أجمل رسائل بريد الجمعة

السهم الأخير ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)

أنا صاحب الرسالة التى تفضلت بنشرهاوإخترت لها عنوان “الشهادة” والتى رويت لك فيها قصتي مع زوجتي ابنة الطبيب المشهور التى أحببتها وتزوجتها واصطحبتها معي إلى مقر إقامتي فى البلد العربي الذى أعمل به, وأنجبنا طفلين جميلين ثم أفسد بيننا المفسدون سامحهم الله فعادت إلى مصر ورفضت العودة وتصاعدت المشاكل حتى وصلت إلى ساحة القضاء ورفضت العودة وتصاعدت المشاكل حتى وصلت إلى ساحة القضاء ثم كتبت لك أنني أشهد الله وأشهد قراءك على من يتحمل وزر تشريد طفلين بريئين بين أبوين منفصلين, ولغير أسباب تستحق, بعد أن يئست من محاولة استعادة زوجتي وأسرتي الصغيرة.

وقد نشرت الرسالة وكان أملى أن تقرأها زوجتي وأبوها وأمها وأن يستشعروا مسئوليتهم أمام الله عن سعادة هذين الطفلين, فيجنحوا إلى التوفيق بدلا من الاستمرار فى الخصومة والادعاء على أمام المحاكم بما لم أفعل والاستعانة بشاهدي زور لإثباته.

وأرسلت لهم صفحة بريد الجمعة التى نشرت فيها الرسالة, وتأكدت من وصولها إليهم وانتظرت فى غربتي ووحدتي أن تتحرك القلوب, واستجبت لنصيحتك السديدة بأن أتغاضى عن كل ما فعلوا بى, وأن أعرض عليهم الصلح والصفح الجميل رعاية لطفلي إذا قبلوا ذلك .. فعرضت عليهم الصلح وإسقاط كل القضايا فأبوا ورفضوا .. فلم يكن أمامي مفر سوى مواصلة التقاضي خاصة أن موقفى كان قويا لكنى بدأت أحس بالضيق والاكتئاب .. وساءلت نفسي :إلام يستمر هذا الصراع ..

ثم نهضت ذات صباح وقد قررت أن أطلب من المحامى الذى يتولى قضيتي أن يبلغ القاضي أنني أستشهد بزوجتي نفسها وأرضى شهادتها وأحتكم إلى ضميرها وهى طرف الخصومة لتشهد إن كنت حقا قد أسأت معاملتها كما يدعى علىٌ من حرضها على طلب الطلاق, وعن رغبتها الحقيقية فى طلب الطلاق .. وأننى بذلك ارتضيتها خصما وحكما. وأبلغت المحامى كل ذلك فثار وقال إن فى ذلك قضاء محتما على, لأن موقفنا فى القضية قوى واستشهادي بزوجتي سوف ينسف كل شئ.

رائج :   الجائزة الكبرى .. رسالة من بريد الجمعة

فأصرت على ذلك مؤكدا له أنه خير لى أن أخسر القضايا المنظورة بيننا على أن نتصارع أنا وزوجتي وأم أطفالي فى ساحات المحاكم.

ولم يجد المحامى إزاء إصراري بدا من التلبية. وعرض الأمر على القاضى فوافق, وأرسل فى استدعاء زوجتي واستبشرت خيرا لأني على ثقة بأن زوجتي التى أعرفها جيدا لن تنطق بغير الحق ولو كان فيه هلاكها.

وبعد أيام اتصل بى المحامى هاتفيا فى مقر عملي هنا .. وأبلغني خبرا نزل على رأسي كالصاعقة, وهو أن زوجتي قد حضرت أمام القاضي فإذا بها تؤكد له سامحها الله ما جاء على لسان شاهدي الزور .. وإذا بها تبدى رغبتها فى الطلاق فيحكم لها القاضي فى الجلسة نفسها_وكانت جلسة إستئناف_ بالطلاق البائن.

ونظرا لجمالها وحسبها فقد حكم لها بنفقة متعة قدرها خمسة وعشرون ألف جنية عدا مؤخر الصداق وعدا نفقة شهرية قدرها خمسمائة وخمسون جنيها .. هل تصدق ذلك يا سيدى لقد أوشكت على الانهيار مرة أخرى وأنا أرى السهم الأخير الذى رميته ثقة منى فى أن زوجتى لن تنطق بغير الحق قد ارتد إلى صدري, وكان فيه القضاء علىّ ..

لكنى استعدت ثقتي بالله عز وجل سريعا واسترجعت سيرة أشرف المرسلين عليه الصلاة والسلام الذى آذاه قومه ودعوت فى صلاتي بدعائه ” اللهم أشكوإليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ” وفوضت أمري إلى الله سبحانه وتعالى .. وأملت أن يكون ذلك فى النهاية الأخيرة لتلك الزيجة التى منيت بالفشل الذريع وهى تحبو أولى خطواتها فى الحياة .. لا تحزن من أجلى يا صديقي الذى لم أقابله .. فإن الله لن يضيع أجر الصابرين المحتسبين .. لكنى أصارحك بأنني قد أصبحت أخشى الارتباط مرة أخرى وأتوجس منه. لكن ما حيلتي وهو أمر حتمي لمن أراد أن يحصن نفسه ويستعفف ويحيا حياة طبيعية.

رائج :   رجل البيت ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

إن مشكلتي هى أنني قد تغربت منذ تخرجي من الجامعة منذ ثماني سنوات .ومعظم أقاربي من صعيد مصر قد شغلت عنهم بكفاحي وعملي ودراستي بالقاهرة ثم بإغترابي, وحين عدت لمصر فى الأجازة الماضية, وجدت أن من تصلح من بين أقاربي للزواج قد تزوجت وأنجبت أما زميلات الدراسة فقد قطعت زوجتي_السابقة_ كل علاقتنا بهن بمجرد التخرج بحجة غيرتها العمياء كما كانت تقول دائما.

والأجازة التى أقضيها فى مصر شهران كل سنة لا تسمح لى بدراسة شريكة الحياة المقبلة دراسة متأنية, ولم يعد لى من شعاع أمل إلا فى أن أرتبط بإنسانة تنسيني مرارة الذكريات, وقد أحسست بتعاطفك الصادق معى فى ردك على رسالتي الأولى .. إنني أعرف أن هذا ليس من عملك ولا من وظيفتك, لكنى أثق بأنك لن تحجب عنى مساعدتك ,ويبقى لله ولك بعد ذلك وعد وعهد أن أكون عند حسن ظن ربى والسلام عليكم ورحمة الله.

ولكاتب هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

أما رجاؤك لى بألا أحزن لما أصابك فلم أستطع_مع الأسف _ الاستجابة له .. فلقد وجمت حين قرأت رسالتك وتمثلتك فى غربتك تحن إلى طفليك الصغيرين وتترقب قرب عودة الوئام والسلام إلى عشك الصغير وتتعلق بالأمل والرجاء بعد أن قدمت مبادرتك النبيلة تلك, فإذا بك تتلقى هذا السهم الغادر على غير توقع ولا انتظار ..

رائج :   الحياة الرتيبة .. رسالة من بريد الجمعة

إن أقسى الضربات هى ما ينالنا ممن كنا ننتظر منهم الوفاء, فكيف لا أكتئب لزوج وأب سلم لزوجته سلاحه دليلا على صدق رغبته فى الوئام, فإذا بها تتناوله من يده وتصوبه إليه ثم تضربه فى مقتل وبلا رحمة. أننى لا أريد أن أجدد أحزانك باستعادة ما جرى, وقد أعانك الله على التجلد أمامها واجتيازها.

ولعلها المرة الأولى التى يهون علىّ فيها قارئ مما أصابه بدلا من أن أهون أنا عليه, وأطالبه بالصبر والاحتساب .. وأنت قد احتسبت بغير حاجة إلى نصيحة وتطلعت بصبرك وبصيرتك إلى الغد الأفضل ” وطبت نفسا إذا حكم القضاء” كما كان يطالب بذلك الإمام الشافعي المهمومين. ولم يبق سوى أن أقول أن أخلاق البشر الحقيقية هى أخلاقهم التى تتبدى عند الخلاف والنزاع والخصام, وليست تلك التى نتعامل معها فى أيام الصفاء والوئام ..

لهذا قيل أن أشرف الناس مع الجميع هم أشرفهم مع خصومهم .. وأنت كنت خصما شريفا وكريما مع خصومك, فكيف بك مع غيرهم ؟ إننى أرجوك ألا تندم على ما قدمت فما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه, كما قال_صادقا_ الفاروق عمر .. وانه لشرف لى يا صديقي أن أبذل كل جهدي لتلبية رغبتك النبيلة وأرجو أن يوفقني الله فى تحقيقها على خير وجه مستطاع, كما أرجو لك أن يكون ما جرى هو خاتمة الآلام والأحزان فى حياتك, وأن يكون دورك قد حان لنيل كل ما تستحقه من سعادة وتكريم وهناء بإذن الله.


لطفا .. قم بمشاركة الموضوع لعله يكن سببا في حل أزمة أو درء فتنة …

مقالات ذات صلة