أجمل رسائل بريد الجمعةقصص وعبرقضايا وأراء

البداية السيئة ‏! .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)

انا رجل في بداية الاربعينيات متزوج ولي ابناء احمد الله كثيرا عليهم وزوجتي إنسانة محترمة وجميلة وعلي خلق وربة بيت ممتازة وفيها كل الصفات الجميلة ماعدا شيئا واحدا هو انها لاتظهر لي مشاعرها ولاتعرف كيف تفعل ذلك وقد تزوجنا منذ عشر سنوات ومضت الحياة بنا هادئة وسعيدة وتمتعت والحمد لله بمكانة محترمة في عملي وبين اهلي وجيراني‏.‏

وقد حدث ذات يوم ان تطوعت للاصلاح بين زميلة لي في العمل وبين زوجها فكانت هذه هي البداية السيئة لقصة حب بيني وبينها استمرت عامين وقد حدث انه خلال محاولتي للاصلاح بينها وبين زوجها انها قد رأت في مالم تره في زوجها ووجدت انا فيها ضالتي المنشودة لانها فياضة المشاعر علي عكس زوجتي‏.‏

وكانت مشكلتها الرئيسية مع زوجها أنه يسئ معاملتها ولايقربها منذ حوالي سبع سنوات ولايعطيها أي حقوق للزوجة علي الزوج بل لا يسألها الي أين ذهبت أو متي عادت للمنزل مادامت تنفق مرتبها الكبير عليه وعلي البيت وهو يعمل وله مرتب كبير ينفقه كله علي نفسه وهكذا وقعت في حبائلها من باب الشفقة والحرمان والوحدة ووعدتها بأن أكون معها وبجانبها لاساعدها في طريقها وأونيره لها وبدلا من ذلك هبطنا سويا الي ظلمات سحيق ادعوالله في كل وقت وحين يغفرها لي فقد كانت آول مرة أغضب فيها الله بارتكاب كبيرة من الكبائر‏.‏

وأفقت بعد هذين العامين علي انسان آخر يدخل حياتها ولقيت أنا منها ما أستحقه فلقيت كل المهانة التي يمكن آن يلاقيها رجل من امرأة وعرفت حينذاك الفرق الكبير بين احترام زوجتي لي وبين إهانة من تخيلتها حبيبه لي في وقت من الأوقات‏.‏

وحدث كل ذلك بسبب عدم تنبهي لخطورة التدخل بين رجل وامرأة لحل مشكلة لم أكن ملما بجميع اركانها‏,‏ وعرفت أن اشفاقي عليها واستدارجها لي لم يكونا إلا بدافع منها لتأخذ هي ما تريد وقتما تريده بضعفي وعدم ادراكي وتطلعي لما في يد غيري وعدم حمدي وشكري لله علي النعمة التي بين يدي والتي ادعو الله الآن كل لحظة أن يحظفها علي وألا يحرمني منها وان يكون في هذا الابتلاء عظة لي فيما تبقي لي من حياة ان كان في العمر بقية وان يكون عظة لكل رجل تعدي الاربعين ويبحث عن حب يجدد به شباب قلبه زو هكذا يخيل له‏.‏

انني ارجو منك ان توجه كلمة الي كل رب اسرة ان يتقي الله فيما لديه وان يساعد الغير في حدود ما أباحه الله له وألا يتدخل فيما ليس في استطاعته وألا يحاول البحث عن تجربة بعدما وصل اليه من عمر ونعمة من الله فكفانا تجارب‏..‏ ليس في كل مر ة ستسلم الجرة‏.‏

رائج :   مقتل على عبد الله صالح وخلفية الصراع في اليمن حاضره ومستقبله

ولكاتب هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

‏ أرجو أن يكون ندمك علي تدهورك الي هذه الظلمات السحيقة كما فنقول‏,‏ صادقا ونابعا من ضميرك الديني والاخلاقي وليس شبيها بندم من قال عنهم بعض الصالحين انهم لم يتركوا الذنوب حتي تركتهم الذنوب‏!‏

أي حتي عجزوا عن الاستمرار في ارتكابها لاسباب خارجية أو داخلية لا علاقة لها بصحوة الضمير‏..‏ أو التوبة الصحيحة أو الندم الصادق وأرجو أن يكون هذا هو ما حدث معك حين أفقت بعد عامين من الانغماس في التجربة الآثمة‏,‏ الي انك لم تعد قادرا علي مواصلتها لأن الطرف الآخر فيها قد انصرف عنك الي فارس جديد‏,‏ وفشلت معه كل المحاولات لاسترداده ولقيت منه كل ألوان المهانة التي يلقاها الرجل من امرأة زهدت فيه ورغبت عنه‏.‏

فاذا كان ثمة ما يستحق المناقشة في قصتك هذه فهو فقط تروي زوج وأب مثلك لاينكر علي زوجته كل مزاياها وصفاتها الجميلة‏,‏ في تجربة الغواية بمثل هذه السهولة ودون اية مقاومة أو مغالبة للنفس أو محاولة لردها عن غيها ثم ما أسهل بعد ذلك من أن يلتمس المرء لنفسه التبرير فيما فعل وهو احدي الحيل النفسية الدفاعية المعروفة فيفتش في سمات زوجته الجميلة المحترمة عن ثغرة يعلق عليها هذا الضعف البشري وعليها بيسر ايضا في عدم اظهارها لمشاعرها له‏.‏

فاذا كنا نطالب الجميع بالايكتموا مشاعرهم عن شركاء الحياة والا يكتفوا بالتعبير العملي الواقعي عنها دون التعبير الرومانسي والشاعري في كل الأحوال‏,‏ فان ذلك لايبرر في النهاية خيانة العهد ولا خيانة الثقة والتورط في مثل هذه التجارب الشائنة‏.‏

كما أن ما يستحق المناقشة ايضا في رسالتك هو هذه البداية السيئة التي مهدت بقيام العلاقة الآثمة بينك وبين هذه السيدة المتزوجة‏,‏ وهي التدخل بنية الإصلاح بينها وبين زوجها ثم تطور ذلك الي خيانة هذه الزوجة لزوجها مع الصديق الساعي للإصلاح‏,‏ وخيانة الصديق نفسه لثقة الزوج فيه والأولي بالاتباع دائما هو تجنب الشبهات وسد الثغرات التي تؤدي الي استدراج المرء الي غير ماكان يقصده من مسعاه في البداية‏..‏ واصدق مايقال في هذا الشأن هو الحديث الشريف الذي رواه ابو داود عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه‏:‏ إن من يرتع حول الحمي يوشك ان يخالطه وان من يخالط الريبة يوشك أن يجسر‏.‏

ومن قبيل الرتع حول الحمي استنامة الرجل الي شكوي زوجة اجنبية عنه من عزوف زوجها عنها وحرمانها من حقوقها الزوجية عليه‏..‏ إلخ إذا كثيرا ماتكون مثل هذه الشكوي التي تتعلق بأدق خصوصيات العلاقة بين الزوجين دعوة مستترة الي المشكو إليه لهتك الحرمات ورفع الحجب وهتك الاستار‏.‏

ولهذا فالافضل دائما هو أن يتدخل ذوو الرحم للاصلاح بين مثل هذه الزوجة وزوجها في هذه الظروف الشائكة‏,‏ تجنبا للشبهات وسدا لأبواب الغواية والإغراء‏.‏

وفي النهاية فإننا لانتعلم من تجاربنا بغير ان ندفع ثمنها الغالي من حياتنا ومشاعرنا وكرامتنا الانسانية في بعض الاحيان ولعل ابلغ ما تعلمته انت من هذه التجربة الخاطئة هو الفارق الكبير بين احترام الزوجة المحصنة لزوجها حتي ولو كانت كما تقول لا تظهر مشاعرها تجاهه وبين امتهان مثل تلك المرأة لشريكها السابق في الخطيئة‏,‏ حين تنصرف عنه وهي التي كانت كما تقول انت فياضة المشاعر ومتفجره الأحاسيس علي عكس زوجتك فانهما ادعي للحرص عليه والتمسك به‏..‏ الطهر والعفاف والاخلاص والوفاء والعشرة الجميلة حتي ولو شابها بعض التحفظ في المشاعر أم تأجج المشاعر والاحاسيس والفوران العاطفي ثم المهانة والخزلان والحسرة والاحساس بالذنب والإثم بعد فترة وقصيرة هي دائما عمر مثل هذا الفوران العارض

 

مقالات ذات صلة