فن الادارة ..

بقصد أو بدون.. “كورونا” وراء ازدهار هذه الشركات

“في صباح شهر سبتمبر 2050 استهلكت هبة عبوة المناديل رقم 1500 والأخيرة من أولئك الذين ابتاعتهم والدتها في عام 2020 عند انتشار فيروس كورونا في البلاد” هذه النكتة التي تناقلها الناس مؤخرًا تلفت أنظارنا إلى أنه في الوقت الذي تأثرت فيه معظم الأسواق المالية والشركات في العالم بالسلب من جراء هذا الوباء إلا أن بعض القطاعات والصناعات تمكنت من تحقيق مكاسب ومبيعات ضخمة وغير مسبوقة.

حيث نجح فيروس كورونا في تغيير نظرة كثير من العملاء حول العالم للعديد من المنتجات التي انتقلت بسرعة خيالية من خانة السلع الكمالية إلى الضرورات وبالتالي ارتفع الطلب عليها بشكل ضخم وغير متوقع.

ويمكن تقسيم الشركات التي ازدهرت أعمالها بسبب فيروس كورونا إلى نوعين، الأول هي تلك المؤسسات التي تقاطعت منتجاتها بشكل واضح مع الأزمة حيث يستخدمها العملاء للعناية بصحتهم ووقاية أنفسهم من العدوى (مثل: الكمامات والقفزات، والمناديل، والمنظفات والمنتجات المطهرة).

ففي أمريكا تحول معقم اليدين إلى منتج مقدس منذ الأيام الأولى لفيروس كورونا وهو ما أدى إلى رفع طلب المستهلكين عليه بنسبة 1400% من ديسمبر 2019 إلى يناير 2020، الأمر نفسه تكرر في شهر مارس مع المنتجات المطهرة إذ أنه بعد إصدار “وكالة حماية البيئة- The Environmental Protection Agency” الأمريكية لقائمة بالمنتجات المضادة للميكروبات والتي أثبتت فاعليتها ضد كورونا أعلنت شركات مثل “كلوروكس- Clorox” و”بيورل- Purell” أنهم رفعوا إنتاجهم لتلبية الاحتياج المتزايد على منتجاتهم وهو ما ساهم في زيادة إيراداتهم.

أيضًا تمكنت شركات مثل “3M” الأمريكية المنتجة للكمامات الطبية، وشركة “توب جلوف- Top Glove” الماليزية المنتجة للقفازات الطبية من تعظيم أرباحهم في الشهور القليلة الماضية، فيما نجحت شركة “مودرنا- Moderna” الأمريكية في رفع أسهمها بعد إعلانها إجراء اختبارات للقاح جديد ضد فيروس كورونا.

وفي مصر تسبب دخول الفيروس إلى البلاد في رواج سوق المستلزمات الطبية والمنظفات والمطهرات حيث ارتفاع الطلب على الكمامات والقفزات والكحول وهو ما أدى إلى تضاعف أسعارها خاصة الكحول الذي يتزايد الإقبال عليه في السوق المحلي والدولي وهو ما دفع الدولة لإصدار قرار بوقف تصديره بكل أنواعه ومشتقاته لمدة 3 شهور لتغطية الاحتياج المحلي منه.

وبالانتقال إلى النوع الثاني من الشركات التي ازدهرت أعمالها بسبب فيروس كورونا سنجد أنها تلك التي استثمرت الوضع الجديد الذي فرضه الفيروس على المواطنين في غالبية دول العالم لتعريف الجمهور بمنتجاتها أو إعادة تقديمها لهم في شكل جديد وتحقيق مكاسب جيدة من ذلك.

فمع انتشار كورونا في عدد كبير من الدول اتخذت الحكومات حزمة من الإجراءات التي قيدت حرية الأفراد في التحرك لمنع انتشار الفيروس وهو ما أدى إلى مكوث ملايين المواطنين في منازلهم، وهنا جاءت الفرصة الذهبية أمام اقتصاد المنزل الذي يعتمد على تقديم منتجاته وخدماته للأفراد أثناء وجودهم في البيت وهو يضم شركات متخصصة في مجالات مثل التعليم والترفيه عن بعد.

فمثلًا شركة “نتفليكس- Netflix” المتخصصة في الإنتاج الفني وصناعة الترفيه ارتفعت أسهمها في البورصات في الأسابيع الماضية لأن غالبية الناس حول العالم لجأوا إلى المسلسلات والأفلام المعروضة عليها لتمضية أوقات فراغهم.

الموضوع ذاته تكرر مع شركة “بيلوتون- Peleton” المنتجة لدراجات التدريب المنزلي والتي زاد الإقبال عليها مؤخرًا بعد توقف الرياضيين عن الذهاب إلى الصالات الرياضية خوفًا من التقاط أي عدوى، وعليه فإنهم باتوا يفضلون القيام بالتمارين في المنزل على دراجات بيلوتون التي تتيح لهم التواصل مع متدربين آخرين دون الالتقاء بهم.

أيضًا نجحت شركة “زووم- Zoom” التي تتيح خدمة الاجتماع عن بُعد في اكتساب ما يزيد عن 2.2 مليون مشترك جديد خلال هذه العام وهو رقم يتجاوز عدد الاشتراكات الجديدة التي اكتسبتها في عام 2019 بالكامل، كما ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 50% منذ نهاية شهر فبراير الماضي.

كذلك حققت متاجر البقالة والشركات المنتجة للمعلبات مبيعات ممتازة خلال الفترة الماضية بسبب الإقبال المرتفع للجماهير على الأغذية القابلة للتخزين والسلع الأساسية لكي يتمكنوا من المكوث في المنزل لأطول فترة ممكنة لخفض احتمالات إصاباتهم بالعدوى.

ومن بين المجالات التي ازدهرت في الشهور القليلة الماضية هي التجارة الإلكترونية حيث أظهرت دراسة حول أثر وباء كورونا على نشاط الأعمال التجارية عبر الإنترنت في العالم قامت بها منصة “كونتنت سكوير- Contentsquare” المتخصصة في تحليل بيانات العملاء أن عمليات الشراء عبر الإنترنت ارتفعت بنسبة 19.9% كما أن الجماهير باتوا يقضون وقت أطول على المواقع للبحث عن المنتجات الأساسية والوقائية.

وفي مصر تسبب رفع الطلب على الكحول ونفاده من الأسواق في إحياء منتجات مصانع العطور التابعة لشركة السكر والصناعات التكاملية وعلى رأسها “كولونيا 555” التي تحتوي على نسبة عالية من الكحول وهو ما يجعلها معقم ومطهر يدوي فعال في مواجهة الفيروس.

وعليه وجدت الشركة بين عشية وضحاها إقبال جماهيري غير مسبوق على منتجاتها حيث توافد العملاء بأعداد كبيرة على منافذ البيع للحصول عليها، وهو ما دفع الشركة لاستدعاء المزيد من المنتجات من المخازن ورفع قوة العمل بها لثلاث ورديات من أجل زيادة الإنتاج وتغطية احتياج السوق.

أيضًا نجحت سينما زاوية في الإبقاء على تواصلها مع جمهورها بطريقة مختلفة بعد أن علقت جميع أنشطتها للحد من انتشار الفيروس، حيث قررت تقديم ترشيحات يومية إلى جمهورها من الأفلام المتاحة مجانًا للمشاهدة على الإنترنت لمساعدتهم على قضاء وقت ممتع في المنزل دون التخلي عن طقس مشاهدة الأفلام.

وفي النهاية، يمكن أن نقول إنه مع تواصل انتشار فيروس كورونا حول العالم بات من الصعب حصد تداعياته السلبية على الاقتصاد العالمي إلا أن هذا لا ينفي أن بعض القطاعات نجحت في الإفلات من آثار الوباء الصعبة فيما نفذت بعض الشركات إجراءات ساعدتها على البقاء في وضع أفضل يسمح لها بمواجهتها.

رائج :   ألمانيا .. معجزة إقتصادية لا تتكرر || الجزء الثاني

مقالات ذات صلة