عجيب ولقى التلفزيون فجأة لغى البرامج العادية وبدأ في تلاوة القرآن الكريم ودخلت الدولة في حداد رسمي!

عهد السادات كانت نقطة نور وضوء آخر النفق بالنسبة لعثمان احمد عثمان!

المقاولون العرب من بداية حكم السادات رجعت تاني تشتغل زي الأول .. السادات طمن رجال الأعمال وشركات المقاولات وعلى راسها المقاولون العرب ان ده عهد جديد ومش هنصفي أي حسابات قديمة مع أي حد .. وبدأ عثمان يرجع بقوة من تاني.

قبل حرب اكتوبر السادات جاب عثمان احمد عثمان واتفقوا على ان المقاولون العرب هتنفذ عمليات لتأسيس قواعد للصواريخ بطول الجبهة وعرضها .. واشترك عثمان مع سلاح المهندسين في تنفيذ المعديات اللي بتشيل طلمبات وتعبر القنال للضفة الشرقية عشان تهد الساتر الترابي للصهاينة!

وتمر الأيام لحد ما يتفاجئ الناس كلها بيوم العبور ونصر اكتوبر!

ويطلب مدير مكتب السادات انه يقابل عثمان احمد عثمان اللي ييجي ويقابل السادات علشان يكلفه بتعمير منطقة القنال .. المنطقة اللي كان من وهو طفل صغير بيشوف شركات أجنبية بتاخد شغل فيها أثناء الاستعمار البريطاني!

ويرفرف قلب عثمان احمد عثمان وهو بيفتكر أيام طفولته من سنين طويلة .. وبيحكي ان وهو ماشي من عند السادات سأله السادات رايح فين؟ مش هتمشي من هنا غير لما تحلف اليمين انت من انهارده وزير التعمير يا عثمان!

رائج :   التاريخ المؤلم للامبراطورية الاستعمـــــارية الألمانـــية فـــي إفريقـــيا

أحمد بهاء الدين قال قبل كدا ان علاقة السادات بعثمان احمد عثمان من الحاجات اللي قليل لما تلاقيها .. السادات كان بيعامل عثمان كأنه توأم له وشقيق الروح لدرجة انهم دخلوا في نسب ما بينهم بعد كدا ..

وده يفهمك سر التحول الاقتصادي والاجتماعي لعثمان احمد عثمان ما بين زمن ناصر و (أيام السادات) ويمكن العبارة دي هي أفضل اختيار لإسم الفيلم اللي اتعمل عن السادات لأنها بالفعل كانت مرحلة مختلفة عن اللي قبلها!

كواليس الوزارة

عثمان احمد عثمان اكتشف ان جوا الحكومة الدنيا اختلفت شوية عن قبل كدا .. مواقف كتيرة قابلها بشمهندس عثمان لما كان وزير ..

أخطر ما فيها لما رئيس الوزراء وقتها طلب منه الموافقة على بيع قطع أراضي مميزة جدا في القاهرة لشركة كويتية مدعومة من وزارة المالية في الكويت ..

الوزير عثمان احمد عثمان شاف انها قطع كتيرة لأراضي حيوية في أماكن مميزة على النيل مش صح ان مصر تفرط فيها!

ورفض انه يوقع على البيعة دي حتى بعد ما ضغط عليه رئيس الوزراء وقاله ان دي شركة عربية شقيقة!

رغم ان مبلغ الصفقة دي كان مغري جدًا في وقت البلد بيتقال انها هتستفاد من الفلوس دي اللي وصلت لحوالي 40 مليون دولار!

دي ثروة في الوقت ده توازي دلوقتي مبالغ خرافية!

مواقف شامخة

والمفاجأة ان من بعد رفض عثمان التوقيع .. وزير المالية الكويتي بنفسه سافر وحضر لمكتب الوزير عثمان احمد عثمان! وجاب معاه رئيس الوزراء المصري وقتها!

قاعدين يقنعوا فيه يمين وشمال وبرضو مفيش فايدة فيك يا عثمان مش راضي يمضي على قرار بيع الأرض المصرية!

وزير المالية الكويتي طلع ورقة فيها تفاصيل المشروع فيقول له عثمان سيبهالي اسبوعين وهبقى اشوف الموضوع ده كنوع من المماطلة يعني ..

بيحكي عثمان ان الوزير الكويتي مكانش متوقع الرد ده من عثمان وكان متوقع انه بمجرد ما يعرف انه مسافر مخصوص من الكويت لمكتب عثمان عشان الموضوع ده كان متوقع ان عثمان يمضي على طول ..

ولما ده محصلش بيحكي عثمان ان الوزير الكويتي شد من إيد عثمان الورقة وكان زعلان !

هتلاقي في مذكرات عثمان انه شد في الكلام مع رئيس الوزرا المصري وفي كل اللي حضروا مع وزير المالية الكويتي وصوته علا وهو بيقول في مكتبه انا مش همضي على القرار ده ..

انا وزير تعمير مش وزير بيع لمصر .. مش همضي على بيع أجمل أماكن فيها على النيل عشان شوية فلوس سهل نجيبهم للبلد بألف طريقة غير دي ..

وراح قابل السادات وشرح له كل تفاصيل الموضوع ورجع قال لهم السادات رفض البيع.

ويتحفر الموقف ده في التاريخ المشرف والمنور لعثمان احمد عثمان!

انجازات وتاريخ عظيم

وما بين منصبه على راس الوزارة . . وذكرياته في تأسيس (المقاولون العرب) . . وفي تأسيس بنك قناة السويس . . وصراعات الأنظمة معاه من أيام العهد الناصري لحد مراكز القوى ..

رائج :   أشهر 7 مخاوف لازم يتخلص منها رواد الأعمال

وذكرياته مع رئاسة النادي الاسماعيلي اللي خد معاه الدوري العام في الستينات . . في كل ده استمر عثمان احمد عثمان هو هو الشخص عفيف اللسان اللي إيده نضيفة لا عمره اتورط في رشاوي ولا فضايح من أي نوع!

ورغم المغريات اللي اتعرض لها في الحكومة ومن قبل ما يكون وزير في الحكومة اتحققت دعوة أمه له: “ربنا يا ابني يجعل إيدك خضرة” وبقى فين ما يروح الكل يشهد على أمانته ونزاهته ..

وفين ما يروح يبني ويعمّر الأرض ويحررها ضد العدوان .. ويرفض يفرط فيها حتى ولو تحت شعار القومية والعروبة .. حتى ولو تحت شعارات الاستثمار!

محطات طويلة لبراند كبير في مصر اسمه: عثمان احمد عثمان .. محطات بدأت من لما شاف أمه أرملة لوحدها واقفة بطولها معاها 6 أطفال منهم طفل رضيع .. إلى أن شاف محمد اخوه هو راجل البيت اللي شايل المسؤولية وبيصرف على البيت!

بداية ما عثمان اشتغل صبي ميكانيكي .. لحد ما اتخرج من هندسة ورفض يتعين معيد وبدأ العمل الحر .. و بدأ شركته من أوضة صغيرة في عيادة دكتور ..حتى شاف شركته بتكبر وتاخد شغل عمليات كبيرة .. إلى ان رأى نفس شركته بتتأمم وتتاخد منه!

لحد ما اتكرم في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وكل الدول العربية!

لحد ما اتكرم في أمريكا نفسها وخد دكتوراة فخرية من هناك .. ولحد ما مجلة فوربس الأمريكية تكتب اسمه بالبونط العريض ضمن أغنى 400 من أثرياء العالم!

ثمرة كفاح

محطات طويلة مكنش يتخيل انها هتوصل بيه من علاقاته المحدوده بمقاولين صغيرين في اسماعيلية لعلاقات مباشرة مع الملك عبد العزيز والملك فيصل والملك خالد في السعودية ..

والملك الحسن في المغرب .. والملك السنوسي في ليبيا .. والشيخ خليفة في قطر .. والشيخ عيسى في البحرين .. وعبد السلام عارف في العراق .. بالإضافة لأمراء الكويت وغيرها وغيرها !

بالإضافة إلى انه يناسب السادات! . . ويتجوز محمود إبن (عثمان احمد عثمان) من جيهان (الصغيرة) بنت السادات وتبقى علاقة صداقة وجيرة ونسب!

محطات يمكن أغرب ما فيها لما سافر مع السادات للكنيست الإسرائيلي مع نقيب المهندسين وبقية اللي سافروا مع الوفد الرئاسي!

مراحل جوهرية بدأت من سنين طويلة انتهت بوفاته في نهاية التسعينات _الله يرحمه_ لكن مخلصتش السيرة العطرة للعائلة العثمانية الأصيلة اللي لسه جدورها في اسماعيلية محفورة ..

محطات كتيرة شاف منها عثمان احمد عثمان الحلو وشاف منها المر .. شاف فيها البيزنس واتأثر فيها بمرار السياسة وحلاوتها .. شاف فيها الوطنية وطاردته الإشاعات الكتير والضرب من تحت الحزام ..

محطات كان فيها السد العالي وملحمة أكتوبر وأضخم مشروعات قومية اتعملت فيكي يا مصر!

ملحمة بدأت من شاب من اسماعيلية كل أحلامه في البدايات انه يدفع بس مصاريف هندسة القاهرة . . لحد ما كبرت الأحلام لحدود تعمير القاهرة وكل الأقاليم والدول العربية!

أقرأ المزيد: عقدة نابليون

مقالات ذات صلة