خلال شهر فبراير 2020 فاجئتنا “برجر كينج” بإعلان عمل ضجة كبيرة على السوشيال ميديا، وكان عبارة عن فيديو مدته 45 ثانية بيعرض مراحل تعفن أشهر ساندوتش عندهم “Whopper”، الفيديو بيبدأ بصورة الساندوتش وهو شكله طازج ومثالي وبعد كده بيبدأ تدريجيًا يتحول للعفن وده بيتم في خلال 34 يوم، واستخدمت في تصوير الإعلان ده تقنية اسمها Time-lapse Photography”” اللي بتعتمد على تصوير مقاطع بفواصل زمنية معينة، بعد كده تم دمج المقاطع مع بعض في فيديو واحد، وكان هدفها من الإعلان إنها تأكد على فكرة ” الساندوتش المصنوع من مكونات طبيعية”، وده تعهد كانت الشركة واخداه على نفسها قبل كده.
وبعد 6 أيام بس من عرض الإعلان وصل لأكتر من مليون ونص مشاهدة على موقع “يوتيوب”، وحوالي 2 مليون مشاهدة على “فيس بوك”، وانقسمت الآراء حولين الإعلان ما بين مؤيدين ليه وشايفين إن الفكرة بتاعته creative، ومابين معارضين ليه وشايفين إنه فيه مجازفة؛ لإن شكله مقزز وممكن العميل يستدعي صورة الساندوتش المتعفن فيحس بالاشمئزاز والقرف.
وبالرغم من الانقسام في الآراء حولين الإعلان لكن لو هنتكلم من منظور صناعة الإعلانات أو الـ Advertising Industry فمحدش يقدر ينكر حقيقة إن فكرة الإعلان نفسها جريئة ومبدعة وخارج التوقعات مقارنة بإعلانات الأكل أو الـ fast foodاللي بنشوفها، وده لأننا دايمًا بنشوف الساندوتش الجميل اللي شكله جميل ومثالي و اعتادنا على الإعلانات اللي من النوع ده لدرجة إننا ممكن نمر عليها ومنلتفتش ليها أصلًا، لكن الساندوتش “المتعفن” كان ملفت للانتباه وكمان عمل الـ debate أو الانقسام ده على السوشيال، ودي كلها مؤشرات واضحة على نجاحه وإنه مش بسهولة الناس هتنساه!
ويمكن دي سمة اعتادنا عليها في إعلانات “برجر كينج” اللي دايمًا بتعمل فرقعه جامدة، وأحيانًا بتكون فكرتها مبالغ فيها لدرجة إنها بتتعرض للانتقادات أو الإدانات زي ما حصل مع أحد الإعلانات اللي عملتها قبل كده، وكان فيها شخص أسيوي بياكل بأعواد الأكل الصينية، والبعض اعتبره إنه فيه نوع من الاساءة لعادات وتقاليد الأسيويين!
لكن نرجع لموضعنا ليه برجر كينج بدأت تروج لنفسها على إنها بتصنع الأكل من مواد طبيعية؟
يمكن أغلبنا سمع عن الحرب الإعلانية الشرسة اللي بتدور ما بين ” برجر كينج” و ” ماكدونالدز” واللي بدأت في السبيعنات من القرن اللي فات، والحرب دي-وإن اختلفت حدتها من وقت للتاني-إلا فضلت ممتدة لحد دلوقتي، ودايمًا كانت “برجر كينج” هي الطرف المبادر فيها وكانت بتسخر من “ماكدونالدز” في إعلاناتها أو بتحاول تركز على ميزات تنافسية مش موجودة عندها في حين إن رد “ماكدونالدز” كان بيجي ضعيف.
وفي سنة 1999 حصلت واقعة غريبة، شاب اسمه” David Whipple” من ولاية Utah الأمريكية اشترى ساندوتش برجر من “ماكدونالدز” ولف الساندويتش في الجاكت بتاعه ونساه، لحد ما في سنة 2001 مراته عثرت على الجاكت بالصدفة وجواه الساندويتش، واستغرب “ديفيد” لما لقى الساندويتش محتفظ بشكله زي ماهو كأنه لسه شاريه امبارح، فقرر يحتفظ بيه، و في سنة 2013 تم عرض القصة دي في برنامج تليفزيوني وانتشرت انتشار كبير لدرجة إن المتحدث باسم “ماكدونالدز” وقتها طلع في بيان قال إن سبب عدم تحلل الساندويتش إنه كان محفوظ في مكان جاف مفهوش رطوبة وإن ساندويتشاتهم مصنوعة من لحم بقري طبيعي 100%.
لكن ده ممنعش” برجر كينج” إنها تستغل الموقف وتلعب على نقطة الضعف اللي عند منافسها اللدود “ماكدونالدز”، وخدت على نفسها تعهد إنها تصنع سندوتشاتها من مكونات طبيعية، وبدأت تروج للميزة التنافسية دي من خلال الإعلانية من حوالي 3 سنين تقريبًا.
كمان اللي شجعها على ده أكتر إن أسلوب حياة الجيل الجديد من الناس اتغير وبدأو يتجهوا أكتر للأكل الطبيعي والمنتجات الصديقة للبيئة وده اللي بتأكده دراسة عملتها شركة “YouGov” البريطانية المتخصصة في أبحاث السوق واللي قالت إن حوالي 50% من جيل الألفية و57% من الآباء بيفضلوا الأكل المصنع من مكونات طبيعية.
ومش بس كده لا كمان فيه تقرير أعلنته شركة ” Nielsen” الأمريكية بناءًا على دراسة أجرتها على شرايح المستهلكين بيأكد إن الشباب دلوقتي بقوا مستعدين يدفعوا مبالغ أكتر نظير الأكل اللي بيتكون من مواد طبيعية أو المنتجات المصنعة من مواد صديقة للبيئة.
كل العوامل دي إدت دافع لـ “برجر كينج” إنها تروج لنفسها على إنها الشركة اللي بتصنع “أكل صحي من مواد طبيعية”، وطبعًا “ماكدونالدز” كان لازم ترد؛ عشان كده أعلنت في 2018 إنها هتوقف استخدام المواد الحافظة في الأطعمة بتاعتها، لكن على مستوى الإعلانات كان بيغيب عنها عنصر الإبداع، وده نقدر نلاحظه بسهولة لو شوفنا مثلًا إعلان “ماكدونالدز” اللي عملته في الخليج بعنون ” بس” وكان عبارة عن شخصين بياكلوا ساندويتشات برجر، وواحد بيسأل التاني عن مكونات الساندويتش فبيقوله “لحوم وخضروات وبس” في إشارة إن الساندويتش من مواد طبيعية.
أخيرًا” إعلان الساندويتش المتعفن” بيأكد إن الحرب الإعلانية ما بين “برجر كينج” و”ماكدونالدز” مستمرة، وكالعادة “برجر كينج” هي الطرف الأقوى والمبادر في الحرب دي، فالسؤال اللي بيطرح نفسه هل هنشوف إعلان لـ”ماكدونالدز” الفترة الجاية بنفس قوة إعلان “برجر كينج” ولا هتستمر في طريقتها التقليدية والمحافظة ؟!
في النهاية حابيين نعرف آرائكم في إعلان ” برجر كينج” وهل مع الفكرة دي ولا ضدها؟