تاريخ

“وادي الحيتان” .. حيث يوجد أخر شيء ممكن أن تتوقعه في صحراء

بين الرمال التي خبزتها الشمس والصحراء التي نحتتها الرياح والتعرية في منطقة “ابشواي” في محافظة الفيوم يوجد أخر شيء ممكن أن تتوقعه في صحراء، هياكل عظمية لحيتان ولذلك المنطقة تسمى “وادي الحيتان” وهي من أغنى مناطق العالم في الأحافير البحرية ومن أبلغها وأفصحها في سرد ملحمة تطور هذه الكائنات عبر الأزمنة.

الحيتان الموجودة في هذه المنطقة من نوعية منقرضة من الحيتان أسمها archaeoceti وأكبر فارق بينها وبين الحيتان الحالية هي إمتلاكها لأقدام خلفية شبه كاملة كاملة. الحيتان الحالية لمن لا يعرف هي ثدييات، يعني تجمعها صلة قرابة معنا أكثر منها لغالبية الأسماك بمراحل،

على سبيل المثال، تتنفس عن طريق رئتين كاملتين بدلًا من خياشيم (رئة الحوت الأزرق سعتها 5,000 لتر مقارنة بالإنسان 6 لتر فقط!) وتملك فتحات تنفس تشبه الأنف وبداخل زعانفها توجد بنية شبه مطابقة لذراع وأصابع الإنسان والرئيسيات (ممكن رؤيتها هنا مقارنة ببعض الثدييات الأخرى
 ولهم شعر متناثر حول أجسادهم ممكن رؤيته عن قرب ودمه حار وهو شيء نادر جدًا جدًا في الأسماك ولا يبيض بل يلد والأمهات ترضع أشبالها، إلخ. 

رائج :   الحرب العالمية الثانية .. الجزء الخامس || الحركة الخاطئة

عند مقارنة المادة الوراثية للحيتان بجميع أنواع الكائنات الحية الحديثة يتضح أن أقرب كائن له في شجرة الحياة موجود حاليًا هو فرس النهر (أو سيد قشطة) عاشق الماء وكليهما لهم سلف مشترك (حيوان بري) كان يعيش منذ حوالي 54 مليون سنة وبعدها تفرعت شجرته للعديد من الكائنات حتى نصل حديثـًا للحيتان (وأقاربهم في الفصيلة مثل الدلافن، إلخ) وفرس النهر وغيرهم.

نوعية الحيتان الموجودة في وادي الحيتان المصري هي نوع وسيط ما بين ذلك السلف أو الكائن القديم الذين كان يعيش منذ ملايين السنين وبين الحيتان الحالية، وعلى الرغم من أن أرجلها الخلفية لم تكن بنفس إكتمال السلف المشترك إلا أنها لم تفقدها تمامًا كما فعلت الحيتان والـcetaceans أو الحيتانيات (أقاربهم) الحديثة،

ففقدان الأرجل كان تدريجيًا (لأنها لم تكن مفيدة في المعيشة بداخل الماء) حتى أصبحت غير موجودة تمامًا في الحيتانيات الحديثة إلا بمظهر بدائي جدًا بداخل أجسادها، في الحقيقة أن جنين الحيتانيات يظهر فيه بوادر لأرجل خلفية ولكن نموها سرعات ما يتوقف (يمكن رؤيتها عند السهم المشير لـleg buds ويمكن أيضـًا في نفس الصورة رؤية التشابه بين جنين الدولفن وجنين الإنسان تشريحيًا عند نفس مراحل النمو.

رائج :   تعرف على مزلة المانيا و السبب في اندلاع الحرب العالمية الثانية

ايضـًا من الأشياء المثيرة جدًا هي أن هناك أنواع من الحيتان المنقرضة أسمها Basilosaurus عندها فتحات التنفس ليس فوق رأسها مثل الحيتان الحالية ولا عند نهاية وجهها مثل ثدييات اليابسة بل في المنتصف وأيضـًا أقدامهم الخلفية نصف موجودة (يعني متواجدة ولكن ليست قوية بما يكفي أن يمشوا على الأرض بمعنى أنها كانت في غالب الأمر مجرد مظهر جسدي متبقي من سلف سابق،

 

وطالما أن الحيتان متطورة من كائنات كانت تعيش على اليابسة إذا فمن المنطقي والمعقول جدًا بل والواجب أننا كلما عدنا بالزمن، كلما أصبح التفرقة ما بين الحيتان وبين حيوانات اليابسة وهذا تمامًا ما نجده في أحد أسلاف الحيتان الحالية المسمى Maiacetus inuus فعلى عكس الBasilosaurus، هذا الكائن لديه أرجل خلفية كاملة النمو والإقتدار على المشي والجري على اليابسة وعلى الرغم من ذلك فهو نوع من الحيتان وليس حيوان يابسة بشكل أساسي وذلك لأن جميع أحافيره تقريبًا وجدت بين كائنات بحرية وأن تشريحه يوضح أنه سباح ماهر جدًا متوافق مع المعيشة المائية قلبًا وقالبًا وأيضـًا أطرافه وأسنانه وغيرها من الأجزاء التشريحية شبه متطابقة مع الحيتان في البنية، بمعنى أن الـMaiacetus هو حرفيًا “حوت سائر” (walking whale)

رائج :   الحرب العالمية الثانية .. الجزء الثاني || التجهيز للحرب

 وأيضـًا عثر العلماء على عشرات الأحافير والكائنات الوسيطة بمثابة جسر واصل بين ذلك السلف المشترك القديم والحيتان الحالية ومن ضمن هذه الأحافير هي كائنات مثل الـIndohyus والـPakicetus والـAmbulocetus والـDorudon .. يمكن رؤية تتابعهم أو التسلسل الخاص بهم

مقالات ذات صلة