من المشاهد المتكررة في الشركات دلوقتي هو مشهد مدير المبيعات اللي مجتمع مع موظفينه وبيلومهم بسبب تراجع المبيعات، فيقوم موظف منهم يقترح أن بدل ما الشركة بتستهدف الشركات الكبيرة B2B Business-to-Business- ممكن تبدأ في استهداف العملاء العاديين Business to Consumer- B2C بخدمات أو منتجات جديدة، فطبعا يروح المدير يعترض ويستعرض خبرته الجبارة في المبيعات ويقوله أحنا شركة كبيرة وبنستهدف العملاء الكبار ومش مهتمين بالعملاء الصغيرين لأنهم مبيحققوش الأرباح المناسبة.
على الرغم أن في قناعة بالمبدأ ده في العديد من الشركات إلا أنه بيعتبر من أكبر الأخطاء اللي بتقع فيها الشركات اللي بتقدم منتجات مناسبة لعملاء الشركات والعملاء العاديين.
مبدئياً كده لازم نكون متفقين على أن كل سوق ليه الظروف الخاصة بيه، فمثلاً في سوق العربيات هنلاقي شركات بتقدم عربيات غالية جداً زي الفيراري وعدد عملائها قليل جداً وفي نفس الوقت شركات تانيه بتقدم عربيات سعرها متوسط بس عدد عملائها كبير، بس في شركات تانيه بقى بتقدم مزيج ما بين الأتنين بحيث أنها تقدر توصل لأكتر من فئة، وهو ده اللي معظم رواد الأعمال عايزين يوصلوله من خلال طرق مختلفة زي التنويع في المنتجات والاختلاف في الأسعار وغيرها من الاستراتيجيات اللي بتساعد على الانتشار ما بين الفئات المختلفة.
ومن الأمثلة اللي بتشرح إزاي تقدر تحقق ده هو مثال شركة “بيج دي” لطباعة التيشيرتات اللي تم تأسيسها سنة 2007 على يد دارين روبنسون بمشاركة أحد أصدقائه في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية.
فكرة المشروع بترجع لدارين روبنسون اللي كان عازف في فرقة موسيقية وكان بيشاهد حجم الأقبال على تيشيرتات الفرق الموسيقية المطبوعة، بس كان بيستغرب أنها بتحقق نسب بيع كبيرة على الرغم من أنها ماكنتش بجودة عالية، فبسبب كده قرر أنه هيخش البيزنس ده وأنه هيقدم تي شيرتات مطبوعة بجودة وخامات عالية.
وكان التحدي اللي بيواجهه عشان يحقق الأرباح هو تحديد إذا كان هيلبي طلبات العملاء من خلال طلبات الطباعة الكبيرة ولا الأفراد، لكن قرر هو وشريكه أنهم هيتجهوا لطباعة التيشيرتات للشركات والمصانع اللي بتطلب أعداد كبيرة، وقسموا هو وشريكه العمل ما بينهم فكان روبنسون بيقوم بإدارة الشركة، أما شريكه فكان بيلف ما بين الولايات المختلفة عشان يقدر يلاقي عملاء جدد، مع العلم أن أثناء إدارة روبنسون للشركة كنت بتجيله طلبات طباعة كبيرة لأشخاص عاديين لكنه كان ديماً بيرفض بسبب سياسة الشركة.
وبنهاية السنة الأولى من عمر المشروع قدرت “بيج دي” أنها تتفق مع شركات كبيرة على عقود توريد زي محل لألعاب الفيديو وشركات التسجيلات الموسيقية اللي طلبت ما بين 5000 إلى 15000 تيشيرت لكن على الرغم من كده إلا أن في الأوقات اللي مكنش بيتم فيها تجهيز طلبيات للشركات كان العمال بيجلسوا بلا عمل، فعرض روبنسون على شريكه أنهم يتجهوا لطلبيات الأفراد وأكد له أنها مش هتتعارض مع شغلهم في طلبيات الشركات الكبيرة وأن كل اللي الموضوع محتاجه هو جدولة الأعمال بطريقة سليمة.
ومن هنا ظهر اختلاف ما بين الشركاء فشريك روبنسون كان معارض للفكرة بشده ولكن كان هو متمسك بيها فقرروا الانفصال بشكل ودي، واللي أكد وجهة نظر روبنسون أنها كانت صح هو أن الشركات بعد كده بدأت تمر بأزمة اقتصادية كبيرة تسببت في تراجع حجم طلباتهم للتيشيرتات.
وبدأت بالفعل الشركة بتقديم التيشيرتات لأصحاب الطلبات الصغيرة، زي ممثل كوميدي في هيوستن اللي طلب 20 تي شيرت وتم إعادة تقييم التكاليف بحيث أن سعر التي شيرت في الكميات القليلة قريب بشكل كبير من سعر التي شيرت في الكميات الكبيرة، وده طبعاً مع الاستمرار في استقبال الطلبات الكبيرة الخاصة بالشركات، مما ساعد على نجاح الشركة بشكل كبير.
وبكده نفهم من المثال ده:
– التركيز على عملاء الشركات في بعض الأحيان بيكون سلاح ذو حدين فعلى الرغم من حجم طلباتهم الكبيرة إلا أنه في حالة اختفاء العميل “الشركة” بسبب الاتجاه لمنافس تاني أو لأسباب مادية ففي الحالة دي بتكون العواقب وخيمة.
– التركيز على العملاء الصغيرين بيحتاج دراسة جيدة للتكاليف عشان تقدر تحقق ربح مناسب منهم.
– في بعض الأحيان الشركات اللي بتشتغل مع عملاء الشركات بيكون عندها قدرة على التسعير الجيد للعملاء العاديين بسبب حصولها على المواد الخام بسعر أقل بسبب حجم الإنتاج الكبير.
في النهاية لازم وانت في السوق تحاول ديماً أنك تكتشف كل الفرص المتاحة قدامك وتستغلها كويس عشان تقدر تنمو بالبيزنس بتاعك، فلو في يوم لقيت أن عندك الإمكانيات لتلبية احتياجات الأنواع المختلفة للعملاء فحاول أنك تستغل الفرصة دي لأنها من النادر أنها تحصل، وربنا يوفق الجميع.