تاريخفكر و ثقافةوعي

التجربة الألمانية .. من الانكسار وحتى النهوض

( هتلر ) في العهد النازي لألمانيا بث روح جديدة في الشعب مليئة بالفخر والكبرياء بعد مرارة انكسار طويل نتيجة لهزيمته في ( الحرب العالمية الأولى ) .. لدرجة ان المواطن الألماني آمن انه جنس فريد فوق البشر .. والمفروض الكل يخضع له ويبقوا تحت امرته .. وده على كلام هتلر نفسه .

المانيا على قلب رجل واحد – الا ماندر – كانت ورا هتلر في ( الحرب العالمية الثانية ) وبرعت في شتى العلوم والتكنولوجيا والتقدم الحضاري ( الصناعة واهمها العسكرية .. الزراعة .. الطب .. الخ ) وكان العالم ساعتها بيشوف ألمانيا المثال الأعظم للتطور والتقدم .. لحد ما طموح هتلر الاستعماري غلبه وحب يمتلك العالم بالشعب الألماني .. لكن بعد تحالف الحلفاء عليه وخسارته المريرة في الحرب باتت ألمانيا في خبر كان .

اتقسمت المانيا على دول التحالف .. من الشرق ألمانيا الشرقية ملكا للاتحاد السوفييتي .. ومن الغرب ألمانيا الغربية للدول الاوربية الغربية ومعاهم أمريكا .. عانت ألمانيا من مرارة الحرب وشبح الانكسار وذل الهزيمة الغير متوقعة بعد طول انتصار وفخر .. وكمان ديون متراكمة ومتراكبة حكمت بيها دول التحالف على ألمانيا .

مات 6,900,000 الماني ما بين عسكري ومدني .. واصبحت المانيا 27 مليون نسمة منهم 20 مليون من ( النساء ) يعني 75 % من الشعب الالماني ( نساء ) .. منهم 15 مليون ارملة فقدت عائلها في الحرب او الاسر او المرض والعلة .. اطلق المؤرخون على نساء المانيا في الفترة دي ( سيدات الانقاض ) .. واللي يتعمق في دراسة التجربة الالمانية بعد الحرب العالمية الثانية يعرف ان سر نهضتها هم (نساءها ) .

رائج :   علاجك في حضن زوجتك … انها ليست مزحة على الاطلاق

سيدات ألمانيا كتبوا على الحوائط والانقاض عبارات تحفيزية مليئة بالتفاؤل أهمهم ( المستحيل ليس ألمانيا ) .. ( ازرع الامل قبل القمح ) .. وبرغم ان ألمانيا دبت فيها مجاعة لقلة الموارد وانهار سعر العملة ( 10 رايخ الماني = 1 مارك ألماني جديد ) وتم حذف 93 % من الكتلة المالية المتداولة .. لكن كافحت السيدات الالمانيات بفكرة ( بنوك الادخار ) وهي تسليف المصارف الالمانية كل اللي عندهم من ذهب ومجوهرات .

في عهد زعيم الحكومة الألمانية الجديدة ( المستشار كونراد أديناور ) ووزير الاقتصاد في حكومته ( لودفيغ إيرهارت ) اسسوا لمفهوم ( الاقتصاد الاجتماعي والوعي المصرفي ) وان يكون الشعب ولاءه التام لنهضة وطنه وإعادة بنائه .. فأصبح 95 % من الشعب الألماني له حساب مصرفي .. يعني الدخل الكامل له كشخص يكون في البنوك الالمانية .. وأسس لفكرة ( السوق الحرة ) وإعلاء السياسات الرأسمالية .. واللي كان من سلبياتها الاحتكار الكامل للانتاج من قبل كبريات الشركات في الدولة واهمهم شركات السيارات زي ( فولكس فاجن ) و( مرسيدس ) و ( بي ام دبليو ) .. الخ .. لكن مميزاتها ان نفس الشركات ساعدت كثير في الحركة التنموية للبلد .

شجعت الحكومة على إنشاء المشروعات الصغيرة بقروض صغيرة ومتوسطة والمشروعات شهدت نجاح باهر في ظل 16 مليون عاطل من المطرودين من ألمانيا الشرقية بسبب انتمائهم السياسي .. وتم عمل تخطيط إقليمي للتنمية وهدفه رفع مستوى المعيشة للفرد وتقليص الفوارق بين المدن والاطراف .. بحيث كل منطقة تضع الخطط المناسبة لها بنفسها والدولة تشرف عليها .. بالاضافة لمنهج اداري للتنمية المستدامة للاجيال الجديدة .

رائج :   سقوط رئيس أرمينيا .. ثمن التلاعب بالدستور

امريكا ساعدت ألمانيا الغربية بمنح وقروض تابعة لمشروع ( مارشال ) لضمان ولائها للحلف الرأسمالي الغربي عن الحلف الاشتراكي الشيوعي الشرقي التابع للاتحاد السوفييتي .. فاستفادت ألمانيا بالمساعدات بإعادة هيكلة النظام التعليمي .. وإدخال مرحلة جديدة وهي ( رياض الأطفال ) .. وتدعيم التعليم الفني ( الصناعي و الزراعي ) وجعله أولوية .. وتجربتها التعليمية كانت نواه لنجاح كل التجارب التعليمية بأوربا واهمها ( السويد ) و( فنلندا ) اللي نقلوا التجربة الألمانية وطوروها.

اتسلحت ألمانيا بِـ 30 ألف باحث و110 ألف شركة إبداعية في اتجاه المستقبل التقني وغير التقني ..وعدد البراءات المسجلة في المكتب الوطني الألماني سنوياً تقارب 60 ألف .. واحتلت المرتبة الأولى أوروبياً في عدد براءات الاختراع .. فقامت باعادة إحياء المجال الصناعي زي ( الصناعات الكيماوية والميكانيكية والالكترونيات ) .. وتصدير المنتج الالماني تم بشكل واسع وغير مسبوق .

ألمانيا باتت رائدة المنظومة الصحية الأوروبية .. فنظام التأمين الصحي عندها من سنة 1883 م .. وتم تطويره أكثر من مرة .. ودلوقتي من ثماره ان المراجعة للمرضى بالفصول الاربعة بقوام 60 ألف طبيب منزلي .. مزود ببنك طبي معلوماتي لكل مريض حسب تاريخه المرضي السابق .

رائج :   محمد صلاح يحكي قصته منذ البداية …

تدريجيا توحدت المانيا الغربية اقتصاديا مع دول اوربا الغربية ولحقتها ألمانيا الشرقية بالاتحاد في اوائل التسعينات .. واسسوا شراكات متعددة وتعاون اقتصادي في أكثر من مجال اهمم انشاء شركة ( ايرباص ) الاوربية لصناعة الطائرات .. ومن بعدها الدخول في التحالفات الدولية العظمى .. اولهم التحالفات العسكرية زي ( الناتو ) وانتهاءا بالتحالفات المدنية زي ( الاتحاد الأوروبي ) .

الشعب الألماني في العرف العالمي هو ” مخترع ” الحرية والمدنية الحديثة القائمة على مبدأ حرية الفرد .. والدستور والقانون يسري على الجميع .. وزي كل دول العالم الاول بالغ التقدم لا يعتمد الاقتصادي الالماني حاليا على التصنيع او التصدير بقدر اعتماده على ( الخدمات ) .. فالان 29 مليون مواطن الماني يعملون في الخدمات ( 12 مليون الضيافة مطاعم وفنادق والنقل – 10 مليون في الخدمات التجارية – 7 مليون في التمويل وخدمات الشركات ) .

المانيا الان هي اكبر اقتصاديات الاتحاد الأوروبي بلا منازع بناتج قومي إجمالي 3.3 تريليون دولار ” بالرغم من انها الاكثر سكانا في اوربا لكي لا يتعلل احد بكثرة السكان ” ومن أقواهم عسكريا .. واقواهم في الهيمنة الدولية والنزاعات السياسية . ” عقبالنا يارب “

مقالات ذات صلة