قضايا وأراءوعي

مقتل على عبد الله صالح وخلفية الصراع في اليمن حاضره ومستقبله

مقتل الرئيس اليمن الأسبق واللاعب المؤثر جدًا في السياسة اليمنية “علي عبدالله صالح” مما غالبًا سيتسبب في مط وإطالة الصراع المدمر هناك لفترة طويلة قادمة. 

الصراع في اليمن هو حلقة من مسلسل الصراع السني-شيعي. اليمن فيها جماعة أسمها “أنصار الله” وهم جماعة من الشيعة ينتموا للطائفة الزيدية يشكلوا حوالي ثلث سكان البلد حكموا شمال اليمن تحت نظام الإمامة لمدة 1000 سنة تقريبًا ويزعموا انهم من نسل الرسول وحصنهم هو مدينة “صعدة” حتى حدوث ثورة عام 1962 قضت على حكمهم، وبعدها أصبحت المنطقة مهملة من الحكومة وحطام وفقر وضياع تام.

على الرغم من أن الحكومة لم يكن لها أي سيطرة واسعة حقيقية على شمال اليمن، إلا أن الشيعة مازالوا يريدوا إستقلالية أكبر وسيطرة كاملة على مناطقهم مما رأوه كتدخل سُنّي في شئونهم. 

عام 2004 تحت قيادة رجل دين زيدي “منشق” أسمه حسين بدر الدين الحوثي ومعه جماعة من المتمرديين منتسبين لأسمه “الحوثيون” عملوا إنتفاضة وكانت شرارة واحدة من أشهر الحروب الأهلية اليمنية بينهم وبين الجيش، الجيش أستطاع قتل حسين الحوثي في أواخر 2004

ومن ثم عائلته تسلمت مقاليد الأمور وتبعوها بعد ذلك بخمس “ثورات” أو تمردات كل منها يمثل حرب أهلية كاملة حتى عقدوا وقف إطلاق نار مع الحكومة في 2010 (الحروب الأهلية في اليمن أمر قديم ومعقد جدًا جدًا صعب ذكر جميع تفاصيله هنا ويستحق إفراد بوست مخصص له.) 

رائج :   اكتشف نيجيريا تاريخيا وجغرافيا معلومات لا تعرفها من قبل

بالتوازي مع ما سبق، كجزء من إنقلاب عسكري على السلطة الرسمية في اليمن لمع نجم علي عبدالله صالح وتقلد منصب رئاسة شمال اليمن عام 1979 واليمن كلها عام 1990 بعده “توحيدها.” عام 2011 الربيع العربي مد أحد أذرعه لليمن وكجزء من الإحتجاجات التي أجتاحت البلد،

أضطر علي عبدالله صالح للتنحي رسميًا عام 2012 (بعد أقل من سنة من بدء التمردات والإحتجاجات) ولكنه ظل شخصية مؤثرة جدًا ومتحكمة إلى حد كبير في الأمور خلف الستار وبدأ حتى إظهار نفسه من جديد أكثر وأكثر مع مرور الوقت.

بعد تنحي علي عبدالله صالح تسلم نائبه “عبد ربه منصور هادي” الحكم بنسبة 99.8% من الأصوات في فبراير عام 2012 (علي عبدالله صالح شيعي وعبد ربه هادي سني.)

لكسر أي أوهام أن الحكومة لها أي سلطة حقيقية، قام الحوثيون، الذين بالفعل كانوا يتحكموا في أغلب العاصمة، بالزحف على مراكز الحكومة والإستيلاء على محلات الإقامة الرسمية والخاصة للرئيس ووضعوا “هادي” قيد الإقامة الجبرية (عام 2014 – 2015)

وأجبروه على الموافقة على تعديلات دستورية تسمح لهم بتمكينات وحقوق أكبر وسلطة في إختيار بعض المناصب السياسية التي أرادوها دومًا (ومنهم نائب الرئيس) يوم 22 يناير 2015،

رائج :   إنجازات السيسي

بعدها بيوم فر هادي لمدينة عدن وأعلنها العاصمة الحقيقية للبلاد وبدأ التفاقم يتعاظم ويتضخم جدًا والضغائن تشتعل أكثر وأكثر ما بين السنة والشيعة، والجيش نفسه ولاءاته منقسمة ما بين الحوثيين وعلى عبدالله صالح من جهة وبين هادي من جهة أخرى، وطبعًا “هادي” له مساندة ودعم غير مشروط تقريبًا من الجنوب السني للبلاد، قادة القبائل كلها والجبهة المسلحة المعروف بأسم “لجان المقاومة الشعبية.”

وأيضًا لتعقيد الصورة أكثر وأكثر أن هناك جماعة “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” (أو AQAP) التي تبغض الحوثيين وهادي على حد سواء وتطلق هجمات مدمرة على كليهما كلما أمكن، وأيضـًا ظهور داعش عام 2014 وسعيها للتفوق على القاعدة في سباق الخليفة السني الشرعي للبلاد!

بعدها أستجابت السعودية لطلب “هادي” الذي أراد تدخل عسكري من الدول العربية السنية لتحجيم وكبح جماح الحوثيين وهو ما فعلته السعودية وقادت قوات تحالف عام 2015 تضم 5 دول خليجية ومصر والأردن والمغرب والسودان، وبدأ الطور الجديد من المدعكة حيث قتل وأصيب عشرات الآلاف واصبح أكثر من 8 مليون يمني يواجهوا إحتمالية المجاعة وأغلب الشعب في حاجة حرجة لمساعدات إنسانية.

رائج :   الانتقام الوهمي .. رسالة من بريد الجمعة

علي عبدالله صالح في هذه المعركة أنقلب على السعودية حلفيته السابقة وأعلن مبايعته ودعمه للحوثيين (على الرغم من أنه أشتبك مع الحوثي عدة مرات في الفترة ما بين بين 2004 و2009،)

ثم أنقلب على الحوثيين مرة أخرى منذ أيام (في حركة نظمتها الإمارات والسعودية في أبو ظبي بشكل أساسي لإعطاء قوات التحالف مخرج من الصراع، وأيضـًا بسبب خلافات سياسية وفكرية أختمرت بين صالح والحوثيين في الأشهر الماضية وسببت الكثير من الشروخ في علاقتهم) وفي الإشتباكات اللاحقة بين قواته وقواتهم لقى مصرعه اليوم. 

من أهم الأشياء التي تقلق العالم بشأن الصراع الدائر هي أن القاعدة الموجودة في اليمن هي أخطر فروع الجماعة بسبب قدراتهم التقنية وخبراتهم العسكرية ويدهم الطائلة عالميًا، وأيضـًا بسبب أن اليمن تقع على مضيق باب المندب (ممر مائي ضيق يربط البحر الأحمر بخليج عدن) ويمر منه كمية كبيرة جدًا من بترول العالم،

وإستيلاء أي جماعة متطرفة مسلحة أو حتى الحوثيين على السلطة ومقاليد الأمور قد يعني مشاكل وتهديدات كبيرة للعبور السلس والحر خلال المضيق، ولا يزال الصراع قائمًا وكلما قُطعت له رأس نبتت له عشرة، والمعجنة مستمرة بلا نهاية مرتقبة ولا حتى منطقية، اللهم إلا إنتقال انقسام اليمن من العرفي والفعلي للرسمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *